رغم تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية: «ستاندرد آند بورز» و «فيتش» تثبتان التصنيف الائتمانى لمصر عند «+B» للمرة الرابعة
تحقيق: جمال خليل
للمرة الرابعة على التوالي منذ اندلاع أزمة جائحة "كورونا"، أبقت أكبرمؤسستين عالميتين للتصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" على درجة التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى (B+)، مع نظرة مستقبلية مستقرة تؤكد قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ليصبح الاقتصاد المصري من الاقتصاديات القليلة بالعالم التى تمكنت من تحقيق معدلات نمو إيجابية في ظل الأزمات العالمية، وهو ما وصفوا عدد من الخبراء بأن القرار بمثابة شهادة دولية جديدة في قوة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة، رغم ما يتعرض له العالم جراء الأزمة الروسية الأوكرانية التى تسببت في خفض توقعات معدلات النمو العالمية، مؤكدين أن التقرير جاء بسبب استمرار الدولة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار المالي وتحسين مناخ الأعمال.
في البداية اكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، ونائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن تأكيد وكالة فيتش علي التصنيف الائتماني لمصر عند «(B+)» مع نظرة مستقبلية، للمرة الرابعة خلال أزمة "كورونا"، بمثابة شهادة دولية جديدة في قوة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة، رغم ما يتعرض له العالم جراء الأزمة الروسية الأوكرانية التى تسببت في خفض توقعات معدلات النمو العالمية، مؤكدا أن التقرير جاء بسبب استمرار الدولة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار المالى، وتحسين مناخ الأعمال.
وأضاف" غراب " أن أبرز أسباب صدور هذه التقارير الدولية، هى أن مصر ماتزال جاذبة للاستثمار الأجنبى، خاصة بعد انخفاض قيمة الجنيه، فضلًا عن الإجراءات الميسرة التى نفذتها الحكومة وتقدمها أمام المستثمرين، فضلًا عن البنية التشريعية الاقتصادية التى تدعم المستثمر، والطرق والمحاور الجديدة التى تربط المحافظات ببعضها وتقلل الوقت والجهد وتربط المناطق الصناعية بالقاهرة، وآليات الدعم المقدمة للمستثمرين.
وأوضح "غراب" أن تحديث البنية التحتية الذى تم على مدى السنوات السابقة، ساهم بلا شك فى جذب الاستثمارات، فضلًا عن تحديث الموانئ وتطوير منظومة الجمارك وتقليل زمن الإفراج الجمركى، وتطور وتنوع الاقتصاد المصرى من بين أسباب شهادة المؤسسات الدولية.
واشار الخبير الاقتصادى، إلى أن الدولة قطعت أيضًا شوطًا كبيرًا في ملف التحول الرقمي، والاهتمام بتكنولوجيا المعلومات والتى تيسر العمل والوقت والجهد، إضافة إلى المناطق الصناعية الكبرى كالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وغيرها والتى تعتبر تربة خصبة جاذبة للاستثمارات، كاشفًا أن البيانات والإحصائيات تؤكد أن إجمالي الاستثمارات لأربع مشروعات وقعتها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال الفترة الماضية تناهز ١٠ مليار دولار لإنتاج الوقود الأخضر.
وقال الدكتور خالد الشافعى، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن قرار مؤسسة "ستاندرد آند بورز" بتثبيت تصنيف مصر عند (B+) مع نظرة مستقبلية مستقرة، للمرة الرابعة خلال أزمة كورونا، يؤكد على قدرة الاقتصاد المصري على التعافي من أزمة كورونا، مؤكدا أن هذا التقرير ياتى رداً على كل الانتقادات التى تعرض لها الاقتصاد المصري والحكومة خلال الفترة الماضية والتشكيك الذي حدث من بعض الجهات أو المؤسسات التى أدعت أن الاقتصاد المصري غير قادر على مواجهة الأزمة العالمية.
وأضاف "الشافعى" أن هذه المؤسسات الدولية هى التى يقع على عاتقها إصدار تقارير التصنيف الائتمانى للدول، وقدرة مصر على تجاوز كل تلك الأزمات، مشيدًا بالشفافية والوضوح والمكاشفة الذى تُعامل به الحكومة المواطنين.
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى أن معنى صدور تقرير من مؤسسة فيتش الدولية يعنى أن الطريق المرسوم للاقتصاد المصري من جانب الحكومة صحيح، ولا توجد أزمات مثلما يحاول البعض تصديرها.
وأشار رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إلى أن ذلك سيُسهل جذب استثمارات خارجية ومحلية، خاصة وأنه يتواكب مع خطة الدولة في إطلاق يد القطاع الخاص وإشراكه في تأدية خدمات للمواطنين.
ومن جانبه أكد الدكتور إبراهيم مصطفى خبير الاقتصاد والاستثمار، أن قرار مؤسسة "فيتش" بتثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند (B+) مع نظرة مستقبلية مستقرة جاء نتيجة عدة عوامل تتمثل في قدرة الاقتصاد المصري على تخطي الأزمة الاقتصادية الأخيرة مستنداً على ذلك نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدء في عام 2016، إلى جانب توقع صندوق النقد الدولي بمعدل نمو من 5,6% إلى 5,9% للاقتصاد المصري خلال 2021/2022، إضافة إلى الاستقرار الأمني والسياسي الذي يعد عامل مؤثر في هذا التصنيف.
وأضاف "مصطفى" أن تثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند (B+) مع نظرة مستقبلية مستقرة يعد بمثابة طمئنة للمستثمرين باستقرار أداء الاقتصاد المصري وكذلك تمثل دافع لأمكانية التوسع باستثماراتهم داخل مصر، مشيراً إلى استغلال عدد من المؤسسات العربية للفرص الموجود بالسوق المصري حيث قام صندوق أبوظبي السيادي بشراء حصص بعدد من الشركات المدرجة بالبورصة المصرية.
وأوضح "مصطفى"، أن إعلان صندوق النقد الدولي عن التخوفات المتعلقة بالتحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في ظل ما نتج من آثار شكلتها الحرب الروسية الأوكرانية والمتمثلة في زيادة الأعباء على الموازنة المصرية لارتفاع تكليف المواد المستوردة من الخارج خاصة السلع الاستراتيجية وأستخدام جزء من الاحتياطي الأجنبي لدى الحكومة في محاولة للتخفيف من أثر الأزمة، وضعف الدخل الأجنبي متأثراً بتراجع أعداد السياحة وارتفاع حجم الاستيراد مقابل انخفاض التصدير خلال النصف الأول من 2021/2022.
ولفت "مصطفى"، إلى أنه في حالة استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا لفترة أطول سيشكل ضغط على الاقتصاد المصري ويزيد من الأعباء على الموازنة في ظل الاعتماد على استيراد المواد البترولية وعدد من السلع الغذائية وارتفاع أسعاره في ظل التحديات التي تواجه سلاسل الأمداد عالمياً وارتفاع أسعار الشحن، لتزيد من تكلفة هذه المنتجات.
ومن جانبه قال النائب محمود الصعيدي،عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن ثبات تصنيف المؤسسات الاقتصادية، للاقتصاد المصري يعكس مدى الاستقرار رغم الأزمة العالمية الحالية التي أدت لموجة تضخم عالية، مؤكدًا أن الحكومة نجحت في التعامل مع الأزمة الحالية بحزمة إجراءات استباقية لتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية.
واضاف "الصعيدى" أن إشادة مؤسسات التصنيف الائتمان الدولية بالاقتصاد المصري يعكس شهادة نجاح في قوة الاقتصاد المصري في التصدي للأزمات والتعاطي معها، وكذلك مدى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي التي اتخذته الدولة المصرية في نوفمبر 2016.
وأوضح "الصعيدى" أن التحديات تتشابك فيها تداعي "الجائحة"، مع ما أعقبها من اضطراب في سلاسل التوريد والإمداد، وارتفاع شديد لمعدلات التضخم وتكاليف الشحن، وزيادة في الأسعار العالمية للسلع الأساسية مثل: القمح، والمواد البترولية، والسلع غير الأساسية أيضًا، على نحو تضاعفت حدته مع الآثار السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية.
فيما أكد النائب حسن عمار، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن تأكيد وكالة فيتش علي التصنيف الائتمانى لمصر عند «+ B » مع نظرة مستقبلية، للمرة الرابعة خلال أزمة «كورونا»، شهادة ثقة جديدة تجسد قوة وتنوع الاقتصاد المصري وقدرته على التعامل الإيجابي مع تداعيات الجائحة واجتياز الأزمة بكفاءة عالية، على عكس معظم الاقتصادات النظيرة والناشئة.
واستطرد عمار قائلا : دلالة قوية علي حكمة الدولة في التعامل مع التداعيات السلبية لجائحة كورونا وله مدلول إيجابي علي الفترة المقبلة للاقتصاد القومي.
واوضح "عمار" أن جائحة كورونا لم تؤثر سلباً على أغلب مؤشرات الاقتصاد الكلى في مصر، موضحاً أن أغلب المؤشرات كانت إيجابية بل وبعضها في زيادة مثل الاحتياطي النقدى الأجنبي وتحويلات المصريين، وتحسن العجز في الميزان التجاري، وتحقيق فائض أولى في الموازنة العامة للدولة، بجانب استمرار جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وزيادة الصادرات.
وأشار"عمار" إلى أن تثبيت التصنيف الائتماني في الوقت الراهن له مدلول إيجابي على الفترة المقبلة للاقتصاد، حيث سيعطي الثقة الكبيرة للمستثمرين الأجانب سواء في أدوات الدين الحكومي أو السندات أو رسوم الخزانة أو الاستثمار المباشر، ما يؤدي إلى توفير فرص العمل ونقل التكنولوجيا وغيرها من العوائد التي لا تقل أهمية.
ولفت "عمار" إلى أن مصر في السنوات الأخيرة غالبا ما تحتفظ بثقة المؤسسات الرئيسية للتصنيف الائتمانى ووكالة موديز، ووكالة فيتش، دائما، موضحاً أن التصنيفات الائتمانية الدولية شهادة لمسار الاقتصاد المصري أنه قادر على امتصاص الصدمات الاقتصادية وعلى قوة البنية الاقتصادية، كما أنه يساعد مؤسسات التمويل الدولية على التعاون مع الحكومة المصرية في تمويل برامج ومشروعات تنموية التي تنعكس بالإيجاب على المجتمع المصري.