مسؤولية أجهزتنا الإعلامية
تتنوع ظروف الحياة، ونعيش يوميًا مواقف نحتار في كيفية التصرف حيالها، ونؤمن إيمانًا راسخًا إنها إلى زوال، وتغير الحال من حال إلى حال لكننا يقينًا بحاجة إلى من يقف معنا فيما يعترضنا من مواقف، قطعًا بدءًا من الأهل المقربين إلينا، مرورًا بالأصدقاء والمعارف وبمن نثق أن عنده الحل والربط فكلنا بحاجة إلى الآخرين في مساعدتنا على مواجهة الصعاب، وربما الظروف التي لم نعهدها من قبل، ونجد أنفسنا إزاءها عاجزين ربما عن التفسير. كانت الإذاعة والتلفزيون في زمن الإعتماد عليهما كوسائل ترفيه وتوعية تعد البرامج الطبية، حيث يتم الاستفسار عن الحالات عند الطبيب المختص الذي أعد نفسه للإجابة على التساؤلات وتقديم ربما النصيحة الطبية الملائمة، وهذا طبعًا لا يغني عن زيارة الطبيب في الحالات المستعصية والتي تتطلب المعاينة الدقيقة وإجراء الفحوصات الضرورية... كما شهدنا برامج دينية يستفسر فيها المستمعون أو المشاهدون عن الأمور العقيدية، وبالذات في رمضان حيث يتم استقبال المكالمات التي يستفسر فيها المواطنون عن الأشياء المفطرات وربما أمور خاصة بحرمة الصوم والحالات التي يتعذر فيها الصوم، وكانت لهذه البرامج شعبية ولا تخلو إذاعة أو تلفزيون في بلداننا العربية من هذه البرامج المفيدة والتي تحرص إدارة الإذاعة والتلفزيون على تضمينها في خريطة البث التلفزيوني والإذاعي اليومي. كانت شهرة الأطباء والمختصين ورجال الدين في هذه البرامج طاغية بعض هذه البرامج كانت مسجلة وتعتمد أما على الرسائل النصية أو القيام بتسجيل مبكر بحيث يتاح المجال للمختص أن يدرس السؤال بعناية ويقوم بالإجابة المشفوعة بالأدلة المقنعة، وأحيانًا يتم بث هذه البرامج بصورة مباشرة على الهواء وكانت إدارات الإذاعة والتلفزيون تتوجس من هذه البرامج، خصوصًا أنها لا تضمن جدية السؤال والغرض الإنساني منه، ولكن بحق كان مقدمو هذه البرامج على دراية وقدرة ومعرفة في الإجابة الشافية وتجنب الأسئلة التي من أهدافها الإثارة والإحراج، خصوصًا أن التقنية لم تكن متاحة وقتها بحرفية لدى القائمين على هذه الأجهزة لتجنب الإحراج. كانت الإذاعة والتلفزيون بعدها مصدر من مصادر التواصل والإجابة على تساؤلات عديدة تشمل الصحة وأسلوب المعاملات، وكان التدريب على مواجهة جمهور المستمعين والمشاهدين يحتاج إلى دربة ودراية وفهم وإتقان. كان الناس أيضًا الكثير منهم عند مستوى المسؤولية وكانوا يقدرون هذه الفرص والسوانح التي اتيحت لهم للتواصل مع أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية، وكانوا يترقبون هذه البرامج وأصبح مقدمو هذه البرامج أصحابا بشعبية كبيرة على مستوى وطننا العربي. وكان هؤلاء النجوم من مقدمي برامج الهواء من جمهورية مصر العربية وإذاعات الرياض والكويت وأبوظبي ودبي وإذاعة البحرين وبعدها تلفزيون البحرين وإذاعات وتلفزيون دول عربية أخرى يحظون بشعبية كبيرة وأصبحت هذه البرامج تحظى باهتمام المشاهدين والمستمعين، وما زال متابعو إذاعة البحرين يذكرون بكل فخر واعتزاز أصدقاء الإذاعة ودورهم في إثراء هذا النوع من البرامج الهادفة. كانت مسؤولية كبيرة في احتضان مثل هذه البرامج، وأصبحت من برامج الأركان التي تحرص الإذاعات والتلفزيونات على التمسك بها، فهي صلة الوصل ما بين الأجهزة الوطنية والمواطنين والمستمعين والمشاهدين، وكانت تأتي المشاركات من الدول الشقيقة المجاورة فكان نجوم هذه البرامج من المقدمين والمعدين والمشاركين تقدر من قبل الجميع فالتواصل بالمعلومات المفيدة يخلق الوعي وتضيف معلومات لا غنى عنها للطرفين وهذا لا يعني أنه لم تحدث مشاكل فقد وجد عند البعض للأسف الشديد الرغبة في الإحراج لمقدم البرنامج وبالتالي للجهاز الإعلامي الذي هو أعد لخدمة المستمعين والمشاهدين والتواصل معهم، وهذه ظاهرة شاذة ولا يقاس عليها، إذ أن الجادين والحريصين على إيصال الصوت المفيد كثر وكانوا الحريصين على سمعتهم وسمعة الأجهزة التي أتاحت لهم فرص التواصل مع المستمعين والمشاهدين. ستظل الإذاعة والتلفزيون من وسائل الإعلام التي لا غنى لنا عنها، وكذلك الصحافة التي بدأت أيضًا تناقش القضايا المهمة والمفيدة للمجتمع وستظل المسؤولية مشتركة ما بين مقدمي الخدمة الإعلامية والمستفيدين من هذه الخدمة وما يطرح من قضايا هي موضع اهتمام المجتمع والإسهام في خدمة الوطن وأبنائه، خصوصًا أن هذه الأجهزة أهتمت بها الدولة ووضعت لها الميزانيات وهيأت القدرات والإمكانيات، والتحدي التكنولوجي يظل قائمًا والتطوير هو سنة الحياة وقدر هذه الأجهزة السمعية والبصرية أن تتواكب مع كل المتغيرات ولا تكون بعيدة عن الركب الحضاري الذي تفرضه الحياة بكل تعقيداتها ومتغيراتها... أعان الله القائمين على أجهزتنا الإعلامية المحلية والعربية الذين ينشدون الخير ويحرصون على التكاتف والتآزر واللحمة الوطنية والتوعية المقدرة إنسانيًا واجتماعيًا وثقافيًا وحضاريًا.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..