الثروة الداجنة «بروتين الغلابة» تشكو الإهمال
استثمارات بـ30 مليار جنيه أغلبها خارج السيطرة
تعد الثروة الداجنة فى مصر من الأهمية بمكان لا يمكن الاستغناء عنها وهى من الصناعات الهامة والقوية التى وصل حجم الاستثمارات فيها إلى 30 مليار جنيه وترجع النشأة التاريخية لصناعة الدواجن إلى عام 1964 والتى اتخذت فيها صناعة الدواجن شكلا منتظما لأول مرة وكان يتم استيراد جميع المدخلات من الخارج حتى تم تشكيل لجنة لوضع استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الدواجن والبيض مع بداية التسعينيات وتم وضع خطوط عريضة لهذه الصناعة والتى تتكون من عدة حلقات تبدأ بالأصول ثم الجدود والأمهات، وتطورت الصناعة حتى أصبح استيرادنا من الخارج يعتمد على الحلقة الأولى ورغم كل ما تعانيه من مشكلات منذ فترة كبيرة إلا أن جهود الحكومات المختلفة لا تتوقف أبدا فى محاولات جادة للارتقاء بهذه الثروة الهامة والتغلب على معظم المشكلات التى تواجهها، وتتنوع المشكلات التى تعانى منها الثروة الداجنة فى مصر وأخطرها على الإطلاق هو انتشار الأمراض الوبائية فى فصل الشتاء وأيضا ارتفاع أسعار الأعلاف فى الوقت الذى يغيب فيه احيانا عن المسئولين وضع خطط جادة واتخاذ خطوات محددة لحماية تلك الثروة الهامة.
من جانبه قال مهندس أبوالمجد ماضى من كبار مربى الدواجن وعضو الغرفة التجارية للدواجن أن صناعة الدواجن تساهم بنسبة 35% فى الدخل القومى مع الحيوانات الكبيرة وتستوعب أعداد كبيرة من العمالة تصل إلى 2 مليون عامل فى جميع حلقات الصناعة أى نحو 8 ملايين فرد يتعيشون من هذه الصناعة بما يعادل 7% من سكان مصر، وكانت بداية صناعة الدواجن عشوائية إلى حد ما حتى انتظمت ثم تطورت الصناعة حتى أصبح استيرادنا يعتمد على استيراد الجدود لإنتاج اللحم وأمهات البياض لإنتاج بيض المائدة وأصبحنا فقط نستورد 240 ألف جدة سنويا لإنتاج اللحم وهناك أكثر من 7 شركات لإنتاج الجدود لديها عدد من السلالات كما لدينا أكثر من 135 شركة ومزرعة متخصصة فى إنتاج الأمهات من حلقة الجدود وأصبحنا ننتج سنويا 8 ملايين أم ونستورد فى حدود 1.5 إلى 2مليون ليصبح لدينا 10 ملايين أم تنتج مليار كتكوت تسمين عمر يوم تصل من 800 إلى 850 مليون طائر تسمين بعد خصم نسبة النفوق بخلاف الإنتاج الريفى الذى يمثل من 25 إلى 30% من الإنتاج التجارى.
وأضاف أبوالمجد، أن قطاع الدواجن هو القطاع الزراعى الحيوانى الوحيد الذى استطاع تحقيق الاكتفاء الذاتى قبل عام 2006 وقد شهدت الفترة من 2002 إلى 2006 تصدير من 12 إلى 15% وهى فائض الإنتاج المحلى إلى بعض الدول الإفريقية ودول الخليج من الأمهات والبياض إلى أن ظهرت انفلونزا الطيور عام 2006 فتوقف التصدير حتى الآن ولكن هناك مساعى حالية بالاتفاق مع منظمة الصحة الحيوانية على السماح لبعض الشركات بالتصدير من المناطق التى لم يظهر فيها انفلونزا الطيور، مشيرا إلى أن الميزات النسبية للدواجن التى مازالت أرخص مصادر البروتين الحيوانى فى مصر وكذلك الأقل فى استهلاك العلف بعد الأسماك “2كيلو علف تعطى 1 كيلو لحم” كما أنها لا تحتاج مساحات كبيرة من الأراضى أو المياه مقارنة باللحوم والأسماك، وإذا كان إنتاج كيلو من اللحوم الحمراء يحتاج 6 لترات ماء فإن إنتاج كيلو من لحوم الدواجن يحتاج 2.8 لتر ماء فقط كما إننا لن نستطيع التوسع فى إنتاج اللحوم الحمراء لعدم وجود مساحات وسلالات جيدة ووفرة مائية، كما أن حلقات الصناعة كلها متوافرة وكذلك معامل التفريخ والتى تصل طاقتها لـمليار و250 مليون بيضة فى السنة خلاف المعامل البلدية والسلالات المحلية. وعن المشكلات صناعة الدواجن فى مصر أكد أبوالمجد أيضا أن المميزات التى ذكرتها سابقا تمنع وجود بعض المشاكل التى تواجه صناعة الدواجن تتمثل بعض الأمراض الوبائية التى نحاول التغلب عليها والتى تحتاج لجهود لتحضير فاكسينات من الفيروسات المعزولة محليا ذات جودة تمكننا من الاستغناء عن اللقاحات المستوردة. وكذلك عدم توافر خامات الأعلاف حيث نستورد نحو 5ملايين طن سنويا من الذرة الصفراء و30% من هذه الكمية من كسب فول الصويا “تمثل الذرة وكسب فول الصويا 90% من الاحتياجات الغذائية للدواجن” ولا يخفى على الجميع أن هذه السلع أصبحت سلعا استراتيجية سياسية وتخضع للأسعار العالمية والظروف الجوية لهذه الدول، وأن هناك جهودا حالية لتشجيع زراعة الذرة فى مصر بالتعاون مع وزارة الزراعة حيث تم الاتفاق على توريد الذرة بـ300 جنيه للأردب وقد التزمنا منذ العام الماضى بهذه الأسعار رغم انخفاض الأسعار العالمية لتشجيع المزارعين، وقد ساعد هذا فى خفض مساحات الأرز لصالح الذرة التى وصلت لـ2مليون فدان ولكن هذا يحتاج لتوافر تقاوى هجن عالية الإنتاجية والاهتمام بالإرشاد الزراعى الذى أصبح غير مؤثر فى مصر، وأيضا هناك المزارع العشوائية وهناك جهود حكومية لنقل مزارع الدواجن التى زحفت عليها الكتلة السكنية خارج الدلتا ولكن من المهم توفير البنية الأساسية ولو على حساب المستثمر حيث لا توجد حتى الآن طرق أو كهرباء أو مياه فى هذه المناطق وجدير بالذكر أن المزارع الكبيرة لا تمثل سوى 10% من الإنتاج فى مصر.
يقول الحاج عصام بدران صاحب مزرعة دواجن، أن من اكبر المشكلات التى تواجهنا هو الارتفاع الحاد فى أسعار الأعلاف والتى زادت بمعدل 12% عن العام الماضى أدت إلى ارتفاع قيمة الدواجن حتى يتمكنوا من استعادة هامش الربح، حيث كانت الأعلاف تباع العام الماضى بـ125 جنيها للشيكارة، وللأسف أصبحت اليوم تباع بـ175 جنيها وفى بعض الأحيان تباع بـ200 جنيه الأمر الذى يجعل المزارع مهددة دائما، وكما يعلم الجميع أسعار الأعلاف تشكل أساسا فى صناعة الدواجن وتقوم صناعة الدواجن عليها وتؤثر عليها بالتالى بشكل مباشر، ولذلك يجب الاهتمام بمشكلة ارتفاع سعر العلف فالزيادة المستمرة فى أسعار الذرة الصفراء وفول الصويا تؤدى إلى حدوث بعض المشاكل مثل انخفاض ربحية مشاريع التسمين الحيوانى والداجنى لأن تكلفة التغذية تفوق 75% من التكلفة الكلية مما احدث خسائر عند بعض المربين واستخدام رغيف العيش المدعم فى تغذية الحيوان والطيور المنزلية مما يحدث أزمة.
وأضاف رزق الكومى أن الحل لتلك المشكلة الكبيرة هو إنتاج أعلاف رخيصة الثمن «اقتصادية» غير تقليدية ذات جودة عالية تؤدى دور الأعلاف العادية فى التغذية إن لم تكن أفضل وذلك عن طريق تخفيض نسب الذرة الصفراء وفول الصويا فى العلائق إلى أدنى مستوى وإحلال مكونات أخرى فى العلائق بدلاً منها، أيضا أحب أن أنوه إلى مشكلة كبيرة واجهتنا من فترة كبيرة وهى انقطاع التيار الكهربائى وهو ما كان يؤدى إلى خسائر كبيرة وإن كانت بدأت تتلاشى خلال الأيام الماضية إلا انه ومع قدوم فصل الصيف أحيانا ما يؤدى إلى وقوع العديد من الأزمات بنفوق الدواجن بكيمات كبيرة تصل إلى 500 فرخة فى المرة الواحدة، بشكل عام يجب أن تكون هناك حلول جذرية لحل مشكلات الكهرباء والأعلاف حتى نتمكن من الإنتاج وإلا سنتعرض للخسارة الفادحة.
أضاف عصمت منير تاجر دواجن، أن ارتفاع أسعار شراء الدواجن من المزارع يؤثر علينا بشكل مؤلم حتى يصل بنا أحيانا للتوقف عن الشراء والبيع بسبب غلاء الأسعار، فانا كنت أشترى الدواجن من المزارع الكيلو بـ12 جنيها ودائما ما كنت أبيع بزيادة جنيه واحد لكل كيلو، لكن مع ارتفاع الأسعار من المزارع والتى وصلت إلى 16 جنيها للكيلو لم أتمكن من الشراء أو البيع للمواطنين خاصة أن إقبالهم على الدواجن قل بصورة كبيرة، ونحن كتجار تجزئة نعتبر نقطة التماس بين المواطنين وبين المزارع ونظرا لارتفاع الأسعار والخسائر التى نتعرض لها أحيانا نحاول التناسق بشكل دائم مع حالة السوق العامة فاللحمة مثلا وصلت لـ70 جنيها للكيلو ولم يتحرك ساكن فلم دائما يلقى البعض اللوم علينا عند ارتفاع أسعار الفراخ.
وأضاف عادل العمدة أنا مرتبط بأسعار المزارع وكلما زادت اضطر إلى رفع الأسعار وهو ما لا استطيع التصرف فيه ويجب على المسئولين أن يضعوا حدا لهذا الأمر ويكون أكثر تنظيما، أيضا أحيانا يكون السبب فى ارتفاع الأسعار أن المزارع ليس بها دواجن بسبب بعض الأمراض وبسبب نقص المعروض عن المطلوب فأصبحت العملية عرضا وطلبا، وأرفض اتهامنا بالجشع فنحن علينا التزامات ومصاريف نتكبدها، ونحن نفتح المحل لكى نربح وبشكل معقول، فإيجار المحل مثلا يصل إلى ألف جنيه وهناك ضرائب وكهرباء ومصاريف نقل وأجور عمالة ونبيع الدواجن بسعر يختلف من يوم لآخر.
من جانبه قال طلعت مدكور مواطن، أن أسعار الدواجن فى الأسواق مازالت مرتفعة فسعر كيلو الدجاج الأبيض الحى يتراوح بين 17 و19 جنيها ويختلف السعر بين يوم وآخر فقد يزيد نصف جنيه، أو يقل فى المحال، وأيضا يتفاوت السعر من محل لآخر بنفس المعدل تقريبا، وحينما نقول لصاحب المحل أن السعر مرتفع يعلل ذلك بارتفاع أسعار كل شىء ومنها مصاريف النقل وأنه يخسر وتصادر بضاعته بسبب مطاردة المحليات له ويحاول أن يعوض هذه الخسارة فيحملها على البضاعة، ورغم اننا لا نحب شراء الدواجن المجمدة لكننى ذهبت للسوبر ماركت فوجدت سعر الدجاجة يتجاوز الـ25 جنيها.
أيضا تقول الحاجة منال عبدالعظيم ربة منزل أشترى الدواجن من المحل بسعر18 جنيها للكيلو ولو الدجاجة وزنها كيلو ونصف سيكون ثمنها27 جنيها، وبعد تنظيفها سيتقلص الوزن، ولا يحق للزبون أن يسأل عن سبب ارتفاع سعر أى سلعة لأن البائع سيرد قائلا الأسعار العالمية مرتفعة وكأنها نغمة فى فم الجميع من أكبر مسئول حتى أصغر بائع، وحتى الآن لا يقدم المسئولون شيئا من أجل المستهلك.. فأين هى المجازر التى تقدم الدجاج المذبوح بسعر معقول؟ هل هى كافية؟ وقريبة من الناس فى كل المناطق؟ ولكن للأمانة لاحظنا انخفاضا فى الفترة الأخيرة فى أسعار الدواجن خاصة عقب أعياد الإخوة الأقباط وبداية دخول الصيف ونتمنى ألا تزيد مع اقتراب شهر رمضان وتستمر حملات التموين لضبط الأسعار