السوق العربية المشتركة | جولات «السوق العربية» تكشف أباطرة تجارة الخردة فى مصر

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 00:24
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

جولات «السوق العربية» تكشف أباطرة تجارة الخردة فى مصر

محرر «السوق العربية» فى جولة داخل أسواق الخردة
محرر «السوق العربية» فى جولة داخل أسواق الخردة

استثمارت بـ30 مليارا لحساب 30 تاجرا فقط
العمال: نعانى الإهمال ونطالب بتطبيق قانون العمل
أصحاب الورش: المصدرون احتكرو السوق لصالح الأجانب
الخبراء: الخردة تهدد الاقتصاد القومى بسبب غياب الرقابة

يبدو أن أحداث المسلسل الدرامى (لن أعيش فى جلباب أبى) للفنان نور الشريف الذى جسد فيه شخصية عبدالغفور البرعى المليونير الثرى أو تاجر الخردة هى ليست مجرد خيالات سيناريست بل واقع فرض نفسه فى عالم تجارة الخردة حتى أصبحت المهنة لها أباطرة وبيزنس يقدر بمليارات انقسمت بين مصدرين للخردة ومصنعين لها .



ولكن على الجانب الاخر تجد وجوها لعمال كادت تختفى ملامحهم من أثر (الشحم) الذى اعتلاها وحالة من الضجيج الدائم والمستمر بسبب الطرقات المتلاحقة على أجزاء الخردة حتى يتمكنوا من فصل مكونتها عن بعضها البعض ووسط كل هذا كثيرا ما تسمع (دندنات) لبعض الأغانى التى تشد من أزرهم لمواصلة العمل.

(السوق العربية) عاشت التجربة مع جميع أطرافها وفى أكثر من مكان من أشهر أماكن تجارة الخردة فى مصر (السبتية- وكالة البلح- شارع الجسر- سوق العاشر) لترصد واقع هذا العالم ذات القوانين الخاصة به أو بيزنس العائلات حيث تحكتر عائلات بعينها تلك التجارة عن طريق توريثها إلى أبنائهم ونادرا ما يضاف عليها غرباء على حد قولهم لها بورصة عالمية خاصة بها ومزادات وسريحة وقوانين مشهرة واخرة عرفية لا يجوز التعدى عليها يقدر حجم التعامل السنوى بأكثر من 35 مليار جنيه ومواسم ازدهار وأخرى ركود ومعظم تعاملاتها خارج نطاق السيطرة بسبب ضعف الرقابة وعدم احكام السوق.

الجدير بالذكر أن تجار الخردة يختلف نشاطهم عن صناع الخردة الأول يقوم بتصدير المكونات النهائية للخردة بعد فصلها وتحديد نوعيتها سوء نحاس أو المونيوم أو حديد وأبرز أماكن انتاج للخردة هى مزادات الشرطة والجيش والمصانع والشركات ويتم بيعها إلى التجار ومنهم إلى الصناع لتجهيزها وهم الفئة الأقل استفادة من تلك التجارة ثم العمال وهم الكادحون.

عمال الخردة

يقول سيد ضاحى اننا توارثنا العمل فى تلك المهنة الشاقة منذ زمن بعيد وهى لمن لا يعرفها عبارة عن كنوز ملقاة على الأرض ولها مشايخ مهنة وقوانين خاصة بها منذ بداية انتشارها فى مصر عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وقيام بعض المصريين بالمتجارة فى قطع مخلفات الحرب وقطع الحديد الخاصة بالمعدات وفصل مكونات المواتير من نحاس والمونيوم وساهم فى زيادة انتشارها مصانع الحديد والصلب سواء الحربية أو الخاصة وتزايد الاقبال على طلب الخردة لاعادة تدويرها ويزيد عدد التجار بشكل بطىء حيث لا يتجاوز عددهم 1000 تاجر على مستوى الجمهورية منهم حوالى 30 فقط هم الذين يطلق عليهم أباطرة المهنة.

اضاف حسانين شوقى أحد صناع الخردة بوكالة البلح أن بداية منظومة العمل فى مجال الخردة يبدأ من (السريحة) وهم الفئة التى تقوم بشراء الخردة بجميع انواعها من المواطنين مباشرة من منازلهم وهم لهم الفضل فى جمع تلك الكميات الكبيرة من اطنان الخردة وهم فى جميع محافظات مصر وهو قطاع لا يستهان به حيث يصل عددهم إلى أكثر من 300 ألف عامل ولكل مجموعة ما يسمى بالمصب يتم تجميع الخردة لديه وهم لا يتجاوز عدهم 30 تاجرا من كبار تجار الخردة معرفون بالأسماء لاحتكارهم السوق وهؤلاء السريحة يجمعون حوالى 60 فى المائة من حجم الخردة الموجود فى السوق والباقى من المزادات التى تقدمها المصانع والشركات والجيش ومعظم هذه المزادات تقتصر على هؤلاء الأباطرة أما نحن فيقتصر دورنا على القيام بعملية الفصل لموكونات الخردة واستخراج الكنوز التى بداخلها من النحاس والحديد وغيرها من المعادن ثم يقوم التجار ببيعها لمصانع واشهرها مصانع حديد عز وبشاى ونحن لا نجنى ثمار تعبنا الحقيقى فليس لدينا نقابة تدافع عنا وتطالب بحقوقنا من أباطرة المهنة وكثيرا ما طالبنا بعمل تأمين صحى ومعاشات وتطبيق قانون العمل خاصة أن المهنة بها كثير من المخاطر، وأرجع شوقى سبب عزوف الشباب عن تلك المهنة هو تدنى الأجر مقابل زيادة المجهود المبذول ولذلك لم يدخل المهنة غرباء ولذلك نجد أن متوسط عمر العاملين بها لا يقل عن 45 سنة.

وأشار عزت طوخى من صناع الخردة إلى أن هناك أماكن معينة اشتهرت بصناعة الخردة مثل السبتية والوكالة وشارع الجسر والمنصورة التى اشتهرت بخردة السيارات ومن أشهر الدول التى تصدر اليها الخردة السعودية والكويت والتى يعاد تدويرها مرة اخرى فى تلك الدول وعلى سبيل المثل أن حجم تعاملات منطقة السبتية يوميا حوالى 30 طنا ويوجد داخل مخزنها حوالى 500 ألف طن خردة نحاس وحديد ولدينا مواسم ازدهار للصناعة حينما تقام المزادات ولدينا عملاء مباشرون من المواطنين الباحثين عن منتجات أو قطع غيار معينة ولا شك أن المنتجات الصينية احدثت حالة ركود لتلك القطع أو الخردة القابلة للتشغيل مرة اخرى.

وصرح الحاج عبده سيد عبدالله من كبار تجار الخردة بأن تلك المهنة عبارة عن مناجم ذهب للثروات الخفيفة والتى لا يعرفها الكثيرون الا ابناؤها فنحن جمعنا ثروتنا من تلك المهنة التى لها قانون خاص بها بجانب قوانين السوق المعروفة فكثيرا ما يجتمع التجار على تحديد أسعار الخردة من شراء وبيع.

وأضاف سيد بان الخردة هى مليارات مهملة وتؤثر بالطبع على الدخل القومى للدولة إذا أحسن استغلاها فمثلا سعر طن النحاس الأحمر حوالى 50 ألف جنيه بعد الفصل والأصفر حوالى 30 ألف جنيه والألمونيوم حوالى 12 ألف جنيه وأسعار الحديد متغيرة حسب معطيات السوق بجانب خردة البلاستك سريع الانصهار والتدوير وخردة السيارات وللأمانة فإن معظم هذه الأرقام والمليارات لا تحصل الدولة منها على حقها الطبيعى والقانونى المتمثل فى الضرائب حيث يتحايل بعض التجار على القانون خاصة قانون عام 2002 لفرض رسوم جمركية على التصدير خاصة الخردة بواقع 1500 جنيه للطن حيث يساهم ذلك فى تحريك السوق المحلى والبيع بأسعار مخفضة تساهم فى تشجيع الصناعات الوطنية ولكن ما يحدث هو قيام بعض التجار بصهر تلك المعادن ودمجة فى ورش صغيرة بعد فصلها وكأنها سبائك حديد أو نحاس بدافع تقليل الضرائب المفروضة عليهم ويجب أن تقل كميات التصدير لضمان استمرار تشغيل السوق المحلى حيث تنذر المؤشرات الأولية للمهنة بوجود عجز مؤكد فى كميات الخردة التى تجمع من السوق خاصة من السريحة بسبب حالة الركود وعدم إقبال المواطنين على شراء منتجات جديدة والاستغناء عن القديمة نظرا للظروف الاقتصادية فنحن نمثل أحد أوجه النظام الاقتصادى من بيع وشراء وتصدير.

مطالبين بوجود خبراء مثمنين داخل قطاع الضرائب والقيام بحملات مفاجئة على مخازن التجار والمصدرين لتحديد قيمه الضريبة المستحقة عليها لأن بداخل المهنة العديد من الكواليس لا يدركها إلا العاملون بها مع ضرورة تقديم كل تاجر بيانات نشاطه وحجم تعاملاته من تصدير أو تعامل مع المصانع المحلية على مسؤليته الخاصة ثم تغليظ العقوبة للمخالفين بإيقاف انشطتهم ودفع غرامات كبيرة لأن هذه الأموال خارج السيطرة.

المصدرون

يرى فوزى السيدأحد كبار مصدرى الخردة بوكالة البلح أن الناتج المحلى السنوى من الخردة من الشركات والمصانع لا يستهلك من السوق المحلى سوى 30 فى المائة فقط بسبب حالة الركود بالاضافة إلى أن هناك مصروفات اخرى مثل التخزين والنقل والتشوين والحراسة والتأمينات التى نتحملها إذا لم نقم بتصدير ما لدينا من خردة بجانب إلى أن مصر لا تملك التكنولوجيا الحديثة لصهر وفصل تلك المعادن بصورة جيدة ونعتمد على الطرق اليدوية لعمال وصناع المهنة التى يوجد بها الكثير من الأخطاء التى يتم اكتشافها فى إعادة التدوير خاصة فى الاسلاك الكهربائية ومواتير النحاس.

الخبراء

أضاف الدكتور ياسين معوض أستاذ هندسة المعادن والخبير الاقتصادى أن تلك الصناعة أو المهنة هى عبارة عن ثروات مدفونة لا نقدر قيمتها فيكفى القول أن حجم استثماراتها يصل إلى 30 مليار جنيه سنويا لكن مصنفة فى عالم الاقتصاد بأنها أموال مهدرة بسبب فقدان سيطرة الدولة عليها بالإضافة إلى سياسة الاحتكار المتبعة من أباطرة المهنة فهذا الرقم الكبير من الاستثمار لا يقوم بتشغيل أيدى عاملة كبيرة بجانب ظاهرة التهرب الضريبى من أرباب المهنة ما يضيع على الدولة سنويا أكثر من 30 مليون جنيه ضرائب مع بداية ظهور العجز داخل الأسواق المحلية بسبب التصدير العشوائى المتبع من قبل المصدرين بغرض الثراء السريع بصرف النظر عن الاعتبارات القومية وغيرها. أضاف المستشار ايمن الخواجة الخبير المثمن بقطاع التعدين أن تجارة الخردة تدر الملايين لأصحابها خاصة من صفقات بيع خردة مصانع قطاع العام حيث لا يوجد فنيون قائمون على إدارة تلك المزادات فبذلك تهدر الملايين على الدولة بسبب غياب الكفاءات وكثيرا ما حدث أزمات فى قطاع النحاس والحديد بسبب نهم التجار على التصدير بأسعار تأثرا بها السوق المحلى فيجب عودة سيطرة الدولة كما كان فى الستينيات. وصرح مصدر مسئول بمصلحة الضرائب العامة بأن تجارة الخردة بمصر من المهن التى يصعب على خبراء الضرائب الإلمام بمفرداتها من حيث حجم تقديرهم الأسعار المطروحة أو المتوقع التعامل بها خاصة أنها تمر بالكثير من المراحل من حجم معاملات بيع وشراء وعمال وسريحة ومعاملات كبار التجار وأصحاب الورش بجانب انتشار معظم المخازن خارج المدينة وعدم تسجيلها وأحيانا نستعين بخبراء أثناء عملية الجرد.