السوق العربية المشتركة | "القهوة المغشوشة" تعكر المزاج العام.. مضرة للصحة ولاقتصاديات مطاحن البن

في ظل زيادة الشكاوي والتحذيرات من القهوة المغشوشة والمتمثلة في الشكاوى المرسلة لجمعيات حماية المستهلك من تغي

السوق العربية المشتركة

الإثنين 27 يناير 2025 - 01:08
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

"القهوة المغشوشة" تعكر المزاج العام.. مضرة للصحة ولاقتصاديات مطاحن البن

في ظل زيادة الشكاوي والتحذيرات من القهوة المغشوشة، والمتمثلة في الشكاوى المرسلة لجمعيات حماية المستهلك، من تغير خواص البن من طعم ورائحة، بالإضافة لانتشار الفيديوهات التحذيرية على مواقع التواصل لكيفية التعرف على البن الأصلي تجنبا لاستخدام المغشوش، ومنها إضافة بعض قطرات الليمون على القهوة، وحالات الدهشة التي يحكيها البعض نتيجة النوم العميق بعد احتساء كوب القهوة!، كلها علامات رصدتها جمعيات حماية المستهلك وتطالب بحل رادع للحفاظ على صحة المواطنين، نظرا لأضرار البن المغشوش على الصحة نتيجة إضافة بعض المواد والتي قد تؤدي لمشكلات صحية خطيرة..، ناهيك عن أضرار الغش الاقتصادية على متاجر ومطاحن البن الأصلية.



 

بداية صرح مصطفى الشيخ، رئيس شعبة مطاحن وتجار البن بالغرفة التجارية بالإسكندرية، أنه يحاول القضاء على ظاهرة الغش من خلال تحرك الأجهزة الرقابية للتفتيش على متاجر ومطاحن البن، مشيرا إلى أنه قد تواصل مع اللواء محمد ابو كيلة، رئيس فرع جهاز حماية المستهلك بالإسكندرية ومطروح، والذي وعده مؤخرا بعقد لقاء لمناقشة الأمر.

وتابع بأن قانون حماية المستهلك يتضمن محور الغش التجاري وليس التحرك بموجب شكوى، مشيرا إلى حق جهاز حماية المستهلك وكافة الأجهزة الرقابية في التوجه لمن يقوم بغش السلع وأخذ عينات من المنتجات المعروضة للتأكد من جودتها.

وأكد الشيخ بأن جميع الأجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المستهلك وهيئة سلامة الغذاء وإدارة الغش التجاري بوزارة التموين والتجارة الداخلية، جميعها مسئولة عن التفتيش على المحلات والقيام بدورهم لضبط الأسواق وضمان سلامة المنتجات التي يتم تداولها.

وقال رئيس الشعبة بأنه لا ينظر للأمر من ناحية تجارية بل حفاظا على أرواح المواطنين، مشيرا إلى أن غش البن أمر غاية في الخطورة ولا يمكن السكوت عنه، خاصة وأن أحد الأنواع المغشوشة يؤدي إلى الإصابة بمرض سرطان المعدة ونوع آخر يؤدي إلى الفشل الكلوي وغيرها من الأمراض.

وأرجع الشيخ السبب إلى أن حرق أي نوع من الحبوب يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان، مضيفا بأن -على سبيل المثال- من يقوم بالغش عن طريق إضافة أي نوع من البقوليات كالفول والبازلاء وحمص الشام، عندما يتم حرقها وطحنها تتسبب في الإصابة بسرطان المعدة.

وأوضح الشيخ بأن من اعتاد على احتساء القهوة يستطيع تبين أنها مغشوشة من خلال الطعم والرائحة، في حين أن أي شخص يمكن خداعه بسبب إضافة محسنات الطعم والتي تباع على مواقع الإنترنت علنا مع ارشادات بنسب الإضافة إلى البن بالجرامات؟!.

وينصح رئيس الشعبة لتجنب الغش عند الشراء بالتوجه للمطاحن المتواجدة منذ عشرات السنوات والتي تحافظ على سمعتها الطيبة حتى نالت ثقة المستهلكين، وتجنب مطاحن بير السلم المجهولة التي لا تحمل أي علامة تجارية، مضيفا بأن المطاحن الأصلية تقوم بعملية الطحن أمام المستهلك لضمان جودة القهوة.

واستعرض الشيخ متوسط أسعار البن الأصلي من الأنواع البرازيلي أو الإندونيسي أو الهندي أو الحبشي والتي تبدأ من 420 جنيه للكيلو، وبالتالي بديهيا يتضح أن ما دون السعر هو منتج مغشوش، خاصة وأن البن يفقد 20% من وزنه بعد طحنه، مشيرا إلى أن أغلب الكافتيريات تقوم باستخدام البن المغشوش لضمان زيادة الربح، بالرغم من أن تحضير فنجان القهوة يحتاج استخدام 7.5 إلى 10 جرام، وبالتالي لن تزيد تكلفته عن 4 جنيهات!، وهو ما تسبب تراجع مبيعات المطاحن والمتاجر الأصلية.

 

طن نواة البلح اصبح سعره اغلى من البلح ذاته؟!

صرح المهندس محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، أن الجمعية تلقت شكاوى بأعداد كثيرة، من تغير في طعم ورائحة البن، موضحا أن من بينها شكاوى عن تذوق "مرارة" أثناء احتساء القهوة، مع تراجع الشعور برائحة البن، بالإضافة إلى تغير لون البن ليميل للدرجة القاتمة عن المعتادة، وعدم وجود تأثير لزيادة التركيز نتيجة انخفاض نسبة الكافيين؛ نتيجة انخفاض نسبة البن بالخليط المغشوش، وهو ما يدل على تفشي ظاهرة غش البن على نطاق كبير.

وأرجع رئيس الجمعية تذوق نكهة مرارة أثناء شرب القهوة إلى - ربما- إضافة مادة البيكربونات إلى البن المطحون أو استخدام مطحون نواة البلح أو القمح أو البازلاء، موضحا بأن تحميص تلك المواد يقوم بتحويلها إلى كربون وهو سبب طعم المرارة التي شعر بها اصحاب الشكاوى، مع تراجع الرائحة لضعف نسبة البن في هذا الخليط الذي اصبح مغشوشا، مضيفا بأن يمكن خداع المستهلك من خلال إضافتها للبن المتوسط والغامق بنسب محددة، بينما لا يمكن إضافتها للبن الفاتح نظرا لاختلاف درجات اللون.

يذكر أن جمعية مواطنون ضد الغلاء قد طالبت جهاز حماية المستهلك، خلال بيان اصدرته منذ أيام، بضرورة البدء في حملات تفتيشية موسعة على محلات ومتاجر ومطاحن البن المغشوش، وهو الأمر الذى يجري تداوله في مصر الان على نطاق واسع، وما يقال عن تحميص نواة البلح والبازلاء وإضافة بيكربونات الصوديوم على قليل من البن.

وقال رئيس الجمعية بأن المزاج العام تأثر كثيرا بغش البن الذى فقد طعمه حتى مع العلامات الكبرى التي لها سمعة طيبة، وعلى ما يبدوا فإن ارتفاع سعره نتيجة ارتفاع الدولار اغرت بعض التجار الغشاشين لخلطه مع مكونات أخرى حتى يحصدوا أرباح كبيرة في ظل انعدام الرقابة من قطاع التفتيش على الأغذية في وزارة الصحة، وضعف الجهاز الذى تراجع دوره وحركته مع نهاية عام ٢٠٢٤ ، وهو ما يدعونا لضرورة اطلاق حملات مفاجئة من الجهاز لهذه المتاجر التي تمارس الغش على المواطنين على نطاق كبير، حتى أن طن نواة البلح صار سعره اغلى من البلح ذاته.

كما طالب رئيس الجمعية بضرورة تغليظ عقوبة غش المنتجات نظرا لإضرارها بصحة الانسان، ناصحا المستهلكين بعدم شراء العبوات المغلقة مسبقا من المتاجر وما شابه، مشيرا إلى أن تلك العبوات قد تكون مقلدة لأسماء تجارية كبرى، والشراء من مطاحن تقوم بطحن وتعبئة المنتج أمام المستهلك.

 

جمال زقزوق: سلامة الغذاء دورها التأكد من سلامة الأغذية داخل السوق المصري وليس بالمنافذ الجمركية فقط

فيما تساءل المهندس جمال زقزوق، رئيس جمعية حماية المستهلك ورئيس مبادرة راصد أسواق، أين دور هيئة سلامة الغذاء؟، وهي الجهة المنوط بها فحص الأغذية المتواجدة داخل الأسواق والتأكد من سلامتها، وذلك من خلال مفتشي الهيئة ومعامل التحاليل الخاصة بها، مؤكدا بأن دورها الذي انشئت من أجله التأكد من سلامة الأغذية في السوق المصري بصفة عامة، ولا يقتصر على المنافذ الجمركية فقط، مضيفا بأن دورها أقوى من ذلك ولكنها لم تقم بهذا الدور منذ انشائها حتى الآن.

وأضاف بأن بالرغم من انتشار هذه الظاهرة إلا أن أعداد الشكاوى ليست بالضخمة، نظرا لأن ملاحظة تمييز البن الأصلي من المغشوش يرجع إلى كمية المادة المضافة من خلال علاقة طردية، فكلما زادت نسبة المادة المستخدمة مع البن الأصلي كلما تبين الغش وظهر جليا، وبالعكس..

وبشأن الشكاوى التي وردت للجمعية، قال "زقزوق": "ارسلتها إلى جهاز حماية المستهلك بالقاهرة، واعتقد بأنهم ارسلوا لي بأن ذلك هو الدور الذي يجب على هيئة سلامة الغذاء القيام به"، وأضاف بأن الشكاوى الواردة كانت بخصوص عدم نقاء البن فقط، نافيا التعرض لأضرار صحية وقعت.

 

القهوة المغشوشة تهدد سمعة صناعة البن

وصرح حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية حماية التاجر والمستهلك، بأن في ظل تزايد انتشار ظاهرة غش البن في الأسواق، تتعرض صناعة البن لتهديدات كبيرة تؤثر على جودتها وسمعتها، مضيفا بأن الغش في البن يتمثل في إضافة مواد غير طبيعية مثل الحبوب المغشوشة أو المواد الاصطناعية، التي تضر بصحة المستهلك وتؤثر على نكهة وجودة المنتج.

ونصح المنوفي للتأكد من أن البن سليم وغير مغشوش، يجب على المستهلكين اتباع بعض الإرشادات، أولاً، ينبغي شراء البن من مصادر موثوقة ومعروفة، كما يمكن التحقق من اللون والرائحة؛ حيث يتميز البن السليم بلون داكن ورائحة مميزة، بينما قد يكون البن المغشوش باهت اللون وقد يفتقر للرائحة الطبيعية، ويمكن التحقق أيضا من خلال فحص الملمس، حيث يترك البن السليم بقايا دقيقة على اليد عند اللمس بينما يكون المغشوش أكثر خشونة أو جفافاً.

وأكد عضو شعبة المواد الغذائية بأن غش البن لا يؤثر فقط على صحة المستهلك، بل له أيضاً تأثيرات سلبية على صناعة البن ككل، فهو يؤدي إلى تراجع جودة المنتج وبالتالي فقدان الثقة في الأسواق المحلية والدولية، مما يقلل من الطلب على البن الأصلي، وعلى الصعيد الاقتصادي، يتسبب غش البن في إهدار الفرص الاقتصادية للمنتجين والمزارعين الذين يعتمدون على جودة محصولهم، بالإضافة إلى التأثير على الاقتصاد الوطني نتيجة لانخفاض الإيرادات من هذا القطاع.

وشدد على ضرورة أن تتضافر الجهود بين السلطات المعنية والمستهلكين لحماية صناعة البن وتعزيز ثقافة الشفافية والمصداقية في السوق لضمان حصول المستهلكين على منتج أصلي وآمن.