كارثة: أطفال مصر يعملون بمصانع «المعسل» والدخان
المراغى: على الحكومة محاربة عمل الأطفال وتوفير السبل لرعايتهم
وهب الله: زيادة الوعى المجتمعى والثقافى أهم طرق الحل
تعد ظاهرة عمالة الأطفال واحدة من الظواهر المرتبطة ارتباطا وثيقا بالوضع الاقتصادى داخل أى مجتمع من المجتمعات، وعندما نرغب فى الحديث عن تفشى هذه الظاهرة فى مصر فإننا يجب أن نأخذ فى الاعتبار الحالة الاقتصادية التى يمر بها المجتمع المصرى، وكذلك العادات والتقاليد السائدة حول هذه الظاهرة بالإضافة إلى انتشار بعض الصناعات والحرف التى تعتمد على الأطفال وتقدم حافزا لاجتذابهم إليها وإهمال الأسرة المصرية نتيجة لأميتها فى تسجيل أبنائهم فى المدارس عند بلوغ سن الإلزام الذى أصبح أيضا عبئا عليها وبذلك يصبح عمل الأطفال مجرد مخالفة بسيطة وظاهرة اجتماعية يمكن تقبلها.
فقد بلغ حجم عمالة الأطفال فى مصر- وفق تقديرات منظمة العمل الدولية- نحو ما يقرب من 2.2 مليون طفل، بنسبة تصل إلى 26%، منهم 83% يعملون فى الريف مقابل 16% فى المدن، وأن 46% من إجمالى هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح من 15 إلى 17 سنة، وأن 78% منهم من الذكور 22% من الإناث، وأن عدد ساعات العمل التى يقضيها هؤلاء الأطفال فى العمل تتعدى 9 ساعات يومياً فى المتوسط، وأكثر من ستة أيام فى الأسبوع. أى أن عدد ساعات العمل بالنسبة للطفل قد تتجاوز عدد ساعات عمل للكبار.
ونجد ان أكثر نسبة من عمالة الأطفال فى الورش الفنية الحدادة والخراطة الميكانيكا وقيادة التوك توك والعمل فى محلات الحلاقة والمساعدة فى أعمال البناء.
ويتركز عمل الاطفال فى القرى فى الحقول خاصة فى مواسم الجنى والحصاد ويتم نقل الأطفال إلى هذه المزارع نقلا جماعيا غير إنسانى ما يعرضهم لكثير من المخاطر حيث يتم تجميع العشرات من الأطفال فى سيارات نصف نقل مكشوفة، وحشدهم فجرا إلى المزارع التى تبعد عن منازلهم، ما يؤدى إلى إصابة الأطفال بالنزلات الشعبية والأمراض الصدرية بالإضافة إلى وقوع العشرات من الحوادث التى تتكرر شهريا ويروح ضحيتها المئات من الأطفال.
ويعمل عدد كبير من الاطفال فى مصانع لإنتاج دخان المعسل التى تسبب أضرارا صحية بالغة، وهناك حالات كثيرة تركت هذا العمل بعد إصابتها بأمراض صدرية مزمنة.
وكثير من الأطفال العاملين أصابتهم أمراض وتشوهات جسمانية تتنوع ما بين أمراض العيون وتشوهات فى الجسم من جروح وحروق والأمراض الصدرية، ما يشير إلى غياب التفتيش الدورى على أصحاب الأعمال وغياب التأمين على الأطفال العاملين.
ونص الدستور المصرى على عدم جواز عمل الأطفال، حيث نص على أن الحد الأدنى لسن العمل هو 14 عاما ويسمح قانون العمل للأطفال لا تزيد أعمارهم على 12 سنة للعمل كمتدربين.
ويحدد قانون الطفل الحد الأدنى لسن العمل للأطفال من 12 الى 15 سنة بالنسبة للعمالة الموسمية.
وإذا تم التعاقد مع طفل يقل عمره عن 16 عاما فيطلب من صاحب العمل منح الطفل بطاقة يذكر فيه أنه يعمل لديه، كما أنه يجب تعليق صورة الطفل على البطاقة والموافقة عليها من قبل مكتب القوى العاملة المختصة.
ولا يمكن أن يطلب من الطفل العمل لأكثر من ست ساعات فى اليوم وضرورة تقديم وجبة غذاء له وفترات الراحة.
ويجب أن تكون هناك فواصل مرتبة خلال العمل بحيث لا يعمل الطفل لأكثر من أربع ساعات متواصلة، ويحظر على الطفل بالعمل لساعات إضافية أو العمل على يوم الراحة الأسبوعية والعطلات الرسمية، ويجب ألا يعمل الأطفال فى أوقات متأخرة من الليل.
وتم تحديد الحد الأدنى لسن العمل الخطير إلى 18 عاما ويحظر الدستور توظيف الأطفال قبل سن إكمال تعليمهم التحضيرى ست سنوات من التعليم الابتدائى وثلاث سنوات من التعليم الإعدادى أو فى وظائف تمثل خطر على حياتهم.
ووفقا للقرار الوزارى رقم 118 لسنة 2003 يعتبر التعدين والبناء والبناء والأشغال المعدنية والفخار وصناعة الزجاج وتشغيل الآلات وقيادة السيارات والبيع فى الشوارع وتنظيف الأحذية وجمع القمامة محظورة على عمل الاطفال ولا يمكن أن يشغل الأطفال فى الوظائف أو المهن التى لها تأثير على النفسية والصحة الجسدية أو المعنوية ولا يمكن استخدامهم كذلك فى الأنشطة تعرضهم للأخطار الميكانيكية والبيولوجية والفيزيائية والكيميائية ولهذه المهن الحد الأدنى لسن العمل هو 18 عاما.
وأكد جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أن الاتحاد العام سيقوم بدوره فى مجال التدريب المهنى من خلال مراكز التدريب التابعة له فى مجالات النقل والبناء والتشييد حيث يقوم الاتحاد بإنشاء أكاديمية تضم خمس شعب لتخريج العمالة الفنية المؤهلة وفقا لاحتياجات سوق العمل.
كما أن تنمية الموارد البشرية تعد الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وأهم عوامل استمرارها.
وأوضح المراغى أن قطاع التعليم والتدريب المهنى والتقنى بوجه خاص ما زال يواجه عددا من التحديات التى ينبغى الاستمرار فى التصدى لها ومعالجتها فى السنوات القادمة، خاصة بعد أن توافرت الآن وزارة جديدة للتعليم الفنى والتدريب المهنى، وهو مطلب سبق أن طالب به الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بحيث تكون كل أنشطة التدريب المهنى تحت مظلة واحدة وليست متفرقة بين مختلف الوزارات.
ودعا المراغى الحكومة إلى محاربة عمل الأطفال وتوفير أفضل السبل لرعايتهم وتعليمهم حتى يكونوا مواطنين صالحين يسهمون بدورهم فى دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة التى تعيشها مصر.
وقال محمد وهب الله نائب رئيس الاتحاد ان عمل الأطفال هو أمر خطير جدا على مجتمعنا، لذا يجب ان تتصدى له الدولة بداية من وضع قوانين تقيد هذا الأمر ويجب ان يكون لوزارة القوى العاملة والاتحاد دور فى مواجهته، واكد وهب الله أنه يجب ان نحارب جميعا هذا الأمر لما له من أضرار جسدية ونفسية تدوم لمدى الحياة بالنسبة للطفل والمجتمع وأيضا نعمل على توفير بدائل تتلخص فى عدة أمور منها توفير دخول مناسبة لعائل الأسرة حتى لا تلجأ الأسرة إلى عمالة أولادها لتمكينهم من تعليم ابنائهم والحفاظ عليهم والعمل على زيادة الوعى المجتمعى والثقافى.
ويجب وضع برامج لاستيعاب الأطفال غير الملتحقين بالمدارس وإزالة الأسباب التى أدت لعزوفهم عن التعليم لدمجهم مرة اخرى ضمن عملية التعليم.
والتفتيش الدورى المستمر على كافة المنشآت والشركات والمزارع التى تقوم باستخدام الأطفال لتطبيق نصوص قانون العمل.
وكفالة الاسر المتوفى عائلها وذات الدخول المنخفضة خاصة الذين يعولون اطفالاً بضمان توفير مبلغ لا يقل عن 1500 جنيه شهريا حتى لا يضطروا لتشغيل اطفالهم وتمكينهم من تعليمهم.
وقال عبدالفتاح إبراهيم رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج: من المؤسف ان نجد الكثير من اطفالنا فى المرحلة العمرية من 6-12 سنة فى سوق العمل، وأن كل أطفالنا فى المدارس بالريف المصرى يعتبرون عمليا من العمال الموسميين فى فترة الحصاد، بالإضافة إلى باقى أطفال الريف الذين لم يلتحقوا بالمدارس يعتبرون قوة العمل الصغيرة من الفلاحين بريف مصر، وهذا ما يؤكد أن وضع الأسرة المصرية من الناحية الاقتصادية هو الاساس فى إرسال الطفل لسوق العمل بدلاً من المدرسة، ومن المؤسف أيضا ان يشترط للخضوع لقانون التأمينات الاجتماعية أن تكون سن المؤمن عليه 18 سنة فأكثر، سواء كان يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص ما يعنى خروج الطفل من مظلة تطبيق أحكام هذا القانون.
وطالب توفيق عبدالسلام رئيس نقابة الكيماويات وزارة القوى العاملة والجهات المعنية بضرورة تكثيف المراقبة والتفتيش على الاماكن التى يعمل بها الاطفال للتأكد من تطبيق احكام قانون العمل والأنظمة والقرارات الصادرة بموجب الدستور المصرى وبالاستماع إلى الأطفال العاملين وإشراكهم عند التخطيط للحد من الظاهرة ورفع وعى المجتمع تجاه مخاطر عمل الأطفال وتأثيرها على نمو الطفل، وإقرار حق الطفل العامل فى التمتع بكافة صلاحيات العمل وضرورة توسيع المظلة التأمينية لتشمل جميع الأطفال العاملين دون التقييد بالسن وضرورة تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى كشريك أساسى فى عملية الرقابة على المؤسسات التى يعمل بها أطفال ومعاقبة اصحاب الاعمال الذين يدفعون بالاطفال إلى الاعمال الخطرة التى قد تؤثر على سلامتهم النفسية والجسدية.
وقامت جريدة السوق العربية بجولة فى منطقة السبتية التى تحظى بعدد كبير من الاطفال العاملة لمتابعة احوالهم.
قال ادهم وهو من منطقة رملة بولاق ولم يتجاوز عمره 14 عاما انه يعمل فى احدى ورش المواسير ويعمل لمدة 10 ساعات يوميا ولا يجيد القراءة والكتابة لأنه لم يلتحق بالتعليم من الاساس واضطرته لذلك ظروف أسرته الاقتصادية ما دفعه للعمل للمساهمة فى دخل أسرته ما ادى إلى العزوف عن المدرسة.
وقال أحمد وهو أيضا من منطقة بولاق وفى الثالثة عشرة من عمره ويعمل فى احدى الورش انه يذهب للمدرسة صباحا ثم يتجه للعمل فى الورشة لانه من اسرة محدودة الدخل لا تستطع تحمل مصاريف تعليمه، واكد انه فخور بما يقوم به من الذهاب إلى المدرسة صباحا والعمل فى الورشة.
وقال خالد وهو فى الخامسة عشرة من عمره انه لم يلتحق بالتعليم من الاساس وان اسرته فضلت ان يعمل مع عمه فى ورشة المواسير وقال انi يعمل لأكثر من 10 ساعات يوميا وتعرض لإصابات كثيرة فى العمل نظرا لحدة التعامل مع حدايد المواسيرـ واصيب بجرح وقطع شديد فى اليد والرجل وأكثر ما يؤلمه انه لا يستطيع القراءة والكتابة ولا التعامل مع الانترنت مثل كل من فى عمره.
وقال محمود وهو يعمل فى ورشة ميكانيكا انه يعمل فى الورشة منذ الصغر وكان يعمل لأكثر من 9 ساعات فى اليوم والان اصبح صنايعى رغم سنه الصغيرة وبصلح الموتوسيكلات وصاحب الورشة يثق فيه والناس كلها بتفرح لما بصلح الموتوسيكلات بتاعتهم ويشوفوه صنايعى شاطر ومش بيعرف يقرا ولا يكتب بس بيعرف يعد الفلوس.