السوق العربية المشتركة | بعد إخلائها من الباعة الجائلين: ميدان محطة حلوان يستعيد بريقه من جديد

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 01:45
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

بعد إخلائها من الباعة الجائلين: ميدان محطة حلوان يستعيد بريقه من جديد

محرر السوق العربية
محرر السوق العربية

الباعة: نحمل مؤهلات عليا ومتوسطة ونعول أسرا ونسعى لخلق فرص عمل بعيدا عن الحكومة

شهد ميدان محطة حلوان تطورا أشاد به المواطنون فى حلوان، وتم إخلاء ميدان محطة حلوان من الباعة الجائلين تماما، وتم نقل المواقف العشوائية من ميدان المحطة وإقامتهم فى مواقف رسمية خصصت لهم تحت إشراف محافظة القاهرة ورئاسة حى حلوان القائم على تطوير وتجميل ميدان المحطة ورفع العشوائيات وإزالة جميع التعديات.

ولقد أشاد البائعون بالأسواق المخصصة لهم وما بها من تطور، وأيضا أثنوا على جميع الأعمال والمرافق الموجودة بها وكان عدد الباعة التى تم نقلهم من ميدان المحطة ما يقرب من ثلاثة آلاف بائع، وأشادوا جميعا بجهود رئيس الحى اللواء العربى الحسينى، الذى ظل معهم يدا بيد حتى تم نقلهم، وقامت المحافظة بعمل أتوبيسات بالمجان لنقل المواطنين من أمام ميدان المحطة إلى المواقف الجديدة، وأكد نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية على النظام ولا مجال للفوضى والعشوائيات مرة أخرى.

اللواء سيد نصر نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية فى حواره مع الباعة وسائقى المكروباص أثناء جولته مع رئيس حى حلوان أكد وجود النظام بالمواقف والأسواق والقضاء على العشوائيات أمام المحطة والتعديات فى الشوارع وعدم إشغالات الطرق لتيسير العملية المرورية وخدمة المواطنين.

كما أشار إلى جودة المرافق وتأمين كل من فيها وقام بنفسه على رؤية مواقفها وتقسيمها ونظامها.

كما قال اللواء سيد نصر على كل سائق الالتزام بالموقف المخصص له وعلى كل بائع الالتزام بالنظام والمكان المخصص له، وقال نحن معكم ولن نترككم أبدا والكل فى خدمتكم وأن عمل هذه الأسواق والمواقف الجديدة بحلوان للقضاء على الفوضى والعشوائيات أمام ميدان المحطة وتطوير الميدان وإخراجه على أفضل وجه، كما أكد وجود النظام وعلى الجميع الالتزام به ولا مجال للفوضى مرة أخرى ولا نسمح بها ولا نترك من يتعدى على حرمة الشوارع وأملاك الدولة ونحن مع المواطنين والجميع قلبا وقالبا وسوف نلبى جميع طلباتكم واحتياجاتكم وتوفير جميع السبل والراحة للمواطنين من جميع الفئات.

كما أفاد سيد نصر بأن هذه المواقف والأسواق لم تجهز عفويا أو عشوائيا وإنما تحت تخطيط وإشراف المحافظة والحى أولا منع العشوائيات، واحتلال الشوارع أمام ميدان المحطة.

ثانيا: تطوير الميدان ورفع جميع التعديات من شوارع ميدان المحطة ورصفها وعمل ممرات للمواطنين حرصا على سلامتهم، وتجميل الحدائق والمنتزهات بميدان المحطة ليشعر المواطن بجمال هذا المكان.

تخصص أتوبيسات بالمجان لهذه المواقف حتى لا يتعسر المواطن فى الوصول إليها.

عمل مرافق كاملة بالأسواق والمواقف لخدمة المواطنين ومن يعمل بها.

كما أشار إلى عدم إخلاء المحطة لقطع أرزاق البائعين أو أصحاب السيارات أو محاربتهم وإنما لعمل نظام وتطوير بالميدان، وأكد وجوده معهم وأنه لن يترك البائعين أو السائقين إلا وكلا يعمل بنفس مطمئنة وراضية، وأن جميع المسئولين عن ذلك فى خدمتهم وجهود المحافظة.

وتفقد د.جلال السعيد محافظ القاهرة للمرة الثالثة على التوالى أعمال تطوير ميدان المحطة فى حلوان بعد الانتهاء من رفع وإخلاء الميدان من الباعة الجائلين منه، حيث أصدر تعليماته إلى ونش حى حلوان بالتعاون والتنسيق مع الإدارة العامة للمرور القاهرة بتكثيف الحملات ومنع المواقف العشوائية تماما من حلوان.

كما قرر المحافظ تخصيص موقف عين حلوان كموقف لسيارات الأقاليم التى تربط حلوان بمواقف الأقاليم، كما أشار المحافظ فى زيارته الأخيرة إلى مد خط الأتوبيس المجانى الذى خصصته المحافظة إلى موقف توشكى وعين حلوان، تسهيلا على المواطنين للوصول إلى موقف عين حلوان وإلى موقف توشكى بداية من محطة حلوان.

وفى هذه الزيارة أصدر تعليماته إلى مدير مديرية الطرق بإخلاء الأرصفة تماما للمشاة بما يضمن سلامة مستخدمى الطرق والحفاظ على سلامتهم، خاصة المشاة، حيث إن الطرق أقيمت للمشاة ولتكون ممرات آمنة لهم لمنع تعرضهم إلى الخطر، حيث يكون عرض الممر 2.5 متر بجميع الشوارع المحيطة والتى تم بدء العمل بها.

المهندس أحمد حميدة رئيس هيئة نظافة وتجميل حلوان: بعد ثورة 25 يناير ميدان المحطة تجمع فيه أكبر عدد من الباعة الجائلين، واحتلوا هذا المكان وعددهم يتراوح من 2500 إلى 3000 بائع قاموا بعمل عشش أدت إلى عملية اختناق للطرق المرورية فى ميدان محطة حلوان وقد وصل إيذاء الباعة الجائلين فى ميدان محطة حلوان إلى المشاة فى الطرقات وحدوث التعسر لمرور السيارات ومرور السادة المواطنين وكان الباعة فى ميدان حلوان وميدان المحطة يتحدثون مع المواطنين بطريقة غير آدمية تصل إلى الإهانة والمشاجرة، وكان لا وجود لرجال الشرطة أو الأمن عقب ثورة يناير وهذا ما جعل الباعة يصلون إلى السطو على أملاك الدولة ويتجرأون على المواطنين.

إلى أن حدث للمواطن حالة من الإحباط لما يجده من هؤلاء الباعة الجائلين وبعد استقرار البلد ورجوع الأمن قامت أجهزة الأمن برئاسة السيد المحافظ ورئيس الحى بوضع خطة لإخلاء هؤلاء الباعة من ميدان المحطة بعد مرور أربع سنوات عليهم فى هذا المكان واحتلالهم الميدان وقام هؤلاء الباعة بعمل آلاف من أطنان الزبالة فى الميدان والقمامة والمخلفات.

أ.محمد عبدالوهاب رئيس المنطقة الجنوبية لرصد البيئة قال: يوم الخميس الموافق 2015/10/1 كانت بداية الخطة لإخلاء الباعة الجائلين من ميدان المحطة فى حلوان ونقلهم إلى أسواق مخصصة لهم ونقل المواقف من أمام المحطة بجوار هذه الأسواق وكل هذا تحت إشراف ورعاية محافظة القاهرة لتطوير ميدان المحطة والقضاء على العشوائيات التى تؤذى المارة فى شوارع ميدان حلوان.

فقامت عربات المحافظة وكان عددهم ما يقرب من عشرين عربة وما يقرب من خمسة عشر من اللودرات لرفع مخلفات الباعة الجائلين وأكثر من 250 عاملا قاموا بتطهير المحطة ونقل الباعة الجائلين إلى موقف توشكى وموقف العين والأسواق المجاورة لهم، وأكد نائب المحافظ أنه لا مجال لأى عربة خارج الموقف وأن من يخالف التعليمات سوف تصادر سيارته إلى المحافظة والحجز شهراً لها.

ولكن سرعان ما استجاب المواطنون لقرار المحافظة والجميع سعيد لما يشهده ميدان محطة حلوان من تطوير.

سيد على محمود، بائع بسوق توشكى، قال: المكان جميل ومنظم لكن هناك بعض الأسماء بها أخطاء فلابد من تصحيحها، كما نبه على أهمية نقل موقف مايو من أمام المحطة إلى موقف العين حتى يكون هناك رواج للبضاعة ويكون هناك بيع وشراء وإذا لم ينقل موقف مايو سوف نرجع مرة أخرى إلى الميدان، لأن موقف مايو هو أكل العيش بالنسبة لنا.

كما أشار إلى أنه لا بيع بدون موقف لأن البيع بالنسبة للباعة الجائلين يكون أكثر على المواقف ومحطات المترو، لأن الشخص ينزل من المحطة أو يخرج من الموقف يأخذ مستلزمات بيته، فإذا لم يوجد موقف فلن نبيع، كما أشاد الباعة الجائلون أيضا بجهود رئيس الحى وأنه يتواجد معهم ويتلقى شكاواهم وأنه يسعى جاهدا لحل مشاكلنا.

كما أصدر تعليماته إلى رئيس هيئة تجميل القاهرة بالانتهاء من تطوير حديقتى المحطة وحديقة النادى اللتين كانتا تعانيان من إهمال شديد، كما تم التعدى عليهما من قبل الباعة الجائلين واستغلالهما كمخازن لهم.

أشرف خلف بائع أشاد بجودة هذا المكان وأفضليته من التجول فى الشارع لأن كل بائع يجلس فى المكان المخصص له وسوق ينظم الحى هذا المكان ويؤمنه للبائعين، وبذلك يكون البائع مطمئن فى بيته على بضاعته أنها فى مكان آمن، وليست فى الشارع لأنها فى الشارع عرضة للسرقة أو النهش أو السيارات المارة وغيرها من وسائل النقل، أما فى هذا السوق فيوجد نظام لا يستطيع أحد أن يأخذ مكانك لأنه مخصص لك أما فى الشوارع فغير ذلك تماما، ممكن تجد أحد البائعين لو طلبت منه التحرك يمينا أو يسارا تجده غاضبا وتحدث المشاجرات بين البائعين بعضهم البعض وبين البائع وسائق السيارة فخلاصة هذا الكلام الشارع بالنسبة للبائع كله مشاكل والبائعون فيه مثل السمك لا مجال للصغير أو الضعيف.

ولقد عبر البائعون عن استراتيجية المكان ودقة خطة المحافظة، أن السوق بجوار الموقف، فيحدث بذلك بيع وشراء وهذا ما يتمناه البائع، ولقد أشادوا بأن رئيس الحى اهتم بهم وأمنهم تأمينا صحيحا، وكل شىء على ما يرام فى السوق، لكن هناك مشكلة فى السوق أن هناك بائع بضاعته تحجب الرؤية عن بائع آخر مثل بائع هدوم كل بضاعته مرتفعة ومعلقة يمينا ويسارا وبجواره أنا- وأشار إلى نفسه- فكهانى بضاعتى لم تظهر ويحجب الرؤية عن بضاعتى.

فنطالب المحافظ بأن يجعل كل قسم خاصا بنفسه وهذا هو الأفضل، مثلا الملابس قسم خاص، الفاكهة قسم خاص، اللحوم والفراخ والسمك قسم آخر، بحيث يأتى المشترى ويكون كل قسم معلوما لديه، كما أفاد ب أن النظام فى حد ذاته ممتاز وليس فيه أى ضرر للبائع.

أما فى الشارع فكان البائع لا قيمة له وكان يتأذى منه الجميع كان يعمل عششا وأكشاكا، وكل يوم هناك نزاع ومضاربة بيننا، والسوق لم ينقل وحده لكن نقل الموقف نقل الزبائن معه، فأصبح الزبون ينزل من السيارة ويدخل السوق يأخذ كل ما يلزمه ويذهب إلى منزله.

وهناك أيضا أشخاص تعانى من بعد الموقف لأنها كانت تخرج من المحطة وتجد السيارة أمام باب المحطة فليس هناك أى مجال للمشى معه أما بعد الموقف مع ظروفه الصحية أو كبر سنه فهناك مشقة عليه، فقد خصص المحافظ أتوبيسات لنقل الركاب إلى الموقف والمحطة بالمجان أو بأسعار رمزية وذلك لحل مشكلة بعد المكان وإن المواقف بها جميع المرافق وهناك من يقوم على حراسة هذه المرافق وخدمتها من الحى وتخصيص عربات زبالة بجوار المواقف حتى يتم الحفاظ على نزاهة ونظافة هذا المكان، ويكون أيضا خدمة للركاب فى قضاء حوائجهم قبل السفر وخدمة المشترى والبائع وهذا هى الحضارة والنظام.

أما غير ذلك فيعد عشوائيات ويسىء لسمعة الجميع ويعمل على زيادة البلطجة فى الأسواق والمواقف وعدم الأمن للمشترى سواء كان رجلا أم أنثى، لأن هناك فوضى، فالجميع يخاف على أهله من هذه الفوضى فنحن الباعة نشكر جميع المسئولين وكل من ساهم أو خطط لإنشاء هذا المكان.

وقامت وزارة الداخلية بعمل حملة موسعة لإزالة الباعة الجائلين من أمام محطة مترو حلوان والشوارع الرئيسية منذ أيام، وقضت الحملة تماما على تواجد مئات من الباعة الذين شغلوا الشوارع والطرق الرئيسية بحلوان بصورة كادت تغلق منافذ مداخل ومخارج محطة المترو، واشتكى منها سكان المنطقة منذ سنوات طويلة، الحملة التى قادها مدير أمن القاهرة والمحافظ ظلت لعدة أيام تتابع العمل وتتابع حركة تسكين الباعة فى موقف جديد خصص لهم بمنطقة عين حلوان وأطلق عليه موقف توشكى.

ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتم إنشاء أسواق جديدة ومواقف بديلة للباعة الجائلين والسائقين بالأسواق العشوائية ورغم ذلك لم تحل المشكلة من الجذور رغم إنفاق الملايين على هذه الأسواق وتلك المواقف، وفتحت الحملة من جديد باب الجدل حول المواقف التى تقوم المحليات بإنشائها والإنفاق عليها ورغم ذلك لا يستجيب الباعة للتواجد فيها ويقومون بالحصول عليها ثم بعد أيام يعودون من جديد إلى إشغال الشوارع والطرقات، بعد أن يقوموا بتأجير أماكنهم الجديدة!

ملايين مهدرة

يتعامل المسئولون فى حل مشكلة الباعة الجائلين بطريقة تقليدية رغم ثبات فشلها إلا أنهم مصرون عليها كحل بديل لتنامى ظاهرة الباعة الجائلين فى الشوارع، فيتم إنشاء مواقف جديدة لهم تحد من تواجدهم فى الشوارع الرئيسية وترحلهم إلى مواقف بديلة داخل ذات الحى لكنها بعيدة عن السكان، وهذا يجعلهم فى الواقع يلجأون إلى حلين لا ثالث لهما، الأول هو الحصول على المكان الجديد بشكل رسمى وقانونى وبعد أيام يقومون بتأجيره لبائع جديد، والعودة مرة أخرى إلى المكان القديم وإشغال الشارع، خاصة بعد أن تكون حدة الإزلالات قد انتهت، وبهذا يعود الوضع إلى ما هو عليه، بل وتزداد المشكلة تعقيدا بان يكون لدينا بدلا من بائع واحد بمشاكله عدد من البائعين وتزداد المشاكل رغم إنفاق الدولة ملايين الجنيهات على الأسواق الجديدة وتجهيزها لهؤلاء الباعة!

والحل الثانى: الاعتراض من الأساس على المكان الجديد بزعم بعده عن السكان وعدم وجود مشترين لبضائعهم، وإعلان العصيان عن الامتثال إلى قرار الإزالة والعودة بعد أيام قليلة إلى المكان، وبقاء الحال على ما هو عليه ويتم إهدار ملايين على الأرض فى الأسواق التى لا يستخدمها هؤلاء الباعة.

يوجد فى مصر 6 ملايين بائع يشغلون 11 ألف سوق وغم ذلك تظل أزمة تواجدهم صداعا فى رأس المحليات فى مصر، وفى دراسة لاتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية وتنمية الدخل تم إعداد تسجيل ميدانى عن الباعة الجائلين شملت محافظات القاهرة والإسكندرية والمنيا وبورسعيد وتوصلت إلى نتائج إلى أن هناك أكثر من 70% من الباعة الجائلين تقل أعمارهم عن 40 سنة ويحملون مؤهلات متوسطة، و5% منهم يحملون مؤهلات جامعية والباقين من الأميين، وأكدت الدراسة أن 60% من هؤلاء الباعة فقط على استعداد للتحول للشرعية فى أسواق بديلة وتحمل أعباء تنظيم هذه الأسواق.

يقول الخبير الاقتصادى سامح عبد الكريم الأستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة أن القدرة الشرائية للمواطن المصرى، خاصة بعد ارتفاع الأسعار فى الآونة الأخيرة، وهذا يعنى ان البائع المتجول أن يكون جاذباً للمواطن الأقل دخلاً، ولا بد من الاستجابة لمطالب هؤلاء الباعة وإنشاء نقابة مستقلة لهم وهذا الأمر تستطيع الدولة الاستجابة له، فهم لا يطالبون إلا بمكان آمن ومظلة تأمين صحى وإلغاء مادة الحبس من القانون رقم 33 لسنة 1957، بشأن الباعة المتجولين، ولا بد ان نعى جيدا ان هؤلاء عمالة تحتاج إلى تسكينها فى عمل يدر دخلا لأسرهم بعدما عجزت الدولة عن إيجاد فرص عمل لهم فى الشركات والمصانع منذ سنوات طويلة.

وطالب عبدالكريم المحليات بدراسة المكان الذى يتم فيه إنشاء سوق بديل بشكل حضارى، فلا بد من مراعاة مدى قربه وبعده عن السكان، فلا يتم نفيهم فى مكان بعيد لا يستطيعون فيه ممارسة عملهم ثم نعود ونطالبهم بالامتثال للمكان.

حل جذرى

على الرغم من ترحيب عدد من المواطنين بقرار نقل الباعة الجائلين من المناطق الحيوية إلى أماكن مخصصة لهم، وعودة الشارع إليهم والمحافظة على المشهد الحضارى إلا أن هناك عددا من المواطنين يرى أن وجود الباعة فى مناطق مأهولة بالسكان والموظفين كان يسهل عليهم كثيرا مشقة التوجه للأسواق، ويقلل من الأسعار فى الأسواق الكبرى والمحلات التى تقدم خدمة بيع الخضروات والفاكهة وطالبوا بضرورة وجود حل عملى وجذرى فى هذا الامر.

يوضح الدكتور جلال الغياتى الخبير الاقتصادى هذا الجانب من المشكلة قائلا للأسف الدولة عندما تنظر إلى حل مشاكل الباعة الجائلين تقوم على الفور بعمل أسواق بديلة وتنفق عليها ولا تأخذ رأى أصحاب المشكلة أنفسهم هل هذا المكان يناسبهم، وهل يحقق لهم ذات الدخل الذى كانوا يحققونه من مكانهم السابق أم لا.

الباعة الجائلون متواجدون فى كل بلدان العالم لكن يتم التعامل مع مشاكلهم بآلية مختلفة لا تكلف الدولة، وفى الوقت ذاته تحقق لهم فرص عمل شريفة ولا تؤثر على المظهر الحضارى للبلد.

ويضيف الغياتى: هناك عدة تجارب لدول مختلفة فى معالجة هذه الظاهرة فمثلا التجربة الصينية كانت تعمل على توفير محلات صغيرة جدا على امتداد طريق السكك الحديد، ويحمل كل بائع رقم كودى معدنى لتقنين وضعه، وهناك متابعة دورية لهم من شرطة المرافق والمحافظة، مع تطوير الأماكن التى يتم نقلهم منها وعمل ميادين تجميلية بها تمنعهم من العودة مرة أخرى إلى المكان، وهى تجربة يمكن تطبيقها فى مصر.

وترى الدكتورة سعاد ربيع أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة أن المواطنين عانوا طوال الثلاث سنوات الماضية من عدم القدرة على السير فى الأرصفة المخصصة للمشاة وفقدوا الشعور بالأمان، وكان من بين هؤلاء الباعة الخارجون عن القانون والمسجلون خطر، وكان لا بد من التعامل معهم لكن بطرق مبتكرة واقعية تحبب هؤلاء الباعة فى المكان وتجذبهم اليه، من خلال تدريب هؤلاء الباعة ضمن مشروع نموذجى يتم بالتعاون مع المحليات وزارات الصحة والقوى العاملة ثم إشراكهم فى اختيار أسواق بديلة وتوفير وتعزيز بيئة داعمة لهم لكسب لقمة عيشهم، ويمكن تخصيص ساعات عمل لهم وتحديد أوقات للبيع مع ضمان عدم ازدحام الأماكن العامة، وتحديد اشتراطات الصحة والنظافة العامة، وأماكن التخلص من النفايات التى تنتج عن البيع والشراء طوال اليوم، كذلك إعداد تصميم جمالى للأكشاك المتنقلة.

وطالبت بإعادة تقييم التجربة كل فترة للتأكد من مدى تحقيقها النتائج المرجوة منها، ولا نكتفى بنفيهم إلى أماكن جديدة على حد زعمهم ونطالبهم بالامتثال للأوامر، ويكفى ما حدث فى سوق الترجمان عندما انتقل الباعة فقط لإثبات فشل الدولة فى إيجاد الحل الواقعى لهذه المشكلة.