ربع تعاونوا ما ذلوا
11:55 م - الأربعاء 26 يونيو 2024
كنا نسمع من أشقائنا الكويتيين عندما كنا ندرس بجامعة الكويت خلال الفترة 1968-1972 هذه العبارة «ربع تعاونوا ما ذلوا» في أحاديثنا معهم ومع التمثيليات والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية التي كانت تنتجها وزارة الإعلام، أو المسارح الوطنية... وهي عبارة أيضاً يكررها أبناء الخليج العربي بحكم أن الجميع كان قد ورث ذلك من الآباء والأجداد الذين كان البحر مصدر رزقهم وتجارتهم وكانوا بحاجة ماسة لبعضهم البعض في الحل والترحال...
واليوم مع تعقد الحياة وتشابك المصالح، والأخطار التي تواجهنا وقد تواجهنا مستقبلاً نشعر بأننا بحاجة ماسة وضرورية لهذه العبارة قولاً وفعلاً؛ فقلب وفعل الأخ لأخيه ليس فيه منة، بل هو واجب وطني وقومي وإنساني تمليه علينا القيم الدينية والوطنية والإنسانية بحكم الجيرة والقرابة والمصالح المشتركة... كنت والصديق المرحوم أحمد بن سعيد بن عبداللطيف الودعاني الدوسري مثواه الجنة قد عزمنا في صيف أحد الأيام أن نبحث عن عمل في العطلة الصيفية وكنا لا نزال في المرحلة الإعدادية من الدراسة، وكان يرحمه الله قد أتصل بأخيه لأمه في الخبر بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية المرحوم خالد الدوسري وطرح عليه فكرة أن نعمل سوياً في العطلة الصيفية وأن نزوره أولاً في بيته بالصبيخة ومن ثم ننطلق إلى إدارة العمل والعمال بالدمام ونأخذ بطاقة البحث عن عمل وكانت قيمتها ريالين سعوديين وأن نستعين بأحد أبناء عمومته «حمود الدوسري» الذي كان يعمل في ميناء الملك عبدالعزيز بالمنطقة الشرقية مع أحد المتعهدين بتوفير كتاب تسجيل البضائع وعندما أجرى لنا لقاء وامتحان قدرات كتب لنا أن نجتاز هذه الإمتحانات والمقابلة الشخصية وأن نعمل من يومها على باخرة جلبت بضائع للسعودية وتسليم الأوراق الرسمية للجهة الطالبة للبضاعة دون نقص أو زيادة، وكان والحمد لله امتحان عملي حققنا فيه النتيجة المطلوبة.
كانت العطلة الصيفية في ذلك الوقت، خصوصاً بعد مرحلة الإبتدائية وأثناء المرحلة الإعدادية بمثابة إمتحان لنا للعمل وهي تجربة حياة عملية إستعداداً للتخرج من الثانوية العامة والسعي للحصول على وظيفة نساعد فيها الأهل ونتحمل مصاريف حياتنا المستقبلية، رغم أن حلمنا لم يغب في إكمال الدراسة الجامعية، لكن الوصول إلى هذه المرحلة تتطلب الكثير من الإستعدادات ومن بينها النتيجة المعتبرة والمجموع المؤهل وموافقة الأهل على السفر... ظل هذا الحلم يراودنا إلى أن أعلنت نتيجة الثانوية العامة القسم الأدبي وكان المجموع يؤهلني للإلتحاق بالدراسة الجامعية كانت المغريات كثيرة للدراسة الجامعية فجامعات جمهورية مصر العربية تستقبل الطلبة العرب وجامعات العراق كذلك وجامعة دمشق وغيرها من جامعات الوطن العربي غير أن جامعة الكويت وكانت وليدة قد رحبت بأبناء وبنات البحرين للدراسة مع توفير كل مستلزمات التعليم من دراسة وسكن ومواصلات ومعيشة وكانت جهود بذلت من قبل إدارة التعليم بالبحرين والمرحوم صالح شهاب وكيل وزارة الإعلام للسياحة يومها الذي كانت له صداقات واسعة وطيبة مع البحرين وكان هو وبعض أصدقائه من الكويتيين قد درسوا بمدرسة الصناعة بالبحرين ومن يومها كان هو يرحمه الله الحريص على إنضمام أبناء وبنات البحرين إلى جامعة الكويت وبالفعل كان العدد كبيرًا من أبناء وبنات البحرين الذين شعروا بأنهم بين أهلهم وذويهم فكان تجسيد عبارة «ربع تعاونوا ما ذلوا» ماثلاً ومحققاً للأهداف من التعاون الوثيق بين الأهل والأصدقاء والمعارف.
أشعر اليوم إننا بحاجة ماسة لهذه العبارة «ربع تعاونوا ما ذلوا» فتجارب الحياة علمتنا حتمية هذا التعاون ومع تعقد الحياة وتشابك المصالح، فإن البذل والعطاء والإستفادة من تجارب الأشقاء تجعلنا في وضع يحتم علينا أن نمد اليد لكل محتاج من الأشقاء والأصدقاء، فالدم يحن كما يقال إننا نشعر بأن ظروفنا واحدة، وأهدافنا إن التقينا من أجلها تحتم علينا التعاون إلى أقصى الحدود، فلا منة لشقيق على شقيقه، واليوم إن احتجت لصديق فغداً هو يحتاج إليك، فلا منة لأحد على أحد خصوصًا وإذا علمنا بحجم الأخطار المحدقة بنا جميعًا...
إن تفعيل هذا القول يحتاج إلى جهود طيبة مضنية لكننا إذا علمنا فائدتها ومنفعتها لكل مواطن نشعر بأننا معنيين جميعًا بتطبيق كل ما يفيد مجتمعنا ويقوي الأواصر بيننا ويزيد من لحمتنا الوطنية والقومية.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..