السوق العربية المشتركة | البدو الرحل حياة من أجل القطيع.. السوق العربية ترصد الظاهرة بعد معايشتها ليوم كامل مع بعض القبائل المتنقلة

شيخ القبيلة: نحتمي برجال الشرطة في كل تحركاتنا بين المراعيد ايمن زهري: يمتلكون نسبة كبيرة من الثروة الحيوانية

السوق العربية المشتركة

الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 05:36
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

البدو الرحل حياة من أجل القطيع.. السوق العربية ترصد الظاهرة بعد معايشتها ليوم كامل مع بعض القبائل المتنقلة

شيخ القبيلة: نحتمي برجال الشرطة في كل تحركاتنا بين المراعي 
 
د ايمن زهري: يمتلكون نسبة كبيرة من الثروة الحيوانية في مصرويشاركون في دعم الاسواق باللحوم 
 
خبراء: الكثير من هذه القبائل يرفض مطلقا الانصياع للحياه الحديثة  يعيشون حياة البداوة   ويستخدمون الحمير والجمال مركبا لهم
 
 
 
    في ظل حرارة الصيف وبرد الشتاء بين صعوبات الطقس ونقص الغذاء  يعيش كل منا في منزله يكيف نفسه مع تلكً الصعوبات ويطهو أصنافا مختلفة من الطعام والشراب يتناوله علي فراشه وسط شعور الدفء والسكينه، يعيش هؤلاء القوم علي بقع من الارض الجافة ينصبون خيامهم من القماش التي لا تغني عنهم من صقيع البرد ولا مياه الأمطار، يحاولون التأقلم والعيش في ظل أجواء مناخية صعبة، عائلات بأكملها ينصبون الخيام جنبا الي جنب، كل منهم يسكن خيمة بعائلته "زوج وزوجة وأطفال" في مراحل عمرية مختلفة، أولاد وبنات ينامون جنبا الي جنب بجانب أمهاتهم وابأئهم.
 
وخارج خيامهم تسكن عشرات وأحيانا مئات من الأغنام والماشية تعيش معهم في ترحال دائم من بلد لبلد ومن محافظة الي محافظة.
 
أناس حياتهم بسيطة سكن بدائي وخبز ومزقة من اللبن، يتداوون بالأعشاب وبعض فنون الشعوذه حيث وجدنا الجده لديها بعض النباتات والأعشاب لتداوي بها من يمرض من ابناءها وأحفادها.
 
العرب الرحل هم أناس رفضوا شتي أنواع التقدم والتكنولوجيا حتي اساسيات التعليم لم يجعلوها محل أهتمامهم وعنايتهم ، أناس عشقوا حياة الترحال ومهنة الراعي يعيشون حالة من الرضا والسعادة رغم قساوة الحياة من ظروف طقس ومناخ متقلب وصعب إضافة الي معاملة سيئة في بعض الاحيان من الفلاحين أصحاب الجوار والنظر اليهم بشكل متدني ومسيئ ولهذا فهم أعتادوا عدم الأمان وسوء الاستقبال.
 
بعد ظهر يوم الجمعة وعلي جانب الطريق السريع بإحدي القري التابعه لمركز الحسينية محافظة الشرقية وهي المنطقة التي تقع في الشمال الشرقي لمنطقة الدلتا وتبعد "75" كم من مدينة الزقازيق و"120" كم من مدينة القاهرة.
 
وضعت عائلة الحاج محمد رحالهم ونصبوا خيامهم من أعمدة خشبية وحديديه وأكواما من القماش والبلاستيك ،  سبعة خياما يقنطهن عائلة الحاج محمد والتي تتكون من أسرتة وخمسة من أولاد أعمامه إضافة الي والدتة العجوز ذو السبعين عامل علي حد قولها وأكثر من "100"  رأس من الأغنام والماشية  نصبوا خيامهم ووضعوا أمتعتهم وماشيتهم في بضع من القراريط الزراعية بعد حصاد الفلاح لمحصول الأرز،  جاءوا هم بإغنامهم وماشيتهم كي تأكل بقايا تلك الجذور والحشائش وفتات من بقايا الثمار التي عجز الفلاح عن حصادها جاءوا هم لتكون هذه الفتات مئوي لهم ولانعامهم ، سكنوا هذه المنطقة بعدما قطعوا مئات الامتار سيرا علي الاقدام بحثا عن مناطق تصلح للرعي.
 
"محمد الغنام" او ما يطلقون عليه أهله الحاج محمد أو الشيخ محمد بإعتبارة كبير العائلة والمسئول عن هذه القبيله في عملية الترحال
 
 
عم محمد وهو رجل ذو بشرة سمراء بعيون سوداء وشارب وذقن قصيرة  ووجه شاحب يبدوا علية علامات الشقاء والترحال ، الرجل في عقدة الخامس كما ذكر هو ،يرتدي جلبابا رصاصي اللون مخطط، يلف حول عنقة كوفية صوفية ويضع علي راسة العمامه البيضاء يمسك بين يديه عصا خشبية كبيرة هي أداة العمل بالنسبة له يهش بها الاغنام ويتكئ عليها.
 
يقول" انا ما بحبش الاستقرار وما قدرش أعيش في بيت ويتقفل الباب عليه أنا عايز أكون حر أكل أبسط الأكل عيش وجبنه ، انا ما قدرش اتنفس وانا مقفول عليه ".
 
أخبرنا عم محمد أن أصولة من قرية كفر صقر في الشرقية وفي هذة القرية يعيش أبوه وبعض من إخوته وأعمامه ولكنه فضل حياة الرحاله عن حياة السكون الدائم علي حد تعبيره.
 
 
الحاجة أم محمد  وهي عجوز في العقد السابع من العمر مكحلة العين يملء وجهها علامات الزمن ووخطوط من التجاعيد رسمتها علي مدي رحلتها عبر الزمن وعلي مدار عمر من الترحال والشقاء، وهي منحنية القامة قصيرة ورغم ذلك فهي  ترتدي جلبابا أسودا به من الزركشة والبهجه ما يغطي لونه الأسود وتشد حزاما من الوسط  يحيطة من الذيل والصدر رباط أخضر مذركش كما تضع علي رأسها الإيشارب والطرحةوفي أذنها يتدلي الحلق الذهبي الكبير وبرجليها تسمع أصوات الخلخال كلما تتحرك  وتجلس بجانب إحدي الخيام ممسكة بحلة من النحاس تضعها علي نار أشعلتها بين حجرين من أعشاب جافه وبعض الأخشاب المقطعة.
 
تقول أنها تعيش أينما يكون إبنها وأولاده فقد تركت زوجها مع ضرتها وابناءها وفضلت أن تعيش في ترحال مع إبنها وأولاده أينما سكنوا تكون بجانبهم تهتم بالأبناء الصغار وتعد بعض من الخبز ومنتجات الألبان كطعاما لهم بعد رحله ابنها وزوجته في عناء البحث عن المرعي كما أنها تعد المسئوله عن عمل الأعشاب والنباتات لمن يمرض منهم.
 
 
"فرحة" وهي الطفلة الجميلة السمراء ذو الخمس سنوات صاحبة الوجه الملائكي والذي استوقفتني كثيرا وهي متكأتة علي أحدي الخيام تنظر علي الطريق بعيون شاردة تحاول أن تسترق النظر علي السيارات التي تسير بجانبهم وكانها تقول لهم نحن هنا أطفالا لا نعيش مثلكم ليس لنا العاب أو حتي كراسة وكتاب لا أعرف الي هذا المجتمع البسيط ولا أحلم بأفضل منه فلا أملك الحلم كما أنني لا أملك عروسا العب بها ، فرحة ذات العيون السمراء كانت ترتدي فستانا طويلا لا يتناسب مع طفولتها رغم أنه كان مزركشا الي حد كبير ولكن تفصيلته وطريقة تفصيلة تفرض عليها أن تعيش مرحلة عمرية أكبر مما هي فية ، كما كانت تضع فوق رأسها  قبعة من القطن تكاد تخفي جبهتها وجزء من عينيها.
 
 
وعندما سالتها هل لديكي عروسه قالت "أمي بتعملي عروسه من القماش لكن وانا صغيرة أما دلوقتي أنا كبرت ، وبساعد امي وابويه وبرعي معاهم الغنم ، كمان باخد بالي من اخويه الصغير".
 
فرحة التي تمثل نموذجا للطفولة التي حرمت من أبسط حقوقها فأذا كان الاب أختار هذا الطريق من الحياة فكيف له أن يجبر علي أبناءة هذا النوع من الحياه البدائية المحرومة من أبسط الحقوق والمطالب الإنسانية.
 
ويقول فتحي واحد ابناء الاعمام الرجل ذو العقد الرابع يعيش في أحد الخيام بجانب عم محمد يمع زوجته وخمس من أبناءة بمراحل عمرية مختلفة يملأ وجهه التجاعيد والشقاء واضح عليه، وبالرغم من ذلك كان علي وجهه ابتسامة لم تفارقة طيلة وجودنا معهم، ان يومه يبدأ منذ الصباح الباكر وبعد أذان الفجر حيث يتناول كوبا من اللبن مع قطعة خبز ثم يسير مع أبناء اعمامه وبعض زوجاتهم بقطيع من الاغنام كلا منهم يسير بخطي منتظمة مقسمين منهم من يسير في الامام ومنهم من يكون بالخلف ومنهم من يكون علي الجانبين كما ان بعضهم يكون في الوسط كلا منهم يسير بعصي كبيرة يهش بها الاغنام ويحاول أن يجعلها تسير في الطريق المقرر لها كما أنهم جميعا يكونوا دائما في حالة من التركيز والإنتباه خوفا من ان تشرد منهم أو تأكل من زراعة الفلاحين أو أن يصيبها مكروة فكل رأس منها يمثل ثروة بالنسبة لهم فهي مصدر دخلهم الوحيد ، كما أنهم يعشقون تربية الغنام والماشية فطعامها قبل طعامهم وشرابها قبل شرابهم.
 
ولكن ما يحزن عم فتحي أن كثيرا من الفلاحين لا يتعاملون معهم بشكل لائق بل بعضهم ينظر اليهم علي أنهم مصدر للوباء والسوء.
 
وعن سؤالهم علي طريقة تزاوجهم يقول أنهم يتزوجون من بعضهم البعض فكلهم أقارب وأبناء عمومة خاصة أن حياتهم صعبة لا يتحملها الا هم فقط.
 
وعن سن البنات في الزواج قال ان البنت أول ما بتكبر ويبان عليها الكبربيجلها ابن عمها وبنزوجها سواء ببطاقه او من غير بعقد عرفي علي ما تتم السن القانوني وبعدين نقول يا تسجيل.
 
وعن سؤالهم عن أصل قبيلتهم يقول سعيد ذو العقد الرابع أنهم من قبيلة الترابين والتي يعود أصلها الي سيناء كما سمعنا من أجدادنا زمان لاننا نعيش في محافظات مختلفة فمنا من يعيش في البحيرة ومنا من يعيش في كفر الزيات ونحن يعيش بعض عائلتنا في كفر صقر شرقية.
 
كما يقول سعيد أن معظم الارض التي يرعوا فيها أغنامهم تكون من أراضي الدولة وقليل من الفلاحين من يوافقوا أن نضع خيامنا في أرضهم.
 
كما يوضح لنا أنهم لا يقومون بتسجيل الاطفال المواليد الا بعد شهور من الولاده وبعد أن يضمنوا أن الطفل بحاله جيدة وبضحكة ساخرة يقول سعيد أنا ولادي كل واحد متسجل في محافظة مختلفة مكان ما بنكون بنسجل.
 
وكما يقولون أن شهر يناير هو "شهر التجمع الأكبر" كما يسمونه حيث تتيح لهم وزارة الزراعة االرعي علي تلك الارض والتي تكون بعشرات الافدنه يتلاقى العديد منهم في هذه التجمعات من الأرض مستقرين فيها حتي إنتهاء الكلا والزرع ومن ثم يبدأون رحلة البحث عن مرعي جديد.
 
ويحدثنا ابراهيم وهو أحد الشباب ذوي العشرين عاما أنه بدأ في تعلم هذه المهنة منذ الطفوله فكان يسير جنبا الي جنب مع والده واعمامه ويقول أن أكثر ما يسعده هو عند الذهاب للسوق وبيع أحد الماشية والاغنام الكبيرة وهي تمثل احد طرق البيع وهناك طريقة ثانيه عن طريق التلفون المحمول الذي يأخذ رقمهم أبناء المنطقة التي ينصبون خيامهم بها واذا ما أرادوا شراء او بيع ماشية واغنام يتصلوا عليهم ولهذا فيعتبر التلفون المحمول هو من الضرورات التي يقتنوها رغم تخليهم الكامل عن أبسط انواع التكنولوجيا الا انهم يعتبرون ذلك وسيلة لكسب الرزق وليس شيء للوجاهه كما يعبره غيرهم.
 
كما انه يعتبر وسيلة التواصل بينهم جميعا حتي يتلاقوا وطريقة شحن هذا التلفون تكون غالبا في المساجد المجاورة او البيوت القريبه من خيامهم.
 
 
 
 
من جهة أخري حدثتنا مريم احدى فتيات القبيلة ذات العقد الثالث بوجه يملؤة البشاشة والحمرة وعيون مكحولتان مرتدية جلبابا ملونا مزركشا يحمل من التطريز اليدوي أشكالا ورسومات رائعة صنعتها بنفسها من الخيوط الملونه وفوق راسها ترتدي قبعة قطنية جميلة كانت مضيافة والابتسامة والضحكة لم تفارق وجنتيها تقول انها تريد أن تعلم أبناءها كما يتعلم الاولاد ولكن لكونهم رحاله لا يعيشون في حاله استقرار فانهم مجبورون علي الا يتعلم ابناءهم كما انهم ليس لديهم اي وسيلة للمعرفة الا من خلال الناس اللذين يتعاملون معهم ، وعن الحياه الصعبة التي يعيشونها تقول" يكفي اننا بنستني  الليل ييجي عشان نشوف مكان نقضي حاجتنا" كمان بعض الاحيان يتعرضن للمضايقات من قبل بعض الشباب خاصة اذا ذهب الرجال للمرعي.
 
وأشارت مريم الي أن أصعب ما تشعر به إذا مرض أحد الابناء وخاصة أثناء الليل " لاننا بنعيش بعيد عن العمران  فلما عيل بيتعب بنحاول نعمله حاجه عشان يخف  حماتي بتغليله اعشاب أما ولو التعب ما بيروحش بنستنا النهار وبنروح بيه علي المستشفي.
 
كمان الشتاء والمطر بيتعبونا قوي ، عشان الخيمه حتي لو كانت معموله من الخيش والقماش الجامد بينزل علينا المطر بردوا  كمان في الصيف لما الشمس بتتسلط علينا العيال بتسخن وتتعب  وبيطلع في جسمهم حبوب ، بس هنعمل ايه احنا اتولدنا كده ولازم نتحمل".
 
وعن طريقة الطبخ تقول مريم " بنعمل الاكل علي شعله بانبوبه او البابور وفي وجبة الافطار نقوم بتسخين عيش او براد شاي ده بنعمله علي المنقد وبيكون طعمه جميل لكن الي بنتعب فيه بجد هو الغسيل ونقل المياه من الترمبه عشان الهدوم بتكون غير نظيفة  فبنقعها في الطشت شويه وبعدين  أفضل ادعكها كتير بايدي وبرجع انشرها علي الخيمه من بره ".
 
وعن مهر البنات قالت مريم كل واحد وعلي قد ما بيقدر المهم العريس يجيب دهب كتير للبنت عشان تفرح بيه وبعد تنهيده طويله تقول مريم ما هي دي الي بتاخده اصل كلها خيمه وهدمتين  وكام بطانيه وحبة مواعين  بنجبهم للعروسه  عشان كده الدهب هو الحاجه الي بتنبسط بيه.
 
 الدهب لازم بقه تنبسط بيه"
 
حكايات كثيرة تعرضنا لها في تلك الرحلة توضح خلفيات مجتمع نافر بعيدا عن حياة الاستقرار وهو في منظور الدكتورة هدى زكريا " استاذ علم الاجتماع السياسي  بجامعة الزقازيق حباة غامضة كما اكدت ان هذا المجتمع والحياه البدائية التي يعيشها هؤلاء الناس  بأنها ظاهرة دولية فكل العالم حتي في امريكا هناك أناسا يرفضون الحياه الحضرية ويقطنون في أطراف البلاد يعيشون طبقا لقوانينهم ومعتقداتهم واساليب حياه بدائية لا يتنازلون عنها.
 
وقالت ان معظم هذة القبائل اصلها من شرق اسيا وشبة الجزيرة العربية وهم يمثلون أكثر من خمسين قبيلة علي مدي التاريخ بعضهم قبل الحياه المدنية واندمج فيها والبعض الاخر رفضها مطلقا وعاش بحياة وقوانينه هو كما أوضحت دكتورة هدي أن محمد علي باشا استمال بعضهم وجعلهم يقطنون المنطقة الشرقية ليكونوا حراسا عليها حتي يأمن شرهم حيث أنهم كانوا يعيشون كقطاع طرق يكسبون قوتهم من السرقة والسطو.
 
وأكدت هدي علي أن الكثير منهم رفض مطلقا الانصياع للحياه الحديثة وقوانين الدوله مثل قبائل "الغجر " اللذين مازالوا يعيشون ويقنطون الخيم يستخدمون الحمير والجمال مركبا لهم.
 
من جهة أخري يقول الدكتور أيمن زهري استاذ الدراسات السكانيه بالجامعه الامريكية أن مجتمع بدائي همجي لا يقبلون بالمدنية والحياه المريحة الصحيحة يعيشون حياه بدائية متخلفة تحمل في طياتها كل أشكال الخرافات والشعوذة ولا يقبلون أبسط أنواع التعليم لابنائهم يصرون علي التخلف والجهل.
 
وغالبا ما يكونون غير مسجلين في سجلات الدوله ولكن اجهزة الدوله تعرفهم جيدا وما يقع منهم من أخطاء تستطيع الدولة ان تصل اليه وعما أذا كانت هناك احصاءيات لأعداد هذة القبائل علي مستوي الجمهورية أكد زهري أنه لا توجد إحصائيات لنسبتهم أو عددهم بشكل دقيق.