أمانى الموجى
العالم يواصل دفع فاتورة الصراع
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثانى بعدما اندلعت ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ دون ظهور أى أفق للحل فيما يواصل العالم دفع فاتورة الصراع مع التقارير التشاؤمية عن مستقبل الاقتصاد العالمى الذى عانى ولا يزال يعانى من تداعيات تلك الحرب خاصة فى الاقتصادات النامية والناشئة.
وعلى مدار ١٢ شهرًا مضت واجهت معظم الدول العربية خاصة غير المنتجة للبترول تحديات اقتصادية مع الارتفاع الكبير لأسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية، ناهيك عن اضطراب سلاسل الإمدادات وما عانته قبلها من تداعيات جائحة كورونا، ما أدى إلى تباطؤ النمو وارتفاع معدلات التضخم الذى نتج عنه تراجع فى القدرة الشرائية للأسر ما قلل من استهلاكها.
وعالميا دفع التضخم المرتفع البنوك المركزية وعلى رأسها الفيدرالى الأمريكى إلى رفع أسعار الفائدة لكبح الموجات التضخمية بينما تتجه التوقعات نحو استمرار تشديد السياسة النقدية ومواصلة رفع أسعار الفائدة وبالتالى سيكون لها تأثيرات أخرى على الاستثمار وقد تؤدى إلى حالة من الركود.
وإذا نظرنا إلى التأثير السلبى الذى انعكس على الشعوب فقد دفعت زيادة أسعار الطاقة حوالى ١٤١ مليون شخص حول العالم إلى الفقر وفقا لتقرير صدر عن دورية "نيتشر إنيرجى"، وارتفع إنفاق الأسر فى المتوسط بواقع ٤.٨٪ مع زيادة أسعار الغاز الطبيعى ولجوء بعض الدول لزيادة اعتمادها على الفحم خاصة فى أوروبا ومنها استونيا وبولندا والتشيك.
أما أسعار الطاقة مع اندلاع الحرب وصعود النفط لمستويات قياسية فوصلت فى بعض الأحيان عند ١٠٥ دولارات للبرميل، انعكست تلك الزيادة على ارتفاع تكاليف إنتاج الغذاء خاصة القمح كون روسيا وأوكرانيا ينتجان نصف مخزون القمح عالميا، فبعد الحرب بشهرين قفز القمح لأعلى مستوى منذ ١٤ عامًا عند ٤٢٪ مع ارتفاع تكاليف النقل قبل أن يتراجع جزئيًا مؤخرًا، وارتفع الشعير ٣٣٪، وفول الصويا ٢٠٪، والزيوت ٣٠٪، والدجاج ٤٣٪.
وبفعل تلك الزيادات تأثرت الاقتصادات بمختلف دول العالم لكنها لم تقتصر على الدول النامية فقط حتى طالت أقوى الاقتصادات ومنها الاقتصاد الأمريكى الذى يعد الأقوى عالميا فتأثر أيضا بتداعيات الحرب وشهدت أسعار الغذاء ارتفاعات كبيرة ومنها البيض زاد ٧٠٪ والسمن ٤٤.٧٪، والزبدة ٢٦.٣٪، والدقيق ٢٠.٤٪ والخبز ١٤.٩٪، والسكر ١٣.٥٪، مقارنة بالعام الذى سبق اندلاع الحرب.
ووفقا لدراسة أجراها المعهد الاقتصادى الألمانى «آى دبليو» فإن خسائر الاقتصاد العالمى جراء الحرب بلغت أكثر من ١.٦ تريليون دولار خلال العام الماضى فيما تتوقع خسارة قيمة مضافة عالمية إضافية تقدر بتريليون دولار خلال ٢٠٢٣.
فى النهاية يمكن القول إن آثار الحرب "اقتصاديا" أثرت على العالم أجمع ولم تترك اقتصادًا قويًا أو ضعيفًا دون أن تترك آثارًا سلبية عليه، ومع دخولها العام الثانى تظل حالة الترقب تلازم مجرياتها والنتائج التى قد تنتهى إليها وبينما يأمل الجميع توقفها لوقف نزيف الخسائر الاقتصادية يبقى الغموض سيد الموقف حيال الأسباب والظروف التى تؤدى إلى هذا الصراع.