تحدث الرئيس السيسى خلال الاحتفال بالذكرى الـ72 لعيد الشرطة عن الأمور الاقتصادية فى ظل الأزمة الحالية التى يعانى منها الجميع، وكان من أبرز التصريحات: "أقدر حجم المعاناة والضغوط الاقتصادية فى مصر وأقدر صلابة المصريين فى مواجهتها، وأى صعوبات ستمر طالما كنا على قلب رجل واحد"، مؤكدا أن الأزمات على حدود مصر لها تأثير وتداعيات على الاقتصاد.

لا شك أن هناك قطاعات تأثرت بشدة بفعل الأزمات على الحدود، فإذا نظرنا على سبيل المثال للحرب الدائرة فى غزة فإن تداعياتها انعكست على الاقتصاد وأثرت على قطاعات هى فى الأساس من المصادر الرئيسية التى تعتمد عليها الدولة فى العملة الصعبة.

منها السياحة التى تأثرت سلبا مع انخفاض العائدات مقارنة بما حققته قبل اندلاع حرب 7 أكتوبر، وبالمقارنة بين الوضع الحالى والعام الماضى سنجد وفقا لتصريحات سابقة لنائبة وزير السياحة، غادة شلبى، أن مصر جذبت قرابة 13 مليون سائح خلال أول 9 أشهر فى 2023 وكانت التقديرات وقتها تشير إلى تحقيق إيرادات بنحو 14 مليار دولار  مع نهاية العام بزيادة 15% عن العوائد المحققة فى 2022.

لكن من المؤكد أن هذا الرقم لم يتحقق خاصة مع تأثر السياحة آخر 3 أشهر العام الماضى بفعل الحرب مع تراجع الحجوزات ونسب إشغال الفنادق فى المدن القريبة من الحدود تحديدا شرم الشيخ وطابا ونويبع.

ورغم عدم تحديد حجم الإيرادات المحققة لفترة الـ9 أشهر فإن متوسط الإنفاق فى الليلة الواحدة 96 دولارا بمتوسط 9 ليالٍ للسائح الواحد، وبحسبة بسيطة يتبين أن السائح الواحد أنفق قرابة 864 دولارا، وبالتالى فإن إجمالى الإيرادات لـ13 مليون سائح يصل إلى 11.2 مليار دولار، وهو أقل من الإيرادات المقدرة بـ14 مليارا.

يعنى ذلك أن الاقتصاد المصرى خسر قرابة 3 مليارات دولار من السياحة وحدها آخر 3 أشهر فى 2023، وهو ما يعادل قيمة احتياجات شهرية أساسية وفقا لما أعلنه الرئيس السيسى خلال احتفالية عيد الشرطة منها مليار دولار للسلع الأساسية مثل القمح والذرة والزيت وفول الصويا، ومليار دولار للوقود، ومليار دولار للغاز الخاص بمحطات الكهرباء.

أما ثانى القطاعات المتأثرة  فهى قناة السويس كأحد المصادر الرئيسية للدولار، خاصة مع زيادة التوتر فى البحر الأحمر مع استهداف الحوثيين للسفن التجارية المتجهة نحو إسرائيل تزامنا مع التصعيد فى غزة، ما أدى إلى قيام عدد من شركات الشحن بتحويل مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح رغم طول مدة الرحلة 13-14 يوما.

أدى ذلك إلى تراجع نسبة مرور السفن عبر قناة السويس بحوالى 34% فى يناير مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، حسب رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع، كما انخفضت العوائد الدولارية 44% مع تراجع عدد السفن التى تعبر القناة من 70 سفينة يوميا إلى 40 سفينة، وبالتالى فإن أرباح الهيئة قد تنخفض عن المحققة خلال 2023 والمقدرة بـ10مليارات و250 مليون دولار.

فى النهاية لا يستطيع أحد إنكار التأثير المباشر لحرب غزة على الاقتصاد المصرى والتى ساهمت فى تفاقم الأزمة بشكل أكبر ما يتطلب ضرورة التكاتف على قلب رجل واحد للعبور منها لبر الأمان.