السوق العربية المشتركة | مرسيدس وصناعة «تجميع» السيارات فى مصر.. إلى أين؟

السوق العربية المشتركة

الخميس 28 نوفمبر 2024 - 22:29
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
  مرسيدس وصناعة «تجميع» السيارات فى مصر.. إلى أين؟

مرسيدس وصناعة «تجميع» السيارات فى مصر.. إلى أين؟

طالعتنا العديد من المطبوعات مؤخراً بخبر انسحاب شركة مرسيدس بنز من عمليات تجميع سياراتها بالسوق المصرى وبيع حصة الشركة الأم الألمانية (الصغيرة) الخاصة بمصنع التجميع (EGA) للشركاء المصريين، وهو الأمر الذى أثار جدلاً واسعاً بأوساط صناعة السيارات المصرية بشكل خاص وبالأوساط الصناعية المصرية بشكل عام وكأنها مفاجآة غير متوقعة- إلا أن المتابعين لأعمال الشركة فى مصر ولتصريحات ممثليها الرسمية وغير الرسمية خلال العامين الأخيرين سيتأكدون أن ذلك كان مخططاً له وبوضوح بالسابق ولم تنسحب عليه صفة المفاجأة- فما الرؤية وراء ذلك القرار بشكل خاص وما سيرتبط بصناعة (تجميع) السيارات بالمرحلة المقبلة بشكل عام؟



لا شك أن الأسباب التى قامت مرسيدس بنز فى مصر ببناء قرارها الأخير عليها تتركز حول تداعيات اتفاقية الشراكة الأوروبية مع مصر والتى قضت بالعمل على تخفيض جمارك السيارات تدريجياً بنسبة 10% انطلاقاً من عام 2010 والتى يتوقع أن تصل إلى حد الـ صفر% جمارك مع الوصول لعام 2019، الأمر الذى أخذ بخفض الميزة النسبية لتجميع السيارات الأوروبية داخل مصر بشكل عام ولسيارات مرسيدس بشكل خاص- مع الأخذ فى الاعتبار توجه الشركة بالعامين الأخيرين فى التركيز على طرح سيارات مرسيدس ذات المحركات الاقتصادية وهى التى بدأت بجنى أرباح أكبر مع بيعها بالسوق المصرية، وبالتالى فقد أصبح من غير الاقتصادى الشروع بتجميع سيارات اقتصادية المحركات لما دون الـ1.6 لتر فيما ستتحول الضريبة الجمركية عليها خلال سنوات قليلة من الآن إلى لا شىء- أما عن السيارات ذات المحركات الأكبر مع السعات اللترية لما فوق 1.6 لتر فقد ارتأت الشركة عدم الاستمرار فى تجميعها محلياً شأن (E-Class) المنتظر تقديم الجيل الجديد منها مع العام المقبل، أما (GLK-Class) فتعتبر أرقام مبيعاتها بالسوق المصرية متواضعة بالمقارنة بباقى طرازات مرسيدس ومن ثم فلا ضرر من التركيز على بيع تلك السيارات بشكل مستورد. ومن منطلق أن (الخسائر النسبية) التى ستتحقق من عدم بيع هذاين الطرازين بشكل خاص كطرازين مجمعين محلياً وتقديمهما كطرازين مستوردين فقط شآن باقى طرازات مرسيدس.. ستقل بطبيعة الحال بمقابل الاستثمارات التى يمكن ضخها للعمل على تجميع الجيل القادم من (E-Class) وربما (GLK-Class) إذا افترضنا أخذ القرار بتجميع جيله القادم الذى لم يعلن عن تاريخ تقديمه بعد، ومن ثم فإن قرار وقف تجميع سيارات مرسيدس محلياً بمصر لا يعد صادماً كما ادعى البعض كما أنه لا يعد هادماً لصناعة (تجميع) السيارات فى مصر لأن المعادلة الاقتصادية تقضى بذلك.

على الجانب الآخر، تعالت الأصوات بأن BMW سوف تحذو حذو مرسيدس.. إلا أن الشركة البافارية أكدت أنها لم تتخذ قراراً بعد فى هذا الاتجاه، كما أن رؤيتها التصنيعية تختلف بطبيعة الحال عن رؤية مرسيدس خاصة مع إعلانها الأخير بتجميع رياضية الشركة الفاخرة (X5)، بخلاف باقى الطرازات التى يتم تجميعها محلياً بمصنع الشركة البافارية بمدينة السادس من أكتوبر.

وفى الوقت نفسه الذى استشرت فيه الشائعات والآراء حول صناعة (تجميع) السيارات فى مصر ومستقبلها.. الأمر الذى يمكن الرد عليه سريعاً بالنقاط التالية:

- فيما يخص صناعة (تجميع) السيارات الأوروبية المنشأ.. فسيكون بطبيعة الحال من غير الاقتصادى الاستمرار بها خلال السنوات القليلة القادمة إلا فى ثلاث حالات وهى: (الحصول على دعم صناعى من الحكومة المصرية، أو دعم صناعى من الشركة الأوروبية الأم، أو التعامل مع مصنع التجميع المحلى على أنه مصنع استراتيجى لتصنيع السيارات بهدف التصدير للأسواق القريبة وهو ما يتطلب حجماً اقتصادياً للتصنيع لا يقل عن 70 - 100 ألف سيارة سنوياً).

- أما ما يخص السيارات غير أوروبية المنشأ... فستستمر الميزة النسبية لتجميعها محلياً مستمرة بمقابل بقاء ضرائبها الجمركية دون تغير، ولكن مع الأخذ فى الحسبان أمرين هامين هما: (الأول أن لا تتحول السيارات الأوروبية المستوردة لمنافس قوى سعرياً بمقابل السيارات غير الأوروبية المجمعة محلياً وبالتالى ستبدأ هذه السيارات فى خسارة ميزتها السعرية النسبية وبالتالى الوصول لمفترق طرق الدعم المحلى أو الدولى أو التجميع الاقتصادى بغرض التصدير، والأمر الآخر أن تعمل الدولة المصرية على إبرام اتفاقيات دولية مع تلك الدول شأن ما تم سابقاً مع الاتحاد الأوروبى وبالتالى ستأخذ صناعة تجميع السيارات غير الأوروبية نفس منوال السيارات الأوروبية).

إن الأمر ليس بالسهولة التى يتوقعها الكثيرون، إلا أن المفتاح الرئيسى لفض هذا التشابك بين أطراف صناعة وتجارة السيارات فى مصر كان لابد له أن يتم من خلال قرارات مصيرية من الحكومة المصرية.. وهو الأمر الذى لم يتم سابقاً، كما أنه من غير المعروف حتى الآن هل ستسارع الحكومة المصرية بتداركه أم لا؟!