حركة البيع والشراء متوقفة فى سوق الذهب بمصر.. والحل فى التصدير
تحقيق إيمان شهاب
خالد الشافعى: لن تستقر أسعار الذهب إلا إذا استقرت الأوضاع الاقتصادية
هانى ميلاد: أول العام القادم سيرتفع سعر الذهب بشكل أكبر.. وممدوح عبدالله: حل المشكلة يكمن فى التصدير مع إلغاء رسوم التثمين
تشهد الأسواق فى مصر فى هذه الفترة تذبذب فى أسعار الذهب من ارتفاعات وانخفاضات بعد تحرير سعر الصرف نتيجة للأزمات الاقتصادية العالمية مما جعل سوق الذهب ترتفع أسعاره بمعدلات لم تسبق من قبل فى تاريخ مصر، وهذا ما جعل حركة البيع والشراء فى السوق المحلى شبه متوقفة، وهذا الأمر طبيعى مع عدم استقرار فى سعر الجرام عند مستوى معين، وبالتالى تضرر كل من يعملون فى هذا القطاع خاصة أن المشهد أمامهم غير مستقر.
يتأثر الذهب بالأحداث التى تنعكس عليه بشكل مباشر على الأسعار سواء كان ذلك بصورة صعود أو هبوط، وبالأخص يتأثر بالأحداث الخاصة بالدولار لوجود علاقة طردية بين الذهب والدولار، ومع ارتفاع سعر الدولار ارتفعت أسعار الذهب، مما جعل سوق الذهب المحلى يعانى من الخسارة، مع العلم بأن الارتفاع فى أسعار الذهب بالسوق المصرى حالياً يعود إلى عوامل العرض والطلب فكلما يزداد الطلب على الذهب ترتفع أسعاره، وهذا ما تشهده الأسواق خلال الفترة الحالية، ولهذا قمنا باجراء تحقيق حول العوامل التى تؤثر فى ارتفاع أسعار الذهب، وعن الحلول التى يمكن أن تلعب دوراً هاماً فى تحريك الأسعار حتى يصبح الوضع مستقر.
فى البداية، قال المهندس هانى ميلاد، رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، بأن الذهب معروف لدى الناس بأنه استثمار طويل المدى لأنه مخزن القيمة، وبالتالى يعد حفاظاً على الممتلكات لذا يلجأوا الناس على مر السنوات إلى شراء الذهب للحفاظ على ممتلكاتهم، مضيفاً بأن أسعار الذهب عالمياً ليست مرتفعة أما مصر فإن ارتفاع أسعار الذهب لديها يرجع نتيجة تحرير سعر الصرف، مؤكداً بأن أول العام القادم سوف يرتفع السعر بشكل أكبر، ولذا ينصح الجميع بألا يقوموا ببيع ذهبهم إلا للضرورة.
وأكد ميلاد، بأن هذه الفترة ستشهد مصر حالة من عدم الاستقرار فى أسعار الذهب من انخفاضات لارتفاعات وذلك نتيجة طبيعية للأزمات العالمية المحدثة، وتأثيرها على البورصة العالمية والأسواق العالمية، مضيفاً بأن الأوضاع الغير مستقرة لأسعار الذهب فى الفترة الحالية هى مجرد حالة استثنائية ولم تحدث من قبل، مشيراً إلى أن الفترة القادمة ستشهد انخفاضات قليلة فى أسعار الذهب.
ومن ناحيته، قال ممدوح عبدالله، عضو مجلس إدارة شعبة المعادن الثمينة، بأن أسباب ارتفاع أسعار الذهب فى هذه الفترة يرجع لارتفاع الدولار خاصة أن صناعة الذهب تحتاج لمستلزمات إنتاج غير موجودة محلياً، وبالتالى يتم استيرادها من الخارج التى تكون أسعارها مرتفعة بشكل ملحوظ نتيجة لارتفاع الدولار، وللأوضاع الاقتصادية العالمية، فارتفعت أسعار الذهب، مشيراً إلى أن المصانع تعانى من هذه الارتفاعات لوقف حركة البيع والشراء، وبالتالى تتحمل الكثير من الأعباء كدفع تكاليف العمالة، والفواتير وغيرها من الإلتزامات مما أثر على السوق والأسعار، لافتاً إلى أنه بسبب ارتفاعات تكاليف المستلزمات الإنتاجية للذهب والتى يتم استيرادها من الخارج لجأت المصانع إلى صناعة السبائك بشكل أكبر من المشغولات الذهبية، لأنها لا تحتاج لمستلزمات إنتاج مستوردة، ولكن الناس تشترى أكثر المشغولات عن السبائك، ولهذا السوق متوقف فيه حركة البيع والشراء.
وأكد عضو مجلس إدارة شعبة المعادن الثمينة، بأن السوق غير مستقر لذلك لا يمكن التنبؤ بالوضع إن كانت ستستمر أسعار الذهب فى الارتفاع أم ستنخفض، مضيفاً بأنه إذا انخفض لن ينخفض كثيراً، ولكن على الأقل سيستقر الوضع، مشيراً إلى أن الحل لهذه المشكلة فى الوقت الحالى هو التصدير، وهذا ما يحاولوا أن يقوموا به أصحاب المصانع للخروج من هذا المأزق، مناشداّ بأن يتم إزالة جميع العقبات أمام أصحاب مصانع الذهب ليتمكنوا من تصديرها للخارج، ومساعدتهم فى فتح أسواق تصديرية جديدة، إضافة إلى إلغاء رسوم التثمين لأنها ستساعد أصحاب المصانع على التوسع وضخ المزيد من الاستثمارات لتلبية طلبات الأسواق الخارجية، وسيوفر أيضاً ملايين الدولارات سنوياً حصيلة التصدير.
وأردف ممدوح عبدالله، بأن إلغاء رسوم التثمين سيساهم فى دعم صناعة الذهب، وسيكون حل لمشكلة ارتفاع أسعار الذهب إضافة إلى أنه سيساعد فى تواجد المنتجات المصرية من الذهب بقوة فى الأسواق الدولية، مضيفاً بأن زيادة عوائد تصدير الذهب بعد إلغاء الرسوم ستتراوح ما بين ٢ إلى ٢.٥ مليار دولار بنسب زيادة سنوية قد تصل ٣٠ ٪.
ومن جهة آخرى، قال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، بأن المشهد الآن لأسعار الذهب لم يحدث من قبل فى تاريخ مصر، خاصة التذبذب الحادث من ارتفاعات وانخفاضات فى أقل من ساعة، لذلك لا يستطيع أحد التنبؤ بمتى سيتوقف ذلك، لأن السوق غير واضح، موضحاً بأن سبب هذا التذبذب نتيجة لتحرير سعر الصرف، وكان متوقع بأن يحدث ارتفاعات فى أسعار الذهب لهذا السبب، لأن الذهب والدولار بينهما ترابط إذا ارتفع الدولار ارتفعت أسعار الذهب، مشيراً إلى أن أسعار الذهب تخضع أيضاً لسوق العرض والطلب مثلها مثل جميع السلع الآخرى.
وأكد الشافعى، بأن أسعار الذهب لن تستقر فى الوقت الحالى طالما الأوضاع الاقتصادية العالمية غير مستقرة، لذا من الممكن أن تنخفض فى حال حدوث استقرار وهدوء للحالة الاقتصادية العالمية، لافتاً إلى أن السعر إذا انخفض لن ينخفض كثيراً، ولكن ستستقر الأسعار بالشكل المعتاد عليه من قبل، لافتاً إلى أن الشعب المصرى يحب الذهب كثيراً، ويختزنه لأنه يرى فيه استثمار مضمون، وهو ما جعل من يملك ذهب لا يبيعه، ولارتفاع الأسعار فلا يوجد من يشترى، وهذا أثر على حركة البيع والشراء فى الأسواق وبالتالى تضرروا الصاغة من هذا.
بينما قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، ونائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، أن الكثير من الناس يلجأون للاستثمار فى الذهب بشراء سبائك الذهب بجميع أنواعها ثم الانتظار لحين ارتفاع سعره ثم يقومون ببيعه كنوع من الاستثمار، مشيراً إلى أن الاستثمار فى الذهب هو ليس استثماراً كبيراً على المستوى المحلى كما يعتقد البعض ولكنه نوع من الادخار بحفظ قيمة المدخرات وتحقيق هامش ربح، موضحاً بأن الذهب معروف عنه أنه مخزن القيمة فهو استثمار طويل المدى بديلاً عن النقد حفاظاً على الممتلكات.
وأوضح غراب، أن أسعار الذهب تعتمد على عوامل معينة منها سعر البورصة العالمية، إضافة إلى سعر صرف الدولار فمن المفترض أنه كلما ارتفعت قيمة الدولار عالمياً انخفض سعر الذهب لأن الذهب مرتبط بسلة العملات، إلا أننا اعتدنا على المستوى المحلى أنه كلما ارتفع سعر الدولار يرتفع سعر الذهب لأن بعض التجار يلجأ إلى شراء الدولار من السوق السوداء، ومن ثم يضيف هذه الزيادات على سعر الذهب فينعكس هذا على رفع سعره .
وتوقع غراب، استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة القادمة لأن أسعاره عالمياً لم تصل لأقصى ارتفاع، مشيراً إلى أن ارتفاعه يرجع إلى عدة أسباب أولها زيادة الإقبال على الاستثمار فى الذهب، إضافة إلى تقرير الفيدرالى الأمريكى الأخير برفع سعر الفائدة بشكل طفيف، حيث أن عندما خفض سعر الفائدة على الدولار شجع ذلك على الاستثمار فى الذهب كملاذ آمن وبديل عن الاستثمار فى الدولار، مضيفاً بأن ارتفاع الذهب فى مصر نتيجة تحركات سعر الدولار مقابل الجنيه، ناصحاَ بعدم بيع الذهب خلال الفترة الحالية.
وأشار الخبير الاقتصادى، بأن التقارير الدولية تشير إلى أن الذهب قد يرتفع فى نطاق ما بين ١٧٩٠و ١٨٢٠ دولار بنهاية ديسمبر، نتيجة الطلب عليه كملاذ آمن وذلك مع تراجع قيمة الدولار نتيجة إبطاء الفيدرالى الأمريكى وتيرة التشديد النقدى، موضحاً بأن بعد اجتماع الفيدرالى الأمريكى وتصريح بعض أعضائه باحتمال رفع أسعار الفائدة بواقع ٥٠ نقطة فقد حقق الذهب أرباحاً نتيجة تراجع حاد فى قيمة الدولار مقابل سلة من ٦ عملات أخرى، وتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، منوهاً إلى أن تراجع الدولار يؤدى لزيادة جاذبية الذهب للمشترين بالعملات الأخرى فيزيد الطلب على الذهب ويحقق أرباحاً، مضيفاً إلى أن إنتاج مصر من الذهب يقدر بـ ١٥.٨ طن سنوياً أغلبه من منجم السكرى، لذا فإن الذهب المصرى له أهمية وقيمة وقد ينافس بقوة إذا دخل السوق الدولى.