السوق العربية المشتركة | «السوق العربية» تتقمص دور عامل اليومية.. أجور بخسة وجنون أسعار 

من هنا انطلقت السوق العربية فى تحقيق استقصائى لمحررها الصحفى محمد الشناوى الذى تقمص دور عامل اليومية وهو يعت

السوق العربية المشتركة

الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 11:03
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

«السوق العربية» تتقمص دور عامل اليومية.. أجور بخسة وجنون أسعار 

من هنا انطلقت “السوق العربية” فى تحقيق استقصائى لمحررها الصحفى محمد الشناوى الذى تقمص دور عامل اليومية وهو يعتبر من أدنى طبقات المجتمع المصرى وهى طبقة  محدودى الدخل فيقول قمت بالاتصال بأحد الصنايعية الذى يعمل فى مهنة البناء وهو المعلم عوض الشافعى  وعرضت عليه أن أخرج معه غدا للعمل كعامل للبناء فوافق وقال لى إن ساعات العمل تبدأ من الساعة السابعة صباحا وحتى الرابعة عصرا والاجرة ١٠٠ جنيه لا غير فأغلقت معه الهاتف وأنا فى استعداد تام لخوض هذه المهمة التى اخترتها لمعرفة كم يشقى العامل؟وهل يأخذ حقه؟وهل سيكفيه أجره الذى سيتقاضاه فى ظل ارتفاع الاسعار الذى نشاهده يوميا عبر وسائل الإعلام وشاشات التلفاز ؟ 



 

فقمت بإعداد المنبه وضبطته على الساعة السادسة صباحا لكى استطيع الاستيقاظ مبكرا حتى لا أتاخر عن الموعد المحدد وايضا قمت بتجهيز ملابس العمل وأكدت على زوجتى أن تنهض مبكرا لتأتى لى بالافطار ثم نمت إذ بالمنبه يدق عقاربه فقمت مسرعا بتجهيز نفسى وذهبت إلى المكان المحدد والتقيت بأصدقائى فى العمل وكان من بينهم المعلم عوض وايضا عدد من العمال وهم رمضان احمد حاصل على دبلوم وشعيب ابراهيم فلاح وعلاء رمضان طالب بالثانوية العامة وحسن مصطفى بكالوريس تجارة وقبل ان نبدأ العمل قام المعلم بتقسيم الادوار بيننا واقتصر دورى على اننى ارفع المون (الاسمنت) فبدأنا العمل رغم اننى واجهت صعوبة فى فهم الشغل ولكنى استمتعت كثيرا بوجودى بينهم فقمنا ببدء بناء اساسات منزل جديد بإحدى قرى بنى مزار فكنت اترقب عن كثب اصدقائى فرأيت  التعب والارهاق بدأ يظهر عليهم ساعه تلو الاخرى حتى جاءت الساعة العاشرة صباحا فنبه المعلم عوض على صاحب المنزل بتجهيز الافطار وبالفعل تم تحضيره وجلسنا جميعا على طبلية صغيرة وبدأنا نأكل وسط دعابات بيننا وانتهينا سريعا وقمنا بتناول كوب من الشاى عقب الافطار وعدنا إلى العمل فخلال الفترة السابقة قمنا ببناء ما يقارب عن ٤٠٠٠ قالب من الطوب الابيض وايضا قمنا بعجن ٤٠ شيكارة اسمنت من المونة قمت انا برفعها للمعلم وايضا بمعاونة اصدقائى كل منهم بتخصصه الذى شغله وكلفه به المعلم واستمرينا بالعمل حتى أتت صلاة الظهر فتوقف العمل وقمنا بتجهيز انفسنا للصلاة وذهبنا إلى المسجد وعند عودتنا تناولنا وجبة الغداء واكملنا العمل حتى جاء موعد الانتهاء من العمل عقب صلاة العصر ورغم هذه الاجواء التى تعايشت معها الا اننى وجدت حبا فى المعاملة والتعامل فيما بيننا وكانت هناك تساؤلات كثيره فى ذهنى اردت اجوبة لها من اصدقائى العمال.

 

فقمت سريعا بطرح اسئلتى عليهم واحد تلو الآخر وبدأت بالمعلم عوض كيف تتعامل مع غلاء الاسعار؟قال انا رجل صاحب مهنه ومعى ٥ اولاد جميعهم بالمدارس ومنهم ٢ بياخدوا دروس خصوصية وبعد الثورات التى حدثت فى مصر وارتفاع الاسعار كل يوم والتانى وقلة العمل اجد صعوبه كبيره جدا فى اكتفاء منزلى حتى من السلع الاساسيه فأنا اعمل بأجر قليل ١٥٠ جنيها فى اليوم الواحد ويوم اشتغله وعشره لا وانا دائما بقول كتر خير اللى بيعمل شىء فى الظروف دى وبعد القوانين الصارمة التى وضعتها الدولة للحد من البناء على الاراضى الزراعية بدات الناس تخاف وتوقف حال البناء كثيرا عن الاول واكل العيش هنعمل ايه فانا فى مشاكل يوميا بسبب قلة المال ونقص فى اساسيات البيت ورغم كل التعب الذى اراه فى الشغل طوال اليوم الا اننى اجد بركانا من الغضب موجود فى المنزل من قبل زوجتى واولادى واجد نفسى فى حالة نفسية تصل إلى اليأس فى بعض الاوقات عن المستقبل وما سيحدث فيه ورغم كل ذلك اثق فى كلام السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بانها ستفرج قريبا. 

 

فيما اضاف رمضان احمد ٢٧ عاما متزوج ولديه ابنه انا اعمل يومى بأجر ١٠٠ جنيه وبشتغل ممكن ٤ ايام فى الاسبوع أو اقل لأن الشغل ليس مستمر بقوم الصبح بذهب لمكان عندنا فى البلد اسمه سوق العمالة بمعنى ان اى صنايعى يريد عامل بييجى المكان وبيختار العامل اللى يطلع معاه وانت وحظك ممكن تروح الشغل وممكن ترجع البيت خاوى الايدى وتواجه مشاكل سواء اقتصادية أو اجتماعية وقد تصل هذه المشاكل إلى تفتيت الاسرة. 

 

وأوضح شعيب ابراهيم ان أجره العامل لا تكفى حاجته اليومية وانا رجل مدخن وعلبه السجائر بسعر ٢٥ جنيها فيتبقى من الاجره ٦٥ جنيها منها ٥ جنيهات اجر مواصلات فيتبقى ٦٠ جنيها فهل تكفى رجل وزوجته أو حتى شاب اعزب فى تكوين مستقبله والشغل ليس مستمرا. 

 

كما أضاف علاء رمضان الطالب بالثانوية العامه انه خرج للعمل بدون ارادته ولكن فرضت الظروف عليه ذلك بسبب مساعدة والده الذى يعمل فلاح وغلاء الاسعار الفاحش وقال اننى فى الصف الثانى الثانوى بأخد ٤ دروس وقيمة الواحد منهم ٧٠ جنيها فى الشهر فكيف اسدد ذلك المبلغ كل شهر وانا ارى ان والدى ليس لديه حيلة كما انه يوجد لدى ٤ أخوة آخرين فاضطررت ان اخرج للعمل والحمد لله اننى بقدر أواظب على مذاكرتى عقب رجوعى من العمل ساعتين يوميا والشغل اليومين دول تعبان جدا بسبب غلق الدول والسفر للخارج.

 

وذكر حسن مصطفى خريج كلية التجارة ١٠٠ جنيها تعمل ايه فى زمن الوحوش واللى معاه احسن من اللى ممعهوش حتى لو بالحرام كل الان بيحترم المال وليس اى شىء آخر ولكن لازم الانسان يتقى ربنا فى أكل الحلال وانا خريج لا يوجد وظائف ولا سفر للخارج اغلب الدول مقفلة ودول الخليج سعر تذكرتها غالى جدا ١٠٠ ألف جنيه مصرى اقل تكلفة للسفر للخارج وانا ليس لدى المال كله ووضعنا الاقتصادى الذى لايزال فى أزمه لا اعلم متى سنخرج منها حتى نحقق ما نتمناه. 

 

ومن مهنة البناء خرجت سريعا إلى مهنة اخرى وهى تركيب السيراميك فقت تواصلت ايضا مع احد المعلمين فى ذلك المهنه وكان اسمه المعلم احمد ابراهيم ٢٥ عاما يسكن قرية البهنسا واتفقت ان اذهب للعمل معه فوافق وابدى لى مواعيد العمل من الساعه التاسعه صباحا وحتى العاشره ليلا بمبلغ ١٢٠ جنيها فوافقت على ذلك واكد لى انه لا توجد انفار اخرى غيرى لتشغيله لان صنايعى السيراميك لا يحتاج سوى عامل فقط وعلى الموعد المتفق قمت وذهبت للعمل وهذه المره واحسست بتعب وارهاق لاننى فقط اقوم بتشغيله احضر له المون والسيراميك واقوم بتسليمه فى يده واقف بجواره إلى ان يطلب شئ اخر ومضى اليوم مسرعا وان اترقب عقارب الساعه لاننى تعبت جدا فقلت فى نفسى وهل يمكن لعامل اليوميه الدوام والاستمرار على هذا الحال يوميا وهنا وجهت اسئلتى للمعلم احمد عقب الانتهاء من العمل. 

 

هل يكفيك اجرك فى ظل الارتفاع الجنونى للاسعار؟

 

فرد قائلا انا الحمد لله باخذ الشغل من الزبائن باسعار مخفضه واراعى دائما الظروف الاقتصاديه التى نمر بها جميعا حيث اننى اقوم بتركيب متر السيراميك بسعر ٢٠ جنيها فانا اخفف من اعباء الشباب مثلى لانهم يحتاجون إلى من يدعمهم فى ظروفهم وزى ما حضرتك عارف ان السيراميك اخر شئ يتم تركيبه فى تشطيب شقه للعرائس اما عن استمراريه الشغل فلا يوجد الان مداومه يوميا وانما انخفض العمل لغلاء مستلزمات البناء والتشطيبات وارتفاع امتار السيراميك فيبدا المتر الواحد من التاجر بسعر ٦٠ جنيها اقل نوعيه فهناك نوعيات اعلى تصل إلى ١٠٠ و٢٠٠ جنيه فكان الله فى عون من يفعل شىء هذه الايام واريد ان اتطرق إلى غلق السفر للخارج فى وجه الشباب وغلاء تذاكر السفر إلى دول الخليج فهذا يجعلنا فى غليان شديد اذ ان الاسعار يوميا فى تزايد ونحن بلا عمل فلو هناك عمل مستمر حتى ولو بأجر قليل فكان الحال سيكون افضل من ذلك وانما زى ما حضرتك شايف التعب اللى احنا فيه كصنايعيه وعمال نعمل باليوميه ولا يوجد لنا اى مزايا أو امتياذات من الدوله ولا يوجد تأمينات أو معاشات ولا يوجد سائل عن مسئول وكل وقت نسمع عن زياده فى مرتبات الموظفين طيب اين نحن من ذلك فهناك الآن كارثة تحدث ولا ندرى إلى اين ستذهب باولادنا واخوتنا من الشباب اللذين يسافرون بطرق غير شرعية لدول بالجوار بحثا عن لقمه عيش والهروب من الواقع المرير ودائما نسمع عن وفيات أما فى البحر غرقا أو فى الصحراء جوعا أو ما يتم خطفه من قبل جماعات مسلحة داخل هذه الدول فكان لى صديق ذهب إلى دولة ليبيا الشقيقة بطريقة غير شرعية وتم خطفه من قبل جماعات مسلحة وتم الاتصال بأهله هنا فى مصر وطلب منهم فديه قدرها ٢٠٠ ألف جنيه ورغم دخول اطراف كثيرة منهم مصريين عرب يحملون جنسية ليبية وتوصلوا إلى ان يتم دفع ٥٠ ألف جنيه فقط وبالفعل تم دفع المبلغ وعاد الشاب إلى احضان والديه بعد غياب شهرين عنهم فهذا خطر كبير يداهم شبابنا اليوم ولابد من الانتباه له والعمل على الوقايه منه قبل الكارثة الطامة. 

 

وأخيرا وقد تطرقت “السوق العربية” لجزء من مشقة عامل اليومية الا انها مازالت وستزال تطالب بحقوقه والعمل على دعمه لكونه احد اعمدة الدولة القوية التى تحتاجها مصر الآن فى ظل الظروف العصيبة التى تريد الدول من ابنائها ان يتكاتفوا جميعا لنهضتها حفظ الله الوطن.