«عيون موسى» و«تبة الشجرة» و«رأس سدر» معارك حربية فى الماضى.. ومزارات سياحية فى الحاضر
بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين على حرب أكتوبر المجيدة التى مازالت باقية فى أذهان ووجدان المصريين، حيث يحتفل الشعب المصرى فى ذلك الوقت من كل عام بذكرى أغلى وأكبر وأعظم انتصار فى تاريخ البشرية المصرية وهو انتصار السادس من أكتوبر، وهو اليوم الذى حقق فيه خير أجناد الأرض الأبطال ما تم انتظاره وانتصروا على الجيش الإسرائيلى، وتمكنوا من كسر شوكتهم الذين سقطوا قتلى وأسرى على يد جيش مصر العظيم، لتتهاوى معه أسطورة الجيش الذى لا يقهر وليعرف العالم كله حقيقة جيش إسرائيل، لكن لم نقف عند هذا الحد حيث تم الاستفادة من المواقع الحربية وتم تحويلها إلى مزارات سياحية، حتى تبقى سيرة وقصص بطولات حرب أكتوبر بشهدائها الذين لا يزالون فى قلوبنا وأذهاننا، وذلك لتستمر سيرتهم باقية على ألسنة الجميع ويتم نقل قصص بطولاتهم من جيل إلى جيل، وحتى تصبح أيضاً قصص فخر وعزة وحماسة للأجيال القادمة.
فى البداية، أكد اللواء فؤاد فيود أن الهدف من إبقاء تلك المواقع بتحصيناتها كما هى، حتى تعرف الأجيال القادمة مدى عظمة وروعة أداء القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر 73، مشيراً إلى أن هدف القوات المسلحة من الحفاظ على هذه المواقع والمناطق لأن إسرائيل عندما قامت بعمل خط برليف كانت متأكدة من عدم قدرة الجيش المصرى، لكن المقاتل المصرى جعل توقعاتها خائبة واستطعنا عبور واقتحام خط برليف واستعادة قناة السويس وسيناء، واحتفاظنا بهذه المواقع حتى تبقى شاهدا على هذا الزمن وميراثا للأجيال القادمة، ما يعطى دافعا للأجيال أن المصرى على مر الزمن قادر على صناعة المستحيل.
وأضاف "فيود" خلال تصريح لـ"جريدة السوق العربية " أن معظم النقاط الحصينة فى خط برليف تم إزالتها بعد توسيعه القناة، لكن ظلت باقية بعد المناطق التى كانت فى العمق، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نقطة عيون موسى التى كانت فى مواجهة السويس، وتبة الشجرة التى عند المحور الأوسط فى مواجهة الإسماعيلية، كما أن عين موسى كانت متمركزة بها مدفعية وتلك المدفعية تم عمل دشم خرسانية لها، وقد تمكنت القوات المسلحة من الاستيلاء على عيون موسى سنة 1973، وهو الآن أصبح مزارا سياحيا وتحول من موقعة حربية، وذلك لكى يرى العالم كله حجم العمل الذى قام به الجيش المصرى خلال حرب أكتوبر.
وعن موقع «عيون موسى» الذى أصبح مزاراً سياحياً، قال اللواء صادق عبدالواحد، مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن هذا الموقع حينما دمرت مصر المدمرة إيلات لم يجدوا، إلا أن يضربوا الزيتية فى السويس وهى منطقة بها شركات بترول وعملوا بها خسائر، وقد حاولت مصر تدمير هذا الموقع قبل الحرب، لكنها لم تنجح لأن أى ضرب مدفعية لا يؤثر فيه، مشيراً إلى أنه تم تكليف إحدى الوحدات فى الحرب بتدمير هذا الموقع وبالفعل قامت بتدميره حتى لا يفكر العدو فى استعادته مرة أخرى أثناء الحرب، ولذلك يكتسب هذا الموقع أهميته من صعوبة تدميره، بالإضافة إلى وجود معلم آخر على طريق الفردان يتقاطع مع الطريق العرضى رقم «١» عبارة عن دبابة محاطة بأسلاك، وهى دبابة العقيد عساف ياجورى قائد فرقة المدرعات الإسرائيلية الذى تم أسره، وتعد أكبر رتبة إسرائيلية تم أسرها فى هذا الوقت.
وأوضح "عبدالواحد" أن الهدف من زيارة هذه المواقع الحربية السياحية هو توضيح حجم العمل البطولى الذى قام به جنود مصر للشباب المصرى والسياح، ليكون أبلغ دليل على جسارة الجندى المصرى وفكره فى التغلب على الجندى الإسرائيلى، ولا يعتمدون فقط على القراءات، لافتاً إلى أنه قد استغل الإسرائيليون فكرة كانت تعرض فى فيلم أمريكى عن الحرب العالمية الثانية، وهى تركيب مدافع مكثفة وضعها الألمان فى مكان له أبواب من الفولاذ، والمدافع فى الخلف تتحرك على قضبان حديد تفتح الأبواب من الفولاذ فتضرب ثم تسحب وتغلق الأبواب مرة أخرى.
ودعا اللواء سامح أبوهشيمة، الخبير العسكرى والاستراتيجى، لضرورة تسويق هذه الأماكن والمواقع الحربية سياحياً تسويقا كافيا، فعلى سبيل المثال كافة التحصينات الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب الأمريكية موجودة وبجانب مركز ترفيهى لجذب السياح لها، وذلك على الرغم من أن هذه التحصينات لا تتم من خلال بطولات مثل بطولات مواقع حرب أكتوبر 73 التى تمت من خلال القتال مع عدو شرس وغادر وهو إسرائيل، موضحاً أنه لابد من تسويق أكثر من هذا لهذه المواقع الحربية، وأن يتم استخدام أساليب الصوت والضوء مثل ما يحدث فى الأماكن الفرعونية تتم هكذا فى "عيون موسى" و"تبة الشجرة"، مشيراً إلى أن هناك عادة لدى الإسرائيليين أنهم يتركون تذكارات وهذا مأخوذة من موروثات الإسرائيليات، بحيث أن يتركوا تذكارات فى الأماكن التى استولوا عليها ووطئوها باعتبار أنها أصبحت أماكن ملكا لهم، ولكن إبقاء تلك المواقع يبعث رسالة عكسية نرسلها لهم بأنه على الرغم من أنكم وطئتوا هذه الأرض واحتلتوها إلا أنكم لم تستطيعوا السيطرة عليها، لأن القوات المسلحة بقوتها أجبرتكم أنكم تتركوها وترحلوا، وهذا يرجع إلى حجم قوة وشراسة المقاتل المصرى.
وأشار "أبوهشيمة" خلال تصريح لـ"جريدة السوق العربية" أن حرب أكتوبر 73 مازالت عالقة فى الوجدان والأذهان، نتيجة لأن حرب أكتوبر مازال لها انعكاسات ولها تأثير على تشكيل الكيان المجتمعى، كما أن حرب أكتوبر لها تأثير على صياغة العقيدة النفسية والقتالية للقوات المسلحة المصرية، مضيفاً أن الهدف من تحويل تلك المواقع إلى مزارات سياحية هو تذكير أنفسنا بالبطولات والتضحيات التى تمت من الإجلاء الاستيلاء لصالح تنفيذ المهام الاستراتيجية للقوات المسلحة، بالإضافة إلى تذكير الشعب المصرى كله أن هناك بعض المواقع المتفردة بالموضع الحيوى الخاص بها، فعلى سبيل المثال "عيون موسى" و"تبة الشجرة" و"كمين رأس سدر" و"القنطرة شرق"، لافتاً إلى إن كل هذه المناطق الهدف من إبقائها هو تذكير الشعب بأن القوات المسلحة الباسلة رغم حصانة ومناعة وقوة تحصين هذه الموانع إلا أن القوات المسلحة تغلبت عليها واستطاعت الاستيلاء عليها، وتأكيد رسالة للشعب أنه لابد دائماً أن تكون على ثقة أن قواتك المسلحة قادرة على تحقيق أهدافها مهما كانت التحديات التى أمامها.
وتنشر "جريدة السوق العربية" بعض المعلومات الخاصة التى لا يعرفها كثيرون عن هذه المواقع العسكرية والتى تحولت إلى مزارات سياحية، وتتمثل تلك المعارك الحربية فيما يلى :
معركة كمين رأس سدر
قبيل العاشر من رمضان (السادس من أكتوبر) بعدة ليال كان مخططا أن تدفع الكتيبه 143 صاعقة بعرباتها برا وتحت جنح الظلام من منطقه تمركزها فى الجبل الأحمر بالقاهرة إلى جهة غير معلومة للقوة، وكانت هذه المنطقة تقع خلف جبل عتاقة (بئر عديب) المشرف على مدينة السويس. ثم يتم تجميع الكتيبة هناك ليلا يوم الخامس من أكتوبر مع التمويه الجيد والانتشار وعدم التحرك نهارا أو ظهرا حتى لا تبدو أى شواهد يمكن أن يلاحظها العدو. دعمت الكتيبة بعناصر من المدفعية الخفيفة الحديثة التى أدخلت لأول مرة، ولم يعلم العدو عنها شيئا وكذلك بعناصر من المهندسين والكيميا والإشارة وطاقم طبى من الجراحين. وصلت الكتيبة للمنطقة المحددة فى بئر عديب ونفذت الانتشار والإخفاء والتمويه الجيد ولم يعلم أحد حتى الآن ما هى العملية وهل هناك عمليات أخرى أم لا. أم هو مجرد تدريب كعشرات المرات السابقة حتى كاد الرجال يجزمون بأن العملية لن تتم، وفى صباح السادس من أكتوبر شعر الجميع بأن هناك سيارات تتحرك من القناة فى اتجاه القاهرة وتحمل الجنود فى فسحة، وجنود آخرون ينشرون ملابسهم فى الشمس ويلعبون الكرة وقد عرف بعد ذلك أن هذا كان جزءا من خطة الخداع الاستراتيجى أحسن تنفيذها ونجحت فى تضليل الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية.
وفى تمام الثانية وخمس دقائق بعد الظهر شعر الجميع بأن بركانا من الحمم يصب على الضفة الشرقية للقناة والطائرات المصرية تدك المواقع الإسرائيلية شرق القناة وفى العمق، فى هذه الأثناء ترك الرجال مغاراتهم وصعدوا التلال القريبة ليمتعوا النظر بهذا المشهد الذى طال انتظاره وبذلت مصر الغالى والنفيس من أجله، على الفور أخذ قائد الكتيبة مهمته وكانت على النحو التالى:
فى تمام الساعة 1610 "الرابعة وعشر دقائق" عصرا ستهبط 18 طائرة هليكوبتر لتحمل الكتيبة لإبرارها من 50-70 كيلومترا تحت ستر مظلة جوية من طائراتنا أثناء الضربة الجوية الثانية المخطط لها نفس التوقيت، وتقوم الكتيبة بمجرد وصولها للمنطقة الجبلية للمضيق بتنظيم الكمائن المتعددة من مدخل المضيق عند الطرف المواجه لرأس سدر «بئر أبوجراد» حتى مخرج المضيق عند الطرف المواجه لمنطقة صدر الحيطان وبئر تمادا بمهمة تدمير اللواء المدرع المعادى ومنعه من التقدم بأى ثمن، لأنه كان مخططا دفع العدو لهذا اللواء المدرع عبر مضيق سدر بغية توجيه ضربة إجهاض للجانب الأيمن للجيش الثالث الميدانى وتدمير عناصر المشاة المصرية التى عبرت القناة قبل عبور قواتنا المدرعة وأسلحتنا الثقيلة للشرق بعد استكمال الكبارى التى كان قد خطط لها من 3-4 أيام. أثناء تتبع أخبار العبور العظيم من الراديو هبطت طائرة هليكوبتر مخصصة لحمل قوات الصاعقة فى المكان والتوقيت المحددين وتعالت الهتافات وبلغت الروح المعنوية عنان السماء، صدرت أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة بإلغاء الضربة الجوية الثانية ظهرا نظرا للنجاح الكامل للضربة الأولى وللمحافظة على طائراتنا لتدعيم أعمال القتال فى الأيام المقبلة، وأقلعت الطائرات الهليكوبتر دون مظلة الحماية الجوية المخططة مسبقا بفاصل زمنى قصير بين كل طائرة والأخرى، مجموعتان الأولى تضم 12 طائرة تهبط شرق المضيق والثانية 6 طائرات تهبط غرب المضيق، لكن عقب الإقلاع واتخاذ التشكيل المحدد والتوغل فوق خليج السويس فى اتجاه سيناء الحبيبة فوجئت الكتيبة بطائرات العدو وصواريخه تنهال على الطائرات المصرية فحدثت حالة من الفوضى والارتباك وتبعثرت القوات والطائرات ومنيت القوة بخسائر شديدة.
لكن إصرار الطيارين وسط هذا الجحيم دفعهم إلى الاستمرار فى مواصلة الطيران فى خط السير نحو الهدف فى سيناء مهما كان الثمن واجتازت الطائرات التى لم تصب الساحل الشرقى لخليج السويس فوق منطقة رأس سدر فى اتجاه المضيق المحدد للعملية لكن معظم طائرات المجموعة الأولى 12 طائرة أصيبت ودمر منها 8 طائرات واستشهد الكثير من رجال الصاعقة خيرة شباب الوطن واحترقت بعض الطائرات وسقطت فى الخليج أو على أرض سيناء الحبيبة، وانقطع الاتصال بالكتيبة واحترقت طائرة قائد الكتيبة وهبط الطيار هبوطا اضطراريا بعد أن عبر الساحل الشرقى للخليج ورفض العودة وانفجرت الطائرة بمجرد هبوطها واستشهد الرجال وأصيب القائد إصابة بالغة ووقع فى الأسر وتكرر نفس الشىء مع طائرة رئيس العمليات الذى أسر هو أيضا بعد إصابته البالغة وفقدانه الوعى.
وأخذت الأمور مسارا ينبئ بكارثة وسيطر القلق على القيادة العامة حيث سيجد العدو طريقا ممهدا أمامه لدفع مدرعاته عبر مضيق سدر وتدمير قوات المشاة المصرية التى عبرت للشرق فى قطاع الجيش الثالث وليس معها أسلحة ثقيلة أو دبابات لكن هناك بصيصا من الأمل واحتمالا أن تكون بعض الطائرات الهليكوبتر التى تحمل رجال الصاعقة قد نجحت فى الوصول إلى الهدف تأكد بعد ذلك هبوط المجموعة الثانية 6 طائرات غرب المضيق كما هو مخطط دون أى خسائر ومستعدة لتنفيذ مهامها لكن لا اتصال ولا معلومات مؤكدة عن ذلك، والمؤكد حتى الآن أنه لم تظهر أى عناصر مدرعة للعدو تدل على أنها عبرت مضيق سدر. كان بعض الرجال فى هذا الوقت يصارعون الموت فى خليج السويس ويسبحون فى مياه الخليج بعد أن انفجرت وأصيبت طائراتهم الهليكوبتر التى تقلهم فى الجو على بعد عدة كيلومترات من العين السخنة على الشاطئ الغربى للخليج.
أما عن المهمة الصعبة للقوات المسلحة فى مضيق سدر فقد أن صدرت الأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة لقيادة وحدات الصاعقة بضرورة تحقيق الاتصال بالعناصر التى ربما نجحت فى الوصول للهدف إن وجدت وتحديد الموقف بدقة نظرا لخطورته وعدم الوضوح الذى خيم على العملية. حتى ذلك الوقت كانت الظروف مهيأة لدفع طائرات أخرى بعناصر من الصاعقة لتنفيذ المهمة بعد اكتشاف العدو لها وسيطرته على سماء المعركة أو على أضعف الإيمان سحب العناصر المتبقية التى مازالت على قيد الحياة، فوصلت معلومات للقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية. فقد أفادت إحدى مجموعات الاستطلاع التى تعمل فى مؤخرة العدو بنجاح هبوط من 5: ك طائرة هليكوبتر من الكتيبة 143 صاعقة مباشرة فى منطقة الكمين على مضيق سدر وتوجد عناصر أخرى هبطت فى أماكن متفرقة يجرى تتبعها حيث تقترب من منطقة الكمائن المحددة على طول المضيق، لكن العدو فرض حظرا شاملا على التحركات فى المنطقة ويقوم بتمشيطها برا وجوا ليلا ونهارا ويقوم بحرق الأعشاب والأشجار فى الوديان بالنابالم حتى يقضى على أى عناصر من الصاعقة فى المنطقة وقام بتكثيف وردياته المدرعة فى المنطقة من رأس سدر على الساحل الشرقى للخليج وحتى مضيق سدر والمناطق الجبلية المحيطة بغية عزل القوات التى نجحت فى الوصول للمضيق. أبلغت عناصر الاستطلاع التى تعمل فى مؤخرة العدو أن الإسرائيليين قاموا بتسميم آبار المياه وردمها حتى يجبر عناصر الصاعقة التى تتواجد فى المنطقة الجبلية للمضيق على التسليم والوقوع فى الأسر حيث لا يوجد لدى قوات الصاعقة مياه أو تعيينات سوى لمدة 72 ساعة، ثلاثة أيام.
واستدعى العقيد الركن السيد الشرقاوى فى منطقة بئر عديب المتاخمة لجبل عتاقة المشرف على مدينة السويس النقيب أبوالنجا، وأصدر له تعليمات شفهية سريعة بضرورة تحقيق الاتصال برجال الكتيبة 143 صاعقة، الذين وصلوا بنجاح لمضيق سدر وتحديد الموقف بوضوح وإمدادهم بالمؤن والذخيرة وقذائف إضافية متطورة مضادة للدبابات وذلك عن طريق طائرتى هليكوبتر جهزتا لهذا الغرض وكل طائرة تحمل عشرة رجال وطبيبا والموعد المحدد لإقلاع الطائرتين آخر ضوء يوم الأحد السابع من أكتوبر ومرة أخرى يراود الأمل أبوالنجا فى الوصول لأرض سيناء الحبيبة بعد أن فشل فى المرة الأولى.
كان القائد الشرقاوى يعلم أبعاد هذه المجازفة بعد أن حصل العدو على المعلومات الكافية عن العملية ونجاحه فى إسقاط معظم الطائرات وفرض السيطرة الجوية والبرية على منطقة العملية وبعد أكثر من محاولة للوصول باستخدام الطائرات الهليكوبتر تارة واللنشات تارة أخرى لم تنجح قيادة الكتيبة فى الاتصال بأفرادها المحاصرين فى المضيق.
جاء اقتراح العقيد الركن نبيل شكرى مصطفى قائد قوات الصاعقة بدفع دورية صاعقة بالجمال يتراوح عددها من 15 إلى 20 جملا محملة بالمؤن والذخيرة والسلاح ثم تقوم هذه القوة بعبور القناة والتوغل فى عمق العدو لمسافة 70 كيلومترا حتى مضيق سدر مكان تواجد الرجال. وتتلخص المهمة فى قيام أبوالنجا ومعه ثلاثة من رجال سلاح الحدود «الهجانة» يرافقهم مندوب بدوى من قبائل رأس سدر من رجال المخابرات الحربية ومعهم الجمال بعبور القناة باستخدام كوبرى «الشط»، إذ نجح المهندسون فى إقامته والذى يقع فى نطاق الفرقة 19 مشاة من الجيش الثالث الميدانى إلى الضفة الشرقية وتوجهت القافلة إلى معبر الشط كما هو مخطط لكن المفاجأة انها وجدت فى استقبالها وابلا من نيران العدو الذى قتل عدة جمال، بذل الرجال جهودا مضنية للسيطرة على ما تبقى من الجمال لكنهم لم ينجحوا فى استخدام الكوبرى للعبور لكن نجحت القافلة فى العبور باستخدام المركبات البرمائية فى الثالثة والنصف من فجر الأربعاء 10 أكتوبر.
وبمجرد أن عبرت الدورية بالجمال الثغرة التى فتحها المهندسون فى الساتر الترابى بخراطيم المياه سجدوا جميعا على الأرض شكرا لله، وانطلقت الدورية كما هو مخطط لها بمحاذاة الشاطئ الشرقى للقناة متجنبة النقطة القوية للعدو التى لم تسقط فى أيدى المصريين فى لسان بورتوفيق، لكنها تعرضت طيلة تقدمها لنيران الدبابات المعادية والصواريخ والطائرات فتكبدت خسائر أخرى فى الجمال حتى وصل عددها إلى ثمانية جمال فقط. ومع أول ضوء فى يوم الخميس الحادى عشر من أكتوبر سمع رجال الدورية أثناء اختبائهم فى بطارية صواريخ مصرية مهجورة منذ عام 1967 أزيز طائرات استطلاع للعدو تقتفى أثرهم ويتدلى منها عن طريق أحزمة معينة أحد الجنود يقوم بإطلاق النار على المناطق التى يعتقد وجود أفراد فيها ويركز على خط سير الدورية الذى بدا واضحا وضوح الشمس، فقد اقترفت الدورية خطأ فادحا بمخالفة أبوالنجا أبسط قواعد العمل الفدائى خلف خطوط العدو، وهو تمويه خط سير الدورية.
حامت طائرتان حول بطارية الصواريخ وانهمر منهما الرصاص كالمطر داخل الدشم عندها أدرك الجميع أن الموت قادم لا محالة، فأعطى القائد أوامره للرجال بمغادرة الموقع على وجه السرعة، ونجحت القافلة فى مغادرة البطارية بسلام وأجلسوا الجمال تحت الأشجار وتم تمويهها بالأعشاب، ثم لم تمض 15 دقيقة حتى قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بدك بطارية الصواريخ التى كانت القوة مختبئة بها وأحالتها إلى كتلة من نار، بعدها شاهد أبوالنجا رتلا من دبابات العدو يحاصر البطارية وبالطبع سيقوم بتفتيش المنطقة وهنا حدثت مفاجأة من العيار الثقيل أثلجت صدور رجال الدورية المصرية عندما شاهدوا سربا مصريا مقاتلا من الطائرات يغير على موقع العدو ويدمر دباباته التى تتحرك على المحاور القريبة من موقع اختفاء الدورية.
وفى تمام الساعة السابعة من صباح الخميس 11 أكتوبر سمع الرجال أصوات قصف جوى مركز تبين أنه سرب من طائرات الميراج الإسرائيلية يدك الجبال المتاخمة للمضيق الذى أصبح على مسافة حوالى 23 كيلومترا من موقع الدورية الحالى، فتأكد الجميع من وجود رجال الصاعقة فى الجبل عند المضيق والدليل هو تلك الغارة.
نجحت الدورية فى الوصول بالإمدادات إلى الجبل فعلا وعلمت بعد ذلك أن ست طائرات مصرية كانت قد نجحت فى الهبوط فوق المضيق مباشرة بقيادة النقيب رفعت عامر أحد قادة السرايا فى الكتيبة وقام بتجميع رجاله واحتل مواقع الكمائن وكانت عند الطرف الآخر من المضيق أى أول من يقابل العدو عند محاولة عبوره المضيق، وقد حاول العدو بالفعل دفع عناصر استطلاع مدرعة تصدى لها عامر مدمرا 3 دبابات و7 عربات مدرعة، وألحق بالعدو خسائر فادحة فانسحب على الفور فتدخلت قوات العدو الجوية وقصفت المضيق بشراسة واشتركت معه المدفعية الثقيلة والصواريخ ولكنه لم يستطع العبور. واستشهد البطل رفعت عامر مع رجاله بعد أن دمروا سرية دبابات المقدمة للواء المدرع وعدة مركبات مدرعة.
معركة تبة الشجرة
كانت يوم 8 أكتوبر عام 1973، وهدفت إلى الاستيلاء على مركز القيادة الخاصة بالعدو الصهيونى فى تبة الشجرة على مسافة 10كم شرق قناة السويس، ووصلت عصر هذا اليوم سارية الدبابات واتخذت اوضاعها فى الفرقة الثانية والفرقة 16 على الجانب الايمن للفصيلة وصدرت الاوامر للقوات المصرية بركوب افراد المشاة للدبابات حوالى 10 دبابات وكانت عبارة عن 45 فرد مشاة باسلحتهم الخفيفة عبارة عن الآر بى جى والرشاش الخفيف وطقم مدفع ميكنة، وبعد ركوب الفصيلة اندفعت الدبابات خارج رأس الكوبرى المحدد فى اتجاه تبة الشجرة. وخلال المعركة أصيبت دبابتان، وبدأ العدو سحب باقى الدبابات مستترا بنيران مدفعيته بعيدة المدى التى امطرت الموقع بوابل من نيران المدفعية من مواقعها فى منطقة كثيب، ومن ثم تمكنت القوات المصرية من الاستيلاء على تبة الشجرة وحرمان العدو من اعادة السيطرة عليها واجباره على ترك جميع محتويات المركز بعد قتال شرس استمر 7ساعات متواصلة.
معركة عيون موسى
هى إحدى معارك حرب أكتوبر التى وقعت فى منطقة عيون موسى، التى تمت فى الفترة ما بين (7-8) أكتوبر1973، وقد كانت قوات قطاع الجيش الثالث تقاتل على عمق 8 إلى 11 كيلومتراً شرق القناة، ونتج عنها، انتصار القوات المصرية، بنجاح الفرقة 19 مشاة بقيادة العميد يوسف عفيفى فى احتلال مواقع العدو الإسرائيلى المحصنة على الضفة الشرقية التى يتمركز فيها ستة مدافع 155 مم.
واستخدم العدو هذه المدافع فى قصف مدينة السويس خلال حرب الاستنزاف، ولم تتمكن القوات المصرية من القضاء عليها آنذاك، برغم توجيه قصفات نيران ضدها بكل أنواع دانات المدفعية المتيسرة وقتئذ لصلابة التحصينات التى عملتلها بواسطة القوات الإسرائيلية.