السوق العربية المشتركة | المضادات الحيوية ما بين الاستخدام العشوائي وغش الدواء

محمد الشيخ: ضرورة تقنين إعطاء حقن المضادات الحيوية بالمستشفيات فقط وتطبيق نظام التتبع الدوائي.محي حافظ: حجم ال

السوق العربية المشتركة

الجمعة 1 نوفمبر 2024 - 04:33
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

المضادات الحيوية ما بين الاستخدام العشوائي وغش الدواء

محمد الشيخ: ضرورة تقنين إعطاء حقن المضادات الحيوية بالمستشفيات فقط وتطبيق نظام التتبع الدوائي.

محي حافظ: حجم الغش في سوق الدواء المصري لا يتعدى 2% في حين يصل عالميًا إلى أكثر من 15% لأننا قطاع منظم للغاية.



عادل عبد المقصود: يجب عدم صرف المضاد الحيوي دون تقرير من المعمل وحظر المخازن من توزيع أي سلعة دوائية دون تصريح كتابي من الشركة المنتجة.

سمير صديق: يجب أن تتولى شركات الدواء تسويقه بنفسها دون وسيط وأن تتبني جمع الأدوية منتهية الصلاحية.

بعد تكرار حالات الوفيات بسبب حدوث صدمة حساسية نتيجة تلقي المريض مضاد حيوي حقنًا، وبعد توجيه الاتهام في احداها إلى عاملة بصيدلية وصيدلانية لقيامهما بحقن طفلتين دون تصريح بمزاولة مهنة الطب البشري، يتبادر إلى ذهن الكثيرين التساؤل عن السبب في حدوث مثل تلك الحوادث في تلك الفترة خاصة وأن تلقي العلاج حقنًا يتم منذ عقود بالصيدليات حتى أصبح أمرًا اعتياديًا في ظل الصمت التام من الجهات الرقابية حينذاك، كما أن تكرار حوادث الوفاة يأتي بالتزامن مع تحذيرات نشرتها الهيئة المصرية للدواء عبر صفحتها الرسمية من وجود أدوية مغشوشة بالأسواق من بينها أدوية مضاد حيوي، وقد يتساءل البعض عن مسئولية الطبيب الذي يصف الدواء، دون طلب إجراء اختبار للمريض بمعمل التحاليل أو توضيح ضرورة إجراء اختبار حساسية للأدوية التي تحقن للمرضى، جميع تلك الأسئلة تطرح نفسها لتبحث عن إجابة.

بداية صرح الدكتور محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة وعضو مجلس الشيوخ، أن هناك سوء استخدام للمضادات الحيوية في مصر، قائلًا: نحن أكثر من يستخدم المضادات الحيوية على مستوى العالم، وهو أمر غير جيد"، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة عقدت مؤتمرًا لوضع ضوابط لصرف المضادات الحيوية على مراحل أولها تحديد بعضًا منها ليتم حظر صرفه بالصيدليات ليقتصر صرفه من المستشفيات فقط.

وأكد بأن الصرف العشوائي للمضادات الحيوية دون الحاجة إليه، هو أمر اصبح يتطلب تقنينه للحد من تلك العشوائية نظرًا لخطورته على حياة المرضى بما يمثل جريمة، موضحًا بأن هناك العديد من المضادات الحيوية التي تعالج العديد من الأمراض منها على سبيل المثال التي تعالج الالتهابات الفيروسية أو البكتيرية وبالتالي فإن عدم التأكد من التشخيص المناسب للمرض لتحديد ما يناسبه من دواء والجرعة المناسبة أو مدى احتياجه له من عدمه يمكن أن يتسبب لضرر بالغ مثل خفض المناعة.

 وتابع: "نحتاج لتنظيم حملة توعية للجميع من صيادلة وأطباء ومواطنين، كما نحتاج لمزيد من التعاون مع نقابة الأطباء، وأرى أن الاجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة لبدء تحديد ضوابط مناسبة جدا".

وقال بأن في جميع الدول المحيطة بنا لا يمكن لصيدلي صرف مضاد حيوي، مشيرًا إلى أن بعض المرضى تلجأ للصيدلي لاقتراح الدواء نظرًا لعدم قدرتهم تحمل سعر الفحص عند الطبيب، أو في حال حدوث أعراض واضحة مثل ارتفاع حرارة جسم المريض، ولكن في بعض الحالات لا يمكن بأي شكل من الأشكال صرف دواء إلا من خلال روشتة طبيب.

ونبه لضرورة تقنين إعطاء حقن المضادات الحيوية بالمستشفيات فقط، كما يجب على الطبيب قبل تحديد نوع المضاد الحيوي في الروشتة أن يطلب إجراء مزرعة للمريض، إلا أن ما يحدث غالبًا هو كتابة المضاد الحيوي عشوائيًا دون التأكد من نوعية العدوى أو تحديد مضاد واسع المجال من الأنواع الحديثة، كما أن شركات الدواء لها دور كبير في توجيه الطبيب لوصف دواء بعينه.

ولتجنب الأدوية المغشوشة، قال بأن هيئة الدواء تقوم بنشر تحذيرات في حال اكتشاف أيًا منها في الأسواق، مقترحًا تطبيق نظام التتبع الدوائي عن طريق طباعة "QR CODE" على الدواء، وهو ما سيكشف إذا كان الدواء صادر عن الشركة الأم أم لا والكشف عن أماكن توافره منذ خروجه من المصنع حتى الصيدلية، مشيرًا إلى وجود جهود مبذولة لتطبيق هذا النظام.

وتابع: "كما لابد للمريض لتجنب عمليات غش الدواء أن يقتصر شراء الدواء من الصيدليات فقط نظرًا لأنها تعمل في ظل رقابة دورية تضمن له توافر الدواء الأصلي، إلا أن لجوء البعض لشراء الدواء من الاعلانات والتطبيقات يعرض حياتهم للخطر لأنها تعمل في الخفاء دون وجود رقابة عليها.

وقال الدكتور محي حافظ، رئيس شعبة صناعة الدواء وعضو مجلس الشيوخ، بأن العالم كله بلا استثناء به أدوية مغشوشة ومهربة ومزورة، فلا يوجد في العالم بلد تخلو من الدواء المغشوش، مشيرًا إلى أنها ليست ظاهرة ولكنها حالات فردية تحدث مثلها كمثل الجرائم التي تحدث ولم نتمكن من منعها بشكل نهائي.

وأشار إلى أن حالات الغش جميعها محدودة للغاية في السوق المصري بالمقارنة مع الأسواق الأخرى، مؤكدًا بأن حجم الغش في سوق الدواء المصري لا يتعدى 1 أو 2%، في حين يصل عالميًا إلى أكثر من 15% واحيانًا في بعض الدول من 20 إلى 25%.

وتابع: "ولكن نظرًا لأننا قطاع منظم للغاية تحكمنا آليات عمل دقيقة جدًا من خلال الفواتير وأجهزة توزيع وقريبًا سيتم إدخال نظام التتبع الدوائي وبالتالي سينتهي وجود الدواء المغشوش بنسبة كبيرة حوالي 80% بالأسواق.

وينصح رئيس شعبة الدواء المواطنين بالتعامل مع صيدلية معينة يثقون بها، وفي حال لاحظ المريض أي تغير سواء في لون علبة الدواء أو شكلها أو شكل الزجاجة أو لاحظ تغير شكل الدواء نفسه لضرورة التوجه للصيدلية التي تم الشراء منها وارجاع الدواء ليقوم الصيدلي بفحصه والتأكد من المشكلة الموجودة ليبدأ الاجراءات المتبعة وفق التعليمات، حيث يقوم بإبلاغ هيئة الدواء التي تقوم بإرسال مفتش لبدء اجراءات التحريز والتحذير اللازم عبر نشرة تصدرها في كل الصيدليات وعبر موقعها الرسمي من هذا الدواء المغشوش، وتحريز كافة التشغيلات الخاصة بهذا الدواء المغشوش من الصيدليات.

وثمن حافظ تحذيرات هيئة الدواء المصرية من الأدوية المغشوشة عبر موقعها الرسمي عملًا بمبدأ الشفافية والأمانة والتوعية بوجود مثل تلك الوقعات.

وأشار إلى أن عدم التخلص الآمن من الأدوية منتهية الصلاحية وإعادة التدوير هو تدليس، لأنه منتج حقيقي وليس مزيف أو مقلد ولكن تم إخفاء تواريخ الصلاحية.

ويرى دكتور عادل عبد المقصود، رئيس سابق شعبة الصيادلة بالقاهرة، أن بالرغم من التطور السريع في الحضارة داخل مصر وخارجها لا يزال تقدمنا بخطوات غير سريعة في المنظومة الصحية المتعلقة بالدواء، موضحًا بأن لازال هناك طائفة موجودة في المجتمع تعمل بأسلوب غير متطور بل وتتخذ قرارات ليست من صلاحيتها بل من تخصص الأطباء والصيادلة.

وأشار إلى أن في الخارج حينما يتبين الطبيب حاجة حالة المريض لتلقي مضاد حيوي يطلب على الفور إجراء مزرعة لتحديد نوع الميكروب، فلا يصف مضاد حيوي إطلاقًا دون تقرير من معمل التحاليل بنوع الميكروب المصاب به المريض والمضاد الحيوي المؤثر عليه، وفي تلك الحالة لا يصبح الجسم البشري حقل تجارب وبالتالي جنب المريض من التعرض لمخاطر صحية.

وارجع عدم التزام المرضى بالذهاب للطبيب لتشخيص المرض أو رفض إجراء التحاليل في حال ذهابه للطبيب لارتفاع أسعار التحاليل والكشف، منوهًا لضرورة أن تقوم الدولة بالتدخل لحماية صحة المواطن المصري، كما لابد لها من نشر الثقافة الصحيحة بين المواطنين لتقليل عناصر تكلفة استهلاك الدواء، كما لابد للدولة أن تفرض سيطرتها على تسعير كافة الخدمات الصحية حماية للصحة العامة.

وللحد من ظاهرة غش الدواء، اقترح أن يتم منع أي مخزن من توزيع أي سلعة دوائية سواء مستوردة أو محلية ما لم يحصل على موافقة كتابية من الشركة المنتجة ببيع منتجاتها.

وقال الدكتور سمير صديق، رئيس سابق شعبة الصيادلة بالإسكندرية، بأن عملية عشوائية صرف المضادات الحيوية لا تقتصر على الأشخاص المقربين أو الصيادلة بل على الأطباء أيضًا، بتجاهل إجراء المزرعة أو في بعض الحالات بالانصياع لرغبة المريض بعدم إجرائها توفيرًا للنفقات.

وأوضح بأن من أوجه غش الدواء يوجد باب كبير جدًا يسمح بتداولها هو الأدوية منتهية الصلاحية، مضيفًا بأن عدم وجود آلية أمنة للتخلص من الدواء منتهي الصلاحية يضع الصيادلة في ورطة كبيرة، ووجودها في الصيدلية أمر مجرم، كما أن التخلص منها ضمن المخلفات يمكن من خلاله جمعها وإعادة تدويرها.

 ونبه لضرورة أن تقوم الدولة بإنهاء تلك المشكلة وإيجاد حل حقيقي، مضيفًا لضرورة تولي شركات الدواء عملية تسويق الدواء دون وسيط، وتبني جمع الدواء منتهي الصلاحية.

وأشار إلى باب آخر يسهل عملية غش الدواء عن طريق قيام بعضًا من الصيدليات بعرض منتجات مهربة من الخارج، وهي غالبًا أدوية غير سليمة لأنها يتم تداولها خارج منظومة الرقابة بالإضافة لعدم تخزينه بطريقة سليمة خلال نقلها مما يقلل من كفاءتها في حال كان غير مغشوش من الاساس، ناهيك عن بيعه بأسعار مرتفعة خارج المحاسبة الضريبية لعدم حصره وبالتالي يكون ضمن الاقتصاد الموازي.

كما أشار لأهمية التخلص الآمن من الماكينات القديمة الخاصة بتصنيع الدواء وعدم بيعه في شكل خردة، موضحًا بأنه يتم شراء تلك الماكينات من قبل معدومي الضمير لاستخدامها في تصنيع الدواء المغشوش.

وكانت قد حذرت وزارة الصحة المصرية عبر صفحتها الرسمية، من الإفراط في تناول المضادات الحيوية دون ضوابط مما يجعل الجسم مقاوم لها على المدى البعيد، منوهة إلى أن المضادات الحيوية لا تعالج نزلات البرد لأنها عدوى فيروسية، بل تستخدم لعلاج العدوى البكتيرية.