"الكيانات غير المرخصة" خطر كبير على السياحة والاقتصاد القومي
06:56 م - الأربعاء 15 مارس 2023
كتب
تحقيق: سميرة سالم
عبد الوهاب محمد: هي أحد أوجه "الاقتصاد الأسود" لما تمثله من خطورة كبيرة وتضر بـ 70 صناعة مرتبطة بالسياحة
علي المناسترلي: تلك الكيانات تقوم بحرق السوق السياحي في مصر ولابد للجهات الرقابية أن تتعقبها وتتخذ الإجراءات القانونية ضدها
هشام وهبة: هي الأكثر ضررًا على القطاع السياحي ولا تخضع للرقابة
محمد عبد العزيز: حجز الوحدات عبر التطبيقات اصبح اتجاه جديد لابد للدولة من حصره وتقنينه والرقابة عليه
الخبراء ينصحون بالرجوع لقاعدة البيانات المسجلة بالصفحات الرسمية لوزارة السياحة أو المحافظة قبل التعامل مع أي جهة
رغم تحذيرات وزارة السياحة وحظر المنشآت الفندقية من التعامل مع الكيانات غير المرخصة، إلا أن أضرار تلك الكيانات "المتطفلة" على القطاع السياحي لا تزال قائمة، وخطورتها تكمن في أنها تعمل دون علم أجهزة الدولة، ولك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث في ظل غياب الرقابة على جميع تلك الأنشطة التي يلزمها ليتم ممارستها تحقيق العديد من الاشتراطات والمعايير ودفع للرسوم وتكلفة تشغيل مرتفعة لتضمن حقوق السائح في الحصول على خدمات مميزة وآمنة، وبديهيًا تجد أن تلك الكيانات الدخيلة على القطاع تعمل كمنافس غير شريف مع نظيرتها المرخصة والمُقيمة سياحيًا، الأمر الذي يستدعي تدخل أجهزة الدولة لبحث الأمر وتحقيق مناخ آمن وإتاحة فرص عادلة للعاملين بالقطاع السياحي.
صرح عبد الوهاب محمد، مدير مكتب وزارة السياحة بالإسكندرية، بأن الفنادق غير المُقَيًمة سياحيًا تمثل نوع من التهديد على صناعة السياحة لأنها تقدم خدمات أقل جودة بتكلفة غير متناسبة مع جودتها المنخفضة تلك، مما يعرض قطاع السياحة للخطر؛ نظرًا لأنهم يستخدمون مظلة السياحة لتقديم هذا النوع من الخدمات سياحة سواء داخلية أو خارجية، بحجة أن هناك فئات تطلب هذا النوع من السياحة بسبب التكلفة المنخفضة.
وقال عبد الوهاب بأن الأصول تقتضي الارتقاء بالذوق العام من خلال تقديم الخدمات السياحية، وعدم الانسياق وراء خدمات جودتها رديئة لأنها تضر بسمعة الدولة بالخارج؛ لأن عند تعرض أي سائح للاحتكاك بمثل تلك التجارب يعطي انطباع سلبي عن جميع الفنادق في مصر دون الخوض في التفاصيل والتفرقة ما بين الفندق المقيم سياحيًا أو غيره.
وتابع مدير مكتب وزارة السياحة بأن نتيجة لما يحدث من أضرار الفنادق غير المقيمة سياحيًا أو غير المرخصة نهائيًا، تم الاتفاق على عدة توصيات بعد القيام بتشكيل لجنة لإيجاد حلول لضمها تحت مظلة الاقتصاد الرسمي وتقنين أوضاعها سعريًا وجودة، ومن أهم تلك التوصيات عدم تسكين أي سائح أجنبي بشكل عام لحين فرض نوع من الرقابة عليها، إضافة إلى رفع كلمة فندق من على واجهة تلك المنشآت والاكتفاء بمسمى لوكاندة أو بنسيون؛ للتوضيح للسائح الأجنبي والمصري بأنها ليست نشاط فندقي سياحي، مضيفًا بأنه يتم التنسيق حاليًا لتطبيق تلك التوصيات بشكل جاد وحازم.
وقال بأن اللجنة قامت بالمرور على مرحلتين الأولى على عينة عشوائية يليها المرور على جميع الكيانات غير الخاضعة لإشراف ولاية وزارة السياحة، حيث تبين وجود كيانات غير مرخصة تمامًا سواء من وزارة السياحة أو الأحياء، وتم إصدار توصيات بشأن جميع المنشآت خارج الترخيص السياحي وجاري التنسيق مع الجهات المعنية بالمحافظة لإعداد مسودة نهائية بالتوصيات.
وفيما يخص الكيانات غير المرخصة أوضح بأنها تمثل خطورة كبيرة ويمكن أن تستخدم في أعمال منافية تضر بالاقتصاد فيمكن بسهولة من خلالها تسريب العملة لأنها تعمل دون علم الدولة وبالتالي لا يتم تداول دخلها من خلال القنوات الشرعية للعملة، كما أنه من السهل جدًا القيام بجرائم الإتجار في البشر أو إجراء عمليات جراحية غير شرعية، فتصبح بمثابة أوكار للقيام بأعمال لا تتفق مع القانون.
وأشار مدير مكتب وزارة السياحة بأن يُضاف إلى ما سبق عملها دون مرافق مخصصة لها وبالتالي تقوم بسرقة المرافق العامة للدولة وبالطبع دون تحصيل الضرائب أو ضرائب القيمة المُضافة، كل ذلك يعود بالسلب على الاقتصاد القومي فهي أحد أوجه الاقتصاد الأسود بجدارة، موضحًا بأن السياحة مرتبطة بـ 70 صناعة فإذا لم تكن مرخصة أو مكتملة الأركان ستضر بتلك الصناعات.
أما عن الكيانات غير المرخصة بمجال السياحة بشكل عام، قال بأن الجانب المسيطر على العالم حاليًا هو السوشيال ميديا، وهو للأسف أكثر ما يروج للكيانات غير المرخصة، ومن الصعب السيطرة عليها لاتخاذها أسماء وهمية يتم تغييرها تباعًا كل فترة، والذي يكون تحت مظلته بشكل أكبر شركات السياحة، منوهًا لأهمية عدم التعامل مع أماكن الإقامة المبهمة، وضرورة الرجوع للجهات المسئولة بوزارة السياحة والأحياء للتأكد من كون المنشأة مرخصة حسب نوع ترخيصها، وأسعارها.
وحذر عبد الوهاب من التعامل مع أي جهة أو مؤسسة سواء مرخصة أو غير مرخصة إلا بعد الرجوع لقاعدة البيانات المسجلة بالصفحات الرسمية للجهة المنوط بها سواء وزارة السياحة أو الإدارة المركزية للسياحة والمصايف أو محافظة الإسكندرية، أو من خلال التواصل المباشر، مشيرًا إلى الموقع التجريبي التابع لوزارة السياحة الذي تم إطلاقه ومثبت به جميع المنشآت السياحية والفندقية والشركات على مستوى الجمهورية؛ وذلك لحماية الكيانات المرخصة.
وقال بأن أغلب المشكلات تواجه السياحة الداخلية لعدم اهتمام السائح المصري بالقراءة الجيدة والتتبع والتقييم من خلال رؤيته للأسعار إذا كانت منخفضة بطريقة مبالغ فيها فهي بالتالي غير سليمة، مشيرًا إلى ضرورة وجود توعية كافية للمواطن لعدم تشجيع مثل تلك الكيانات وعدم التعامل معها من الاساس، مؤكدًا بأن المواطن هو جزء اساسي في حل مشكلة الكيانات غير المرخصة.
وأوضح علي المناسترلي، رئيس غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة بالإسكندرية والبحيرة ومطروح، بأن الكيانات غير المرخصة التي تقوم بإنشاء مواقع على الإنترنت دون أي تكلفة أو التزامات لتقوم ببيع الرحلات ومنهم من يقوم بالنصب على العملاء، في حين تؤدي شركات السياحة ما عليها من التزامات بداية من وضع رأس مال الشركة وتسديد كل التكاليف الخاصة بالضرائب والتأمينات والعمالة وغيرها.
وتابع: "تلك الكيانات تقوم بحرق السوق السياحي في مصر خصوصًا السياحة الداخلية، كما أنها تسيء إلى أعمال الحجز عبر الإنترنت، منوهًا لضرورة أن يقوم السائح بالتواصل مع الشركة والتأكد من حصولها على ترخيص من وزارة السياحة قبل الحجز عبر الإنترنت، مؤكدًا أن الشركات المرخصة تقوم بعرض كافة البيانات والتفاصيل الخاصة بها شاملة رقم الترخيص وعناوين وتليفونات.
وأكد بأن المواقع التي تعمل كوسيط ما بين العملاء من جهة والشركات أو الفنادق من جهة أخرى مخالفة للقانون، وأن الطريقة الصحيحة للحجز عن طريق التعامل مع شركة السياحة مباشرة، موضحًا بأن تلك المهمة يلزمها الحصول على ترخيص كشركة سياحة من وزارة السياحة أو يعمل كفرع من خلال شركة سياحة، حتى تظل المسئولية على عاتق الشركة نفسها.
وأضاف بأن شركات السياحة في محاربة يومية مع تلك الكيانات، مطالبًا بضرورة قيام الأجهزة الرقابية على الإنترنت من تتبع تلك المواقع والتأكد من ترخيصها وغلق غير المرخص منها واتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
وأوضح هشام وهبة، عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت والمطاعم السياحية، بأن المنشآت ثلاثة أنواع نوع مرخص من وزارة السياحة والثاني مرخص المحليات والثالث يعمل دون ترخيص، وبالطبع أكثرهم ضررًا الذي يعمل بدون رخصة، فهو يعمل دون تسديد رسوم أو ضرائب أو تأمينات ولا يوجد على عاتقه أي التزامات بخلاف إيجار المكان وتكاليف التشغيل من كهرباء وماء فقط.
وتابع: "فيما يخص النوع المرخص من المحليات، وكلنا يعلم جيدًا أن وزارة السياحة هي الجهة الوحيدة التي لديها مفتشين مدربين وعلى دراية كافية بالتفتيش على المطاعم، وهناك قسم خاص بوزارة السياحة مختص بالتفتيش على المطاعم والمنشآت السياحية، بينما وزارة التنمية المحلية ليس لديها هذا القسم المنوط به التفتيش وبالتالي لس هناك أي نوع من الرقابة عليهم بجميع أنحاء الجمهورية، بخلاف الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الاسكندرية فقط".
وأضاف بأن الرسوم وإجراءات التراخيص الخاصة بالمنشآت السياحية أعقد وأكثر من المحليات، ويتم احتساب تكاليف تشغيل الطاقة لها سواء من كهرباء أو غاز أو مياه من خلال شريحة أعلا من الحاصلين على تراخيص من المحليات وبالتالي هم مصاريفهم أقل مما يمكنهم من زيادة هامش ربحهم وتخفيض أسعار البيع في حين لا تستطيع المنشآت السياحية منافستهم في ذلك.
وأشار إلى أنه يوجد بعض الأنشطة الخاصة بوزارة السياحة مثل الديسكوهات والملاهي اليلية وتقديم الخمور والألعاب الورقية، ويكون لها رسوم خاصة للحصول على تراخيص مزاولتها كما أن لها إجراءات ومواصفات خاصة لتطبيقها، في حين نجد بعض الأماكن التابعة للمحليات تمارس نفس الأنشطة دون تطبيق المواصفات التي حددتها وزارة السياحة ودون الإجراءات والرسوم والتكاليف التي تتكلفها المنشآت السياحية، وبطبيعة الحال تكون الخدمة لديهم أرخص وبالتالي تؤثر بالسلب على نظيرتها السياحية سواء من الدخل أو المبيعات، بالإضافة إلى تأدية عملهم دون وجود رقابة متخصصة علي أدائهم من جودة الخامات وتطبيق المعايير.
ويقترح وهبة تطبيق نفس المعايير التي تطبق على المنشآت السياحية على نظيرتها التابعة للمحليات، أو تخفيف الإجراءات عن المنشآت السياحية لتكون أسوة بنظيرتها التابعة للمحليات، تحقيقًا لمبدأ المساواة، مع الاحتفاظ بمعايير الجودة.
وأضاف عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت السياحية بأن الغرفة تحرص دائما على تقديم الدورات التدريبية للعاملين بالمنشآت السياحية بكيفية التعامل مع السائح لترسيخ الانطباع الإيجابي لديه، وهو مالا يحدث في غيرها من المنشآت.
وقال دكتور محمد عبد العزيز، وكيل المعهد العالي للسياحة والفنادق بالإسماعيلية إيجوث، بأن معظم المطاعم تفضل الحصول على التراخيص من الاحياء نظرًا لسهولة إجراءاتها وعدم وجود رقابة عليها بشكل أكبر، بخلاف المنشآت السياحية التي تحصل على درجة سياحية حسب المعايير المطبقة في ظل استمرار الرقابة المشددة عليها.
وأضاف بأن المطاعم غير المرخصة منتشرة بشكل كبير، مرجعًا ذلك لثقافة المواطن العادي الذي يتجاهل تلك الأمور في نظير الحصول خدمة بتكلفة أقل، في حين أن السائح الأجنبي يهتم بمعرفة التفاصيل حول المطعم المقيم سياحيًا والبحث عنه بالمواقع المسجل بها المطاعم السياحية؛ لضمان الحصول على غذاء أمن وخدمة مميزة في ظل رقابة مشددة.
وبشأن الجهات التي تمارس العمل السياحي دون ترخيص، قال بأنها تعمل كوسيط ما بين الأفراد وشركات السياحة، وتتعامل معها الفنادق التي تبحث عن زيادة المبيعات، موضحًا بأن ضررها يتمثل في ارتفاع أسعار الخدمة نظرًا لحصول الوسيط على نسبة، بالإضافة إلى عدم ضمان حقوق العميل في حال حدوث مشكلة.
وأشار إلى نمط جديد في مجال الفنادق ومن امثلته تطبيق جديد اشتهر مؤخرًا يقوم بحجز وحدات بأسعار أقل من الفنادق، مضيفًا بأن ذلك يتم دون الحصول على تراخيص ويكون في غياب الرقابة من جميع الجهات ودون علم أجهزة الدولة، وبالتالي يمكن استغلال الأمر بشكل سيئ، منوهًا لضرورة حصر مثل تلك التطبيقات وتقنينها نظرًا لأنها أصبحت اتجاه جديد مفضل على مستوى العالم.
وبالبحث حول تلك التطبيقات نجد أن ما هو متاح عنها من معلومات يشير إلى أنها تُدار من جهات أجنبية خارج البلاد، ومتخصصة في حجز الرحلات والوحدات والفنادق في جميع دول العالم.