خفايا التصريح المثير للجدل
منذ مشرق علم السياسة الدولية، نجد أكثر ما يظهر من تصريحات لمسؤولين على السطح يخفي تحته ما يناقضه ويحمل مآرب غير مكشوفة إلا للقليل، ودائماً كانت هناك ضحايا لمثل هذه الأخبار والتصريحات، بينما تمتلئ الغرف المغلقة بأسرار لا تصل للمستهدفين.
ولكي نبدأ الكلام، فيجب أن يعلم الجميع أن المصالح هي القاعدة الرئيسة في علاقات الدول وبعضها، وإذا عرفنا اتجاهات خطوط التلاقي بين الدول سنعرف العدو من الصديق، وهذان أيضاً ليسا قواعد ثابتة لأنها متغيرات تتأثر باختلاف المصالح في كل زمن.
ومن يقرأ تاريخ العلاقة الأمريكية «الإسرائيليه» الإيرانية يجدها على السطح حرباً ضروساً، لكن عند البحث عن المصالح غير المباشرة، سنجد أمريكا «إسرائيل» وإيران حليفان وثيقان في المنطقة لا يفرقهما شيء، وهذا الكلام الغريب لم أكن أول شخص يطرحه، بل ناقشه كثير من المحللين السياسيين وأجد تحليلاتهم مقنعة.
فالقواسم المشتركة والأهداف غير المعلنة بين البلدين تظهر بين فترة وأخرى ضمن مؤشرات خافتة، لعل من أبرزها ما يجري في المنطقة اليوم من صراع إيراني خليجي متمثل في ضرب دول الخليج باستخدام «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، وصراع أمريكي خليجي غير معلن يتمثل في حماية أمريكا لتلك الأحزاب الثلاثة وغيرهم ضد دول الخليج، ثم الصراع الأمريكي الإيراني -غير الحقيقي- والمتمثل في الخلاف النووي والحصار الاقتصادي المزمع على إيران والذي لا يتقدم ولا يتأخر ولا أثر واضحاً له يحقق منفعة للدول المتضررة وفي مقدمتها دول الخليج.
ولربما انكشف الوضع مؤخراً عندما صرح وزير الإعلام اللبناني بالتصريح المثير للجدل ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة والذي وقع تحت تأثير واضح من «حزب الله» وإيران وكأول خطوة للرد، قررت السعودية طرد السفير اللبناني فيما أقدمت دول خليجية أخرى بنفس الخطوة باستثناء دولة واحدة. ولكن الغريب في الأمر هو موقف الحكومة الأمريكية ضد من تدعي حلفاءها الخليجيين والدفع بعدم استقالة الحكومة اللبنانية في خطوة لا يمكن وصفها إلا بمغازلة «حزب الله» وإيران.
كما أن هناك أمراً آخر بخصوص ادعاءات أمريكية إيرانية بخطف وإعاقة سير بعض السفن في الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عمان، وأن إيران هي التي تقوم بذلك، وما يعلنه مسؤولون أمريكيون أنهم يراقبون الوضع عن كثب، لكنهم لا يتوقعون رداً عسكرياً، ثم نفي إيران للواقعة!
وقد كان من الطبيعي أن تستنفر قوات أمريكا المتواجدة في الخليج ضد العدو اللدود، ثم يتم الإعلان عن مغادرة الخاطفين للسفن وأن الحادثة انتهت بسلام! ولم نعرف متى بدأت ومن الفاعل وكيف انتهت؟! لكنها إحدى وقائع إرهاصات العلاقات السياسية السفلية، وستبقى دول الخليج دون استثناء هي الضحية فيما يجري ويحاك ضدها.
قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية