من قمة جدة إلى قمة المنامة
05:08 م - الأحد 28 مايو 2023
برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه التأم شمل العرب في القمة العربية 32 في مدينة جدة عروس البحر الأحمر التي ازدانت بأعلام الدول العربية وبشعار «قمة جدة» وبشعار «جامعة الدول العربية» وشعرنا منذ اللحظة الأولى التي وطئت أقدامنا الوطن الشقيق إن العرب لابد لهم من بعضهم بعضاً فالآمال واحدة، والتطلعات واحدة والألم واحد وإن تعددت الأسباب، وكان الصوت المسموع هو الإعتماد على الذات وتذليل العقبات والتغلب على مشاكل كل قطر؛ بحيث يكون الهم واحد ولابد من تجاوزه من خلال التضامن والتعاون، والبذل والعطاء..
نعم مرت علينا ظروف، ولا زلنا نتوقع أن تلم بنا ظروف، والأمل في إرادتنا مجتمعين ستخلق من العقبات والتحدي مكاناً للبذل والعطاء من أجل خير أوطاننا ومواطنينا، وربما لم تحظَ قمة بما حظيت به قمة جدة وقبلها قمة الجزائر، فعلى الرغم من تطلع القادة في كل القمم العربية للمستقبل، وتجاوز التحديات والعقبات، إلا أن الظروف التي مرت بها أمتنا العربية منذ العام 2011م جعلت شعوبنا في كل أقطارنا العربية تتطلع لأن تسفر القمة على الرغبة في التعاون وبذل الجهود الطيبة لتجاوز المحن والعقبات والتحديات.
نعم نتعاون مع الغير ممن يريدون الخير لهم والصيت والسمعة، ويريدون لنا أن نتعاون معهم للخير، بحيث ينالون قسطاً من التعاون الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي والاجتماعي والثقافي مجتمعين، وقد كان الماضي مفعماً بالمصالح المتبادلة والمشتركة، ولكن ظل الانفراد بالإرادة الحرة طريقاً لإثبات الذات والتعاون المشترك لما فيه الخير للجميع، والإحساس الأممي بأنه لابد لنا من البذل والعطاء من أجل الخير، والنظر إلى المستقبل المنظور، بحيث نمضي قدماً لما يخدم أوطاننا ومواطنينا.
كانت الكلمات التي ألقيت في مؤتمر القمة العربية صريحة وشفافة ولم تخفِ الآمال التي ينشدها القادة لما فيه الخير للجميع والتذكير بأن الخلافات لا تأتي أبداً بخير وتمنوا الخير للبلدان التي لازالت تعاني من الخلافات حتى وصل الأمر لإستخدام السلاح ونتج عن ذلك وقوع ضحايا لا ناقة لهم ولا جمل كما يقول المثل العربي..
نعم نحن بحاجة إلى الصراحة في القول والعمل، ولابد لنا من بعضنا بعضاً وعلينا أن ندرك أن مصيرنا واحد وآمالنا يجب أن تكون واحدة، واستمرارية عقد مؤتمرات القمة العربية طريقاً للتفاهم بعد اجتماعات وزراء الخارجية العرب، والمندوبين الدائمين بجامعة الدول العربية، تمهيداً لكل هذه الآمال والتطلعات، وإنشاء جامعة الدول العربية فكرة رائدة، ونحن نعيش في ظلها ونثق إنها تمثلنا جميعاً وعلينا دعمها ومؤازرتها مع إيماننا بأن يكون لنا الصوت الموحد في منظمة المؤتمر الإسلامي، والاتحاد الأفريقي ودول عدم الإنحياز، ويكون لنا الإسهام أيضاً في المنظمات والملتقيات المختلفة وأن نشجع أبناء الوطن العربي لتقلد مناصب دولية في المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة فالتواجد العربي القوي في بلدان صديقة يجعل من تواجدنا قوة ومنعة، ونستفيد من خبرات بعضنا بعضاً..
لقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه في افتتاح قمة جدة على أهمية هذه القمة وما تم التوصل إليه من قرارات تدفع بالعمل العربي المشترك خطوات واثقة إلى الأمام، مؤكداً رعاه الله على أهمية لم الشمل العربي لما فيه الخير لبلداننا العربية.. لقد استضافت الشقيقة المملكة العربية السعودية الكثير من المؤتمرات والمنتديات، وهي تؤكد على دورها الرائد في التعاون الدولي بالإضافة إلى ما يخدم المصالح الإقتصادية والمالية والسياسية مع الدول الشقيقة والدول الصديقة، وهو دور مشهود له بالتميز وقال سموه حفظه الله في كلمته «يسرنا أن نرحب بكم في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية وأن نرحب بضيف القمة فخامة الرئيس فولوديمير زيلنسكي رئيس أوكرانيا ونأمل أن تكلل جهودنا بالتوفيق والنجاح كما يسرنا أن نشكر فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشقيقة عبدالمجيد تبون على جهوده المبذولة خلال ترؤس بلاده للدورة السابقة ونشكر معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية وجميع العاملين فيها على ما يبذلونه من جهود لخدمة العمل العربي المشترك وأضاف سموه«نؤكد لدول الجوار والأصدقاء في الغرب والشرق إننا ماضون للسلام والخير والتعاون والبناء بما يحقق مصالح شعوبنا ويصون حقوق أمتنا وإننا لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى ميادين للصراعات ويكفينا مع طي صفحة الماضي تذكر سنوات مؤلمة من الصراعات عاشتها المنطقة وعانت منها شعوبها وتعثرت بسببها مسيرة التنمية».
وأضاف سموه «ومما يسرنا اليوم حضور فخامة الرئيس بشار الأسد لهذه القمة وصدور قرار جامعة الدول العربية بشأن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في إجتماعات مجلس جامعة الدول العربية ونأمل أن يسهم ذلك في دعم استقرار سوريا وعودة الأمور الى طبيعتها واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي بما يحقق الخير لشعبها وبما يدعم تطلعنا جميعاً نحو مستقبل أفضل وقد تطرق سموه في كلمته الى القضية الفلسطينية واستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. كما تطرق سموه الى حل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية»، كما أضاف سموه بشأن السودان «نأمل أن تكون لغة الحوار هي الأساس للحفاظ على وحدة السودان وأمن شعبه ومقدراته وفي هذا الصدد فإن المملكة العربية السعودية ترحب بتوقيع طرفي النزاع على إعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين وتسهيل العمل الإنساني.
واختتم سموه كلمته بالقول:«إن وطننا العربي يملك من المقومات الحضارية والثقافية والموارد البشرية والطبيعية ما يؤهله لتبؤ مكانة متقدمة وقيادية، وتحقيق نهضة شاملة لدولنا وشعوبنا في جميع المجالات».
كما كانت كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه المملكة التي ستحتضن إن شاء الله في العام 2024م القمة العربية الـ33، حيث قال جلالته الأخ العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس القمة العربية أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أصحاب الجلالة والفخامة والسمو معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية»على بركة الله نجتمع اليوم في ضيافة أخينا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لنجدد العزم ولنواصل مسيرة العمل العربي المشترك، بإرادة حرة وتصميم ذاتي وبروح التضامن الجماعي المخلص، كي نؤسس للاستقرار والرخاء والوئام الذي لابد أن تنعم به شعوبنا، وسبيلنا لتحقيق ذلك، نهج السلام العادل والشامل، وهو نهج لا بديل له، لمعالجة كافة القضايا العالقة لضمان الأمن والإستقرار والمصالح الحيوية لازدهار دول المنطقة دون استثناء، وأضاف جلالته ونرحب أشد الترحيب بالمساعي العربية الجادة التي نجد فيها بوادر مبشرة لبلورة نظام إقليمي متحد ومتوازن، والمتمثلة في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، واستمرار الهدنة الإنسانية في اليمن والجهود الجادة لحل أزمتها، والعود الحميد للشقيقة سوريا إلى بيت العرب الكبير.
وأضاف جلالته «ونؤكد على هذا الصعيد ضرورة وقف الاشتباكات المسلحة في السودان وعودة أمنه واستقراره وحفظ حقوقه المشروعة إلى جانب حقوق الشقيقة مصر في مياه النيل وبالعمل على استكمال مسيرة السلام للوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية وهو حل الدولتين وفق مبادرة السلام وبما يضمن حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفي ختام كلمة جلالته الشاملة والوافية قال جلالته:«كما يطيب لنا أن نعرب عن ترحيبنا بكم في بلدكم مملكة البحرين لاجتماعات القمة العربية المقبلة في العام 2024م بعون الله تعالى».
إن جامعة الدول العربية هي بيت العرب ومن خلالها يتم تنفيذ العمل العربي المشترك لما يخدم الأهداف التي أُنشئت الجامعة من أجلها، والتحضيرات للاجتماعات المتعددة تحظى باهتمام بالغ، وقد تحدث معالي السيد أحمد أبوالغيط الأمين العام للجامعة العربية في افتتاح القمة العربية قائلاً«أبدأ كلمتي بتقديم جزيل الشكر والامتنان إلى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وإلى شعب المملكة العربية السعودية الكريم على ما أحطنا به من رعاية وحُسن وفادة منذ وصولنا إلى هذه الأرض المباركة».
وأضاف معاليه:«إن المشهد الدولي يمر بواحدة من أشد الفترات خطورة في التاريخ المعاصر، وأراه زمن استقطاب وتنافس هائل بين القوى الكبرى على حساب القوى الأصغر أو المنفردة، ولذلك فليس أمام الدول العربية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة سوى أن نستمسك بالمصالح العربية معياراً أساسياً للمواقف الدولية وأن تلتزم بالتنسيق فيما بينها وبالعمل الجماعي سبيلاً أكيداً لتعزيز الكتلة العربية في مواجهة ضغوط الاستقطاب، وقد كانت كلمة معالي الأمين العام السيد أحمد أبوالغيط شاملة ووافية وهي تعكس تجربة وخبرة معاليه وحرصه على الدور الرائد الذي تقوم به جامعة الدول العربية وأهمية التفاف الدول الأعضاء حول جامعتهم وأهدافها السامية لخدمة أوطاننا العربية.
إننا نتطلع إلى القمة العربية 33 في مملكة البحرين وبما يعود على دولنا العربية بالخير والأمن والاستقرار وإننا على ثقة بأن نجاح قمة جدة سيتواصل إلى قمة المنامة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي،