السوق العربية المشتركة | المصريون يبهرون العالم من جديد قناة السويس الجديدة: حكاية حب سطرها الشعب والجيش معا

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 05:31
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

المصريون يبهرون العالم من جديد قناة السويس الجديدة: حكاية حب سطرها الشعب والجيش معا

المصريون يبهرون العالم
المصريون يبهرون العالم

الرئيس السيسى يعطى إشارة البدء قبل عام والمشروع عبور جديد نحو مستقبل اقتصادى لمصر

لم يبق من عمر الزمن سوى أقل من مائة ساعة وتتجه أنظار العالم إلى أم الدنيا مصر من جديد للاحتفال بإنجاز يضاف إلى إنجازات دولة ارتبط تاريخها بالحضارة منذ أكثر من 7 آلاف عام فالمصريون لا يعرفون سوى تحدى النفس فقط، فمصر الأهرامات وحفر قناة السويس القديمة وبناء السد العالى وانتصارات أكتوبر تعود من جديد لتحقق اكبر الانتصارات بحفر قناة السويس الجديدة التى سيتم افتتاحها فى السادس من أغسطس الحالى أى بعد 4 أيام فقط وبعد عام من إعطاء الرئيس السيسى شارة البدء لانطلاق المشروع التى شهد العمل به أعمال الحفر على الناشف والتكسية والتجريف وتوسيع وتعميق التفريعات الحالية لعمق 24 مترا ليسمح لعبور سفن حتى غاطس 66 قدما.



قناة السويس حدوتة مصرية

البداية فى 5 أغسطس 2014 أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن البدء فعلياً فى إنشاء مجرى ملاحى جديد لقناة السويس وتعميق المجرى الملاحى الحالى وتنمية محور قناة السويس بالكامل، بهدف تعظيم دور إقليم قناة السويس كمركز لوجستى وصناعى عالمى متكامل اقتصادياً وعمرانياً ومتزن بيئياً، ويسعى إلى جعل الإقليم محوراً دائما للتنمية ينافس عالمياً فى مجال الخدمات اللوجستية والصناعات المتطورة والتجارة والسياحة

والقناة الجديدة تم حفرها على الجاف بطول يبلغ 35 كيلومترا، بجانب عملية تعميق بطول 37 كيلومترا لتمكين السفن ذات الغاطس الكبير من المرور فى القناة من الاتجاهين.

ومن ثم، فهذه القناة الجديدة الممتدة بطول 72 كيلومتراً من ساعات انتظار السفن العابرة من 11 إلى 3 ساعات، كما أنها ستعمل على تقليل زمن رحلة العبور بالقناة من 20 إلى 11 ساعة، وهو ما سيعمل على تحسين اقتصادات تشغيل السفن وجذبها للعبور بالقناة من ناحية، وزيادة إيرادات القناة بنسبة 259% وهو ما اكده الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس فى كلمته 5 أغسطس2014 .

ولم تقتصر الأهمية الاقتصادية للقناة الجديدة عند هذا وفقط بل ستلعب دورا كبيرا فى تفادى الأزمات المستقبلية ذات الصلة بالمعدل اليومى لعبور السفن خاصة إذا ما علمنا أن الدراسات أكدت ارتفاع عدد السفن العابرة للقناة من 49 سفينة يومياً فى عام 2014 إلى 97 سفينة فى عام 2023، وهو ما يعنى أن القناة الجديدة ستقضى على هذه الأزمة وهو ما يجعل هذا المشروع هدفا مستقبلياُ هاما يتمثل فى زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن.

وهو ما يؤدى إلى زيادة عائدات قناة السويس بنسبة 259 بالمئة عام 2023 ليكون 13.226 مليار دولار مقارنة بالعائد الحالى 5.3 مليار دولار. وفقا لتوقعات الحكومة

الرئيس يطلب والمصريون يبهرون العالم

عندما طلب الرئيس السيسى من الشعب تمويل المشروع الجديد والعبور الاقتصادى الكبير من خلال منظومة اقتصادية جديدة أبهرت العالم، فبمجرد أعلن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب فى 15 أغسطس طرح شهادات استثمار باسم شهادة استثمار قناة السويس بهدف جمع 60 مليار جنيه مصرى لتمويل مشروع محور قناة السويس من خلال المصريين فقط.. على أن تطرح الشهادات من البنوك القومية بفائدة سنوية 12% تصرف كل ثلاثة أشهر، على أن يسترد أصل المبلغ بعد خمس سنوات.

استجاب المصريين ما دفع محافظ البنك المركزى فى 15 سبتمبر2014 وبعد شهر فقط أن حصيلة بيع شهادات استثمار قناة السويس وصلت إلى نحو 61 مليار جنيه مصرى، منذ بداية الطرح عن طريق البنوك يوم 04 سبتمبر 2014، وهو المبلغ المطلوب لحفر القناة الجديدة، وأنه تقرر إغلاق الاكتتاب فى الشهادات بالبنوك.

هذه الملحمة الجديدة عكست عمق انتماء الشعب المصرى وإرادته الصلبة التى تجلت فى شراء شهادات استثمار قناة السويس والتى بلغت قيمتها 64 مليار جنيه خلال ثمانية أيام.

وتجدر الإشارة إلى أنه فى 19 أغسطس 2014 أعلن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس عن التحالف الفائز بتنفيذ مشروع تنمية قناة السويس، وهو تحالف دار الهندسة.

البث التجريبى وذكرى التأميم

تزامن احتفالات مصر بتدشين قناة السويس الجديدة وذكرى تأميم القناة فى 26 يوليو 1952.. حدثان كبيران يؤرخان لقوة إرادة الإنسان المصرى وقدرته على التحدى والإنجاز.

ولعلها ليست صدفة أن يتم التشغيل التجريبى لقناة السويس الجديدة عشية الاحتفال بذكرى التأميم ففى 26 يوليو 1952 كان التأميم وفى 26 يوليو 2014 كان عبور قافلة تضم ثلاث سفن حاويات قناة السويس الجديدة، فى أول تشغيل تجريبى للقناة التى ستفتتح يوم الخميس 6 أغسطس الحالى تثبت مصر للعالم مجددا أن المصريين قادرون على التقدم والبناء والتنمية.

أهمية قناة السويس للتجارة العالمية

لا يوجد ممر مائى فى العالم له أهمية قناة السويس فهو الوحيد الذى يقتصر المسافات بين موانئ العالم بنسبة تزيد على 80 % فالمسافة بين ميناء جدة (المملكة العربية السعودية) وميناء كونستانزا (بالبحر الأسود) 11771 ميلا عن طريق رأس الرجاء الصالح، بينما تبلغ هذه المسافة 1698 ميلا فقط عن طريق قناة السويس، وبذلك تحقق القناة وفرا فى المسافة يبلغ حوالى 86%.

تبلغ نسبة التوفير فى المسافة بين طوكيو فى اليابان، وميناء روتردام فى هولندا 23% بالمقارنة مع طريق رأس الرجاء الصالح.

تستخدم قناة السويس فى نقل 7% من تجارة العالم المنقولة بحرا و35 % ينقل من وإلى موانئ البحر الأحمر والخليج العربى، بينما 20% من وإلى موانئ الهند وجنوب شرق آسيا، و39% ينقل من وإلى منطقة الشرق الأقصى.

قناة السويس حكاية شعب منذ الفراعنة

لم يعرف التاريخ دولة قبل مصر شقت قناة صناعية فى أراضيها لتصل بين البحرين المتوسط والأحمر عن طريق نهر النيل، كان هذا عام 1874 ق.م فى عهد سنوسرت الأول، ولكنها أهملت ما جعل المصريين يعيدون فتحها أكثر من مرة فى عهود:

سيتى الأول عام 1310 ق.م (قناة سيتى الأول)

نخاو الثانى عام 610 ق.م (قناة نخاو)

دارا الأول عام 510 ق.م (قناة دارا الأول)

بطليموس الثانى عام 285 ق.م (قناة بطليموس الثانى)

تراجان عام 117م (قناة الرومان)

ثم كان الفتح الإسلامى بقيادة عمرو بن العاص عام 642 ليطلق على القناة (قناة أمير المؤمنين)

وظلت قناة أمير المؤمنين تعمل لمدة مائة وخمسين عاما حتى أصدر العباسيون الأمر بغلق القناة وردمها لأسباب سياسية.

ثم جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798م وكلف نابليون بونابرت أحد كبار مهندسى الحملة (مسيو لوبير) بدراسة مشروع إنشاء قناة بحرية لربط البحرين المتوسط والأحمر إلا أن الدراسة أخطأت إذ انتهت إلى وجود فارق كبير بين مستويى البحرين، ومن ثم ألغى المشروع لمدة زمنية قاربت على الـ60 عاما بعد رحيل نابليون عن مصر حتى دخل المشروع حيز التنفيذ فى 25 إبريل 1859 التى شهد أول ضربة فاس فى أعمال قناة السويس فى مدينة “فرما”(موقع بورسعيد حاليا) بمشاركة نحو 20 ألف من العمال المصريين الذين أدوا واجبهم فى ظروف إنسانية بالغة القسوة.

وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الكفاح والعرق، تدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط فى بحيرة التمساح (18 نوفمبر 1862) إيذانا بانتهاء مرحلة مهمة فى حفر القناة.

وفى 18 مارس 1869 تدفقت مياه البحر المتوسط وملأت منخفض البحيرات المرة وسط مهرجان كبير حضره الخديو إسماعيل وولى عهد إنجلترا.. وفى 15 أغسطس 1869 ضُربت الفأس الأخيرة فى السد الذى أقيم أمام مياه البحر الأحمر فى “الشلوفة” بالقرب من السويس ومن ثم تم وصل البحر الأحمر بالبحيرة المرة الصغرى.

وتلاقت مياه البحرين الأحمر والمتوسط فى 18 أغسطس 1869 لتظهر إلى النور قناة السويس “شريان الخير لمصر والعالم” التى وصفها عالم الجغرافيا الراحل الدكتور جمال حمدان بأنها “نبض مصر”.

وافتتحت القناة فى حفل أسطورى (17 نوفمبر 1869) بحضور ستة آلاف مدعو فى مقدمتهم الإمبراطورة اوجينى زوجة إمبراطور فرنسا نابليون الثالث، وإمبراطور النمسا، وملك المجر، وولى عهد بروسيا، وشقيق ملك هولندا، وسفير بريطانيا العظمى فى الآستانة، والأمير عبدالقادر الجزائرى، والأمير توفيق ولى عهد مصر، والكاتب النرويجى الأشهر هنريك إبسن، والأمير طوسون نجل الخديو الراحل سعيد باشا، ونوبار باشا وغيرهم.

وعبرت القناة فى ذلك اليوم (17 نوفمبر 1869) السفينة “إيغيل” وعلى متنها كبار المدعوين تتبعها 77 سفينة منها 50 سفينة حربية. وعند حفرها.. كان طول القناة 164 كيلومترا.. وعمقها 8 أمتار.. والآن يبلغ طولها 193 مترا.. وعمقها 24 مترا.. وعرضها 205 أمتار.

تأميم القناة فى 26 يوليو 1952

“قرار رئيس الجمهورية تأميم الشركة العالمية لقناة السويس، شركة مساهمة مصرية”.. بهذه الكلمات أعلن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى السادس والعشرين من يوليو عام 1956 تأميم شركة قناة السويس، قبل 63 عاما.

جاء قرار التأميم بسبب رفض البنك الدولى تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالى كسبب مباشر، كما كان تأميم قناة السويس سببًا للعدوان الثلاثى الذى قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر.

وكان لقرار التأميم أسباب أخرى.. فى عام 1910 تقدمت شركة القنال بطلب للحكومة المصرية لمدة امتياز شركة قناة السويس الذى كان سينتهى في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخرى تنتهى سنة 2008، وأيدت الحكومة البريطانية وسلطة الاحتلال مد الامتياز “خصوصاً وقد بدأت الحركة الملاحية بالقناة تتضاعف حتى بلغت عام 1889 ضعف ما كانت عليه عام 1881 وتضاعفت مرة أخرى عام 1911، وكانت البضائع البريطانية تمثل 78،6 % من مجموع البضائع المارة بالقناة.

كانت مواد مد الامتياز المقترح تقتضى مد فترة الامتياز الممنوح لشركة قناة السويس 40 سنة تبدأ من أول يناير 1969 إلى 31 ديسمبر 2008، ويقسم صافى الأرباح مناصفة بين الشركة والحكومة المصرية، إذا كان صافى الأرباح أقل من 100 مليون فرنك، تحصل شركة قناة السويس على خمسين مليون فرنك ولا تنال الحكومة المصرية إلا ما قد تبقى.

أما إذا كانت أرباح القناة أقل من خمسين مليون فرنك، فتحصل الشركة على كامل الأرباح ولا تحصل الحكومة المصرية على أى شىء.

ومقابل مد الالتزام لأربعين سنة تدفع الحكومة المصرية أربعة ملايين جنيه مصرى على أربع أقساط حدد مواعيدها.

ولكن الحركة الوطنية المصرية بقيادة محمد فريد قادت هجوما كاسحا على طلب المد وقلبت الرأى العام ضده، وقام إبراهيم الوردانى باغتيال رئيس الوزراء بطرس غالى باشا سنة 1910 بسبب سعيه نحو مد امتياز القناة، وقام الاقتصادى المصرى طلعت حرب بتأليف كتاب عن قناة السويس ليوضح الحقائق للعامة والخاصة عن تاريخ القناة وكيف ضاعت حصص مصر من الأسهم والأرباح وخسائرها حتى 1909م وخلص إلى القول أن السهم الذى باعته مصر بـ560 فرنكا اصبح سعره بعد ثلاثين سنة فقط 5010 فرنكات، وحصتها من أرباح القناة التى باعتها بـ22 مليون فرنك أصبحت rيمتها 300 مليون فرنك.

وإزاء الضغط الشعبى كلفت الجمعية العمومية (مجلس النواب) طلعت حرب باشا وسمير صبرى باشا بكتابة تقرير عن الموضوع، وبالفعل قدما تقريرهما للجمعية ووضحا فيه خسائر مصر المالية المتوقعة فى حالة تمديد الامتياز الحالى بالشروط السالف ذكرها، وبناء على هذا التقرير رفضت الجمعية العمومية عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس وبقى الامتياز قائما بشروطه.

بعد استعادة مصر قناتها فى 1956 أثبتت نجاحها فى إدارتها عاما بعد الآخر بكوادر وطنية وبكفاءة بالغة وطورت مجرى القناة فى مشروعات متتالية للتطوير والتعميق والتوسعة بتكلفة بلغت 40 مليون جنيه حتى عام 1961.

وفى نهاية هذه الملحمة من الحب بين الشعب والجيش على مر الزمان لا نجد كلمات افضل من كلمات شاعر النيل حافظ إبراهيم فى قصيدة مصر تتحدث عن نفسها والتى وصف فيها حكايات من الحب والتحدى عبر العصور

وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبنى قواعد المجد وحدى

وبناة الأهرام فى سالف الدهر كفونى الكلام عند التحدى

أنــــــــا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودراته فرائد عقدى

إن مجدى فى الأوليات عريق من له مثل أولياتى ومجدى

أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى