السوق العربية المشتركة | نحن وأسواقنا

كانت أسواقنا في المنامة والمحرق والرفاع والحد وجدحفص والخميس البلاد القديم والبديع وسترة والزلاق تعج بالزائر

السوق العربية المشتركة

الخميس 28 نوفمبر 2024 - 15:27
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
نحن وأسواقنا

نحن وأسواقنا

كانت أسواقنا في المنامة والمحرق والرفاع والحد وجدحفص والخميس «البلاد القديم» والبديع وسترة والزلاق تعج بالزائرين الذين يعرفون بعضهم بعضاً فقد تخصصت بعض الأسواق في القرى أيضاً ببضائع معينة خصوصاً تلك التي تصنع بأيدي مواطنين مهرة عرفوا بها كصناعة النسيج في بني جمرة، والفخار في عالي وبعض الصناعات اليدوية المستعملة في منازلنا واشتهرت بها كرباباد وباربار والجسرة والهملة وكثير من قرى شارع البديع والقرى الممتدة من المحرق إلى الحد كالدير وسماهيج وقلالي...



 

كانت الأسواق ملتقى الناس في بلادي أما لشراء حاجياتهم وحاجات أسرهم أو الالتقاء خصوصاً في المقاهي الشعبية بأصدقائهم ومعارفهم وبمن جمعتهم المهن والحرف وتقاعدوا عن العمل وأصبحت مهمة الالتقاء بهم تدخل في صلب علاقات المجتمع بأفراده وجماعاته وتبادل أحاديث الذكريات أو التشاور في الأمور المعيشية البسيطة، كان يحلو لنا ونحن صبية مرافقة الأجداد والآباء لهذه الأسواق، وكنا نعجب بمعرفتهم لبعضهم بعضاً، والتبسط في الأحاديث بينهم وكانوا يفتخرون بالذات بتلك الأيام الصعبة التي عاشوها جميعاً وتغلبوا على ما يواجههم من مشاكل وكانوا لا يملون ولا يسأمون من ذكر ذلك والافتخار بجهودهم ودأبهم ومثابرتهم على التغلب على الصعاب سواء ما واجههم في أسفارهم وتنقلاتهم أو في الأعمال التي مارسوها في وطنهم.

 

وكنا نسعد بتلك الأحاديث، وكنا نرى في عيونهم الفرح والسرور وهم يروون الأحاديث ولم نكن نستغرب عندما يذهبون إلى الباعة ويأخذوا منهم ما يحتاجون إليه إما نقداً وأما سلفة، فالثقة بين الباعة والمشترين كبيرة ومقدرة وكانت مثلاً علاقتهم مع باعة المواد الغذائية وثيقة ويدركون أن ما يسجل عليهم من مبالغ نظير بتضعهم قابل للسداد عاجلاً أم آجلاً، بل إنه في بعض الأحيان نرسل نحن من قبل أولياء أمورنا إلى دكاكين الخياطين أو باعة المواد الغذائية أو باعة الأسماك واللحوم لنشتري بالسلف منهم ما نحتاج إليه ويسجل باسم الوالد أو الجد، دون أوراق أو ضمان سوى السمعة الطيبة والتعود على السلف والسداد في أقرب الآجال وعندما تسنح ظروف المعيشة ذلك.

 

كانت الأسواق مقصد أيضاً رواد المقاهي فقد تعددت المقاهي وقتها حيث يقدم الشاي والقهوة وبعض المأكولات كالنخي (بلح الشام) أو الباقلاء (الفول) مع خبز التنور الأبيض أو الأسمر ومن عاداتهم أن من يكون سابقاً في الحضور من الممكن أن يضيف من يحضر لاحقاً خصوصاً إذا كانت بينهم صداقة أو معرفة وعزاؤهم إن هذا الكرم مردود عليه بالمثل في مناسبات أخرى.

 

كانت معرفة أهالي الدكاكين لبعضهم بعضاً تسمح لهم بأن يكون باب الدكان مفتوحاً والجار مكلف بالمتابعة وأخذ البال من محل صديقة أو جاره لحين عودته، وكان هذا عرف يقوم به أصحاب المحلات لبعضهم بعضاً.

 

كانت المقاهي في البحرين أيضاً ملتقى البحاره الذين يأتون من دول الخليج العربي إلى المنامة أو المحرق محملين بالبضائع التي تنقلها السفن التقليدية ويأخذون ما يحتاجون إليه من بضائع من البحرين.

 

كانت قهوة بوضاحي بالمنامة معروفة لديهم كذلك قهوة معرفي ومقهى الطواويش ومقهى حاجي وغيرها بالمنامة وكذا الحال في مدينة المحرق حيث توجد المقاهي الشعبية الكثيرة ومنها قهوة عبدالقادر العلوي، وقهوة محمد بن دينه وقهوة بو خلف ومقاهي أخرى في سوق القيصرية.

 

لا نستغرب اليوم إذا ما سمعنا عن أصدقاء يجتمعون في المقاهي الحديثة في مجمعات السيف والسيتي سنتر والأفنيوز بالمنامة وكذلك المجمعات الحديثة في المحرق والحد والرفاع وديار المحرق، وأمواج وغيرها على اتساع الوطن.

 

شعب البحرين فطر على الرغبة في التزاور وتبادل الواجب الذي يفرضه عليهم العرف والعادات والتقاليد، صحيح أن الظروف تغيرت وادخلت على عاداتنا وتقاليدنا مفاهيم فرضتها مقتضيات العصر وتنوعه وعناصر التقنية الحديثة التي باتت تهدد مسامراتنا وتبادل الأفكار والآراء والأطروحات، فالحياة تغيرت وتبدلت وفرضت قيمها وعاداتها وتقاليدها وسنظل نتعامل معها بما تفرضه التقنية ولكن أملنا إن ذلك لا يزعزع من قيمنا الموروثة والمكتسبة وبما يسهم في بناء مجتمعنا وأمنه واستقراره ومسايرته لركب التقدم والازدهار بما ينفع أهلنا وأصدقائنا ومعارفنا ولمن له حق علينا، وبالتأكيد الوطن العزيز والولاء لقيادتنا الحكيمة الرشيدة.

 

أهل البحرين الذين عرفوا بالتجارة كبر حجمها أو صغر فهم اليوم مدعون للسير على هذا النهج؛ فالنماء الاقتصادي والإزدهار التجاري وتصدي أبناء البلاد لهذا النمو وأهميته والمساهمة فيه والانخراط بمعطياته من شأنه أن يعيد لأسواقنا بريقها وأهميتها وضروريتها وأبناؤنا مدعوون لأن يديروا هذه المحلات والمجمعات فقد تعودنا على معرفة بعضنا بعضاً وأصبحت وجوه البحرينيين مألوفة لدينا ونثق بقدراتهم ومواهبهم واستعدادهم للنهوض ببلادنا إلى آفاق رحبة، الله يوفقهم لكل خير ينشده الوطن العزيز.

وعلى الخير والمحبة نلتقي..