مشروع قومى للقضاء على أزمات تداول المواد البترولية بين محافظات مصر
باستثمارات 5.3 مليار جنيه
يعد النفط حاليا هو السلعة الأغلى فى العالم كله، بل وأصبح معظم اقتصاد الدول يقوم بالأساس على ارتفاع وانخفاض أسعاره، بل وقامت الحروب والنزاعات من أجل الحصول عليه والسيطرة على المناطق الغنية به، وكما نعرف أن النفط غالبا ما يكون العثور عليه فى مناطق نائية وبعيدة، ليس فقط عن معالم العمران المأهولة بالسكان، بل وحتى عن موانئ التصدير ومراكز الاستهلاك الرئيسية، ولعل ظاهرة اكتشاف آبار النفط الخام فى حقول نائية وبعيدة عن العمران أثرها الفعال على اعتبار نقل وتداول هذه المنتجات عملية أساسية فى إنتاج البترول بشكل عام، فبمجرد التفكير فى استخراج البترول من باطن الأرض يتوجب تهيئة الوسيلة لنقلها عبر مسافات طويلة ليصار إلى تسويقها وتوزيعها على مختلف المراكز الاستهلاكية سواء محافظات أو شركات كما فى مصر، ولربما كانت عملية نقل المواد البترولية من مكان إلى آخر من أكثر الأمور تعقيدا وأكثرها خطرا، وسر الخطورة يكمن فى طبيعة هذه المادة، سواء كانت من النفط الخام المستخرج مباشرة من الآبار المكتشفة أم من المنتجات البترولية البيضاء الناتجة عن أعمال التكرير والتصفية، ومن المعلوم أن الكميات البترولية تتدفق عند استخراجها بشكل سوائل قابلة للالتهاب السريع، ما يستدعى الحذر الشديد، ويتطلب القيام فوراً بانشاء مواعين باحجام كبيرة تستخدم لأغراض التخزين الأولى ريثما تتم عملية النقل.
وهناك ثلاث وسائل لنقل النفط الخام من مصادره، ولعل أهمها النقل بواسطة خطوط الأنابيب. وتعتبر الأنابيب من أهم هذه الوسائل نظراً لما تؤمنه من مرونة فى سرعة الحركة وقدرتها على نقل المواد البترولية بشكل متواصل عبر عشرات المئات من الكيلومترات، وتضمن، فى الوقت نفسه، وصول هذه المواد إلى المصافى وإلى مراكز الاستهلاك بسرعة وبأقل التكاليف. ومن الجدير ذكره أن هذا النوع من الأنابيب باستطاعته نقل ملايين الأطنان من النفط الخام من حقول البترول وآبارها ومن المصافى ومعامل التكرير كمنتجات بيضاء إلى مراكز التصدير الرئيسة ليصار إلى توزيعها على المراكز الاستهلاكية المختلفة فى كل ارجاء المحافظات، وأيضا هناك ناقلات البترول العملاقة وهى تكمل عملية النقل بواسطة الأنابيب، خصوصاً إلى المناطق البعيدة التى لا تصلها الأنابيب. وتستخدم فى هذه الوسيلة الناقلات البترولية العملاقة التى تبحر فى رحلات بحيرية منتظمة بين مرافئ التصديرومرافئ الاستقبال فى البلدان المستهلكة. وغالباً ما يبدأ استخدام الناقلات عند مصب الأنابيب، أى فى موانئ التصدير ومراكز التكرير، حيث تخزن كميات كبيرة من المواد البترولية بنوعيها الخام والمكرر لغايات الاستهلاك الخارجى، وتأتى اخيراً عمليات النقل بواسطة صهاريج الخطوط الحديد وصهاريج السيارت لتكمل ما قامت به الناقلات البحرية العملاقة من نقل للخام أو للبترول المكرر. وهذه الوسيلة على جانب كبير من الأهمية بالنظر لأنها الوسيلة الوحيدة التى تستطيع أن تدخل المنتجات النفطية إلى اصغر وحدة استهلاكية فى اى بلدة أو قرية. وكل انواع التوزيع والتسويق للمنتجات البترولية داخل المدن وخارجها تتم بواسطة الكميات المنقولة بالصهاريج الحديدية وصهاريج الشاحنات الكبيرة.
كل ما ذكرناه من أهمية قصوى وأساسية لنقل المواد البترولية والأساليب المتبعة لذلك جعل قطاع البترول فى مصر والمسئولين عنه فى العمل خلال الفترة الماضية على تطوير نقل المنتجات البترولية المختلفة إلى المحافظات والقرى والمراكز المختلفة وأيضا محطات الكهرباء، والعمل على مشروع قومى كبير لتطوير عمليات التداول وتسهيلها للمساهمة بشكل أكبر فى حل أزمات الطاقة فى مصر، وبعد الجهود الشاقة والعمل الدؤوب أعلنت وزارة البترول عن مشروعها القومى الذى يجرى تنفيذه باستثمارات 5.3 مليار جنيه تستهدف القضاء على أى اختناقات أو أزمات فى نقل وتداول المواد البترولية بين محافظات الجمهورية إلى جانب ضمان سهولة إمداد محطات الكهرباء بتلك المواد ضمانا لانتظام التيار الكهربائى، والخطة شملت ثلاثة محاور من مشروعات جديدة يجرى العمل فيها وإكمالها خلال الفترة القادمة، ومشروعات قائمة بالفعل وسيعمل القطاع على تحسن كفاءتها ورفع قدراتها، وأيضا إنشاء خطوط أنابيب جديدة.
من جانبه قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس شريف إسماعيل، أن الثلاثة محاور التى يقوم عليها المشروع، أولا مشروعات جديدة يجرى العمل بها بالفعل حاليا لتطوير البنية التحتية لقطاع نقل وتداول المنتجات البترولية تشمل تنفيذ خط لنقل المازوت من ميناء العين السخنة إلى منطقة التبين باستثمارات 1.3 مليار جنيه، ثم إلى محطة كهرباء جنوب حلوان باستثمارات 215 مليون جنيه، وهو ما يسهم فى ضمان انتظام المحطة فى العمل وعدم انقطاع التيار عن المناطق التى تخدمها المحطة بالقاهرة، والمشروعات تشمل أيضا إنشاء خط لنقل المواد البترولية بين العين السخنة والحفاير بطول 30 كيلومترا واستثمارات 150 مليون جنيه، وإنشاء خط جديد لنقل السولار من معمل ميدور بقطر 20 بوصة وطول 14 كيلومترا باستثمارات 53 مليون جنيه إلى جانب البدء فى تنفيذ المرحلة الثالثة لتطوير محطة طلبات تدفيع خام الصحراء باستثمارات 88 مليون جنيه وتشمل المرحلة ازدواج خط الحمراء- سيدى كرير.
وأوضح الوزير إن المحور الثانى للخطة يستهدف رفع كفاءة عدد من المشروعات القائمة بالفعل من خلال تطويرها وإحلال الخطوط وهى تشمل مشروع رفع كفاءة خط نقل المازوت لتغذية محطة كهرباء التبين باستثمارات 7.5 مليون جنيه وخط نقل المنتجات البترولية بين مسطرد والتبين بطول 4.5 كيلومتر باستثمارات 13.5 مليون جنيه، ويشمل أيضا رفع كفاءة خط نقل الأزوت الغذى لحطة أبو قير بطول 25 كيلومترا باستثمارات 56 مليون جنيه، إلى جانب العمل على ازدواج خط نقل النتجات البترولية الممتد من طنطا إلى بنها بطول 52 كيلومترا باستثمارات 150 مليون جنيه وإحلال وتجديد ورفع كفاءة خط شقير- مسطرد بطول 25 كيلومترا، وإحلال وتجديد خط السويس- مسطرد باستثمارات 250 مليون جنيه.
وأشار إسماعيل إلى المحور الثالث للخطة والذى يتضمن عددا من المشروعات المخطط البدء فى تنفيذها خلال السنوات الثلاث المقبلة باستثمارات إجمالية تقدر بنحو 2.9 مليار جنيه، حيث تشمل إنشاء وتشغيل خط لنقل البنزين والسولار لمحافظات سوهاج وقنا والأقصر وأسوان باستثمارات 1.8 مليار جنيه وإنشاء خط جديد لنقل غاز البوتاجاز بين محافظتى أسيوط وسوهاج بطول 110 كيلومترات وبطاقة نقل 1500 طن يوميا، باستثمارات تقدر بنحو 250 مليون جنيه مع رفع كفاءة خط نقل وتسليم البوتاجاز بين منطقة شقير وأسيوط باستثمارات 275 مليون جنيه.
وقال الوزير إن من المشروعات المخطط بدأ تنفيذها أيضا ازدواج خط أبوقير- دمنهور- طنطا بطول 110 كيلومترات وخط بنها- مسطرد بطول 35 كيلومترا، ويشمل تركيب فرنين للتسخين باستثمارات 500 مليون جنيه، وربط محور السويس- الإسكندرية لنقل البوتاجاز بالشبكة القومية الموحدة باستثمارات 110 ملايين جنيه.
من جانبه قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول الأسبق، أن البدء فى خطة جديدة لتحسين وتطوير تداول المنتجات البترولية فى مصر تأتى حرصاً على الاستفادة من استخدام هذه مختلف المواد البترولية فى شتى الميادين الصناعية وغيرها من المجالات وتسهيل وصولها بدقة وانتظام إلى جميع المحافظات والقرى ومراكز التوزيع، وأيضا حرصا على تأمين سلامة وصولها بالسرعة الممكنة بغية ضمان استمرار وصولها إلى المواطنين بشكل مستمر دون تأخر، ولهذا كان لا بد من التفكير فى القيام بعدة مشروعات جديدة بجانب تطوير المشروعات القائمة، وتمخض هذا التفكير عن إعلان قطاع البترول عن الخطة القومية الجديدة لتطوير وسائل نقل وتداول المنتجات البترولية حتى تكون وسائل عديدة ومتنوعة تعنى كلها بعمليات النقل لجميع المنتجات البترولية، غير أن الضغط الشديد المتواصل على طلب المواد البترولية من المواطنين أو مراكز الاستهلاك أو محطات الكهرباء بكميات كبيرة فى كل أنحاء مصر، أبرز أهمية هذه المشروعات وضرورة تنفيذها خلال الفترة القادمة.
وأضاف يوسف، أن أهم ما يميز هذا المشروع القومى العملاق تأسيسة على ثلاثة محاور مهمة، الاهتمام فعليا بالمشروعات القائمة والعمل على تحسينها والنهوض بمستواها ورفع كفاءتها وهذا مطلوب جدا فليس من المعقول أن نبدأ فى القيام بمشروعات جديدة وتظل المشروعات القائمة دون تطوير وتحسين، أيضا القيام بمشروعات جديدة لخدمة المواطنين فى نقل وتداول المواد البترولية المختلفة وبالأخص نقلها إلى محطات الكهرباء للحفاظ على عدم انقطاع التيار الكهربائى لنقص المواد البترولية، وهناك أيضا وهو ما أراه الأهم فى المشروع الجديد إنشاء وتشغيل خط لنقل البنزين والسولار لمحافظات سوهاج وقنا والأقصر وأسوان باستثمارات 1.8 مليار جنيه وإنشاء خط جديد لنقل غاز البوتاجاز بين محافظتى أسيوط وسوهاج بطول 110 كيلومترات وبطاقة نقل 1500 طن يوميا، باستثمارات تقدر بنحو 250 مليون جنيه مع رفع كفاءة خط نقل وتسليم البوتاجاز بين منطقة شقير وأسيوط باستثمارات 275 مليون جنيه، وهو ما يعكس الاهتمام بمحافظات الصعيد ومتطلبات السكان هناك وبالأخص أنها تعانى من أزمات مستمرة فى البوتاجاز والسولار منذ فترة، وهذه الخطوط الجديدة ستكون بمثابة حل جديد لأزمات البترول فى الصعيد.