أمانى الموجى
الشيخ خليفة بن زايد مسيرة عطاء باقية
رحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عن عالمنا، تاركا خلفه تاريخا عظيما سيظل خالدا فى الأذهان سواء داخل الإمارات أو خارجها، بمواقفه النبيلة والراسخة التى جسدت معنى العروبة وأرقى قيم الإنسانية.
فمع إعلان خبر الوفاة، ضجت مواقع التواصل بالتعازى لتجسد مشاعر المصريين، حزنا على فراقه يعزون أنفسهم كأن المصاب مصابهم، فلم ينس المصريون مواقف رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة فى دعم بلادهم، وسرعان ما استعادوا مواقف الشيخ زايد طيب الله ثراه ومساندته لمصر فى مختلف المواقف التاريخية.
وعندما نتذكر مواقف الشيخ خليفة تجاه مصر نجد أنها ليست جديدة، فهى استكمال لأسس ثابتة وضعها المؤسس الشيخ زايد –رحمه الله- وسار على نهجها الأبناء من بعده. فجميعنا نتذكر مقولته الشهيرة عندما أوصى أبناءه على مصر قائلا: إن نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، أوصيت أبنائى أن يكونوا دائما إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم، إن مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقّف القلب فلن تُكتب للعرب الحياة.
ليس غريبًا أن يتأثر المصريون بوفاة الشيخ خليفة، فمواقفه بجانب مصر حاضرة فى أصعب الظروف بمحطات كثيرة مثلت علامة فارقة فى تاريخ الإخاء والتعاون بين البلدين، بدءا من مشاركته فى حرب أكتوبر عام 1973 للجنود المصريين على الجبهة، ووفقا لروايات الخبراء العسكريين الحاليين والذين خاضوا الحرب وقتها، انعكست مشاركته معنويا على الجنود بعدما تلقوا خبر مشاركته بسعادة بالغة وكانت لافتة رائعة من دولة الإمارات ورئيسها آنذاك الشيخ زايد آل نهيان، لتظل من المواقف الخالدة فى تاريخ الذاكرة المشتركة بين البلدين.
ولا ينسى أحد دوره خلال الظروف الصعبة التى عاشتها مصر سياسيا واقتصاديا إبان الإطاحة بنظام الجماعة الإرهابية وتقديم دعم غير مسبوق بتأييد ملايين المواطنين الذين نزلوا إلى الشوارع والميادين واحترام رغبة المصريين فى تقرير مستقبلهم، بجانب الدعم المادى الكبير لإنقاذ اقتصاد البلاد الذى كان على حافة الانهيار نتيجة سياسات الجماعة الإرهابية التى سعت لأخونة الدولة فقط دون النظر إلى المصلحة العامة، وهو ما يؤكده الرئيس عبدالفتاح السيسى دائما بأن دعم الأشقاء العرب كان من أهم العوامل التى ساهمت فى إنقاذ الاقتصاد المصرى.
واصلت الإمارات سلسلة الدعم لمصر فى المحافل الدولية، خلال تلك الفترة العصيبة، عندما وقف الشيخ عبدالله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتى، سبتمبر 2013، أمام الأمم المتحدة مطالبا بتقديم الدعم للحكومة المصرية والاقتصاد المصرى بشكل يعزز مسيرتها نحو التقدم والازدهار، وكان أول وزير عربى يزور مصر بعد ثورة 30 يونيو.
كل هذه المواقف وأكثر ترسم مدى الشعبية الكبيرة التى تحظى بها دولة الإمارات قيادة وشعبا فى مصر قائمة على الحب المتبادل ومن هنا فإن الموقف المصرى من رحيل الشيخ خليفة بن زايد هو نابع من القلب لتظل مواقفه السامية تجاه مصر حاضرة فى الأذهان.
رحل الشيخ خليفة بن زايد، وستظل أعماله ومسيرة عطاءه باقية وحافظة على عهده مع والده المؤسس ليمتد ظل الشيخ زايد بعهد جديد مشرق المعالم بانتخاب الشيخ محمد بن زايد، رئيسا لدولة الإمارات.