السوق العربية المشتركة | «السوق العربية» تفتح ملف انسحاب شركة مرسيدس من مصر

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 10:48
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

«السوق العربية» تفتح ملف انسحاب شركة مرسيدس من مصر

شركة مرسيدس
شركة مرسيدس

بعد أن أعلنت شركة دايملر الألمانية للسيارات، الأسبوع الماضى، انسحابها من السوق المصرية، وخروجها من الشركة المصرية الألمانية للسيارات إجا الشهر المقبل، بسبب مخاوفها من توجه الحكومة لمزيد من التخفيضات على الرسوم الجمركية لواردات السيارات، وحمّل حمدى عبدالعزيز، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات فى تصريحات سابقة، مسئولية خروج الشركة إلى ما سماه السياسات الحكومية غير المدروسة، المتعلقة بمناخ الاستثمار.



وأكد اللواء عفت عبدالعاطى، رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، فى بيان له أن قرار الشركة يرجع إلى التوقعات الخاصة بتوجه الحكومة لإجراء خفض جديد للرسوم الجمركية على الواردات بشكل أكبر، محذراً من تخارج مرتقب لماركات السيارات الصينية والكورية والألمانية واليابانية، خصوصاً الفارهة منها، والتى تدفع جمارك تتجاوز 135%، إضافة إلى 45% ضريبة مبيعات، ما يعنى أنها ستعجز عن منافسة السيارات الأقل سداداً للجمارك كـبيجو، ورينو، وأويو، وفولكس، التى سيشملها قرار خفض الجمارك.

وأوضح أن شركة دايلمر تجمع سيارات مرسيدس فى مصر، لتفادى الرسوم الجمركية المرتفعة، وتخشى استمرار انهيار مبيعاتها بعد دخول اتفاقية الشراكة المصرية- الأوروبية حيز التنفيذ، يناير الماضى، والذى يصل بالجمارك على السيارات الأوروبية إلى صفر% أوائل 2019.

وبخصوص انسحاب الشركة قال بعض خبراء الاقتصاد بمصر أن انسحاب شركة مرسيدس من السوق المصرى كان بعد قرار خفض الجمارك لأن أسعارها ستنخفض لتصل إلى عامة الشعب بعد أن كانت سيارة الصفوة.

وكشف الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، أن انسحاب مرسيدس من السوق المصرى بعد قرار خفض الجمارك على السيارات، يأتى لعدم قدرتها على المنافسة بأسعارها الحالية وسط انخفاض الأسعار الذى سيطرأ على السوق المصرى.

وأكد عبده، فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية المشتركة"، أن قرار خفض الجمارك سيخفض أسعار السيارات بدرجة كبيرة، ويتيح لكافة المواطنين المصريين شراءها بأسعار منخفضة من الخارج، ما سيعمل على زيادة التكدسات المرورية بالشوارع المصرية.

وتابع الخبير الاقتصادى، أن قرار خفض الجمارك على السيارات سيزيد من إيرادات وزارة المالية، ولكنه له أبعاد أخرى سيعمل على إبعاد المستثمرين من السوق المصرية، وزيادة عوادم السيارات وانتشار الأمراض، وازدحام الشوارع.

واختلف معه قليلا الدكتور حامد مرسى، استاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس، قائلًا: إن مصر بهذا القرار تنفذ اتفاقية الاتحاد الأوروبى التى نصت على تخفيض الجمارك حتى تصل إلى صفر.

وأضاف مرسى فى تصرح خاص لـ"السوق العربية المشتركة"، أن تخفيض الجمارك سيخفض أسعار السيارات لتصبح فى متناول المواطن العادى، لافتا إلى أن انسحاب مرسيدس من السوق المصرية يأتى فى ضوء عدم موافقتها على تخفيض أسعارها لتصبح فى قبضة المواطن العادى، بعدما كانت سيارة رجال الأعمال وصفوة المجتمع.

وكشف استاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس، أن قرار خفض الجمارك لا يعود على المالية المصرية بأى فائدة بل على العكس فإنه سيغير الموازنة العامة للدولة، لأنه سيقلل من الإيرادات الضريبية الموضوعة على الجمارك، وبالتالى يجب على المالية المصرية رفع ضريبة المبيعات لتعويض هذا العجز، لافتاً إلى أن منظمة التجارة العالمية تعطى مصر هذا الحق.

وكل هذا يعيدنا إلى الوراء للتعرف على اتفاقية الشراكة المصرية- الأوروبية، والتى بدأت مصر المباحثات فيها مع الاتحاد الأوروبى بشأن إبرام اتفاقية مشاركة فى عام 1995، وتم التوقيع على الاتفاقية فى 26 يناير 2001 تمهيدًا للتوقيع النهائى على الاتفاقية الذى تم فى 25 يونيو من العام ذاته، وصدق مجلس الشعب المصرى وبرلمانات الدول الأعضاء على الاتفاقية، ودخلت حيز التنفيذ فى منتصف عام 2004، ويتم بموجب هذه الاتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة خلال فترة انتقالية مدتها 12 عامًا من تاريخ دخول الاتفاقية حيز النفاذ.

وتسرى الاتفاقية لحين إنهاء أحد الطرفين لها عن طريق إخطار الطرف الآخر بذلك، ويوقف العمل بها بعد انقضاء 12 شهرًا من تاريخ الإخطار.

وتهدف الاتفاقية فى الأساس إلى توفير إطار ملائم لحوار سياسى يتيح تنمية علاقات سياسية وثيقة بين الطرفين، وتهيئة الظروف لتحرير متزايد للتجارة فى السلع والخدمات ورؤوس الأموال، وتدعيم تنمية علاقات اقتصادية واجتماعية متوازنة بين الطرفين من خلال الحوار والتعاون، والمساهمة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، وتشجيع التعاون الإقليمى من أجل ترسيخ التعايش السلمى والاستقرار الاقتصادى والسياسى، وتنمية التعاون فى المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك، وإنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأوروبى.

ويتم بمقتضى الاتفاق تحرير التجارة بين الطرفين من كل القيود الكمية والتعريفة الجمركية وفقًا لجداول سلعية وزمنية تم توضيحها فى الاتفاق.

كما يتم إعفاء السلع الصناعية الواردة من الاتحاد الأوروبى من الرسوم الجمركية وأى رسوم أخرى ذات أثر مماثل ودون أى قيود كمية أو قيود أخرى ذات أثر مماثل وذلك طبقًا للبرنامج الزمنى التالي:

- السلع المدرجة فى القائمة الأولى:

يتم إلغاء الرسوم الجمركية عليها تدريجيًا خلال 3 سنوات من تاريخ دخول الاتفاقية حيز النفاذ، وذلك بواقع تخفيض فى الرسوم الجمركية بنسب 25% عند دخول الاتفاقية حيز النفاذ، ثم 25% سنويًا بعد ذلك.

- السلع المدرجة فى القائمة الثانية:

يتم تخفيض الرسوم الجمركية تدريجياً عليها على النحو التالى: 10% بعد مضى 3 سنوات من دخول الاتفاقية حيز النفاذ، ثم يتم تخفيض سنوى بعد ذلك بنسبة 15% لمدة 6 سنوات حتى يتم الإلغاء الكامل.

- السلع المدرجة فى القائمة الثالثة:

يتم تخفيض الرسوم الجمركية عليها تدريجيًا على النحو التالى: 5% بعد مضى 5 سنوات من دخول الاتفاقية حيز النفاذ، ثم يتم تخفيض نسبة 10% فى السنة التالية، بعد ذلك يتم تخفيض سنوى بنسبة 15% لمدة خمس سنوات، ونسبة 10% فى السنة الأخيرة.

- السلع المدرجة فى القائمة الرابعة:

يتم تخفيض الرسوم الجمركية عليها تدريجيًا بعد مرور 6 سنوات من دخول الاتفاقية حيز النفاذ بنسبة 10 % سنويًا حتى يتم إلغاؤها بالكامل، وتشمل البنود الجمركية لبعض أنواع العربات.

ويتم إعفاء الصادرات المصرية لدول الاتحاد الأوروبى من السلع الصناعية من الرسوم الجمركية وأى رسوم أخرى ذات إثر مماثل وذلك فور دخول الاتفاقية حيز النفاذ.

فيما تم الاتفاق على حصص للسلع الزراعية لكل من مصر والاتحاد الأوروبى يتم إعفاؤها من الرسوم الجمركية، ويتم منح تخفيضات جمركية للكميات التى يتم تصديرها لبعض تلك السلع زيادة عن تلك الحصص المقررة.

ويتم إلغاء الرسوم الجمركية على صادرات الاتحاد الأوروبى من المنتجات الزراعية أو خفضها، بالنسبة لمنتجات معينة يتم إلغاء الرسوم الجمركية أو خفضها فى حدود الحصص التعريفية المدرجة.

وتخضع المنتجات الزراعية التى تستخدم فى إنتاج سلع زراعية لإجراءات السياسة الزراعية المشتركة، وذلك بهدف المحافظة على أسعار داخلية أعلى من معدلات الأسعار السائدة فى الأسواق العالمية (خاصة الغلال والأرز والسكر ومنتجات الألبان).

وبخصوص هذه الاتفاقية قال الدكتور علاء عز، أمين عام اتحاد الغرف التجارية: هذه الاتفاقية تعود على مصر بعدة مزايا أهمها ان مصر قفزت بصادراتها من 5 تعريفة إلى 30 مليارا تقريبا، ودخول استثمارات لمصر بـ12 مليار سنويا وتحولت مصر إلى سوق 1.6 مليار مستهلك، وتصدر للاتحاد الاوروبى والدول العربية فى اتفاقية الدول العربية. وللكومسيا، وكل هذا أدى إلى حصول مصر فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ إلى استثمرات بحولى 18 مليار دولار.

وأضاف عز، لـ"السوق العربية المشتركة": "كانت هذه الاتفاقية اول اتفاقية تجارة حرة فى العالم، وفى السنوات الماضية تطورت صناعات كثيرة فى مصر وأثبتنا أننا ننافس بشكل كبير مع دول اوروبا".

وتابع عز: "الجماركة الموقعة على السيارات كانت أكثر من 135%، وتم تخفيضها إلى 70% وهذا على مدار العشر سنوات الماضية، وكلما كانت العربية فارهة تزداد التكاليف فيها بسبب التكنولوجيا الموضوعة فيها وتصنيعها فى مصر غير اقتصادى بالمرة، ولكن كان ما يعوض كل هذا الحماية الجمركية وبما اننا مقبلون على المرحلة النهائية من اتفاقية الشراكة الاوروبية، وكان آخر بند مؤجل يخص بند السيارات".

ونوه بأن الاتحاد الاوربى فتح اسواقة بالكامل بـ0% جمارك لكل المنتجات الصناعية المصرية عند توقيع الاتفاقية ومصر فتحتها بالتدريج، وهذه ميزة إضافية لمصر فى اتفاقية الشراكة.

لم يختلف مع "عز" فى الرأى كثيرا الدكتور صلاح العمروسى، الخبير الاقتصادى، الذى أكد أن "مصر بدأت فى التحرير الجمركى بالمواد الخام، واخر بند كان السيارات لأن مصر طلبت تأجيله سنتين، والميزة من تصنيع منتج محلى هو تحفيز مصر لكى تصدر للعالم كله صادراتها"

واضاف العمروسى لـ"السوق العربية المشتركة": "محصلة هذه الاتفاقية ان القطاعات الذى يكون فيها ميزة تنافسية تنمو بشكل كبير، وحجم الاستثمارات والصادرات فى مصر يزيد أيضا، وهناك قطاعات فى مصر تنافس فيها بشكل كبير للغاية كالملابس الجاهزة وصناعة السيارت الكبيرة والاوتوبيسات".

وعلق العمروسى: "كان ينبغى على المصنع المصرى أن يطلب من الشركات الأجنبية تصنيع بعض المحتويات التى تستخدمها ففى ظل إغلاق التصنيع كما يحدث الآن كان سيحافظ على استمرار، ونهوض الصناعات المكملة والتى نعانى منها تأخرا حادا فى الوقت الحالى، مضيفاً أن الإنتاج المحلى قليل للغاية لاقتصاره على السوق المحلى فقط وكان ينبغى أن يتم الاتفاق أثناء توقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية على تصنيع بعض المكونات بنسبة 30% وتصديرها للشركة الأم كما حدث فى التجربة التونسية التى لاقت نجاحا كبيرا".

وبالرجوع مرة أخرى لهذه الاتفاقية نرى أن بعد توقيع مصر هذه الاتفاقية خصوصا فى مجال السيارات وفتح الاستثمارات مع الغرب نجحت مصر فى الحصول على حق تصنيع السيارات المحلية على أراضيها، وذلك بعدما اعتمدت عدد من الشركات العالمية على مصر فى تصنيع منتجاتها محليًا وبأيدٍ مصرية.

وحصلت شركة "هيونداى" على النسبة الأكبر من التصنيع المحلى والبيع فى مصر، ووصلت نسبة إنتاجها فى مصر إلى 2107 سيارة تم تصنيعها خلال عام 2014، وتم بيع 2114 سيارة منها صُنعت خلال عامى 2013/2014، وذلك وفقًا لمجلس معلومات السيارات فى مصر.

فيما جاء فى المرتبة الثانية من حيث التصنيع والبيع فى مصر شركة "شيفروليه" بجميع منتجاتها، وتم فى مصر تجميع 1789 سيارة، بيع منها 1343 على مدار العام بأكمله، أما عن المرتبة الثالثة، فجاءت شركة نيسان، بعدما نجحت فى تصنيع 1241 سيارة فى 2014، بيع 1791 منها خلال عامى 2013-2014.

وفى المرتبة الرابعة، تربعت عليها شركة "اسبيرانزا"، والتى نجحت فى تصنيع 670 سيارة على مدار العام، وباعت 362 سيارة منها، تاركة المرتبة الخامسة لـ"بى إم دابليو"، التى نجحت فى تصنيع 214 سيارة، وباعت 159 منها. أما عن المرتبة السادسة، حصلت عليها "جيب" بعدما نجحت فى تصنيع 178 سيارة، باعت منها 93 على مدار العام، بينما جاءت فى المرتبة السابعة سيارة "جيلى غبور"، وذلك بعدما صنعت 142 سيارة فى 2014، وباعت 1240 سيارة تم تصنيعها ما بين عامى 2013-2014، وتربعت شركة تويوتا على المرتبة الثامنة، واحتلتها بنسبة تصنيع 123 سيارة، نجحت فى بيع 99 سيارة منها، بينما جاءت السيارات الأخرى كالمرسيدس والكرايسلر فى نهاية الإحصائية.

والسؤال هنا هل من الممكن أن جميع الشركات العالمية لتصنيع السيارت سوف تتخذ نهج شركة مرسيدس أم لا؟ فكل هذا سوف يتضح لنا خلال الأيام القليلة القادمة لمعرفة نتائج انسحاب شركة مرسيدس من السوق المصرية وهل هذا الانسحاب له فوائد أم سلبيات.