السوق العربية المشتركة | الدولة تستعين بالمخترعين فى التحديات الاقتصادية بمشاركة القطاع الخاص

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 09:32
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

الدولة تستعين بالمخترعين فى التحديات الاقتصادية بمشاركة القطاع الخاص

الدكتور محسن الطماوى استاذ اقتصاد بجامعة أسيوط
الدكتور محسن الطماوى استاذ اقتصاد بجامعة أسيوط

لا شك أن الارض، والعمالة، ورأس المال هى العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج فى الاقتصاد القديم، أصبحت الأصول المهمة فى الاقتصاد الجديد هى المعرفة الفنية، والإبداع، والذكاء، والمعلومات. وصار للذكاء المتجسد فى برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال، أو المواد، أو العمالة. وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصادات المعرفة تستأثر الآن 7٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى وتنمو بمعدل 10٪ سنويا. وجدير بالذكر أن 50٪ من نمو الإنتاجية فى الاتحاد الأوروبى هو نتيجة مباشرة لاستخدام وإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبنا على ذلك تصبح المعرفة هى المحرك الرئيسى للنموالاقتصادى. واقتصادات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة. وعلى العكس من الاقتصاد المبنى على الإنتاج، حيث تلعب المعرفة دورا أقل، وحيث يكون النمو مدفوعا بعوامل الإنتاج التقليدية، فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية، أو رأس المال البشرى، هى أكثر الأصول قيمة فى الاقتصاد الجديد، المبنى على المعرفة. ترتفع المساهمة النسبية للصناعات، وتتمثل فى الغالب فى الصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة والرفيعة، مثل الخدمات المالية وخدمات الأعمال. وهذا ما توكده دائما تقارير الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء ومنها تقرير عام 2012 فنجد من خلال هذا التقرير أن مكتب براءات الاختراع المصرية الذى تشرف عليه أكاديمية البحث العلمى يوجد بداخله الآلاف من براءات الاختراع الممنوحة للمخترعين المصريين منذ سنوات طويلة ووفقا لهذا التقرير فإن عدد براءات الاختراع الممنوحة عام 2011 هو 484 براءة مقابل 321 براءة عام 2010 فيما بلغ عدد براءات الاختراع الممنوحة وفقا للتصنيف الدولى فى مجال الاحتياجات الإنسانية حوالى 92 براءة اختراع وفى مجال الكيمياء والفلزات 133 براءة اختراع وفى مجال التشكيل والنقل 104 اختراعات.



من جانبه أشار الدكتور محسن الطماوى استاذ اقتصاد بجامعة أسيوط إلى انه يجب على وزارة الاستثمار أن تسن بعض القوانين الخاصة بمنح التراخيص للشركات العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات مقابل تبنى الشركة اختراعا أو المساهمة فى تفعيله وهناك العديد من الاختراعات الجيدة حبيسة الإدراج مع العلم أن تكلفة إنتاجها قليلة جدا مقارنة بما نستورده من تكنولوجيا أو أجهزة خاصة التى تساهم فى حل مشاكل ذات بعد استراتيجى مثل إنتاج أو توفير الطاقة أو النمو الزراعى والغذائى كل شركة فى مجال استثمارها مع ضمان حق أدبى ومالى لهذه الشركات من نجاح الفكرة وانتشارها وبذلك نضمن تجويد المنتجات وتحقيق المشاركة المجتمعية وتشجيع المواهب والعلماء فى إطار استثمارى جيد.

وأضاف الدكتور خالد عبدالدايم خبير تكنولوجيا المعلومات باحدى شركات الاتصالات أن الحل الأمثل لهذه المشكلة هو الإعلان والتسويق فيكون عن طريق عمل معرض دولى لتسويق الاختراعات كل ستة أشهر أو كل عام يكون هذا المعرض معلن عنه ويتم نقله فى جميع وسائل الاعلام المقروءة والمرئية ويتم عمل دعوة لكل المستثمرين المصريين والأجانب فى كل المجالات المتعلقة بجميع الاختراعات التى استطاعت أن تفوز ببراءة الاختراع خلال هذا العام ويقوم كل مخترع بعرض تفصيلى لاختراعه أمام الجمهور والمستثمرين فى هذا المجال وعليه يتم عمل مناقصة علنية للمستثمر الذى سوف يقوم بالاستفادة من هذا الاختراع ويكون هناك تشريع قانونى لاثبات حق المخترع ونصيبه من تطبيق هذا الاختراع وإن فازت جهة أجنبية بحق الاستفادة من هذا الاختراع يكون هناك تشريع يضمن حق المخترع وتكون هناك امتيازات للحكومة المصرية فى الاستفادة من هذا المنتج فيما بعد وهناك الحلول الكثيرة الأخرى والتى تنبع مع المخترعين أنفسهم فى كيفية الاستفادة من اختراعاتهم.

لابد من الاهتمام الأكبر بهذه الثروة المهدرة فيمكن الاستفادة المثلى منها فى رفع مستوى التعليم والبحث العلمى والدخل القومى بدلا من الاهتمام بأشياء أخرى لا تعود أبدا بالنفع على مصر ولابد من الإعلام المصرى تسليط الضوء الأكبر والاهتمام بالمخترعين المصريين وعرض افكارهم لعل وعسى أن تلاقى أهتمام المسئولين والمستثمرين المصريين.

من جانبها أكدت الدكتورة نادية زخارى وزيرة البحث العلمى الأسبق أهمية تعزيز التنمية الاقتصادية القائمة على المعرفة من خلال اعتماد ووضع رؤى وأهداف استراتيجية محددة لكى نستعيد نهضتنا الاقتصادية والثقافية العريقة كقوة إقليمية متقدمة ومؤثرة فى منطقة الشرق الأوسط فى وقت قياسى نتيجة ما تمر به منطقتنا من مخاطر وأطماع وتهديدات، وتناولنا إصلاح التعليم والصحة وضرورة إجراء تغييرات جذرية فى بناء هيكلهما ونظم إدارتهما من خلال أفكار جديدة مبتكرة.

موضحةً أن ملف البحث العلمى الذى يشكل مع التعليم والصحة مثلث تحقيق التنمية المستدامة لمصر كإحدى ركائز بناء الدولة المصرية الحديثة لما له من دور مؤثر فى حياة الإنسان، فالبحث العلمى هو السبيل الوحيد لنا اليوم فى مواجهة التحديات الاقتصادية التى تمر بها دولتنا، ولا شك فى أن الثورة التى تحتاجها مصر هى ثورة العلم والتراكم المعرفى التقنى القائم على أسس تطوير منهجية البحث العلمى الحقيقى، وفى هذا الإطار، فإننا اليوم بحاجة ماسة للعمل على تغيير إدراك المجتمع لأهمية البحث العلمى لتحقيق التطور والنهضة المنشودة.

إذا كنا نأمل فعلياً استعادة الريادة ومحاولة مواكبة العصر دون الاكتفاء بالحديث فقط عن آمال وطموحات وأحلام الغد، فيجب تعديل نسبة الإنفاق الحكومى على البحث العلمى التى نص عليها بالتعديلات الدستورية 2014 من 1% لتصل إلى 4% على الأقل من إجمالى الناتج القومى بالشراكة مع القطاع الخاص والأهلى حتى تحقق الدولة بناء اقتصاد المعرفة، على أن تكون كامل هذه النسبة مخصصة للأبحاث العلمية دون أن يدخل فيها ما يصرف على مرتبات العاملين والإنشاءات وصولاً لبحث علمى حقيقى حيث إن جميع التقارير توضح أن الأجور على الرغم من تدنيها فى هذا القطاع، فإنها تستهلك ما يزيد على الثمانين بالمائة من إجمالى الميزانية المخصصة للبحث العلمى فى مصر. مشيرة إلى ضرورة العمل على الارتقاء بتدريب الباحثين والمخترعين المصريين بحق من خلال دعم نشر بحوثهم فى المجلات والدوريات العلمية المتخصصة المصنفة عالمياً والتوسع فى إيفاد البعثات إلى الخارج مع الاهتمام بالتطبيق العملى للأبحاث والعمل على تكوين شراكات وخلق تحالفات مع كبرى الجامعات ومراكز الأبحاث الدولية والشركات العاملة فى مجالات البحث العلمى مع أهمية القضاء على البيروقراطية والروتين وسن التشريعات الحديثة المتطورة التى تتماشى مع العصر.

إن تغيير الفكر من أن الابحاث ليس الهدف والغاية منها هو ترقية أعضاء هيئات التدريس فقط والعمل على تفعيل المعايير الدولية وتطبيقها على جميع مؤسسات البحث العلمى مع ربط كل ذلك باستراتيجية وطنية موحدة للبحث العلمى على مستوى الدولة تحقق الأهداف الواضحة والمحددة بتلك الاستراتيجية وصولاً لتحقيق التنمية المستدامة.

وأضافت إن أحد أهم معايير قياس تقدم ورقى الأمم هو مدى اهتمام مجتمعاتها وحكومتها بالبحث العلمى، ومن ثم فإن توافر الإرادة السياسية للتغيير تتمثل فى دعم اتخاذ قرارات من شأنها إحداث ثورة علمية وبحثية حقيقية، وتفعيل دور البحث العلمى لمعرفة المشكلات التى تواجها الدولة فى شتى المجالات، وذلك من خلال التعاون بين الدولة والقطاع الخاص الذى يعول عليه الإسهام فى جانب البحث العلمى باعتبار القطاع الخاص هو القاطرة الأساسية فى تمويل البحث العلمى.