بعد موافقة مجلس الوزراء.. السوق العربية ترصد آراء الصيادلة بشأن تغليظ عقوبات مزاولة مهنة الصيدلة
تقرير: سميرة سالم
نقيب صيادلة القاهرة: سلامة المواطن أولًا وكل من تسول له نفسه غش الدواء يستحق أقصى العقوبات
ضرورة إلزام الشركات باسترداد الأدوية منتهية الصلاحية وأن تشمل العقوبات الدخلاء على القطاع
مصطفى الوكيل: الصيدليات تخضع بالفعل لرقابة صارمة والأولوية حاليًا لتطويرها ومنع القنوات غير الشرعية من تداول الدواء
عادل عبد المقصود: ضرورة إخطار النقابة العامة والسماح بإقامة الجمعية العمومية لتنظيم حوار مهني حوله عند مناقشته بمجلس النواب
سمير صديق: تغليظ العقوبات الحل الرادع ولكن يجب أن تشمل التعديلات قضايا أخرى تتعلق بسلامة تداول الدواء
وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، الذي تضمن تغليظ العقوبات المقررة لإحكام الرقابة على هذا القطاع.
ونص التعديل على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه، ولا تجاوز مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص، أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل، أو باستعارة اسم صيدلي، وكل صيدلي أعار اسمه، تحقيقاً لأحد الأغراض المتقدمة.
كما نص التعديل على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز مليوني جنيه، كل من فتح أو أنشأ أو أدار مؤسسة صيدلية بدون ترخيص، كما يعاقب بذات العقوبة كل من أقام صناعة أخرى، أو مارس نشاطاً آخر في مؤسسة صيدلية غير المرخص له بإدارتها، وذلك على النحو الذي يحدده قرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.
وخلال التقرير التالي نستعرض آراء المتخصصين من القطاع؛ للوقوف على مدى تحقيق مشروع القانون المزيد من إحكام الرقابة، وردع المخالفين، بالإضافة لمقترحاتهم حول كيفية مناقشته حتى يتم تطبيقه.
وقال محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة، بأن مشروع القانون لايزال مقترح بمجلس الوزراء ولم يتم حتى الآن تمريره للمجالس النيابية، مضيفًا: "لا أدرى هل ستتم تلك الخطوة أم لا".
وأوضح نقيب صيادلة القاهرة: "فكرة تغليظ العقوبات في حد ذاتها أمر جيد جدًا ومطلوب، وسلامة المواطن في المقدمة وكل من تسول له نفسه غش الدواء يستحق تطبيق أقصى العقوبات عليه، ولكن العقوبات الجديدة تحتاج للتدرج في تطبيقها، خاصة وأن الغرامات المقررة بالقانون الحالي زهيدة جدًا بالمقارنة للمغلظة، فعلى سبيل المثال لا يمكن رفع الغرامات من 200 جنيه بالمقرر حاليًا من حد أدنى 200 ألف جنيه حتى حد أقصى مليون، فيمكن تدريجها عن طريق تطبيق الحد الأدنى لأول مخالفة ورفعها بالتدريج إذا تكررت المخالفات".
وأشار إلى أن المنظومة ككل بحاجة لإضافة بعض الإجراءات التي تساعد على تسييرها، فهناك موضوعات نتمنى أن يشملها مشروع القانون، مثل الأدوية منتهية الصلاحية وإلزام الشركات باستردادها، كما لم يتم تحديد عقوبات للمؤسسات غير الصيدلانية مثل المواقع الإليكترونية وصالات الرياضة والمراكز الطبية وغيرها ممن لا يصرح لهم ببيع الدواء وبالرغم من ذلك تقوم ببيعه وتداوله، مؤكدًا على ضرورة أن تشملهم العقوبات بشكل صريح وأن يُعاملوا بنفس المُعاملة؛ لردع الدخلاء على المنظومة بالكامل.
وتابع: "كما أن بعض أنواع الدواء التي يصفها الأطباء للمرضى غير متوفرة بسوق الدواء المصري وليس لها بدائل لابد من تسجيلها؛ حتى لا يعرض الصيدلي للمسائلة القانونية، مع ضرورة إيجاد بدائل مسجلة رسميًا من هيئة الدواء وتوضع بالقوائم الرسمية كل عام ليعمل بها الصيدلي فقط".
كما أشار إلى ضرورة زيادة هامش ربح الصيدلي؛ لارتفاع أعباء تكاليف التشغيل، موضحًا بأن مع تراجع القوة الشرائية أصبح هامش الربح ثابت بل ويتناقص في ظل الظروف الحالية نتيجة مضاربات سلاسل الصيدليات التي تقوم بتقديم عروض تخفيض أسعار بما يؤثر على الصيادلة.
وصرح الدكتور عادل عبد المقصود، رئيس سابق لشعبة الصيادلة بالقاهرة، بأن المشروع المقدم من رئاسة الوزراء لمجلس النواب لدراسته، ليس مشروع لتعديل قانون مهنة الصيدلة بل تغليظ عقوبات مهنة الصيدلة، وهذا المشروع قد تم دراسته بالنقابة العامة لصيادلة مصر مع النقابات الفرعية منذ أكثر من عامين تقريبًا، وطالبوا بتغليظ العقوبات؛ لضبط السوق وانتظام المهنة والحفاظ على المهنة وأرواح المواطنين.
وتابع: "ظل المشروع حبيس الأدراج ولم يخرج إلى حيز الوجود إلى أن قام الوزير بتعديل المادة 78 بتغليظ العقوبة على كل من تسول له نفسه بارتكاب المخالفات الواردة بالتعديل، وهنا أؤكد -قبل أن يتم نقل مشروع القانون بقرار من رئيس الوزراء إلى مجلس النواب لأخذ الموافقة عليه- على ضرورة رجوع النقابة إلى وضعها الطبيعي والنقابات الفرعية وتنظيم الجمعية العمومية بعد الحصول على الموافقة الأمنية؛ لدراسة الموقف بمشاركة جميع أطراف المنظومة، بما يتلاءم مع الجمهورية الجديدة".
وعلل ذلك لتغطية كافة الثغرات بالقانون ليستمر لسنوات كثيرة، ولاختلاف الظروف بكل توقيت زمني، لذلك لابد من وجود حوار مهني كامل ومجتمعي يشمل كافة الطوائف، وأغلب المنظومة هم الصيادلة المحتكين بالجمهور، كما أنهم النسبة الأكبر.
وأوضح بأن عند مناقشة هذا الموضوع بمجلس النواب لابد من إخطار النقابة العامة فورًا حتى يقوم ممثل النقابة العامة بتكوين لجنة فنية مختارة بعناية على قمتها الإدارة المركزية لشئون الصيدلة؛ لإبداء وجهة النظر النقابية، فأعضاء مجلس النواب ليسوا على دراية كافية بالقطاع كما أن الحارس القضائي يُدير النقابة إدارياً فقط.
وأضاف بأن ليس هناك خلاف حول فكرة التغليظ في حد ذاته، ولكن لابد من توضيح بعض التفسيرات حول كيفية استخدام الصلاحيات ومتى وإلى متى نستخدمها، على سبيل المثال لا الحصر، توضيح في أي الحالات التي يحق لرئيس هيئة الدواء تنفيذ الغلق الإداري، وأين دور المحكمة في الغلق فهناك عدة جهات لها حق الغلق الإداري.
وأشار إلى ضرورة أن يشمل تغليظ العقوبات كل من يتعدى على مهنة الصيادلة، مثل بعضًا من الأطباء الذين يقومون ببيع الدواء من عيادتهم والمراكز الطبية وغيرها، مضيفًا بأن كل ما هو يحمل الشكل الدوائي ويتاجِر به غير صيدلي في مكان غير مرخص له للبيع لابد أن يناله العقاب.
وأضاف بأن مشروع تغليظ العقوبات قد تبنته النقابات الفرعية بعدما ضاق خناقها، لمواجهة سلاسل الصيدليات، ولمنع الصيدلي من بيع اسمه للغير مما أوجد طبقة بالمجال ليس لها علاقة بالصيدلة، كما تبنته لغلق الطريق أمام الاعلان عن المنتجات غير المرخصة بالفضائيات.
وجدد "عبد المقصود" مناشدته للدولة بالمساعدة لإعطاء الحق في عقد الجمعية العمومية بالنقابة العامة للصيادلة من الناحية الأمنية؛ لفك التشابكات حتى يمكن التغلب على الوضع غير السليم الحالي نتيجة تصرفات بعضًا من الصيادلة.
وعلق على حق مصادرة الأدوية موضوع المخالفة إذا كانت منتهية الصلاحية بأنه سيقضي على عملية تدويرها وتداولها، أما إذا كانت صالحة للاستخدام ومرخصة فيمكن تصديرها لمراكز حكومية تابعة للدولة ليستفيد منها المواطنين.
وأكد على ضرورة أن يتم بحث طريقة لإجبار شركات الدواء جميعها على تجميع الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق بمشروع القانون؛ حتى لا يتعرض الصيادلة للمسائلة القانونية جراء انتهاء صلاحية الأدوية دون وجود آلية آمنة للتخلص منها.
كما أكد على ضرورة اشتراط حصول شركات الدعاية على موافقة كتابية من وزارة الصحة عن المنتج قبل الإعلان عنه، مشيرًا إلى أهمية وجود حوار مهني للتخلص من كافة الممارسات السلبية التي تتم بالقطاع، وإلزام كل من يعمل بالمنظومة الالتزام بدوره المنوط به فقط ولا يتعداه.
وقال الدكتور سمير صديق، رئيس سابق لشعبة الصيادلة بالغرفة التجارية بالإسكندرية، بأنه يؤيد بشدة فكرة تغليظ العقوبات؛ نظرًا لما يتعرض له القطاع من انتهاكات مؤخرًا بدءًا من الدخلاء عليها حتى المستحدثات التي لا توجد على مستوى العالم مثل تطبيقات بيع الدواء وغيرها.
ووصف صديق تغليظ العقوبات بأنها الحل الرادع لكل المشكلات التي تواجه القطاع والمخالفين للقانون، قائلًا بأن المخالفات التي يتم ارتكابها تعود بالضرر مباشرة على أغلا ما يملك الإنسان وهي صحته.
وأضاف بأنه يؤيد جميع بنود مشروع القانون، مشيرًا إلى ضرورة أن تشمل العقوبات تداول الأدوية منتهية الصلاحية، وعدة قضايا أخرى تتعلق بسلامة تداول الدواء، مُطالبًا بحل جميع المشكلات التي تتعلق بالمنظومة بالكامل وعدم تجزئتها؛ لمحاصرة الدخلاء على القطاع وسد الطريق أمامهم.
فيما يرى الدكتور مصطفى الوكيل، عضو مجلس نقابة الصيادلة، بأنه ضد فكرة التعديل في هذا القانون حاليًا؛ مؤكدًا بأن الصيدليات يراقبها جهاز أثبت بالفعل أنه جهاز رقابي قوي للغاية، مشيرًا إلى أن حركة الدواء بداية من دخوله كمادة خام مرحلة التصنيع حتى يتم توزيعه على شركات التوزيع ثم إلى الصيدليات حتى يد المواطن يخضع لنظام رقابي صارم.
وتابع: "الوقت الحالي يحتاج إعادة النظر في أمور أكثر أهمية مثل ارتفاع تكلفة تشغيل الصيدليات، وثبات هامش ربح الصيادلة بالتزامن مع زيادة الأسعار، وإقامة دورات اسعافات اولية لتكون الصيدلية بمثابة مركز إسعاف بكل مكان لأي ظرف طارئ، وكل ما هو من شأنه يعمل على تطوير الصيدليات لتحقيق الفائدة للمواطن".
وأشار إلى ضرورة اهتمام المسئولين في الوقت الراهن بالإعلانات التليفزيونية التى تعرض أمامهم أدوية غير مسجلة ومجهولة المصدر تعرض صحة وحياة المواطنين للخطر الشديد، ومع ذلك للأسف لا احد يتحرك لوقف تلك المهزلة التي كثيرًا حذرنا منها، واصفًا اياها بالكارثة الكبرى.
وتابع: "حذرنا كثيرًا من خطورة الأدوية التي تباع بالقنوات غير الشرعية سواء عن طريق الإعلانات أو مواقع التواصل الاجتماعي او اماكن غير مرخصة وغيرها، وتحدث كوارث فادحة في صحة المواطنين، مشيرًا إلى وجود قرار ٢٠٦ لسنة ٢٠١٧ الذي ينظم فوضى الاعلان عن المنتجات والخدمات الصحية ولكن للأسف لم يُطبق.
وأضاف: "أناشد المواطنين عدم الحصول على الدواء إلا من الاماكن الشرعية وهي الصيدليات، التي تخضع للرقابة الكاملة من قبل الجهات المختصة".
ووفقًا لتصريحات الصيادلة، يبدو جليًا أن هناك شبه إجماع على تغليظ العقوبات، على أن يتسع مشروع القانون لأمور أكثر اهمية من خلال خلق حوار مهني لبحث تطوير المهنة وحل مشكلاتها، وللتطرق للممارسات السلبية التي يتم ممارستها من قِبل قلة منهم أو دخلاء على القطاع، وإيجاد رادع قانوني لها؛ بما يحقق الالتزام والانضباط بالمنظومة.