حملات عديدة لضبط الأسواق والأسعار.. والخبراء: على المواطن المصرى مساعدة الدولة فى الإبلاغ عن أى تاجر يرفع الأسعار
إيمان شهاب
أحمد شيحة: منافذ الحكومة تكشف حجم المكاسب الضخمة التى تحققها بعض شركات الاستيراد المسيطرة
وائل النحاس: لابد من إبرام عقود مع شباب خريجين وتدريبهم على أعمال الرقابة لمساعدة مفتشى التموين فى السيطرة على الأسواق
تعيش الأسواق فى الوقت الحالى حالة من التلاعب وارتفاع فى أسعار السلع الغذائية والمنتجات، حيث تشهد تذبذباً غير منطقياً فى الأسعار، مما أثر على عمليات البيع والشراء، وهذا كان السبب فى غضب وتوتر الشارع المصرى لما يحدث، فإنهم غير مدركين للأسباب الحقيقية وراء ذلك، فقد اختلفت الآراء بشأن سبب ارتفاع الأسعار واختلافها من مكان لآخر، حيث انقسمت الآراء إلى فريقين؛ فريق يرون أن الأسباب تكمن فى أسباب عالمية، حيث يشهد العالم بأكمله ارتفاع فى الأسعار، والآخر يرى أن سبب هذه المشكلة يرجع إلى أسباب محلية ناتجة عن أزمة الدولار ونقص المستلزمات اللازمة للإنتاج، بالإضافة إلى جشع التجار، وشركات الاستيراد، واحتكارهم لبعض السلع.
مع اقتراب نهاية هذا العام، لا تزال هذه المشكلة تشغل الحديث فى مصر فى كل مكان، بما فى ذلك وسائل التواصل الاجتماعى، حيث ينادى الناس بوضع حد لارتفاع الأسعار والسيطرة على الأسواق لمنع التلاعب بالأسعار، لذا اتخذت الحكومة عدة إجراءات للتصدى لهذه الأزمة، مثل إنشاء عدة منافذ لبيع المنتجات الغذائية بأسعار معقولة فى جميع محافظات مصر، بالإضافة إلى توفير أرقام للإبلاغ عن الاحتكار والتلاعب فى الأسعار فى الأسواق، كما أعد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وثيقة للرد على قضايا ارتفاع الأسعار، ولزيادة الوعى بالقضايا الاقتصادية الرئيسية وغيرها من الإجراءات التى اتخذتها الدولة لمحاولة السيطرة على ارتفاع الأسعار، وتحقيق استقرارها والسيطرة على الأسواق، وعلى الرغم من ذلك، فإن الأزمة لم تحل نهائياً، ولم يتمكن المواطنون من معرفة السبب الحقيقى وراء ارتفاع الأسعار الغير مبرر والتلاعب بها، لذلك أجرينا تحقيقاً عن طريق استطلاع آراء الخبراء لمعرفة أهم الأسباب، وكم من المدة ستستمر هذه الحالة، وما هو الحل المناسب؟
فى البداية، قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بإتحاد الغرف التجارية السابق، بأن الأسعار فى مصر ليس لها علاقة بأسعار السلع العالمية، إنما الارتفاع المستمر فى أسعار السلع يعود بشكل مباشر إلى ظاهرة الاحتكار من قبل بعض المستوردين والشركات الذين يستغلون أزمة الدولار فى رفع الأسعار بنسب غير طبيعية، إضافة إلى ضعف الرقابة فى ظل وجود أكثر من 4.5 مليون تاجر تجزئة يعملون فى السوق المصري، موضحاً بأن الأسعار التى تطرحها الحكومة فى منافذ "أهلاً رمضان - كلنا واحد" والتى هى أقل بنسب كبيرة عن الأسعار المطروحة فى القطاع الخاص، لذلك تكشف عن حجم المكاسب الضخمة التى تحققها بعض شركات الاستيراد التى تسيطر على أنواع معينة من السلع.
ونوه شيحة، إلى أن الحكومة المصرية تبذل ما فى وسعها للسيطرة على الأسعار، وتوسيع الإنفاق الاجتماعي، ووضع خطط لضبط هذه الأسعار وضبط الأسواق لحماية المستهلك من تلاعب فى الأسعار من قبل التجار، مشيراً إلى أن الحل النهائى لهذه المشكلة يتمثل فى قيام الحكومة بفتح المجال أمام المستوردين فى جميع القطاعات، حتى نشهد منافسة حقيقية بين التجار والمستوردين.
بينما قال حاتم النجيب، رئيس شعبة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، بأن اختلاف الأسعار فى بعض المناطق وارتفاعها فى مناطق آخرى يرجع إلى تعدد الحلقات الوسيطة الذى يمر به المنتج وصولاً للمستهلك فهذا الفارق فى الأسعار، البعض منه يمكن تبريره والبعض الآخر لا يمكن، مضيفاً بأن أسعار الخضروات والفاكهة بأسواق الجملة المنتظمة ثابتة ولا تتغير كما هو الحال عند البائعين بالمناطق الشعبية، مشيراً إلى أن هنال العديد من أسواق الجملة الغير منظمة والتى انتشرت فى القاهرة الكبرى وتضم محافظات القاهرة والجيزة، وصل عددها إلى أكثر من 100 سوق، مؤكداً بأن تلك الأسواق تشكل السبب الرئيسى فى ارتفاع الأسعار نتيجة لتسعيرها العشوائى للسلع والمنتجات، ويجب على الحكومة والجهات الرقابية ضم تلك الأسواق إلى الأسواق المنتظمة المعترف بها التى لا تسمح بالتسعير العشوائى للسلع.
ومن جهه آخري، أفادتمحمود العسقلانى، رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، بأنه تم إصدار تعليمات لتكثيف الحملات التموينية والرقابية للمراقبة على محلات السلع الغذائية، وضبط الأسعار والتصدى لأى احتيال من قبل التجار، مضيفاً بأنه تتضمن هذه الحملات إصدار محاضر ضد أى محل يعرض السلع الغذائية بدون الإعلان عن أسعارها للمستهلكين، وذلك وفقًا للقانون الذى يحظر البيع بدون إعلان السعر أو البيع بأسعار أعلى من السعر الرسمي، مشيراً إلى أن هناك عدة طرق يوفرها جهاز حماية المستهلك للتواصل وتقديم الشكاوى متمثلة فى إرسال نص الشكوى عبر الموقع الرسمى للجهاز، أو التواصل معهم بواسطة وسائل الاتصال المختلفة.
وأكد العسقلاني، على أن الحكومة قامت بتحذير التجار والصناع من ضرورة وجود سعر على كل سلعة معروضة للبيع فى الأسواق، ولكن لا يزال هناك بعض أصحاب المحلات والسوبرماركت الذين لا يلتزمون بهذا الإجراء ويقومون بتغيير الأسعار بشكل يومى دون تحديد هامش الربح المحدد، لافتاً إلى الدور السلبى لبعض المواطنين الذين لا يبلغون عن التجار المخالفين والمحتكرين، مشدداً على ضرورة اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات فورية وعادلة لضبط الأسواق وحماية حقوق المواطنين.
كما أثنى رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، على جهود مديرية التموين فى مكافحة الغش التجاري، ورقابة الأسواق، وإصدار عقوبات ضد أى محل يخالف القوانين، بما فى ذلك التعامل السريع مع المتاجر التى تبيع سلعًا منتهية الصلاحية، مؤكداً أهمية التنسيق بين الجهات التنفيذية المعنية، مثل مديرية التموين والأحياء، لكبح جميع أشكال الاحتكار وحماية مصالح وصحة المواطنين.
وفى هذا الصدد، توقع الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، ونائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، أن تشهد الأسواق فى الفترة الحالية انخفاضًا فى الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالسلع الغذائية والسلع الاستراتيجية، وذلك بناءً على المؤشرات والقرارات الحكومية الحالية، مشيراً إلى أن المعارض التى تقيمها مصر، مثل معارض "أهلاً رمضان"، ومبادرة "كلنا واحد" التى تقدم تخفيضات كبيرة على السلع الغذائية بنسبة تزيد عن 25%، تلعب دورًا كبيرًا فى توفير السلع للمواطنين والمساعدة فى ضبط الأسعار، موضحاً بأن بعض الخضروات شهدت بالفعل انخفاضًا فى الأسعار خلال الفترة الحالية، ولكن لابد من تقليل الحلقات الوسيطة بين المزارع وتجار التجزئة، حيث يمكن أن تكون هذه الحلقات سببًا فى زيادة الأسعار أحيانًا.
ويرى غراب، بأن هناك تغيرات تحدث فى مصر فى الوقت الحالى ستساعد فى ضبط سعر الصرف واستقرار الأسعار، مثل الصفقات الضخمة على شركات محلية، وزيادة العوائد من السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، وتدفقات إيرادات قناة السويس، مضيفاً بأن انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" ستساهم أيضًا فى ضبط سعر الصرف وجذب استثمارات جديدة، وستسهل عمليات التصدير والاستيراد مما سيساهم بشكل كبير فى ضبط الأسعار والأسواق لتوافر المنتجات.
ومن ناحيته، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادى،تأن عدد مفتشى وزارة التموين غير كافٍ للرقابة على جميع التجار فى مصر، ويرجع ذلك إلى عدم وجود تعيينات فى الجهاز الإدارى للدولة، ولهذا السبب، قامت وزارة التموين مؤخرًا بفتح الباب أمام الجهات الأخرى فى الدولة لندب موظفيها للعمل فى الوزارة، ولكن كانت المفاجأة أن أعداد الراغبين فى العمل فى وزارة التموين قليلة جدًا، وبسبب ذلك، تستعين وزارة التموين بجهاز حماية المستهلك، ومباحث التموين فى محاولة للرقابة على التجار، مقترحاً بأن يتم إبرام عقود مع شباب خريجين وتدريبهم على أعمال الرقابة، لمساعدة مفتشى التموين فى السيطرة على الأسواق المصرية، ولحل هذه الأزمة.
ويرى النحاس، أن زيادة عدد مفتشى التموين ضرورى للتصدى للتحديات المتزايدة والتوسعات فى الأسواق، مشدداً على دور المواطن المصرى فى مساعدة الدولة، حيث يجب عليه الإبلاغ عن أى تاجر يقوم برفع الأسعار، مؤكداً بأن تعاون المواطن مع الأجهزة المعنية مثل مباحث التموين ووزارة التموين وحماية المستهلك، يساهم فى تطبيق العقوبات اللازمة، والحد من حدوث ارتفاعات فى الأسعار وتجاوزات فى الأسواق، لافتاً إلى أن بعض التجار لا يلتزمون بتوجيهات الدولة ويرفعون الأسعار بشكل غير مبرر، سواء لأغراض سياسية أو من أجل تحقيق أرباح غير مشروعة، وعلى الرغم من المبادرات التى اتخذتها الدولة فى السنوات السابقة لفتح الأسواق وتوفير السلع بتخفيضات، إلا أن بعض التجار لا يزالون يسعون إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة عبر رفع الأسعار وإثارة الشح فى السوق.
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن الحكومة تعمل جاهدة لإيجاد بدائل وحلول لهذه الأزمة، وتعمل أيضًا على توسيع الأسواق وتعميمها فى جميع مناطق البلاد، منوهاً إلى أن الرقابة التموينية لابد عليها تكثيف جهودها، وتشديد الرقابة على الأسواق ومكافحة الانتهاكات، كما لابد أن يتعاون القطاع الحكومى والمواطن المصرى سويًا لمواجهة هذه التحديات لضمان استقرار الأسواق وحماية حقوق المستهلكين.