النيابة العامة تكشف كواليس أكبر قضية تهريب آثار إلى أمريكا
تقرير طارق إسماعيل
متهم مصرى أمريكى جنّد مفتشين بالمطار وهرّب قطع أثرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية
الآثار المصرية بيعت فى مزادات داخل أمريكا والشرطة استعادت منها 620 قطعة أثرية
النيابة العامة المصرية تطلب استعادة الآثار دون انتظار محاكمة المتهم المضبوط بأمريكا
المتهم المصرى الأمريكى كوّن عصابة منذ 2011 ونقب عن الآثار فى الشرقية والغربية والبحيرة
مر نحو 10 أشهر على إحالة أكبر قضية تهريب للآثار المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، اتهم فيها 12 شخصًا بينهم أمريكيًا لديه الجنسية المصرية يدعى أشرف الضرير الذى بدأ نشاطه فى تهريب الآثار إلى خارج البلاد منذ عام 2011.
القضية مدونة برقم 11423 لسنة 2022 قسم شرطة النزهة، وتنظر الآن أمام محكمة جنايات القاهرة بالعباسية، النيابة العامة أدانت فى أمر الإحالة 12 متهمًا بتكوين تشكيل عصابى للتنقيب عن الآثار فى محافظات الشرقية والغريبة والبحيرة وتهريبها خارج مصر عن طريق المتهم الرئيسى مزدوج الجنسية "مصرى أمريكي".
حصلت جريدة "السوق العربية" على كواليس اللقاء الذى جمع بين المحققين الأمريكيين ووفد النيابة العامة المصري؛ للوقوف على ما فعله المتهم أشرف الضرير لتهريب القطع الأثرية إلى الولايات الأمريكية.
عقد اجتماع فى 17 مايو 2021 مع 3 من المحققين الأمريكيين بإدارة التحقيقات بوزارة الأمن الداخلى الأمريكية؛ لمناقشة موقف التعاون بين النيابة العامة المصرية وسلطات التحقيق الأمريكية المختصة فى واقعة تهريب الآثار إلى أمريكا، المحققين الثلاثة هم ايجور جامزا وستيف لى وكاسى ويلسون، وحضر من الجانب المصرين المستشارين أسامة سيف الدين ومحمد حبيب وأحمد الصاوى.
وتحدث فى مستهل اللقاء المحقق الأمريكى ايجوز جامزا عن إجراءات التحقيق وما تم مباشرته من إجراءات فى أمريكا، موضحًا أن وردت معلومات سرية من أحد المؤسسات المعنية بحماية الممتلكات الثقافية بتعامل المتهم المصرى الأمريكى أشرف الضرير بالتعامل مع القطع الأثرية المتحصل عليها بطرق غير مشروعة، وتمكن هو من ضبط المتهم فى مطار جون كنيدى بولاية نيويورك وبحوزته 586 قطعة أثرية مصرية مخفاة داخل 3 حقائب قادما على رحلة طيران من مطار القاهرة الدولى بولاية نيويورك وتبين أن القطع الأثرية ترجع لعصةر تاريخية مختلفة.
وحينما سأل المتهم عن ملكية القطع الأثرية رد بأنه تورثها عن أهله وحضر بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تزين شقته السكنية التى يقيم بها فى نيويورك رفقة زوجته، فيما أظهر للمحقق الأمريكى أوراق عليها علامات مائية وأختام تثبت أنه تورث تلك القطع الأثرية.
توجه المحقق الأمريكى إلى شقة المتهم بنيويورك ووجدها شقة سكنية صغيرة لم يكن بها الكثير من المقتنيات، وبسؤال زوجة المتهم باتريس ردت بعدم علمها بمصدر القطع الأثرية غير المشروع أو علمها بتعاملاته.
أقر المحقق الأمريكى أنه تحصل على بعض من القطع الأثرية التى باعها المتهم فى صالات المزادات غير المشروعة، بأنه توجه إلى حائزيها وأعلمهم أن تلك القطع مصدرها غير قانونى فقاموا بتسليمها على الفور، ونجح بتلك الطريقة من جمع 620 قطعة أثرية باعهم المتهم داخل أمريكا.
وأحالت السلطات الأمريكية المتهم المصرى الأمريكى إلى المحاكمة الجنائية بتاريخ 3 يوليو 2020 والقضية لم يصدر فيها حكم حتى الآن ومنظورة أمام المحكمة الجزئية لشرق نيويورك.
واستعرضت النيابة العامة المصرية ملخص ما جاء من تحقيقاتها فى القضية التى كشفت تكوين المتهم جماعة إجرامية منظمة يقوم بتمويلها لقيام أعمال الحفر خلسة بالمواقع الأثرية لاستخراج القطع الأثرية وتأمين نقلها من أماكن استخراجها إلى أماكن تخزينها وتجميعها تمهيدًا لتهريبها خارج البلاد وتباشر الجماعة الإجرامية المنظمة نشاطها فى محافظات الشرقية والغربية والبحيرة.
التشكيل الإجرامى يضم 12 متهمًا ضبط عدد منهم أقروا ارتكاب وقائع التنقيب عن الآثار خلسة وبطريق غير مشروع بتمويل من المتهم الرئيسى أشرف الضرير فيما يتم التعامل لحسابه وتخزينها تمهيدًا بتهريبها خارج البلاد لبيعها فى صالات المزادات المختلفة بمعاونة زوجته الأمريكية وتم تفتيش مسكن المتهم وعثر على عدد من الكتالوجات للقطع الأثرية الخاصة بصالات المزادات المختلفة التى يتعامل معها المتهم، وكذلك أوراق تبين أنها مسودات لعقود خاصة ببيع وشراء قطع أثرية.
وقال الجانب المصرى خلال اللقاء إنه أرسل طلب مساعدة قضائية إلى السلطات الأمريكية طلبت فيه النيابة العامة المصرية عدد من الإجراءات والحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالتحقيقات التى يتم مباشرتها فى أمريكا وتم تسليم صورة من هذا الطلب للوفد الأمريكى من أجل المساعدة فى تيسير الإجرءات.
وطلب الجانب المصرى عن إمكانية استعادة القطع الأثرية خلال الفترة الحالية وعدم الانتظار إلى إجراءات محاكمة المتهم فى أمريكا، مستندين إلى الملفات المضبوطة فى هاتف المتهم والأدلة الإلكترونية المتحصلة منها وطبيعة العلامات والأختام غير الحقيقية التى عثر عليها بالأوراق التى ضبطت مع المتهم داخل المطار.
رحب الجانب الأمريكى بطلب النيابة المصرية واطلعهم على طلب المتهم والدفاع بما يٌعرف بالنظام الأمريكى الإقرار بالإدانة وقبول بحكم مخفف بدلا من إجراءات المحاكمة، فيما وافقوا على إمكانية إعادة القطع الأثرية إلى مصر عن طريق التنسيق مع السفارة الأمريكية بالقاهرة.
واستفسر المحققين الأمريكين عن أموال المتهم فى مصر لأن حساباته فى أمريكا فارغة، فرد الجانب المصرى بأنهم أصدروا أمرًا بالتحفظ على ممتلكاته وأمواله لحين انتهاء القضية.
وعن إمكانية ترحيل المتهم لمحاكمته داخل مصر بعد إحالة للمحاكمة ومن المفترض أن يصدر عليه حكمًا غيابيًا، أوضح المحامى أحمد الأسيوطى فى تصريحات خاصة لـ"السوق العربية" أن هناك اتفاق وتنسيق بين الجانب المصرى والأمريكى لتسليم المتهمين سواء كانوا فى مصر أو أمريكا وبموجب هذا الاتفاق المعروف بـ"تسليم المتهمين" يمكن ترحيله لمصر.
وأبرز "الأسيوطي" الإجرءات بتجهيز النيابة العامة المصرية مذكرة بكل تفاصيل القضية وكل ما تم فيها من أدلة وتسليمها للجانب القضائى فى أمريكا وبعد البحث فيها والتأكد من إدانة المتهم يتم ترحيله على الفور.
وكشفت التحقيقات عن سر تهريب القطع الأثرية من مطار القاهرة مٌنذ عام 2011 وفق اعتراف شقيق المتهم أمام النيابة العامة - حصلت النهار على نسخة من التحقيقات - ولم تضبط فى أى من الرحلات، بأن المتهم الرئيس المصرى الأمريكى نسق مع مفتشين من مطار القاهرة لتمرير الحقائب مقابل رشاوى مالية تصل لـ 12 ألف جنيه خاصين بآخر عملية فقط المهربة فيها الآثار إلى أمريكا.
لا تزال المحكمة تنظر ملف القضية وخلال الشهور المقبلة ستصدر أحكام جنائية بحقهم حتى إن كانت غيابية على المتهمين.