الحكومة ترفع شعار (صنع فى مصر) بوقف استيراد المنتجات الشعبية والتراثية
يرجع الإبداع والتنوع فى الحرف التراثية واليدوية إلى التنوع الحضارى والتاريخى الذى شهدته مصر طوال تاريخها القديم والحديث، وتتنوع الحرف بتتنوع العادات والتقاليد وأنماط الحياة المصرية بين سكانها فى المناطق والمحافظات المختلفة ويظهر ذلك جليا من خلال المنتجات التراثية التى ينتجها من يمتهنون هذه الحرف ويقومون عليها.
وأهم المنتجات فى هذا المجال هى المنتجات التى يستخدم فيها فن النحت والرسم والتشكيل باستخدام الأحجار والأخشاب والحديد والنحاس وما هنالك من المواد التقليدية المصرية تعد المهن والحرف اليدوية المصرية، خاصة التراثية منها، من أشهر الصناعات التى برع المصريون فيها، وصنعوا لأنفسهم منها ما يميزهم عن باقى شعوب العالم، كما تمثل هذه المهن ملاذاً لمئات الآلاف من العمال، وسبباً لرزقهم وفتح بيوتهم، تمثل هذه المهن جزءاً مهماً من التراث المصرى، وتبرز معالم مصر والهوية الثقافية للمصريين، فى الوقت الذى يهدد شبح الاهمال الحكومى بقدر كبير فى انهيار تلك الحرف التراثية، ما ساهم فى خرابٍ حلّ بالعاملين فى تلك المهن، بينما لم تسارع حكومات ما بعد الثورة فى إنقاذهم، مطالبين المسئولين بالدولة بالقيام بمسئولياتهم تجاه مهن وحرف مهددة بالزوال، ما يؤثر على الاقتصاد القومى وزيادة نسبة البطالة، حيث رأى البعض منهم أن عدد العاملين فى تراجع مستمر لعدم تلقيهم الدعم الذى يشجعهم على مزاولة المهنة، فيما رأى آخرون أن غياب الدولة المتمثل فى عدم إقامة المعارض الدولية وفتح أسواق محلية لمهن مرتبطة بالتراث، تنتظر النهاية كصناعة الألباستر «التماثيل» والنقش على المعادن والرسم على النحاس وصناعة السجاد اليدوى وغيرها من المنتجات التى تدل على الهوية المصرية.
ومن هذا المنطلق كان القرار رقم رقم ٢٣٢ لسنة ٥١٠٢.
نص القرار يقول: إنه تقرر وقف استيراد المنتجات ذات طابع الفن الشعبى التشكيلى «الفلكلور الوطنى» لجمهورية مصر العربية وبوجه خاص الرسومات بالخطوط والألوان والحفر والنحت والخزف والطين والمنتجات المصنوعة من الخشب أو ما يرد عليه من تطعيمات تشكيلية مختلفة أو الموزاييك أو المعدن أو الجواهر والحقائب المنسوجة يدوياً وأشغال الإبرة والمنسوجات والسجاد والملبوسات والآلات الموسيقية والأشكال المعمارية ونماذج الآثار المصرية وصور القطع والمناطق الأثرية المصرية.
من جانبه وقال وزير الصناعة والتجارة، فى بيان سابق له: إن الفلكلور الوطنى ملك عام للشعب المصرى يجب حمايته ودعمه والمحافظة على الحقوق الأدبية والفكرية والمالية لمبدعيه خاصة من تلك المنتجات التى يتم استيرادها فى صورة منتجات مقلدة لما تنتجه المصانع والورش المصرية من نماذج أثرية أو منتجات تراثية سواء كانت معدنية أو حجرية أو جواهر أو مصنوعات جلدية وأصبحت منتشرة فى جميع البازارات وبصفة خاصة فى منطقة خان الخليلى، مشيرا إلى أن جميع القوانين والاتفاقات الدولية قد أعطت الحق لكل دولة فى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها ومنع التعدى عليها.
وأضاف وزير الصناعة والتجارة، أن قانون حماية الملكية الفكرية قد منح لوزير الثقافة الحق فى أن يباشر حقوق المؤلفين الأدبية والمالية على الفلكلور الوطنى وكذا قانون حماية الآثار الذى نص على أنه يسرى على النماذج الأثرية التى ينتجها المجلس الأعلى للآثار وصور القطع والمواقع الأثرية المملوكة له جميع حقوق الملكية الفكرية والعلامة التجارية وحماية استغلالها لصالحه، مشيراً إلى أن اللائحة التنفيذية لقانون حماية الآثار تمنع أيضا تداول أو استيراد نماذج أثرية من الخارج إلا وفقا للمواصفات التى يضعها المجلس الأعلى للآثار بالتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بشأن حظر استيراد وتداول النماذج المخالفة لتلك المواصفات.
وأشار “عبدالنور” إلى أنه تقرر تشكيل مجموعة عمل تضم ممثلين لوزارات التجارة والثقافة والآثار لوضع تصور شامل يكفل حماية حقوق الملكية الفكرية للمنتجات التى تندرج تحت مسميات الفكلور الوطنى أو النماذج الأثرية وتنظيم استيرادها. تجدر الاشارة إلى أن وزارة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة تنفذ برنامجاً شاملاً لرفع تنافسية التجمعات التراثية والحرفية وعددها 39 تجمعا منتشرة فى 17 محافظة وتضم عمالة فى حدود 10 آلاف عامل حيث يقوم مركز تحديث الصناعة حاليا بتقديم خدمات دعم فنى لهذه التجمعات مثل برامج التدريب وتحسين جودة المنتج ومراقبة الجودة وتطوير التصميمات بهدف رفع جودة المنتجات وربطها بالأصول التاريخية المصرية مع إكسابها الصبغة المعاصرة حتى تتناسب مع مختلف الأذواق.
قال مصطفى عثمان- مهنى نحت وزخرفة- أن قرار وزير الصناعة والتجارة منير عبدالنور منع استيراد المنتجات التراثية والحرفية هو قرار مناسب جدا وبالأخص فى الوقت الحالى، وذلك لأنه عمل على إغلاق الدائرة على من يهدمون الصناعة الحرفية والتراثية من خلال استيراد منتجات مثيلة الصنع محليا خصوصا من الصين والتى تتمتع بجودة رديئة غير مطابقة للمواصفات القياسية المصرية، كما أنها تؤثر على الهوية المصرية وأن أصحاب الصناعات الحرفية واليدوية فى مصر قادرون على سد احتياجات السوق المحلى بدون الحاجة إلى الاستيراد مؤكدا أن لديهم مهارة وحرفية فى الصناعات الحرفية، وأشار الى أن قرار وزير الصناعة بصدد الحرف التراثية سوف ينعش السوق المحلى للصناعات التراثية مرة أخرى.
وأضاف سعد التونى- فنى رسم وتطريز يدوى- أنه ليس من المناسب أو المعقول بالمرة أن نستورد منتجات عليها تاريخنا وحضارتنا من بلاد أخرى بل ويجب على الجهات الرقابية بالدولة بالعمل على تشديد الرقابة على الموانئ والمنافذ الجمركية لتطبيق قرار منع الاستيراد بشكل صحيح، مؤكدا أن مركز تحديث الصناعة يعمل بكامل جهده على تعظيم وتطوير الصناعات الحرفية والتراثية، لافتا إلى أنه يوجد 61 تجمعا للصناعات الحرافية والتراثية عمل المركز مع 41 تجمعا فى 17 محافظة ويستفيد منها 7 آلاف أسرة بشكل مباشر وغير مباشر، مشيرا إلى أن فتح باب الاستيراد أمام العديد من السلع خلال السنوات الماضية طمس العديد من الصناعات والحرف التى تتميز بها مصر.
من جانبه قال الحاج خليل المعدوى فنى زخارف معدنية إن القرار جيد ويهدف إلى القضاء على الاستيراد العشوائى للأعمال والمنتجات الصينية المقلدة التى تؤثر بالسلب على الهوية المصرية، مؤكدا أن القرار يدعم الصناعات الحرفية والتراثية بصورة كبيرة ويعظم من أدائها، مؤكدا أن قرار وزير الصناعة والتجارة منير فخرى عبدالنور، بوقف استيراد منتجات الفن الشعبى من الخارج، برغم أنه قرار مهم جدًا، لكنه تأخر كثيرًا، وكان من المفترض أن يصدر قبل 20 عامًا، مؤكدا أنه سوف يقوم بتوفير فرص عمل للعديد من الفئات العمرية من الشباب والفتيات خاصة فى القرى.
وأضاف الدكتور أدهم رشوان رئيس إحدى جمعيات المحافظة على التراث أن الصين ودول أخرى تغزو مصر بمنتجات تغازل الشعب المصرى بأسعارها الرخيصة، وخامتها السيئة، وأدت إلى توقف الحرف التراثية المصرية وهو ما يعد اعتداء على الهوية المصرية ولذلك كان صدور القرار اليوم مهمًا، ويجب أن يكون مكملا له فتح أسواق جديدة للحرف التراثية فى دول الخارج، مضيفا أن هناك الكثيرين متفقون تماما مع قرار وزارة الصناعة والتجارة حول وقف استيراد السلع والمنتجات ذات الطابع الفنى الشعبى والنماذج الأثرية والتراثية.
من جانبه أوضح. محمد فتحى- صحاب بازار بخان الخليلى- أن الأعمال اليدوية المصرية ذات طابع خاص ومهما حدث لن نخشى عليها من الانقرض فهى جزء من ثقافة الشعب.