إقرار مصر للروبل «الروسى» يهز عرش الدولار «الأمريكى»
أسامة المنيلاوى: استخدام مصر «الروبل» يدعم شراء مصر لقمح من روسيا
يتطلع الكثيرون فى أسواق السياحة والاقتصاد إلى رؤية الروبل الروسى عملة تداول بين الشركات المصرية والروسية، فى المناطق السياحية الشهيرة داخل مصر، وذلك لتخفيف العبء على الجانبين، وجاء هذا على خلفية عودة العلاقات المصرية- الروسية إلى سابق عهدها وبقوة، وذلك بعد الزيارات المتبادلة والتفاهم المشترك بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، ليحيى الزعيمان عصر العلاقات القوية التى كانت فى فترة الستينيات بين الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ونيكيتا خروتشوف، حيث قرر الزعيمان أن يكون التعامل بينهما بالجنيه المصرى والروبل، وهو ما يحاول الفرعون المصرى والدب الروسى إحياءه من جديد، ولهذا رحب خبراء الاقتصاد والسياحة بتطلع كل من مصر وروسيا للتبادل التجارى بين البلدين بالعملة المحلية لكل منهما "الروبل والجنيه"، ما سيساهم فى تنمية النشاط التجارى بين البلدين، وتمويل محطة الضبعة النووية، وزيادة السياحة الروسية فى مصر، وانتعاش الاقتصاد وتقليل الطلب على الدولار الأمريكى.
ففى البداية، قال إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى المصرى الأسبق أن التطلع لتوقيع الاتفاق بين مصر وروسيا فى تبادل العملة له آثار إيجابية على تحسين الاقتصاد المصرى، مشيراً إلى أن هناك سلعا تنتج فى مصر يحتاج اليها السوق الروسى وبالمثل ما يوجد فى روسيا يحتاجها السوق المصرى، حيث يترتب على هذا الإجراء العديد من المزايا التى ستعود على البلدين أبرزها زيادة حجم التبادل التجارة بين مصر وروسيا من صادرات وواردات.
وأضاف محافظ البنك المركزى المصرى الأسبق فى تصريح خاص لـ"جريدة السوق العربية" أن تطبيق الفكرة سيساعد مصر على أن تستورد سلعا تقدر قيمتها بالجنيه المصرى وبالتالى يحافظ على ما يحصل عليه مصر وروسيا من العملات الأجنبية وبالفعل ينتج عنه زيادة فى الاقتصاد المصرى وتنمية النشاط التجارى بين البلدين، كما أنه حال إقرار الدولة للعمل بالعملتين بين مصر وروسيا لن يؤثر ذلك على اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أكد الدكتور رضا العدل أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن القرار لا حكم عليه لأنه لم يتخذ بعد، لكن ما يحدث هو أننا لن نشترى منهم سوى الغاز والسلاح وهم يشترون السياحة، وتتم المحاسبة بنسب معينة، ويكون لديك روبل حسابى وجنيه حسابى، وكثير من المشروعات مُولت بهذا الشكل فى عهد عبدالناصر.
وأشار "العدل" إلى أن الروس لديهم مشاريع قوية، ونحن لدينا طلب على المعدات منهم، وهم لديهم طلب على السياحة، ومع ذلك لا بد من دراسة القرار بشكل جيد، والهدف الأساسى هو البعد عن العملة الثالثة التى تكون مشتركة بين الدولتين.
بينما لفت الدكتور رضا عيسى، الخبير الاقتصادى، إلى أن التعامل بالروبل الروسى سيخفف الضغط على الدولار الأمريكى، خاصة أن السائحين الروس هم أكثر فئة تأتى لزيارة مصر وهم الأكثر استفادة فى حالة تطبيق القرار، وذلك لأنهم يتجنبون تغيير العملة، وبالتالى العملة تفيد فى حالة شراء مصر وارداتها من روسيا، والقرار جيد، والاقتصاد المصرى لا بد أن يقوم بقرار سياسى، فلا بد من حل الأزمة الاقتصادية قبل فوات الأوان.
وطالبت الدكتورة بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية، بضرورة دراسة البنك المركزى المصرى لما سيعود على مصر من نمو فى الاقتصاد حال إقرار العمل بالعملتين، خاصة أنه فى الستينيات من القرن الماضى كان التصدير والاستيراد منهم بالروبل والجنيه المصرى، وكانت هناك بضائع تذهب لهناك بالروبل، ومصر كانت مستفيدة من ذلك، اما تلك الأوضاع الاقتصادية الحالية للدولتين فتتطلب دراسة جيدة قبل اتخاذ القرار.
وأوضحت فهمى لـ"جريدة السوق العربية" أن الوقت الحالى من الممكن أن يكون التبادل بالروبل والجنيه هدفه شراء السلاح، ما يتطلب ضرورة دراسة جميع الجوانب الاخرى منها قطاع السياحة، مشيرة إلى أن مصر ليست مستفيدة من الروبل سوى بشراء مستلزماتها من روسيا فقط.
وأضافت أن التعامل بالروبل لن يؤثر على الدولار ولا الاقتصاد الأمريكى لأنه الأقوى على مستوى العالم، وروسيا تعانى من مشاكل اقتصادية كبرى مثل مصر.
كما أوضح الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى أن دراسة الدولة المصرية قرار قبول عملة الروبل فى مجال السياحة والتبادل التجارى مع روسيا عبقرى، مشيرًا إلى أنه أول من طالب أن مصر تتعامل مع الدولتين روسيا والصين بعملتيهما المحليتين، كما أنه فى حالة تطبيق القرار باستخدام عملة الروبل فى مجال السياحة مع روسيا سوف يعمل على تقليل الضغط على الدولار، خاصةً أن السائحين الروس هم أكثر فئة تأتى لزيارة مصر.
وكشف جودة عن أن تبادل العملة بين الدولتين سيؤدى إلى انخفاض قيمه العملة الروسية "الروبل" بما يعادل حوالى 34%، بالإضافة إلى انخفاض الاحتياطى النقدى الروسى، كما ستعود على مصر بالنمو فى ملف السياحة الروسية، والقرض الروسى وقيمته (1.5 مليار دولار) وذلك لتمويل محطة (الضبعة النووية)، بالإضافة إلى إعادة تأهيل شركات (الصناعات الثقيلة) فى مصر، وتأهيل الصناعات الحربية والعسكرية، وتجديد وتأهيل توربينات السد العالى.
وقال جودة أن القرار يساهم فى زيادة السياحة الروسية التى تمثل نسبة (22%) من عدد السياح لمصر، كما تخفف مديونيات مستحقة للشركات المصرية على بعض الشركات الروسية ولم يتم سدادها بسبب انخفاض العملة، فمن الممكن حلاً لهذه المشكله أن يتم تسوية (المديونية السابقة) وأن يتم الاتفاق على سعر صرف بين (الدولار) و(الروبل) و(الجنيه المصرى)، حيث يتم التعامل به سواء فى (السياحة) أو (الاستيراد) أو (التصدير).
وقد لفت هشام إبراهيم الخبير المصرفى بأن قرار التعامل بالروبل والجنيه المصرى بين البلدين سيساعد على زيادة حركة التبادل التجارى وتنشيط السياحة بين البلدين، كما انه فى حالة تنفيذ القرار ستشهد مصر انتعاشا فى الاقتصاد المصرى، سيخفف الضغط على التعامل بالدولار، مؤكداً أن الفترة القادمة ستشهد تحديد سعر الروبل الروسى مقابل الجنيه.
ورحب الدكتور رضا عيسى الخبير الاقتصادى بفكرة دراسة الدولة فى التعامل بالروبل الروسى والجنيه المصرى، مؤكدا انها تقلل احتياجات الدولة من الدولار، كما تساهم فى تنشيط السياحة فى مصر، خاصة أن السياحة الروسية تمثل نسبة كبيرة من الزيارات السياحية فى مصر والقطاع الأكثر استفادة فى حالة تطبيق هذا القرار.
واضاف "عيسى" أن هذا القرار سيخفف العبء على البنك المركزى بزيادة صادرات السياحة وزيادة الواردات، مضيفاً أنه لو طبق هذا القرار فإن كلا الطرفين لا يحتاجون إلى الرجوع إلى البنك المركزى لتغيير العملة وسيكون هناك تبادل علاقات بين مصر وروسيا فى تنمية النشاط التجارى بين البلدين خاصة فى تصدير القمح.
وعلى الوجه الآخر، أكدت سهى الترجمان، عضو مجلس إدارة غرفة الفنادق، أن التعامل بالروبل الروسى، كان مطلب القطاع السياحى فى ديسمبر الماضى، ولكنه تأخر تنفيذه ما أثر على الحركة الوافدة لمصر، مطالبة الحكومة المصرية باعتبار السياحة سلعة تصديرية، يتم التعامل خلالها بنظام المقايضة، وأشارت إلى أن السوق الروسية تأثرت بشدة من أزمتها الاقتصادية، حيث انخفضت بنسبة 60%.
وقد رحبت "الترجمان" فى تصريح خاص لـ"جريدة السوق العربية" بتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى، حول دراسة مصر لإمكانية التعامل بالروبل الروسى فيما يخص الحركة السياحية الوافدة لمصر من موسكو، عوضًا عن الدولار، نظرًا لأزمة الاقتصاد الروسى وارتفاع سعر العملة الأمريكية، كما أشارت إلى إن الغردقة تعتمد حاليًّا على السوق المحلية بنسبة 50%، خاصة مع اتباع أغلبية الفنادق لسياسة حرق الأسعار لتعويض الخسائر، وسط تراكم للمديونيات وفرض للضريبة العقارية وغيرها من الأزمات التى تحتاج لتكاتف الجميع، وخاصة الدولة.
كما أكد سامى محمود، رئيس هيئة تنشيط السياحة أن هيئة تنشيط السياحة لا تمانع فى استخدام الروبل كعملة سياحية بما يعادل نفس القيمة بالدولار، كحل يسهل توافد السياحة الروسية بالأعداد الكبيرة التى كانت عليها، لافتًا أن الفنادق والمنتجعات المصرية لن تتعرض لأى خسارة حيث ستتقاضى بالروبل ما يوازى نفس القيمة بالدولار، وأن روسيا تعتبر الدولة المصدرة الأولى للسياحة إلى مصر والتى تصل أحيانًا لنحو 3 ملايين سائح فى العام.
وأضاف "محمود" أن المقترح الذى قدمته الوزارة بشأن التعامل بالروبل فى القطاع السياحى المشترك، لا تزال محل دراسة ما بين البنك المركزى المصرى ونظيره الروسى، فيما تنتظر وزارة السياحة القرار الرسمى من كلا الجهتين لبدء التنفيذ وإحلال الروبل محل الدولار فى الحركة الوافدة إلى مصر والعكس.
وأوضحت هالة الخطيب أمين عام غرفة المنشآت الفندقية انه من الممكن تطبيق التعامل بالروبل بين مصر وروسيا سياحياً عبر البنوك المركزية بالبلدين بنظام "المقاصة" من استيراد السلع والتجارة.
كما أكدت "الخطيب" انها تقدمت بمقترح التعامل بالروبل بين شركات السياحة المصرية والروسية بأحد اجتماعات منظمة السياحة العالمية أكتوبر 2014 وذلك فى بداية أزمة ارتفاع الدولار، مؤكدا أن الفكرة ستؤدى إلى استقرار التدفقات السياحية إلى المقصد المصرى خلال فترة انخفاض المؤشر السياحى على أن تكون المدة المتاحة عاما فقط ويراجع بعدها الامر.
وكشف الدكتور خالد المناوى رئيس غرفة شركات السياحة أن دراسة التعامل مع الجانب الروسى بالروبل لزيادة التدفقات السياحية يعد خطوة ايجابية لاستقرار الحركة، كما أن التعامل بالروبل فى المجال السياحى بين مصر وروسيا يعادل من ميزان المدفوعات خاصة أن هناك مبادلات تجارية عبر استيراد مصر بقيمة 5 مليارات دولار ومن الجانب الروسى نصف المليار دولار.
كما أضاف رئيس غرفة شركات السياحة أن حال تنفيذ التعاقد بالروبل لن يتأثر السوق السياحى مع الجانب الروسى الذى بدوره أدى إلى زيادة البرامج السياحية إلى 30% فى ظل ارتفاع سعر الدولار حتى عودة الحركة السياحية إلى قوتها أو اثبات التجربة نجاحها. وقد أكد أسامة المنيلاوى، مساعد مدير عام قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، أن استخدام مصر للروبل الروسى كعملة فى المبادلات الثنائية يدعم شراء مصر للقمح من روسيا إلى جانب التغلب على مشكلة تراجع الدخل من الموارد الدولارية، وبالتالى تحقيق المصلحة المشتركة للبلدين، بالحصول على الموارد من الروبل من قطاع السياحة، نظرًا لأن السياحة الروسية تعد من الأكبر تدفقًا على الأسواق المصرية. وأضاف المنيلاوى، فى تصريحات خاصة لـ"جريدة السوق العربية"، أن مصر سوف تحصل على الروبل من قطاع السياحة وتدفعه إلى روسيا مقابل السلع أو البترول أو القمح دون الحاجة إلى تحويله إلى عملات أخرى، مشيراً إلى أن مصر من الدول المستوردة للقمح وبالتالى فإن دراسة القرار الخاص باعتماد الروبل الروسى كعملة تبادل فى مجال السياحة يعمل على تخفيف الضغط على الموارد الدولارية للاحتياطى من النقد الأجنبى. فى حين أوضح السيد القصير رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية، أن استخدام مصر للروبل الروسى كعملة فى المبادلات الثنائية سوف يعمل على دعم الاقتصاد المصرى من عدة أوجه، إلى جانب التغلب على مشكلة تراجع الدخل من الموارد الدولارية، بالتالى تحقيق المصلحة المشتركة للبلدين، بالحصول على الموارد بالروبل من قطاع السياحة، نظرًا لأن السياحة الروسية تعد الأكبر تدفقًا على الأسواق المصرية.
كما أضاف رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية أنها تجربة جيدة ستخفض من الضغط على الدولار بما يعادل استيرادنا من روسيا والدول المرتبطة بها ولكنها تحتاج إلى آليات وضوابط بين البلدين، مؤكداً بعد نجاح تلك التجربة ستفتح باباً للتعامل مع العملات الأخرى.