فى ظل انفلات فنى يحث على العنف والجريمة طفل العشر سنوات يصيب زميله بقطع فى الوجه والصدر
لم يكن من المتخيل أن يتحول أبناء المجتمع المصرى المحافظ بطبعه فى بضعة اعوام إلى هذا الوضع المتدنى أخلاقيا وسلوكيا فلا تكاد تخلو قرية أو منطقة سكنية من طفل قام بضرب زميله بآلة حادة أو أن مجموعة شباب جمعوا بعضهم للفتك بجار لهم أو حالة اغتصاب ناهيك عما يمكن سماعه فى معظم الشوارع المصرية من ألفاظ بذيئة ومتدنية كانت بمثابة الجريمة فى الماضى فأصبحت عادة اليوم لتنبئنا بمستقبل لا يمكن أن يكون مشرقا ففى الوقت الذى يفرض علينا أن نأخذ فيه بكل ادوات البناء هناك من يعمل جاهدا وبشكل تدريجى على هدم كل معنى أو قيمة فما يتلفظ به الأبناء أثناء ذهابهم للمدرسة فى الصباح الباكر هو ما شاهدوه بالأمس فى العديد من الأفلام التليفزيونية وما قام به التلميذ من اعتداء على زميله فى المدرسة ما هو الا تقليد للبطل فى الفيلم الذى تقمصة بالأمس.
لم تكن حالة مصطفى أحمد سيد قطب- تلميذ بالصف الرابع الابتدائى بمدرسة دوار جبلة مركز سنورس محافظة الفيوم- سوى نتيجة لما زرعته بعض أفلام الشاشة المصرية من مشاهد للعنف يقول والد مصطفى تلقيت مكالمة فى التاسعة صباحا الأسبوع الماضى يخبرنى باصابة ابنى فى خناقة داخل المدرسة من زميله محمد رمضان مصطفى لأذهب إلى المدرسة واجد ابنى ملقى فى احدى حجرات المدرسة ملطخا بالدماء ويخبرنى زملاؤه أن محمد رمضان زميله بنفس الصف قام بضربه فى وجهه وصدره بكتر- آلة حادة- من المعتاد أن يحمله داخل المدرسة على مرأى ومسمع من المدرسين وإدارة المدرسة لأحمل ابنى بعد ذلك متوجها إلى المستشفى ويكون التقرير قطع طولى فى الوجه الأيسر بطول 8سم وآخر فى الصدر بطول 7سم وبعد حجزه أربع وعشرين ساعة توجهت لقسم الشرطة ثم النيابة متهما إدارة المدرسة بالتقصير فى حماية ابنى خاصة أن بعض الولاد ومنهم من اعتدى على ابنى يحملون آلات حادة داخل المدرسة دون رادع من الإدارة إضافة إلى أن جريمة الاعتداء على ابنى تمت على أعين المدرسين دون تدخل.
وعن علاقة ما يشهده المجتمع من عنف خاصة بين الصغار والمعروض فى الأفلام المصرية قال الدكتور سعيد عبدالعظيم استاذ الطب النفسى بقصر العينى كلما كان المعروض فى السوق الفنى بعيدا عن القيم من الممكن أن يخلق مفاهيم مغلوطة وناس يقلدون مثل هذه التصرفات الغريبة خاصة أن الشباب مقلد بطبعه فمثل هذه الأفلام متصورة انها بتأخذ من الواقع وتمثله الا أن المفروض أنها ترتقى بالواقع وألا ناخذ الأشياء الفاجة ونعممها بحجة أن ذلك هو الواقع فنشر السلوكيات الخاطئة والكلمات غير المهذبة أو التصرفات المسيئة تزيد من سلوكيات المجتمع غير الصحيحة وغير مرغوب فيها لتصبح كأنها شىء مقبول وهذا ليس بوظيفة الفن ولا الأدب والإعلام أن ننشر مثل هذه الأمور فمن المفروض أن نرتقى وننهض.
وعن خطورة ما يتم عرضه وهل هذا يعد لونا من ألوان الحرية كما فى الغرب يوضح استاذ الطب النفسى أن المعروض من عنف فى الأفلام يولد العنف وفى الغرب لديهم أفلام عنف ولكن هناك رقابة لتجنب أن يشاهد الاطفال هذه الأفلام فهناك دائما تحذير أن هذا لا يشاهده ما دون سن معينة إضافة إلى أن الرقابة الفنية تقوم بدورها فى رقابة معالجة الفكرة لأن على سبيل المثال من الممكن أن تظهر الإدمان فى الفلم أنه شىء ظريف وأن الناس قاعدة بتتعاطى المخدرات وهى سعيدة وبالتالى انت بتنشره مش بتعالجه ففى الثقافة الغربية هذا الأمر مرفوض وأن ما يقال أن ما يعرض لدينا من تجاوزات فى الأفلام ثقافة غربية مخطئ لأن الأمور لديهم ليست «سداح مداح» فليس لديهم عمل يخرج ليمجد أو ينشر المخدرات أو أى شىء خاطئ بل هناك حظر للتدخين فى الأفلام فهناك وعى مجتمعى لحماية الفئات الصغيرة من أن تقلد أمرا غير سليم لأن الشباب عندما يرون البطل يقلدونه.
وعن نتيجة هذا الانفلات الفنى أضاف عالم النفس أن ما يحدث من الشباب الصغير من أمور خارجة عن قيمنا كحمل مطواة أو اعتداء على زميل له بموسى أو سكين قد يكون ناتج من التقليد للبطل الذى أمامه فى الفيلم وهو معتقد أنه يقوم بعمل بطولى لأن الفيلم أو العمل الدرامى صور له ذلك ورسخ فى ذهنه أن البطل هو ذلك البلطجى الحامل للسنجة ويشرب الخمور ويتلفظ بكل الألفاظ البذيئة وطالب بأن يكون هناك وعى من المؤسسات نفسها وأن يكون للرقابة دور ففى الوقت الذى تبسط فيه الناس وتمتعها يكون لديك ضوابط وهذا موجود فى الغرب فى السينما العريقة فالرقابة ليست بالأمر الجديد.
وأضاف عبدالعظيم أن ما يتم فى الأفلام المصرية من تجاوز ونشر للعنف يتم لصالح ناس مخربة فلدينا طابور خامس شغلته تخريب المجتمع وهذه جزء من المخطط لإفساد المجتمع من خلال القوة الناعمة فالاداء الفنى المتدنى سموم بنحطها لأولادنا ونفسد المجتمع بشكل تدريجى.