خبراء التعليم والمواطنون: هروب من الواقع.. واعتراف ضمنى بخصخصة التعليم
بعد قرار رئيس الوزراء بإنشاء مراكز تعليمية مرخصة وتابعة للحكومة:
■ سامى نصار: يدخل الدولة فى سباق مع أصحاب المدارس الخاصة
■ كمال مغيث: تحسين رواتب المعلمين والالتزام الطلابى والاهتمام بالأنشطة والمواد العملية بدابة لتطوير القطاع
أثار قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء حول إنشاء مراكز تعليمية مرخصة وتابعة للحكومة لشرح المواد التعليمية المختلفة سواء بالمدارس، أو فى مراكز الشباب، أو قصور الثقافة، لمكافحة الدروس الخصوصية، حالة من الجدل والرفض بين خبراء التعليم والطلاب وأولياء الأمور، حيث اعتبروا القرار مجرد مسكنات وليست حلا جذريا لمشكلة الوزارات المتعاقبة على الحديث فيها ومحاولة مواجهتها، هذا بالإضافة إلى أن القرار اعتراف ضمنى من الحكومة بخصخصة التعليم.
وأكد خبراء التعليم أن محاولات الاستعانة بأفضل المدرسين كإحدى آليات محاربة مراكز الدروس الخصوصية غير المرخصة التى بلغ عددها 1214 مركزاً على مستوى الجمهورية وأصبحت ظاهرة فى المجتمع، هى بمثابة عبء جديد على الأهالى وتقنين للخصخصة من جديد، مؤكدين أن حلول هذه القضية تحتاج إلى خطة طويلة المدى تبدأ بتحسين رواتب المعلمين والالتزام الطلابى والاهتمام بالأنشطة والمواد العملية.
أكد عبدالحفيظ طايل رئيس مركز الحق فى التعليم، أن تنفيذ هذا القرار لا يقضى على الدروس الخصوصية بل يزيد اعتماد الطالب على الدروس لأن الحكومة نفسها هى التى تعطى دروسا للطلاب وبالتالى هى استكمال وامتداد للمجموعات المدرسية فى صورة دروس خصوصية، مؤكدا أن الحكومة مستفيدة من تنفيذ هذا القرار لأنها ستأخذ جزءا من عوائد الدروس الخصوصية.
قال طايل لمحررة "السوق العربية" أن مراكز الدروس الخصوصية ومراكز الشباب فى جزء منها مرخص من الحكومة ويتم دفع ضرائب عليها والحكومة موافقة عليها مضيفا، أن بعض المحافظين اقروا أن المراكز المرخصة لم يتم الاقتراب منها ستستمر فى عملها أما المراكز غير المرخصة الحكومة هتدخل فى منافسة معهم. وأكد طايل أنه حسب تصريحات الوزير ورئيس الوزراء بأنه سوف يتم الاستعانة بنفس المدرسين الذين يدرسون للطلاب فى الدروس الخصوصية بالتدريس فى مركز الشباب أو المدارس، مؤكدا أن المدرس سيأخذ نسبة من عوائد التدريس والحكومة نسبة وبالتالى احنا قدام سيناريو مرتبط ارتباط وسيط بخصخصة التعليم واعتراف ضمنى من الحكومة بأن المدرسة لا تُعلم.
وأضاف طايل لـ"السوق العربية" أن الحل للنهوض بمنظومة التعليم هو تغيير نظام التعليم ولا نكتفى بالمقولة الإنشائية حول تطوير التعليم وتغير فلسفه التعليم نفسها، متسائلا ماذا نريد من التعليم؟ احنا عايزين نحافظ على الشكل التقليدى القائم على التلقين والحفظ ولا عايزين نحول المدرسة إلى خلية نحل الطلاب يمارسوا فيها عملية التعلم بنفسهم بعمل الأبحاث والتجارب والقيام بالأنشطة المدرسية، مؤكدا أن لو الطالب قام بنفسه عمل أبحاث وتجارب فى مرحلة الثانوية مش هيحتاج لدروس خصوصية لكن طالما يتم تلقين الطلاب وحفظه بالتأكيد سيحتاج لأخذ الدروس الخصوصية.
وأشار طايل إلى أن تطبيق نظام خمس ساعات فى اليوم الدراسى جريمة فى حق الطلاب لأن المفروض أن يظل الطالب فى المدرسة أطول فترة ممكنة وليس أقل فترة لأن الطالب الذى يذهب إلى المدرسة من 8 إلى 12 ظهرا وبالتالى الحكومة تساعده على أنه يخرج بعد المدرسة يأخذ درس.
وقال الدكتور هانى رجاء وكيل وزارة التربية والتعليم، إن قرار إنشاء مراكز حكومية تعليمية عبارة عن مسكنات ولا تعد حلا للقضاء على الدروس الخصوصية لأنها تقوى فكرة استغناء الطالب عن انتمائه للمدرسة وحضوره وانتظامه اليومى مع معلمه.
أكد رجاء لـ"السوق العربية" أن إصلاح حال المعلم اجتماعيا هو الاهم لإيجاد حلول لمشكلة التعليم فى مصر. مضيفا أن فكرة إنشاء مراكز تعليمية ومراكز الشباب وقصور الثقافة لن تكون مفيدة، خاصة أن ولى أمر الطالب لا يثق أن يدخل ابنه مجموعات تقوية نظرا لزيادة الأعداد بها لكنه يلجأ إلى الدروس الخصوصية التى بها مجموعة من فردين أو ثلاثة على الأقل لرغبته فى تحسين مستواه التعليمى وبالتالى لا يثق بها حتى لو كانت تابعة للوزارة.
وأضاف رجاء أن قضية التعليم ليست وليدة اللحظة لكنها كانت الشغل الشاغل للحكومات السابقة، مؤكدا أن لحل منظومة التعليم فى مصر لا بد أن يعتنى بهذه القضية كل الأطراف من الطلاب وولى الأمر والأهم القائمين بالإدارة والوزراء والإدارة المدرسية من خلال تقوية المناهج للنهوض بالمنظومة التعليمية.
وأشار رجاء إلى أن الحكومة تعمل حاليا فى ظل النهضة التى تشهدها البلاد من بحث علمى وتعليم وصحة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى وبالتالى القضية داخلها كل الأطراف المعنية بالدولة، مؤكدا أن الحكومة تسعى إلى إنجاح المنظومة التعليمية فى مصر.
وأكد دكتور سامى نصار عميد معهد الدراسات التربوية السابق أن الدروس الخصوصية شىء ضار وان المفروض المدرسة تقوم بالعملية التعليمية على الوجه الأكمل وبالتالى الطالب لا يحتاج إلى معونة من خارج المدرسة بمعنى أن الطالب يدرس كل حاجة فى المدرسة يطلع كمان مش محتاج دروس خارج المدرسة فى ظل ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية، مؤكدا أنه لا يوجد مبرر مطلقا أن الدولة تدخل فى سباق مع أصحاب المدارس الخاصة وتعمل هى كمان دروس خصوصية مضيفا أن التحدى الحقيقى إلا يواجه التعليم والمدارس هو الحد من العملية التعليمية فيها بحيث لا يلجأ الطالب إلى الدروس الخصوصية لأنها تساعد الطالب على الاعتماد على الغير بدلا من اعتماده على نفسه ولكنها وسيلة فقط لتدريبة على حل الامتحانات بينما أى حاجة تانية خاصة بالتفكير أو مهارات النقد والإبداع إلا من المفترض أن تزرعها المدرسة مش موجودة فى الدروس الخصوصية، مؤكدا أن المدرسة عندما تتحول إلى مركز للدروس الخصوصية بالتأكيد هتكون زيها مثل أى سنتر فى الشارع وأنه ليس هناك مبرر لعمل دروس خصوصية سواء فى المدرسة أو فى مراكز الشباب حتى لو كانت بأسعار رخيصة عن الدروس التى يأخذها الطالب خارج المدرسة.
وأضاف نصار لمحررة "السوق العربية "أن الحل الوحيد للنهوض بالعملية التعليمية أن المدرسة ترجع تقوم بدورها وهو التربية والتعليم داخل المدرسة، مؤكدا أن البنية التحتية فى المدارس لازم ترجع تانى بالإضافة إلى بناء مدارس أضعاف المدارس الموجودة لتقليل التكدس فى الفصول ومعلمين مثقفين وأيضا تعليم وتدريب الطالب على اكتساب المعلومة خاصة أننا فى عصر تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد، مؤكدا أن الطالب الآن غير زمان مستعد يتعلم من بيته ولا يحتاج إلى المدرسة ولا المدرس لأنه أصبح يستمد معلوماته من وسائل عديدة منها فيسبوك والمواقع الإلكترونية.
وأشار نصار إلى أن تطبيق نظام خمس ساعات فى اليوم الدراسى يفرغ المدرسة من دورها التربوى وان المدرسة ليست جامعة، مؤكدا أن الطالب لازم يتفاعل مع زملائه ومع المدرس فى المدرسة وأنه هناك أنشطة لابد من ممارستها فى المدرسة وليس ذهابه لحل امتحانات فقط، متسائلا ازاى يتعلم صحافة مدرسية ولا مسرح أو موسيقى وبالتالى الطالب هيروح ليه المدرسة، مؤكدا لو الطالب حس انه هيتعلم لن يتغيب عن المدرسة والطالب هيتاكد أن هناك جدية فى العملية التعليمية.
ومن جانبه أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى لـ"السوق العربية" أن مراكز التعليم لن تنهى الدروس الخصوصية، لافتا إلى أنه يعد نوعا من الهروب من المشكلة الحقيقية.
وأشار مغيث إلى أن الحل فى إنهاء الدروس الخصوصية هو الاهتمام برواتب المعلمين المتدهورة لكى تساعد المدرس على المعيشة، وأيضا الاهتمام بدرجات الأنشطة وأعمال السنة، فى ظل عدم ذهاب الطالب إلى المدرسة، كما أن النظم الحديثة فى التعليم تعتمد على الأنشطة الطلابية بنسبة 70%، لكن فى التربية والتعليم. وأضاف مغيث أن التعليم التفاعلى لم يثبت نجاحه لأنه يعتمد على فصول تقوية، وأيضا دروس يمكن بثها داخل المدارس وخارجها، والدروس الخصوصية تعتمد على رصد المعلومات وتركيز الطالب عليها؛ لأنها ستأتى فى الامتحان. وفى استطلاع لبعض اراء المواطنين والطلاب والمدرسين: قالت كوثر منير ربة منزل لجريدة "السوق العربية": إن انشاء مراكز تعليمية حكومية يعبر عن فشل الحكومة فى حل مشكلة التعليم، والقضاء على الدروس الخصوصية فى ظل تدهور حالة التعليم داخل المدارس.
واوضح محمود عادل أن فكرة انشاء مراكز تعليمية حكومية جيدة ولكن إذا احسن استخدامها من حيث تطور مهارات ومواهب الطلاب والتلاميذ وتشجيعهم الأنشطة الثقافية والرياضية والاعتماد على الجانب العملى أكثر من النظرى. وقال محمد عيسى محاسب إن المراكز التعليمية موجودة بالفعل وهى أيضا استنزاف لأموال الأسر، لأن فى حقيقية الامر الاهمال من المدارس نفسها فى ادارة العملية التعليمية التى تتطلب خطة واضحة المعالم تسير عليها كافة المؤسسات التعليمية.
واضافت ميرفت عادل طالبة أن الدروس الخصوصية اصبحت امرا واقعا وكل وزير جديد يتعهد بمحاربتها، ومر 20 سنة ومازالت الدروس تسيطر على نظام التعليم، مؤكدة أن الخلل فى نظام التعليم فى مصر الذى اصبح عبارة عن خاص وعام قائلة: يعنى اللى معاه فلوس يتعلم واللى مش معاه يروح يشتغل.
وقال محمد السيد مدرس إن وزارة التربية والتعليم تتعمد استنزاف الوقت فى الحديث عن محاربة الدروس الخصوصية دون النظر إلى الانضباط سواء من المدرس أو الطالب، مؤكدا أن مستوى التعليم فى مصر ينهار منذ دخول القطاع الخاص فى هذا القطاع.