السوق العربية المشتركة | مصر تبدأ حلمها النووى بإقامة 4 مفاعلات جديدة بالتعاون مع روسيا.. والخبراء يؤكدون: الطاقة النووية مستقبل مصر

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 18:31
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

مصر تبدأ حلمها النووى بإقامة 4 مفاعلات جديدة بالتعاون مع روسيا.. والخبراء يؤكدون: الطاقة النووية مستقبل مصر

مصر تبدأ حلمها النووى بإقامة 4 مفاعلات جديدة بالتعاون مع روسيا
مصر تبدأ حلمها النووى بإقامة 4 مفاعلات جديدة بالتعاون مع روسيا

كانت مصر من أوائل الدول فى إفريقيا والشرق الأوسط التى خاضت تجربة امتلاك محطات نووية، وقد بدأ البرنامج النووى المصرى كمشروع فى نفس الوقت الذى بدأت فيه الهند مشروعها النووى. وكان المشروعان المصرى والهندى بمثابة توأمين ترعاهما علاقة وثيقة، وقد نجحت الهند فى تصنيع محطة نووية باكملها دون مصر وأصبحت من أعضاء النادى النووى ولديها أكثر من 30 قنبلة نووية، وقد مرت مصر بثلاث فرص حقيقية لتنفيذ برنامجها النووى الذى لا يزال يتطور حتى الآن، إلا أن المتغيرات من الظروف السياسية والاقتصادية تسببت دائما فى توقف أو بطء البرنامج النووى المصرى، وقد كانت مصر من أوائل الدول النامية والتى فطنت منذ بداية الستينيات إلى أهمية أن يكون لها برنامج نووى يعنى باستخدام الطاقة فى هذا المجال، وفى عام 1963 بدأ الاهتمام الإسرائيلى بالطاقة النووية لأغراض غير سلمية، ولتحقيق قدر من التوازن مع جهود إسرائيل فى هذا المجال، وبدأ بعد ذلك اهتمام مصرى بإنشاء أول محطة نووية تقرر اقامتها فى منطقة سيدى كرير بعد دراسة عدد من المواقع البديلة فى أنشاص ومديرية التحرير لتوليد 150 ميجاوات، لتكون أول محطة فى العالم ذات استخدام مزدوج تعمل لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر بطاقة تعمل بمعدل 20 ألف متر مكعب فى اليوم، غير أن حرب 1967 قطعت الطريق على إنشاء محطة سيدى كرير بعد أن رسا عقدها على أكبر الشركات الأمريكية العاملة فى بناء المحطات النووية، بعد ذلك أعادت مصر التفكير مرة ثانية فى إحياء برنامجها النووى بعد حرب 1973 وذلك بعد دراسات أكدت ضعف احتياطيات البترول، فتقرر إقامة 8 محطات نووية تغطى احتياجات مصر المستقبلية من الطاقة وتعوض نقص احتياطياتها البترولية وعلى هذا الأساس وقعت مصر اتفاقا مع لجنة الطاقة النووية الأمريكية لتوفير خدمات إثراء الوقود النووى اللازم للمحطة، كما صدر قرار جمهورى بإنشاء هيئة المحطات النووية للإشراف على بناء المحطة، وقرار آخر بتخصيص 50 كيلومترا مربعا على ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول 15 كم وعمق 3 كم فى منطقة الضبعة لبناء المحطة والتى كان قد رسا عقدها على الشركة الأمريكية ذاتها التى كلفت بدراسة إنشاء المحطة قبل حرب 67، وخلال زيارة الرئيس الأمريكى نيكسون إلى مصر أعلن موافقة الولايات المتحدة على تزويد مصر بمحطتين نوويتين تصل قدرتهما إلى 1800 ميجاوات، وفى عام 1978 أجرت الهند أول تفجير نووى اختبارا لقنبلتها النووية الأولى التى فاجأت العالم، وفى تلك الأثناء تم التوقيع على معاهدت حظر انتشار الأسلحة النووية التى كان من ضمن شروطها إخضاع المحطات النووية للتفتيش من طرف الدول العظمى للتأكد من سلمية المحطات، وعندها اشترطت الولايات المتحدة على الرئيس السادات ضرورة أن تصدق مصر على المعاهدة التى كانت قد وقعتها وتقبل بإخضاع أنشطتها النووية لرقابة الوكالة الدولية، رفض السادات الشرط الأمريكى وأصر على امتناع مصر عن التصديق على المعاهدة ما لم تف أمريكا بوعودها السابقة وتلزم إسرائيل بالانضمام إلى المعاهدة، ووجه موقف السادات هذا ضربة قوية إلى المشروع ما أدى إلى إجهاضه، وفى فبراير 1981 ألح خبراء الطاقة فى مصر فى وزارتى البترول والكهرباء على الرئيس السادات بإزالة العراقيل من أمام البرنامج النووى المصرى الذى تم تطويره بحيث يهدف إلى إنشاء ثمانى محطات نووية قدرة كل منها ألف ميجاوات ويبدأ بتنفيذ محطتين فى منطقة الضبعة التى تم اختيارها بعد دراسة 12 موقعا بديلا على امتداد البحر الأحمر جنوبا حتى الغردقة وعلى امتداد الساحل الشمالى من رشيد إلى السلوم، ثم نشطت مصر مرة أخرى من أجل تعديل اتفاقيتها مع زارة الطاقة الأمريكية لرفع حصة إثراء اليورانيوم اللازم لتشغيل المحطات النووية المصرية من 600 ميجاوات التى كانت مقدرة لمحطة سيدى كرير إلى أربعة آلاف ميجاوات بما يغطى احتياج 4 محطات قدرة كل منهم ألف ميجاوات، غير أن الانفجار الذى وقع فى مفاعل تشيرنوبل والأحداث التى تليه جعلت العالم ينظر بعين الريبة إلى المحطات النووية لذا تم إلغاء المشروع لمرة ثالثة.



وتحاول مصر حاليا إعادة مشروعها النووى للمرة الرابعة على التوالى وذلك لتوفير الطاقة الكهربائية لتقليل الاعتماد على النفط والغاز فى إنتاج الطاقة على الرغم من أن عمر البرنامج أصبح الآن 50 عاما منذ انطلاق فكرته لأول مرة، وفى إطار هذه المحاولات الجادة وفى خطوة لافتة ونوعية ومهمة، وقع الرئيسان المصرى عبدالفتاح السيسى والروسى فلاديمير بوتين اتفاقية لإقامة محطة نووية فى منطقة “الضبعة” فى مصر، وهى عملية أحدثت ردود أفعال سياسية واقتصادية إقليمية ودولية.

الخطوة من شأنها نقل مصر إلى نادى الدول النووية وتحقق لها طفرة اقتصادية هائلة، فالمحطة ستحل أزمة الطاقة التى تعانى منها مصر فى ظل نقص الوقود والمحروقات، ما أدى إلى ضعف إنتاجية محطات التوليد لكنها على الجانب الآخر ستضعها فى مواجهة مع دول كبرى ترى فى المحطة خطراً نووياً جديداً يجب مواجهته، وترى فى التعاون الروسى حلفاً دولياً يتوجب التعاطى معه بحذر، والجدير بالذكر أن توقيع الرئيس عبدالفتاح السيسى، مذكرة تفاهم مع الجانب الروسى تعد بداية لإحياء المشروع النووى المعطل منذ عهد الرئيس عبدالناصر فى ستينيات القرن الماضى، وإعادة بناء الحلم النووى المصرى.

كما تخفف الضغوط الدولية على مصر لمنعها إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء، وستقوم لتنفيذ المشروع النووى هيئة الطاقة النووية الروسية “روساتوم“ الذى يشمل أيضا إقامة مفاعلين نوويين بقدرة 2800 ميجاوات وبتكلفة استثمارية تبلغ حوالى 8 مليارات دولار، ومن جانبه ذكر الموقع الرسمى لشركة “روساتوم” الروسية، أن الشركة مستعدة لبدء العمل فى الموقع خلال وقت قريب وتخطط أيضا لإقامة 4 محطات أخرى فى المرحلة الثانية من الاتفاق، ولكن بعد الانتهاء من إتمام المفاعلين مع مجمع تحلية المياه الذى تم الاتفاق على إنشائهم من قبل، وسيتواجد خلال الأيام المقبلة وفدا من شركة روساتوم لمعاينة موقع الضبعة المزمع اقامه المفاعل النووى به.

من جانبه قال قال الدكتور محمد اليمانى المتحدث باسم وزارة الكهرباء أن التعاقد مع شركة “روساتوم” الروسية سيتم بشكل رسمى خلال الأيام المقبلة وهو يعد الأول من نوعه الذى تقوم مصر بعقده مع كبرى الشركات العالمية العاملة فى مجال بناء المحطات النووية لتوليد الكهرباء والذى بدأت فيه مصر من سنوات لكنها تأخرت كثيرا بسبب الظروف التى مرت بها خلال الفترات الماضية، وستكون هذه المحطات النووية مصدرا من مصادر الكهرباء بعد الانتهاء من إنشائها ثم بدء العمل بها وتوليد الطاقة النظيفة التى ستعمل على حل مشاكل الكهرباء نهائيا وستقلل بشكل كبير الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية مثل الغاز والسولار والتى عانت مصر خلال الفترة الماضية من النقص الشديد بها والشى ترتب عليه انقطاع التيار الكهربائى بشكل أرق المواطنين وأضر بمصالحهم.

وأضاف اليمانى، أن هناك وفدا مصريا من المسئولين سيزور روسيا خلال أيام قبل التعاقد الرسمى مع شركة “روساتوم” وهم رئيس هيئة المحطات النووية ورئيس هيئة الطاقة الذرية ورئيس هيئة الرقابة الاشعاعية وذلك لإجراء بعض المناقشات التحضيرية المهمة والاتفاق على بعض النقاط المهمة وشروط التعاقد وبعض البنود المهمة، وسيقوم بعد ذلك وفد رسمى من شركة “روساتوم” الروسية بزيارة مصر والقيام بزيارة موقع الضبعة الذى ستقام به المحطات النووية لتوليد الكهرباء قبل الاتفاق الرسمى على بناء 4 محطات نووية خلال الاربع سنوات المقبلة.

قال الدكتور إبراهيم العسيرى مستشار وزير الكهرباء للطاقة النووية، إن هناك مجموعات من العمالة المصرية موجودة بالفعل خارج مصر وفى عدد من الدول لتلقى التدريبات المناسبة والدورات المهمة فى كيفية العمل فى المحطات النووية لتوليد الكهرباء ولاكتساب الخبرات التى سوف نحتاجها خلال الفترة المقبلة، وسيتم بعد الانتهاء من بناء أول محطة نووية جلب العمالة المصرية من الخارج التى ستكون بالفعل قد تلقت قدرا كافيا من التدريبات والدورات والخبرات التى يحتاجها العمل بالمحطة النووية الأولى ويؤهلها تماما بالقيام بهذه المهام الجسيمة وسيكون الإشراف على الشركات المنفذة وشركات الصيانة مصريا بكفاءة عالية.

وأضاف العسيرى، أن التعاقد مع شركة “روساتوم” الروسية سيحقق مزيدا من الامتيازات التى لن نحصل عليها فى حالة التعاقد مع شركات أخرى، ومن أهم هذه المميزات هى ما ستقوم به الشركة الروسية من توفير الوقود النووى للمفاعلات المصرية والذى يتوافر فى روسيا بشكل أكبر، أيضا ستضع شركة “روساتوم” جميع الدراسات والتقنيات والأبحاث والتكنولوجيا فى المحطات النووية فى مصر تحت تصرف الجهات الرسمية فى مصر والذى سيمكنهم بعد ذلك من بناء محطات نووية مصرية خالصة بشكل دقيق وسليم على غرار المحطات التى قامت بإنشائها الشركة الروسية، وهذه المميزات تعد السبيل الأهم فى استمرار مصر فى بناء المفاعلات النووية وإكمال حلمها النووى بشكل دقيق وعالى الجودة وفى المستقبل سيكون بدون أى تدخل أجنبى بسواعد مصرية خالصة.

من جانبه قال خليل ياسو رئيس هيئة المحطات النووية، إن موقع الضبعة أصبح جاهزا بعد تأهيل البنية التحتية الخاصة به والتى طالها الإهمال والتخريب خلال الفترات الماضية، وقد قامت الهيئة الهندسية خلال الفترة الماضية بتسليم الموقع لهيئة المحطات النووية بعد تجهيزه وبناء البنية التحتية وتجهيزها بشكل تام، وموقع الضبعة أصبح به كل ما يلزم بدء العمل فى تنفيذ المشروع من الجانب الروسى، فالموقع أصبح به المبانى الإدارية اللازمة للعاملين فى المحطات النووية وأيضا المبانى السكنية اللازمة للعاملين فى المحطات وأهالى الضبعة فى المنطقة، ولم يتبق إلا بناء محطة تحلية المياه التى كانت قد دمرت فى السابق وستقوم به شركة “روساتوم” الروسية حسب الاتفاق بين الجانبين المصرى والروسى وهذه تعد من مميزات التعاقد مع الشركة الروسية.

وأكد ياسو، أن المحطات النووية ستساهم فى رفع وزيادة الطاقة المنتجة فى مصر وستقوم بحل مشكلة الكهرباء بشكل شبه نهائى لأنها سوف تغطى حوالى40% من حجم الشبكة الكهربية الحالية، وستعمل على تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية والوقود الأحفورى والغاز الذى تعانى مصر من نقص فى الكميات المتاحة به، بالطبع كل ذلك بجانب المكاسب السياسية والتى سيمثل سلاح المحطات النووية قوة رادعة لمواجهة تحكم الغرب فى مصادر الطاقة وأيضا ستجعل من مصر دولة تملك طاقتها وكل ما يتم إنتاجه عن طريقها وسيجعل لمصر كيانا أفضل بين الدول.

من جانبه قال الدكتور يسرى أبوشادى، كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق أن مصر تعد من أوائل الدول التى بدأت فى مجال الطاقة النووية ومن أوائل الدول التى بدأت فى المشاريع النووية فى المنطقة لكن اعترى هذه المشاريع بكل أسف إهمال جسيم خلال السنوات الماضية، ويرجع معظم ذلك إلى الضغوط الأمريكية والغربية لمنع دخول مصر للمجال النووى بأى شكل فذلك يشكل خطورة حقيقية على الكيان الصهونى، ولذلك ظلت مصر تراجع فى المشاريع النووية خلال السنوات الماضية، لكن أخيرا عادت مصر وبقوة من خلال التعاون الروسى- المصرى والمفاوضات الجديدة لبدء التعاقد على بناء محطات نووية لتوليد الكهرباء فى الضبعة وهى مشاريع تحمل الكثير من الخير لمستقبل الطاقة فى مصر، وكما نعلم فالجانب الروسى يملك الكثير من الخبرات والأبحاث المهمة فى المجال النووى فهى من الدول الرائدة فى مجال الطاقة النووية، ولها تجارب سابقة مهمة فى هذا المجال وسيكون التعان معها بمثاية الاستفادة من كم من الخبرات الهائلة فى بناء المحطات النووية.

وأضاف أبوشادى: أخيرا بفضل الله قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالانتهاء من تأهيل منطقة الضبعة للبدء فى بناء المحطات النووية، والذى ستقوم شركة “روساتوم” الروسية بتنفيذ المشروع النووى لمصر وبالطبع قامت المباحثات التى تمت بين الرئيس السيسى والرئيس بوتين والاتفاقية التى قاما بتوقيعها باسم البلدين فى المجال النووى ساهمت بشكل كبير فى تقدم مصر بشكل أكبر فى سبيل تحقيق حلم مصر النووى معتمدة على سواعد أبنائها والخبرات والمساعدات الروسية فى هذا المجال الهام، فلاشك عندى فى أهمية الطاقة النووية وأنها هى مستقبل الطاقة فى مصر خلال السنوات المقبلة، وبالمقارنة بين مصر وبعض دول منطقة الشرق الأوسط والتى سيتحول كثير منها إلى مناطق ذرية، ويجب على مصر الإسراع قدما فى برنامجها النووى السلمى لأخذ مكانها الحقيقى بين الدول فى هذا المجال، وقد ذكرت فى حوار سابق لى مع «السوق العربية» أننى سلمت الرئيس السيسى رسالة بخصوص هذا الشأن وأكدت فيها أهمية الطاقة النووية وأنها مستقبل مصر القادم.

يقول المهندس صلاح حافظ عضو جهاز البيئة: إن مصر يجب عليها أن تتجه بشكل أكبر إلى مصادر الطاقة غير التقليدية لأن العالم كله بدأ فى التقليل من استخدام الوقود الأحفورى نظرا لنضوبه وندرته فى الوقت الحالى، ولذلك المفاوضات الروسية المصرية تعد فرصة جيدة للبدء فى المشروع النووى المصرى لتوليد الكهرباء والتخلص من سيطرة الوقود التقليدى على توليد الكهرباء ما يتسبب فى انقطاع التيار الكهربائى نظرا لأزمات الطاقة التى تمر بها مصر وخصوصا فى الغاز الطبيعى، وستكون المحطات النووية بعد البدء فى العمل فيها مخرجا جيدا لتوليد الكهرباء كمصدر متجدد ونظيف ليس به أى مخاطر مادام اتخذت الاحتياطات اللازمة لذلك، فبشكل عام يجب أن تكون مصادر الطاقة متعددة من طاقة نووية وشمسية ورياح ومياه وغيرها، وأن يكون مزيج الطاقة متناسبا وبشكل أكبر معتمدا على الطاقات الجديدة والمتجددة وليس على الغاز والبترول فقط فالعالم كله اتجه منذ فترة إلى تنويع مصادر الطاقة، والجانب الروسى يمتلك خبرات هائلة فى مجال الطاقة بشكل عام وسيساهم بشكل كبير فى تخطى مصر العقبات الموجودة فى طريقها النووى الذى يعد مستقبلها القادم.

وأضاف حافظ، أن التعاون المصرى- الروسى بشكل عام فى مجالات الطاقة سيعود على مصر بالنفع بشكل كبير فى مختلف القطاعات وليس المجال النووى فقط، فروسيا لها باع كبير فى مجال الغاز والبترول ويمكن لمصر الاستفادة منها فى تنمية الحقول وعمل الأبحاث المشتركة فى مجالات البحث والتنقيب، والاستفادة أيضا من التعامل والتعاون مع الشركات البترولية الروسية وهى من كبرى الشركات العالمية العاملة فى هذا المجال مثل جازبروم الروسية وغيرها من الشركات، وكل ذلك يصب فى مصلحة قطاع الطاقة فى مصر والقطاع البترولى أيضا بشكل خاص، ولذلك أنا مستبشر جدا بعودة العلاقات الروسية- المصرية لسابق عهدها وأتمنى أن يستمر التعاون بشكل أكبر ويجب على المسئولين فى مصر العمل دائما خلال الفترة المقبلة على تقوية العلاقات واستمرار التعاون والاستفادة بكل شكل من الخبرات الروسية المتراكمة فى مجالات الطاقة المختلفة، كما استفادت مصر فى السنوات السابقة منها قبل أن يتوقف التعاون فى المجال النووى بشكل خاص بين البلدين.

قال العالم النووى الدكتور على عبدالنبى، إننى كنت من أوائل المطالبين بسرعة البدء فى تنفيذ مشروع مصر النووى بشكل عاجل لأنه حلم مصر القومى والمخرج السحرى لأزمات الطاقة فى مصر بشكل عام، لأن الكيان الصهيونى والعالم الغربى يعرف جيدا ذلك فسعى خلال السنوات الماضية إلى تعطيل هذا المشروع بأى شكل، فأمريكا وإسرئيل لديهما رغبة واضحة فى عدم امتلاك أى دولة التكنولوجيا النووية فى المنطقة بخلاف إسرائيل خصوصا إذا كانت مصر هى هذه الدولة، ومصر تمتلك خبرات ومقومات هائلة تجعلها قادرة على المضى قدما فى مشروعها النووى بشكل كبير، وقد فعل المسئولون فى مصر خيرا عندما استمعوا لمطالباتنا وقاموا بتوقيع اتفاقيات جديدة مع الجانب الروسى للتعاون فى المجال النووى وبناء المحطات النووية لتوليد الكهرباء، فهذا المشروع هو مشروع دولة وويجب أن يتم رعايته من جانب مصر وروسيا معا، لتمتزج الخبرات وتتكامل الجهود بين البلدين للقيام بهذا المشروع الذى سيكون بمثابة نقلة نوعية لمصر فى عالم الطاقة والتكنولوجيا النووية بشكل كبير، فمشروع المحطة النووية المصرية هو سياسى من الدرجة الأولى ويجب أن يكون ارتباطه من خلال بروتوكول بين بلدين مثل روسيا، وسيجلب المشروع النووى لمصر كما هائلا من المشروعات الأخرى مثل مصانع الوقود النووى والبحث واستخراج اليورانيوم وإقامة مجمع لتخصيب اليورانيوم.

وأضاف العالم النووى، أن مصر تمتلك كوادر تستطيع إدارة البرامج النووية فى المنطقة العربية وقارة إفريقيا، وهذا هو سر تخوف إسرائيل من امتلاك المصريين التكنولوجيا النووية وخبرات على مستوى عالمى ومشهود لها فى جميع المحافل الدولية، سواء فى المجال البحثى أو التطبيقى، وبالنسبة لتكوين المحطات النووية فهى تتكون من جزءين، جزء تقليدى وجزء نووى، والجزء التقليدى عبارة عن التربينة والمولد وملحقاتهما، والجزء النووى عبارة عن حلة الضغط وبها قلب المفاعل النووى المتواجد به الوقود النووى ثم مولدات البخار والضاغط والملحقات، ومن المعروف أن خبرات مصر فى الجزء التقليدى فهى خبرات متراكمة لأكثر من 100 سنة، موجودة فى قطاع الكهرباء فى محطات توليد الكهرباء وقطاع البترول والشركات الصناعية ثلاث هيئات نووية، ثم فى قسم هندسة نووية جامعة الإسكندرية، وقسم فيزياء نووية فى جميع كليات علوم جامعات مصر، أما خارج مصر فهناك أكثر من 170 عالما وخبيرا يعملون فى المجال النووى، ويتركز معظمهم فى أمريكا وكندا، مشيرا إلى أن الخبرات المصرية باستطاعتها إدارة المشروع النووى المصرى، وإدارة المشاريع النووية فى المنطقة العربية وفى قارة إفريقيا.

ومن جانبه أشار الدكتور صلاح عرفة خبير الطاقة، إلى أن توقيع اتفاقيات مع روسيا لإقامة محطات نووية خلال السنوات المقبلة سيؤدى إلى حل العديد من المشاكل التى تعانى مصر منها خلال الفترة المقبلة، ومن أهمها أزمة الكهرباء التى عانى منها المصريون خلال الفترة الماضية بشكل كبير، وقد حاول المسئولون فى مصر تخطى هذه الأزمة بأى شكل عن طريق استيراد كميات جديدة من الغاز الطبيعى أو محاولة تفادى استخدام الغاز واحلال السولار والمازوت بدلا منه وهو ما أضر بالمحولات الكهربائية، لذلك المضى قدما بشكل على مصادر الطاقة غير التقليدية شىء جيد وهو ما كان يطالب به خبراء الطاقة دائما، فالعالم كله بدأ منذ سنوات الاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة والتقليل من استخدام الطاقة البترولية، والطاقة النووية هى إحدى هذه المصادر إن لم تكن أهمها على الإطلاق، فهى تنتج كما هائلا من الطاقة يمكن أن يكفى مصر لسنوات طويلة وبالطبع ذلك على حسب عدد المحطات التى ستقوم مصر ببنائها والطاقة التى ستولد منها لاستخدامها فى الأغراض المختلفة.

وأضاف خبير الطاقة، أن التعاون المصرى فى مجال الطاقة النووية مع بلد متقدم فى مجال الطاقة النووية مهم للغاية، فروسيا لديها كم من الخبرات المتراكمة على مدار السنوات الماضية فى مجال الطاقة النووية تستطيع مصر الاستفادة منه فى بناء محطات نووية تكنولوجية على أعلى مستوى من الدقة، حتى تكون مصر قادرة فى المستقبل على بناء مثل هذه المحطات، وأيضا تدريب أكبر قدر من العمالة المصرية للتعامل مع هذه المحطات وطبيعة العمل بها بأى شكل، ولا ننسى أن مصر لديها أيضا خبرات كبيرة وقامت بعمل دراسات عديدة على منطقة الضبعة وهى مؤهلة تماما لعوامل الأمان ولا خوف من حدوث أى مشاكل متوقعة فى هذا المشروع، والأهم من ذلك أن تظل مصر مستمرة فى المضى قدما فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة التى لا تنضب ونستطيع توليدها والاستفادة منها دون الخوف من ندرتها، ولذلك يجب على مصر أن تدخل وبقوة أيضا فى مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية بجانب الطاقة النووية حتى يتكون لدينا مزيج مناسب لأنواع الطاقة المختلفة.

وأكد المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، أن الاتجاه لمصادر الطاقة المختلفة كان هدفنا من قبل فى قطاع الطاقة وطالبنا بعد ذلك المسئولين بإحياء استخدام والاعتماد على هذه المصادر بشكل أكبر لأنها تشكل دورا محوريا مهما للسيطرة على المشاكل الناجمة عن الاعتماد على المصدر البترولى فقط فى احتياجات الطاقة المختلفة، والطاقة النووية هى إحدى هذه المصادر المهمة والتى ستشكل فارقا فى حلول أزمات الطاقة فى مصر وبالأخص ما عانينا منه فى مشكلة الكهرباء وانقطاعها باستمرار، ومصر بدأت منذ سنوات فى التحضير لمشروع النووى المصرى ولكنه توقف بسبب عوامل مختلفة لا يتسع المقام لذكرها، لكننا نمتلك الدراسات والخبرات والأبحاث التى تؤهلنا للمضى قدما قى مشروعنا النووى، وبعد الاتفاق الروسى- المصرى على بناء محطات نووية فى منطقة الضبعة صار الحلم حقيقة تنتظر التنفيذ على أرض الواقع لدخول مصر وبقوة فى عالم الطاقة النووية وتوليد الكهرباء منها بشكل يغطى احتياجات مصر منها خلال سنوات عديدة.

وقلل وزير البترول الأسبق من المخاوف التى يثيرها البعض بسبب التجارب الكارثية التى حدثت فى دول بسبب بناء مفاعلات نووية، مؤكدا أن الضبعة منطقة مؤهلة تماما ولا خوف من حدوث أى شىء، خصوصا أنها قريبة من المياه ومكان ملائم وآمن جدًا، خاصة أنه بالقرب من المياه والتى نستطيع استخدامها لتبريد المحطات النووية، كما أنها أرض مستقرة بعيدًا عن حزام الزلازل وضمان عدم حدوث تسريب نووى