سيّروا قطارنا يرعاكم الـله
09:56 م - الأربعاء 20 يوليه 2022
ونحن نستبشر خيرًا في المشاريع التي تنقل بلداننا إلى آفاق أرحب وأوسع وعلى رأسها التواصل بين شعوبنا بعضها بعضًا بالطرق البرية والجوية والبحرية، ولنا مثال صارخ ويضرب به المثل جسر الملك فهد الذي لم يربط المملكة العربية السعودية بشقيقتها مملكة البحرين فحسب، بل ربط مجلس التعاون لدول الخليج العربية وأثّر في حركة الركاب وتنقلهم وسهولة نقل البضائع والمزروعات والصناعات، بالإضافة إلى تأثيره في الربط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
وأصبح سير المركبات الصغيرة وسيارات الشحن مألوفًا في دولنا، وبات منظرهم يبعث في النفس الارتياح وبدليل عندما جاءت كورونا كوفيد 19 بشرها وتوقفت الحركة تقريبًا لمدى عامين أصبنا بإحباط وبتنا قلقين من استمرار ذلك، وما سينجم عنه من توقف الانتقال البشري، خصوصًا أن الفضاء أيضًا كان متأثرًا بتوقف الطيران إلا من رحم ربي، وهنا أدركنا ضرورة وحتمية التواصل بين شعوبنا وتسهيل تشابك مصالحنا الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، والحمد لله عادت الأمور إلى مجاريها مع اتخاذ ما يلزم من احتياطات تم التوافق عليها.
كان مشروع إقامة سكة حديد وتسيير قطار بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليواكب حركة التنقل وتبادل المصالح إذ أن الحركة البرية قد شهدت نموًا كبيرًا، خصوصًا أن التوسع المستقبلي كان يشكل تحديًا، فاستبشرنا خيرًا وشعرنا فعلًا بأن ذلك المشروع قد أصبح حتميًا وضروريًا، خصوصًا أننا نتكلم عن المستقبل وضرورة التوسع واستشراف آفاق رؤية 2030م للتنمية المستدامة وتمسكنا بها والتفاؤل بمردودها على دولنا وشعوبنا جميعًا.
مقتضيات سفر صيف هذا العام وما صاحبه من التزامات وظيفية حتم على استخدام الباصات والقطارات للتنقل بيسر وسهولة، فالقطارات وغيرها من وسائل التنقل البري والبحري والجوي ربطت دول أوروبا بشبكة متطورة من هذه الوسائل وأصبح السعي لتطويرها باستمرار يؤكد ضرورتها وحتمية الاستفادة منها، وقد أثبتت بعض دولنا العربية الشقيقة ضرورة وحتمية استخدام وسائل النقل والتنقل بتطوير شبكة القطارات لديها، فهذه جمهورية مصر العربية تطور شبكة مواصلاتها عمومًا وبالذات حركة القطارات، إذ إن مصر تعتبر من أقدم الدول الأفريقية والعربية بشبكة القطارات بل إن محطة رمسيس التي يرجع إنشاؤها إلى أواسط القرن التاسع عشر عام 1853م تعتبر ثاني محطة قطار بعد بريطانيا وأنطلق منذ فترة قصيرة القطار الكهربائي ودشنه فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مبشرًا بشهود شبكة النقل البري تطورًا في الشوارع والجسور واستخدام كل وسائل التنقل الحديثة.
كذلك أدركت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة حفظه الله ورعاه ضرورة وحتمية تطوير شبكة القطارات، ومن بينها قطار مناسك الحج والعمرة، ومن بينها القطار الذي يربط المدينة المنورة بمكة المكرمة، وشعر الحجاج والمعتمرون وأصحاب المصالح التجارية والاقتصادية ضرورة تطوير حركة القطارات...
وهذا أصبح أمرًا محمودًا وقد جاءتنا الأخبار بفرحة مستخدمي القطارات واستبشارهم بما تحقق.
إن التواصل البري والبحري بين دولنا الخليجية تحديدًا شهد جهودًا بذلت من قبل الأجداد والآباء باستخدام اللنجات للأماكن القريبة واستخدام الأبوام جمع «بوم» في الأسفار البعيدة، وهم بذلك تواصلوا مع بعضهم بعضًا وتواصلوا مع شبه القارة الهندية، وأفريقيا فتبادلوا المصالح ووثقوا علاقاتهم مع بعضهم بعضًا، وأصبحت موانئنا تشهد هذه الحركة المستمرة والتي لم تنقطع رغم ظروف الأجواء صيفًا وشتاءً، لكن المصالح المتبادلة والرغبة في العيش الآمن والمستقر تحتم عليهم إقتحام الصعاب والعقبات بتعاون وثيق وترابط إنساني رسم المستقبل للأبناء والأحفاد.
واجهوا نعم الصعاب، وواجهوا المشاق والمعاناة لكنهم في سبيل الكرامة وعزة النفس والاعتماد على الذات مع التعاون مع الأصدقاء رسموا المستقبل ووطدوا الأركان وبتنا نفخر ونعتز بإنجازاتهم التي ترفع الرأس ونتخذ منها قدوة ومثالًا.
يقينًا إن كل وسيلة نقل لا تلغي الوسيلة الأخرى، وإنما كل وسيلة تضيف وتعزز الوسيلة الأخرى شريطة التطوير ومواكبة العصر وتلبية الحاجة والضرورة التي تحتمها مقتضيات المستقبل لما فيه الخير لبلداننا وشعوبنا... فبحق الرحمن أطلقوا قطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقطعًا فيه الخير لنا جميعًا.
وعلى الخير والمحبة نلتقي...