أمانى الموجى
الليرة التركية.. انهيار متواصل
المتابع جيدا للاقتصاد التركى، يجد أنه وصل إلى آخر مراحل الاحتضار، بعدما واصلت الليرة التركية حلقات مسلسل انهيارها المتواصل حتى فقدت شرفها أمام الدولار الذى يواصل ارتفاعا جنونيا أمام العملة التركية الساقطة.
حتى كتابة هذه السطور، هبطت الليرة التركية عند مستوى تاريخى جديد بعدما سجلت 15.21 أمام الدولار، ونتيجة للانهيار المتواصل، لا تتعجب عزيزى القارئ إن قلت قد تنتهى من قراءة تلك الكلمات التى تستغرق بضع دقائق وتجد أخبارا تتحدث عن انهيار جديد يتخطى سعر الصرف المذكور، قد تتهمنى بـ"الأفورة" لكن هذا واقع تعيشيه الليرة التركية حاليًا خاصة أنها فقدت 29% من قيمتها مقابل الدولار خلال شهر نوفمبر الماضى فقط من إجمالي50% منذ بداية العام الجارى، لك أنت تتخيل هذه النسبة الكبيرة فى التدهور.
بالبحث فى أسباب هذا الانخفاض القياسى، ووفقا لما أعلنه خبراء أسواق المال، تراجعت الليرة أمام الدولار نتيجة المخاوف المستمرة بشأن سياسة "المجازفة" الاقتصادية التى يمارسها رجب طيب أردوغان وإصراره على قراراته الفاشلة، بالتزامن مع استمرار البنك المركزى التركى فى خفض أسعار الفائدة الذى شمل 400 نقطة منذ سبتمبر الماضى، بتوجيهات مباشرة من أردوغان.
وقبل الحديث عن أثر انهيار الليرة على الأتراك والشركات، لا يمكن تجاوز مرحلة غياب الوعى التى تعيشها جماعة الإخوان الإرهابية بشأن قرارات خفض أسعار الفائدة، بالتزامن مع ترديدهم فى وقت واحد بأن هذه القرارات هدفها محاربة الربا!، لك أن تتخيل الصدمة القاتلة التى أصيب بها أفراد الجماعة الإرهابية بعد انهيار الليرة التركية التى تباهى بها أردوغان وعبيده بشأن قوتها فى عالم الاقتصاد.
ومن الطبيعى أن يكون لهذا الانهيار التاريخى، آثار سلبية على الأتراك، فعدد كبير منهم تدحرج نحو خط الفقر نتيجة الارتفاع الجنونى فى الأسعار، بعدما أشارت الأرقام الرسمية إلى أن معدل التضخم بلغ 21%، وهو من أعلى المعدلات فى السنوات الأخيرة، التأثير السلبى وصل الشركات بعدما قرر بعض منها بدء إنتاج بضائع بأحجام وأوزان أصغر من المعتاد من أجل مساعدة المستهلكين على شرائها بعد الارتفاعات القياسية فى الأسعار.
وبالتزامن مع فشل النظام التركى فى السيطرة على انهيار الليرة، سارع إلى تبرير تدهور العملة بشماعة المؤامرات من قوى خارجية، حتى خرج وزير المالية التركى نور الدين النبطى بتصريحات هزت النظام التركى، واعترافه بأن سبب الأزمة الاقتصادية ليس المؤامرات وإنما تراجع ثقة الأسواق المحلية والمواطنين بسياسات الحكومة الاقتصادية، بعدما طلب من البنوك ورجال الأعمال المساعدة لاستعادة هذه الثقة.
من هنا نستنتج أن الثقة الوهمية فى قرارات أردوغان وتنفيذها من قبل البنك المركزى هى السبب الرئيسى فى النزيف المتواصل لليرة التركية أمام الدولار، لدرجة أن بعض البرلمانيين بدأوا هجوما على أردوغان بترديد عبارة "أعاد تركيا 51 عامًا للوراء"، فى إشارة إلى أن سعر الدولار قبل 51 عامًا أى فى عام 1970 كان بـ 15 بينما اليوم تخطى 15 ليرة.