السوق العربية المشتركة | رمضان الخير والبركات

نعيش أيامنا بما فيها من فرح وسرور وبما فيها من منغصات وآلام لكنها تظل أياما تمضي من عمرنا فما أحوجنا إلى أن

السوق العربية المشتركة

الأحد 24 نوفمبر 2024 - 20:26
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
رمضان الخير والبركات

رمضان الخير والبركات

نعيش أيامنا بما فيها من فرح وسرور وبما فيها من منغصات وآلام، لكنها تظل أيامًا تمضي من عمرنا، فما أحوجنا إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع أصحابنا وبمن يعز علينا، لشهر رمضان حرمة وقدسية في نفوسنا جميعًا، أنواره تشع على بلادنا بما فيها من أشقاء وأصدقاء ونبتهل إلى الله جلت قدرته أن يبلغنا شهر رمضان بكل الخير، فالاستعدادات بدأت وخيرات رمضان لا حصر لها، ومع اختلاف أساليب الاحتفال بالشهر الفضيل إلا أن معانيه وقيمه وقدسيته لا تختلف من بلد إسلامي وآخر، إلا في بعض المظاهر الاجتماعية، وطبعًا نقدر هذه المظاهر التي يبرز فيها الاختلاف بالنسبة للعادات والتقاليد... ودائمًا عندما يهل علينا الشهر الفضيل نتذكر أيام الطفولة والصبا، فقد كنا بفهمنا وقدراتنا نتعامل مع هذا الشهر بما نسمعه من الأجداد والآباء وبما تفرضه الاستعدادات المنزلية والاستعدادات الوطنية لكل بلد... كانت أيام رمضان حبلى بالمفاجآت المفرحة وبعض العادات والتقاليد المتوارثة... في هذه الأيام أتذكر رفاق الدرب من أصدقاء الدراسة وأصدقاء الفريج «الحي» وما كنا نستعد له في الليالي من لعب متوارثة، ثم مساعدة الأسرة في تحضير إفطار رمضان وتوزيع بعض المأكولات على الأهل والأصدقاء والجيران، فالموائد عامرة بما تتفنن فيه الأمهات وكأن الحال عندهم يقول هذه موائدنا وخبرتنا بأنواع الطبخ نرجو أن تنال القبول لديكم، وبالفعل كانت بعض الأمهات يتفنن في طبخ مأكولات متميزة رغم إن طبخة «الهريس» واحدة إلا أنه كما يقال في الطبخ نفس تتميز طبخة عن طبخة بما تضيف ربة البيت من خبرتها الشيء الكثير، رمضان أيضًا يذكرنا بتلك الليالي التي يتجمع الناس في المجالس بعد صلاة العشاء والتراويح ويتبادلون الأحاديث ويترقبون وجبة الغبقة وهي بمثابة السحور، خصوصاً عندما ينتصف شهر رمضان، مجالس أهل البحرين على كثرتها إلا أنها تزداد أيضًا في شهر رمضان.
 
رحم الله الأصدقاء الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى، فالرحمة عليهم مع الدعاء لهم بالمغفرة والرضوان، فقد كانت لكل شخصية منهم تميزًا وتفننًا وإبداعًا أتذكر تلك الأيام التي يبدأ فيها ما يسمى عندنا «التثويب» وهو أن يكلف أحد قراء القرآن بقراءة وختم القرآن الكريم على أرواح موتاهم لتكون لهم بإذن الله مغفرة ورضوانًا، وكان أهل التثويب يدعوننا للحضور والاستماع إلى دعاء الشيخ وقارئ القرآن على أرواح أهل المنزل الذي يقام فيه التثويب بعدها يقوم رب البيت بإحضار كل ما لذَّ وطاب من مأكولات أعدها أهل البيت في ثواب موتاهم...
من مظاهر رمضان في جمهورية مصر العربية ما يسمى بموائد الرحمن، وهي بالفعل موائد يؤمها الكثير من الصائمين طوال شهر رمضان وفي ذلك خير وبركة على أهل المتطوعين لهذه الموائد، ولو أن جائحة كورونا كوفيد 19 قد ألغت مظاهر هذه الاحتفالات ولكن الحمد لله أن هذه الجائحة إن شاء الله إلى زوال لتعود هذه الموائد في بلدنا الشقيق مصر بكل ما تحمله من قيم ومعاني وأهداف... ويقال أيضًا في السودان الشقيق موائد يتضامن في تقديمها الجيران وأهل الحي لتقديم الفطور للعابرين والمشاركة الفعلية والوجدانية بين الجيران والأصدقاء الله لا يغير على الأشقاء في كل بلادنا العربية والإسلامية من قيم اجتماعية ودينية من شأنها التقريب بين الناس وإظهار مظاهر المحبة والإحسان بما يعود على الأوطان بالخير، وطبعًا في مثل هذه المناسبة نتذكر الأشقاء في سوريا وما أصابهم من كارثة الزلزال وكذلك الأصدقاء في تركيا، فأهل الخير ولله الحمد في أوطاننا العربية والإسلامية قاموا بواجب تقديم المساعدات والإعانات إيماناً بأن المشاركة الوجدانية والعملية في مثل هذه الظروف واجب حتمي، يسهم الجميع بما تجود به نفسه...
 
إن بعض العادات والتقاليد في مجتمعنا كثيرة وقد اختص رمضان ببعض هذه الموروثات، وبالذات ما يسمى في خليجنا العربي «بالقرقاعون» وفي مصر الشقيقة «وحوي وحوي» ويتمثل في مشاركة الأطفال بالخروج والتطواف في الأحياء وتقديم الأناشيد والدعاء لأطفال الحي بالصحة والسلامة والعافية مقابل تقديم شتى أنواع المكسرات والحلويات، وأعجب من أولئك الذين يربطون مثل هذه العادات والتقاليد بالدين، فنحن نؤمن إيمانًا راسخًا بأن العادات والتقاليد الحميدة والتي بها مضامين اجتماعية وإحساس جماعي بالفرح والسرور ليس فيها ما يعيب ويحرم، فما أحوجنا إلى الألفة والمحبة بين أبناء الحي الواحد أو الوطن الواحد بل مطلوب منا التكاتف والمؤازرة والإحساس الجماعي بالفرح والبهجة والحبور...
رمضان بما يحمله من مضامين دينية عقيدية فهو يحمل في مضامينه قيم اجتماعية وإنسانية، علينا الحرص عليها وتأكيدها والبناء عليها بما يعود علينا وعلى مجتمعاتنا بالخير والبركة.
نقول لرمضان الخير والبركة أهلاً ولما يحمله من مضامين عقيدية ودينية وروحانية وقيم اجتماعية وثقافية وعادات وتقاليد محمودة أهلاً بشهر الخير والبركات وأعاننا الله على قيام لياليه وتذكر أيامه بقراءة القرآن والدعاء للأهل والأصدقاء الراحلين بالمغفرة والرضوان.
وكل رمضان وأنتم طيبون ومبروك عليكم جميعًا الشهر الفضيل.
 
وعلى الخير والمحبة نلتقي