السوق العربية المشتركة | زراعة وصناعة «الذهب الأبيض» تلفظ أنفاسها الأخيرة

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 08:25
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

زراعة وصناعة «الذهب الأبيض» تلفظ أنفاسها الأخيرة

محرر «السوق العربية » يتحدث مع أحد المسئولين
محرر «السوق العربية » يتحدث مع أحد المسئولين

محصول العام الماضى لم يبع.. ومصانع الغزل خاوية من الخام

تمتع القطن المصرى عبر الأزمان بشهرة عالية من ناحية الجودة حيث كان يتميز بطول التيلة والنعومة الفائقة وجودته العالية التى تؤهله للاستخدام فى صناعة المنسوجات إضافة إلى تلقيبه بالذهب الأبيض لكونه عاملا مؤثرا فى الاقتصاد المصرى منذ القدم، ويعود الفضل إلى محمد على باشا فى ادخال هذا المحصول إلى مصر حيث أسس عليه منظومة اقتصادية كبرى من محالج ومصانع للغزل وأنشأ أول مصنع عام 1816م وأطلق عليه مصنع الحرنفش للنسيج بالإضافة لمصنع الجوخ الذى أسسه بواسطة خبراء إنجليز لتعليم العاملين مبادئ هذه الصناعة. ثم جاء الدور الوطنى للزعيم جمال عبدالناصر والنهضة الصناعية المصرية وإنشاء العديد من مصانع الغزل والنسيج فى بعض إرجاء القطر المصرى كان من أهمها مصنعى غزل المحلة وأسيوط.



وهناك العديد من التحديات التى تواجه زراعة وصناعة القطن منها ركود بيع القطن التى أصبحت ظاهرة واضحة دلل عليها عدم تسويق المحصول فى العام الماضى وبلغ المخزون 1،1 مليون قنطار الأمر الذى جعل الحكومة تستجيب لطلب لجنة القطن بوزارة الزراعة وتخصيص مبلغ 500 مليون لدعم شراء المخزون وحل هذه الأزمة. وهذا ما أكده مصدر مسئول بوزارة الزراعة. وأضاف أنه الآن يجرى إعداد مذكرة بشأن تقنين سعر ضمان لشراء محصول القطن لهذا العام واضعا فى الحسبان تكلفة إنتاج الفدان التى بلغت سبعة آلاف جنيه حتى لا يهدر حق الفلاح فى هذه الزراعة.

ويقول محمد مصطفى (مزارع): لا شىء يجبرنى على زراعة محصول يكلفنى الكثير من المال أثناء مراحل زراعته وحصاده وبعد جنيه أعانى فى بيعه لكن من الممكن زراعة محاصيل أخرى تعود على بالعائد المادى الذى يعوضنى مصاريف الزراعة بالإضافة إلى هامش الربح.

وأضاف سلام سعيد أن محصول القطن ارتفعت تكاليف خدمته بشكل مبالغ فيه فمثلاً أجرة العامل أصبحت 70 جنيهاً ويعمل ساعات محدودة وهى من 8 صباحاً وحتى 5 عصراً بالإضافة لأسعار البذور والأسمدة التى لا تباع سوى فقط فى السوق السوداء دون رقابة أو وضع سعر مقنن لها.

بينما أشار عبدالجبار عثمان من أحد المزارعين قائلاً أن تكلفة زراعة القطن لا يستطيع الفلاح سدادها بالكامل ما يدفعه إلى أخذ سلف من بنك التنمية الزراعى وبعض حصاد المحصول يعانى الأمرين فى بيعه ولا يعلم من أين يسدد مديوناته.

وأضاف أحمد الجندى: من الممكن تشجيع المزارع على زراعة القطن عن طريق عدة خطوات واجراءات تضعها الحكومة من أهمها دعم سعر الأسمدة والبذور وبعد جنى المحصول تساعد المزارع فى تسويقه دون أخذ أى أرباح منه فليس لزاماً أن تضع الحكومة هامش ربح لها بل تقنن هامش الربح الذى يحصل عليه الفلاح لكى يتشجع على زراعته.

وأضاف رمضان مصطفى: لماذا لا تضع الحكومة سعرا واضحا لمحصول القطن كما وضعت للقمح لكى ما يضمن الفلاح بيع محصوله وجمع تكلفة الزراعة بالإضافة لعائد مادى يعينه على مصاريف الحياة، فالفلاح أصبح من أكثر الناس معاناة فى المعيشة.

وأضاف كميل عدلى (منجد): فى السابق كانت جميع الأسر المصرية تستخدم القطن المصرى فى تنجيد وتجهيز أثاثاتها ومنازلها أما الآن فقد ظهرت خامات جديدة ومستوردة مثل الاسفنج والفايبر مما جعل الإقبال على القطن شبه معدوم لاستخدامه فى التنجيد.

وفى هذا الشأن أكد المهندس مصطفى رشدى وكيل وزارة الزراعة بأسيوط قائلاً أن المشكلة معروفة ومحددة وهى وضع سعر ضمان لشراء القطن الأمر الذى يحافظ على حقوق المزارع ويشجعه على الإقبال على زراعته بدلاً من زراعة محاصيل أخرى غير استراتيجية ولكنها بالنسبة للمزارع ذات عائد.

وأضاف وكيل وزارة الزراعة قائلا: عقد من عدة أيام اجتماع مع وزير الزراعة الذى أكد بدوره أنه سوف يتم البدء فى وضع سعر استرشادى لمحصول القطن للحفاظ على زراعته وانتاجه ما يشجع المزارعين على زراعته وعدم العزوف عنه.

وجاء رأى المهندس حمدى محمد خليل مدير عام الإرشاد الزراعى ليطابق التصريح السابق قائلا أنه يجب وضع سعر استرشادى للقنطار لضمان حقوق الفلاح. وأضاف أن مساحات الأرض المنزرعة قلت بشكل ملحوظ حيث يتم زراعة 4آلاف فدان قطن فى الوقت الحالى مقارنة بـ70 فدانا فيما سبق بزمام محافظة أسيوط. وفى ذات السياق قال خليل أن المنافسة بين المنج المصرى والعالمى مستحيلة وذلك بسبب اختلاف الجودة وانخفاض السعر العالمى مقارنة بالمصرى فضلا عن رغبة الفلاح فى زراعة محاصيل أكثر رواجا.

وذكر المحاسب محسن أرميا مدير عام الشركة العربية لحليج الأقطان بأبوتيج قائلاً: انخفضت المساحات المنزرعة من القطن المصرى بسبب عزوف المزارع عن زراعته لما يواجهه من مشاكل من ناحية الزراعة والتسويق والذى أثر بدوره على العملية الاقتصادية فى مصر، فعلى سبيل المثال كان فى السنوات الماضية يتم حليج ما يقارب من مائة ألف قنطار هنا فى فرع الشركة بأبوتيج أما الآن انخفضت الكمية لتصل إلى 10 آلاف قنطار فقط أى حدث هبوط بنسبة (90%) وهذا معدل مخيف ما أدى إلى هبوط معدل العمالة الموسمية بالإضافة إلى خصم العديد من البدلات للموظفين لدى الشركة نظراً لضعف كمية الحليج.

وأوضح الدكتور أحمد درويش وكيل معهد بحوث إرشاد القطن بوزارة الزراعة أن هذه الزراعة تواجه العديد من الصعوبات والمشكلات فى ظل الظروف الحالية لكن للنهوض بهذا المحصول مرة ثانية لا بد من إعادة تطبيق نظام الدورة الزراعية ما يسهل علينا ميكنة عملية الزراعة ومقاومة الآفات وسهولة الحصاد وضبط سوق العمالة بالتالى نجد خفضا فى تكاليف الإنتاج وتوسع فى تجارب زراعات القطن خاصة فى أراضى الاستصلاح الجديدة مثل توشكى وشرق العوينات وأضاف محمد برغش «الفلاح الفصيح» يتحتم على الدولة جلب المغازل المناسبة للأقطان طويلة التيلة لزيادة قيمة القطن بدلا من إهداره كمحصول زراعى وصناعى حيث إنه منذ عام 2006 م والفلاح يعانى من زراعة تلك المحصول خاصة بعد خصخصة محالج الأقطان. ويؤكد مركز الارض أن موسم جنى القطن لم يعد عيداً للفلاحين حيث إن المحصول يشغل الارض حوالى سنة «9 شهور من فبراير إلى اكتوبر» لذلك فإن وزارة الزراعة بدلاً من حديث الاصلاح الزراعى فى وسائل الاعلام المختلفة وتطوير الزراعة الآلية والمعلوماتية وانشاء روابط وهمية للرى المطور والصرف المغطى والارشاد والتسويق.

يجب أن تقوم بدورها فى دعم الفلاحين وتنمية الزراعة المصرية وخاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن.كما يجب عليها أن تخفض تكاليف الزراعة بالنسبة لمحصول القطن حيث تستبدل رش المبيدات بتطبيق البرامج المتكاملة البيولوجية وترشد الفلاحين إلى أساليب مكافحة الاصابات والتخلص من حشائش الترع والمراوى وتدعم مستلزمات الانتاج وتنظم تطبيق الدورة الزراعية والمكافحة الحيوية المتكاملة بهدف القضاء على دودة اللوز الشوكية والقرنفلية ولابد من الاعلان عن اسعار الاقطان قبل زراعته بسعر لا يقل عن سعر التكلفة التى يقوم الفلاح بصرفها على المحصول مع وجود هامش ربح بسيط يدفعه نحو زراعة المحصول خلال الأعوام القادمة.

كل هذه المشكلات أدت إلى إغلاق العديد من المصانع والمحالج ذات الصيت العالى فى صناعة القطن فها هو مصنع أسيوط المتميز فى هذه الصناعة مغلق وعليه نزاعات قضائية بين البنك الأهلى وبنك مصر وبعض المستثمرين فى أسيوط الذين يرغبون فى تحويله من صرح صناعى مميز إلى وحدات سكنية، بينما طالبت القيادات العمالية بشركة المحلة للغزل والنسيج بسرعة توفير المواد الخام اللازمة للمصنع خوفا عليه من التوقف ويعد هذا فشلا كبيرا حيث هناك مخزون من العام السابق والمصانع خاوية من الخامات. وكانت هناك نداءات مهنية لتطوير صناعة الغزل والنسيج وضخ استثمارات قوية لاستيعاب القطن طويل التيلة المصرى ورفع المستوى المهنى للعاملين لإحياء هذه الصناعة الهامة التى تمثل ركيزة اقتصادية أساسية.

وهذا يؤكد أن صناعة الغزل والنسيح إن لم تعتنى وتهتم بها الحكومة جيدا فإنها سوف تلفظ أنفاسها الأخيرة.