السوق العربية المشتركة | مستشار المهندسين الزراعيين العرب: رؤية مصر 2030 تستهدف عودة قطاع الزراعة لتحقيق ثلث اجمالي الدخل القومي

يشهد القطاع الزراعي طفرة هائلة على جميع الأصعدة في ظل التحديات إلا أن مصر لديها من نقاط القوة ما يؤهلها للوص

السوق العربية المشتركة

الأربعاء 9 أكتوبر 2024 - 01:17
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

مستشار المهندسين الزراعيين العرب: رؤية مصر 2030 تستهدف عودة قطاع الزراعة لتحقيق ثلث اجمالي الدخل القومي

يشهد القطاع الزراعي طفرة هائلة على جميع الأصعدة، في ظل التحديات، إلا أن مصر لديها من نقاط القوة ما يؤهلها للوصول لأهدافها، نتعرف على كل ذلك من خلال حوارنا مع المهندس ماهر أبو جبل، مستشار الأمانة العامة لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب.
 
                      
 
ما هي أكبر التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في مصر؟
 
التعامل مع مخرجات الزراعة من منطلق أنها منتج نهائي للاستهلاك المباشر من أهم التحديات، فهو يفقدها القيمة المضافة، والصحيح هو تخصيص جزء من المنتج الزراعي للاستهلاك وآخر يتم استخدمه مرة أخرى في كثير من الصناعات التي قيمة مضافة وتصديرها.
 
بالطبع نحن نفخر بالقطاع الزراعي المصري لزيادة انتاجه الزراعي وبالتالي زيادة صادراته، وقد تنبهت القيادة السياسية لأهمية مخرجات القطاع الزراعي كمدخلات في صناعات الزراعة بحيث تستخدم المنتجات الزراعية كمواد خام في صناعات أخرى.
 
كما أن هناك صناعات كثيرة كانت قد اهملت خلال فترات طويلة واعتمدنا بشكل كبير على الاستيراد، وتتجه الدولة حاليا لاستعادة تلك الصناعات المهملة وتعظيمها وادخال صناعات جديدة.
 
ومن ناحية أخرى تهتم الدولة حاليا بتخزين الحبوب في صوامع سعتها تقترب من 4 مليون طن بنسبة هدر لا تتعدى 3% بعدما كانت تصل نسب الهدر إلى 30%، كل ذلك دليل على أن مصر في اتجاه مواجهة تحديات صناعة الزراعة في مصر وتخطيها.
 
 
 
 
 
وما هي أهم المحاصيل الزراعية التي يمكن استغلالها في صناعات مختلفة؟
 
القطن على سبيل المثال، والذي برعت مصر في استخدامه في صناعات الغزل والنسيج وكان يعمل بها حوالي نصف مليون مواطن في وقت كان تعداد السكان لا يتجاوز 50 مليون نسمة، بخلاف الوضع حاليا حيث يعمل في مجال الغزل والنسيج أقل من نصف هذا الرقم في حين يصل تعداد السكان حاليا إلى 110 مليون نسمة.
 
والكتان الذي انخفضت المساحة المنزرعة منه من 125 ألف فدان منذ أيام الفراعنة حتى وصلت إلى 4 آلاف فدان قبيل ثورة يناير 2011، وقد بدأت الدولة إعادة الاهتمام بزراعة الكتان حتى وصلت هذا العام إلى 37 ألف فدان هذا العام، ومستهدف زراعة حوالي 75 ألف فدان عام 2030 ونأمل عودتها إلى 125 ألف فدان مرة أخرى.
 
كما يوجد العديد من الصناعات التي يمكن استغلال المنتج الزراعي بها مثل الفواكه التي تدخل في صناعة العصائر ومركزاتها والفيتامينات والزيوت والنكهات، كما أن الخضروات يمكن استغلالها في صناعة المجمدات التي أخذت الصناعة المصرية لآفاق لم تكن في الحسبان، من أبرزها شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية الرائدة في الصناعات الغذائية كصناعة المجمدات والبقوليات، بالإضافة إلى متبقيات الصناعات الزراعية واستخدامها كـ اعلاف حيوانية وداجنية أو كغذاء للتربة واستخدامها في الزراعة.
 
وتتجه الدولة حاليا ورجال الأعمال نحو صناعة النباتات الطبية والعطرية اتجاه كبير بمنطقة الأعشاب في الفيوم وبني سويف والمنوفية، بالإضافة إلى التوابل كالفلفل والكمون والينسون والكسبرة والزعتر والالوفيرا والريحان وغيرها تدخل في صناعات الادوية ومكسبات الطعم، وقد بدأنا باستخدام طعوم كانت بدول عربية أخرى، مما خلق في مصر بيئة خصبة بالعناصر التي يمكن منها بناء مستقبل كبير، كما أن النباتات الطبية والعطرية بها عناصر تستخدم في صناعة الزيوت بما يدر عائد كبير جدا على السوق الزراعي المصري، وهناك محاصيل أخرى يستخرج منها الزيوت مثل الذرة ودوار الشمس والزيتون والقطن غيره، وتتجه مصر أيضا نحوها نظرا لأننا نستورد 97% من احتياجاتنا من الزيوت.
 
 
 
إلى أي مدى وصلت صناعة التقاوي في مصر؟
 
مصر لفترات طويلة كان لديها تقاوي الزراعات التقليدية واستيراد ما يسهل استيراده، فكنا قد اهملنا الانتاج لفترات طويلة، ولكن مع توجه القيادة السياسية في 2017 اتجهت مصر لتشجيع البحث العلمي في اتجاه انتاج البذور، وحقيقي لدينا أحد كبار العلماء الدكتور سليمان عمران، رئيس البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي البطيخ بمعهد البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، والذي استطاع أن يتوصل لأباء وامهات كثير من الحاصلات الزراعية مثل البطيخ والطماطم والخيار والفلفل والكوسا، ومصر عندما اطلقت المشروع القومي لإنتاج تقاوي الخضار كان من أعضاء اللجنة، والتكليفات الموجهة لهم وله بشكل شخصي للتحرك حول تلك النقطة، وتوصلوا إلى مصر 1 ومصر2 كتقاوي بطيخ، وكذا في الطماطم والفلفل والكوسا.
 
وخلال رؤية مصر 2030 الحالمة تستهدف عودة قطاع الزراعة لتحقيق ثلث اجمالي دخل مصر القومي مثلما كان في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي، وبعد تراجع دخل القطاع الزراعي حتى 2011 إلى 7%، عاود النهوض حاليا ليصل إلى نسبة 15 و17% من إجمالي دخل مصر القومي، ومستهدف في 2030 أن يصل إلى ثلث الدخل القومي، ولا نغفل دور اساتذة الجامعات والمراكز البحثية في العمل على ذلك، وأن وبفضل كل عالم مصري يمكن أن توفر مصر في فاتورة استيراد الحبوب.
 
ومن التجارب الناجحة لإنتاج التقاوي لدينا قرية شبرا بلولة أكبر منتج للياسمين في العالم، وأصناف الياسمين التي تٌنتج بها من أفضل الأنواع، ويستخرج منها الزيوت العطرية التي تستخدم في إنتاج العطور، ونتمنى دراسة هذه التجربة وتنميتها وتكرارها.
 
كما حققت مصر قفزة في أصناف القمح حيث كان أفضل الأصناف ينتج 16 اردب للفدان، وقد نجحت وزارة الزراعة في ادخال صنف مصر 3 وسخا 95 بإنتاج 26 اردب للفدان، حيث توصلت لأصناف مقاومة لمرض الصدأ بإنتاجية أعلى، والفضل في ذلك يرجع للمراكز البحثية التي قامت بما عجزت عنه شركات عالمية وتحقيق ارقام قياسية في زيادة الانتاجية، وبذلك تنافس مصر اليوم في إنتاج التقاوي ولأصناف تضاهي الأصناف العالمية.
 
 
 
وماهي أهم التدابير التي اتخذتها الدولة لمواجهة أزمة المياه؟
 
لدينا أزمة مياه حقيقية بسبب سد النهضة، ولا شك نتمنى كل الخير لأخواتنا في اثيوبيا مثلما نتمنى لبلدنا، ولكن اثيوبيا اهتمت بنهضتها وغفلت جزء من نهضة دول الجوار، فهي يسقط عليها 1600 مليار متر مكعب مياه، والمياه تشكل خطر حقيقي عليها وتتسبب في حدوث فيضانات، كما أن السيول تشكل كثير من المخاطر عليها، الا أن التوجه نحو بناء السد بالقدرة 75 مليار متر مكعب وسط إصرارهم على ملئه في أسرع وقت ممكن قد يتسبب في خطورة التغيرات التي ستحدث للتربة لأنه وزن شديد الصعوبة على كتلة من الأرض في منطقة صغيرة لم تكن تحمل كل هذا الوزن، رغم أن مصر طلبت أن يتم الملء من 7 إلى 10 سنوات.
 
ونأمل أن لا تحدث المشكلة التي يتوقعها العلماء في حدوث انهيارات أرضية أو خلل في جسم السد فستكون الكارثة مماثلة لانفجار قنبلة نووية وأكثر من أكبر تسونامي شاهدناه بجنوب شرق أسيا فسيكون كارثة كبرى تنهار بها دولة السودان وتتسبب بضرر كبير لجنوب مصر خاصة.
 
وبالتوازي تأتي تحركات مصر لمواجهة أزمة نقص المياه نحو إعادة تدوير المياه وتنقيتها فأنشأت مصر محطة تنقية بحر البقر وهي أكبر محطة على مستوى العالم حاليا، ويتم خلالها معالجة مياه الصرف الزراعي القادمة من شرق الدلتا وتنقيتها لاستزراع الأراضي بنفس المنطقة، كما تبني مصر حاليا أكبر محطة تحلية مياه بمدينة الحمام محطة الدلتا الجديدة، لأطول نهر صناعي في العالم يبدأ من منطقة الماكس بمصرف القلعة بطول 150 كيلومتر وطاقته الاستيعابية 10 مليون متر مكعب، يأخذ مياه صرف الامطار والصرف الزراعي من الدلتا مع الخط القادم من رشيد وإدكو بنهايات ترع مصارف الصرف الزراعي القادمة من الدلتا.
 
ولذلك كانت توجه القيادة السياسية بإنشاء مصارف للأمطار لتصرف داخل النهر الصناعي، كما وجهت الدولة للعمل برؤية مختلفة وتحويل الري بالغمر إلى الطرق الحديثة وبالإضافة إلى تبطين الترع لتقليل هدر المياه.
 
 
 
هل يوجد أزمة تترتب على التفتت الحيازي بالأراضي الزراعية؟
 
مصر لا يوجد بها مشكلة أو أزمة بسبب التفتت الحيازي منذ فترة طويلة، وذلك نتيجة حسن إدارة القيادات المصرية في عصورها المختلفة في قطاع الزراعة؛ لأن مصر صاحبة نصيب كبير من التطور العلمي والتكنولوجي ولديها جامعات في جميع التخصصات الزراعية على مستوى الجمهورية والتي ساهمت في تبني سياسة زراعية بها رقي، والحدود لا تسبب مشكلات نتيجة تحديد الصلاحيات بين الجمعيات وبعضها وداخلها مع ملاك الأراضي.
 
 
 
ماذا تم بشأن ملف تطوير التعاونيات الزراعية؟
 
انشأت التعاونيات الزراعية في مصر لتجميع المستثمرين الزراعيين للوصول إلى أفكار تشمل مساحات كبيرة بدلا من الحيازات الصغيرة، فالجمعيات الزراعية تقوم بضبط السوق الزراعي المصري لإخراج منتجات زراعية بالجودة والكفاءة التي تليق بالسوق المحلي، ثم يتم تجهيز ما يليق منها باستيعاب شروط الاستيراد من الخارج ليتم تصديرها إلى الخارج وتساعد وتدعم الدخل القومي سواء في جلب العملات الاجنبية أو في زيادة دخل المواطن أو المستثمر الزراعي.
 
 
 
في ظل الطفرة التي يشهدها القطاع الزراعي.. كيف تسير المبادرات التمويلية؟
 
منذ سنوات تقوم الدولة بدورها بشكل ايجابي، ويقوم البنك الزراعي المصري الذي كان يطلق عليه بنك الائتمان والتنمية الزراعية بتوفير تمويل لدعم صغار المستثمرين، ولكنه متوفر بشكل أكبر ناحية الانتاج الحيواني بمنح 5% سواء في مشروع البتلو أو الاستثمار الزراعي، طبقا لبعض الاشتراطات الشديدة داخل هذا القطاع.
 
وما نأمله خلال الفترة القادمة زيادة دعم البنك الزراعي للمستثمرين، وأن يتم تبني نظام التأمين على الحاصلات الزراعية، وبالمناسبة هناك دول عربية لديها هذا النظام التأميني قائم مثل تونس وجزء من الجزائر والسودان، فالسودان لديها تأمين على الحاصلات الزراعية، نظرًا لأن المستثمر الزراعي من حقه التأمين على الزراعة، وهذه هي المبادرة التي نتبناها في اتحاد المهندسين الزراعيين العرب، وشركة التأمين تساهم في إصلاح العطل أو الحادث وعليه نحن نرى أن التأمين على الحاصلات الزراعية جزء من الحالات الموجودة لدينا لتخطي المراحل الانتقالية، وهو مطلب مهم جدا في تطوير الاقتصاد الزراعي المصري خلال الفترة القادمة.
 
وقد تم إصدار تعليمات من القيادة السياسية لمشروع مستقبل مصر بالاهتمام بعمل أسواق جملة مجمعة مراقبة من قبل الحكومة؛ لتكون كمراكز لتجميع الحاصلات الزراعية في المناطق المختلفة، وتحليلها للاطمئنان من عدم وجود متبقيات مبيدات تضر بصحة المصريين، والاستفادة من خبرة العلماء لوضع اشتراطات تليق بالمستهلك المصري أسوة بالقيود على التصدير طبقا لمواصفات الخارج للحفاظ على صحتهم.
 
الزيادة السكانية المستهلكة هل يمكن استغلالها لصالح نهضة القطاع الزراعي؟
 
الطفرة التي يشهدها القطاع الزراعي وخاصة فيما يتعلق باستهداف القيادة السياسية زيادة مساحة الأراضي الزراعية بنسبة 50% حتى 2030، نجد أننا سنكون بحاجة ملحة وضرورية لزيادة أعداد الذكور من خريجي كليات الزراعة والمدارس الزراعية بنسبة 5٠٪، حتى لا نجد انفسنا مستقبلا أمام أزمة في قلة أعداد المتخصصين بالقطاع الزراعي.