ذاكرة بن أجور في دفتي كتاب
عائلاتنا التجارية البحرينية توارثوا التجارة عن الأجداد والآباء، كانوا ولا يزالون يؤمنون بأن تبقى تجارتهم التي عرفوها ماثلة للعيان بعد تطويرها ومواكبة المستجدات التي طرأت عليها، كانت علاقتهم بالأسرة الحاكمة من آل خليفة الكرام وثيقة، ويلقون كل الدعم والإسناد، وكذلك كانت علاقتهم بالأحياء والفرجان التي سكنوا فيها في المنامة والمحرق والحد والرفاع ومختلف مدن وقرى البحرين مع تميز واضح في نوع البضاعة أو الخدمة التي اضطلعوا بها عن جدارة واستحقاق.
بعض عائلاتنا التجارية أصدروا كتبًا قيمة عن تجارتهم النشأة والتطور، وأصبحت هذه الكتب مرجعًا أساسيًا لمن يهمه تطور تجارة مملكة البحرين وبلوغ تجارها ورجال أعمالها شأنًا كبيرًا ومتميزًا، ودروسًا يمكن الاستفادة منها لأجيال تأتي بعدهم.
وإذا كانت البحرين قد عرفت باللؤلؤ الطبيعي وتجارته التي انتشرت في الأسواق العالمية، فإن تجارة البحرين وتجارها عرفوا بالتفوق وحسن المعاملة، والثقة التي هي من أركان التجارة الناجحة، ولذلك فقد أدرك صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ورعاه، أهمية تطوير سوق المنامة بإنشاء لجنة أفرادها من أبناء وأحفاد تجار البحرين الذين يملكون محالاً في سوق المنامة وغيرها من الأسواق، كما أن الجهد الطيب الذي قامت به هيئة البحرين للثقافة والآثار برئاسة معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة الهيئة فيما يخص طريق اللؤلؤ وتطوير أسواق المحرق كسوق القيصرية وتسجيل طريق اللؤلؤ في التراث العالمي، يسهم بلا شك في تبوء تجارة البحرين المكانة اللائقة بها.
إن الاحتفال بتدشين كتاب «ذاكرة بن أجور» في 17 أبريل 2021 الخامس من شهر رمضان 1442هـ بمقر جريدة الأيام البحرينية يضيف إسهامًا في تسجيل صفحات من تاريخ التجارة البحرينية ورجالها وعلاقتهم بمحيطهم الخليجي والعربي، وتطلعهم إلى التعاون الدولي في مختلف المجالات.
إننا في إزاء كتاب «ذاكرة بن أجور» أمام مؤلف نبيل بن عبدالرحمن أجور اتخذ من خلال السفرات التجارية والرغبة في اكتشاف آفاق لتجارة الأقمشة التي اختصت بها عائلة أجور التجارية في البحرين والتعرف على شخصيات وأماكن التجارة: إذ يقول «على الرغم من أنني لست كاتبًا ولا مؤرخًا، إلا أن عشقي للتعرف على ذاكرة الشعوب والبلدان والأماكن والأزمنة والشخصيات الفاعلة من الخليج إلى المحيط، وامتلاكي نصيبًا وافرًا من المعلومات في هذا المجال، هو ما شجعني وأعطاني دفعة قوية لإصدار هذا الكتاب».
وإذا كان المؤلف نبيل بن عبدالرحمن أجور قد سجل في كتابه أحداثًا بالصور لأنشطة وفعاليات في مملكة البحرين، فإن هذه الصور والأحداث شاهدة على أن النشاط الذي تزخر به الأوطان هو نتيجة تفاعل المجتمع مع الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية والثقافية والتعليمية والرياضية مع ذكر شخصيات من تاريخنا عاشوا كل هذه الأحداث بتفاعل إيجابي ينم عن حيوية الوطن والمواطنين وتفاعل الجميع من أجل النماء والبناء، وبما يسهم في العلاقات المحلية والإقليمية والدولية.
استطاع المؤلف نبيل عبدالرحمن أجور أن يسجل أحداثًا مهمة في البحرين ومن خلال نشاط حكامها من آل خليفة الكرام وعلاقتهم بدول الخليج العربي والعالم العربي والعالم ووجدنا شخصيات تجارية بحرينية حاضرة وبفاعلية في هذه الأنشطة المتعددة.
إن اعتماد المؤلف على الصور التاريخية يحتاج إلى قراءة معمقة لاستخلاص منها الدور الفاعل والنشط للبحرين، فكل صورة ناطقة بأحداث تنم عن تفاعل إيجابي للتطوير والنماء والبناء في مختلف المجالات.
أما الجزء الثاني من الكتاب فيركز المؤلف نبيل عبدالرحمن أجور على شخصيات من دول الخليج العربي، بالإضافة إلى فصل كامل من المناسبات والذكريات الخاصة به وبمن قابلهم أو اشترك في فعاليات محلية أو إقليمية أو دولية، وهو سجل حافل بالأنشطة..
إن عائلة أجور بالإضافة إلى اهتمامها بالتجارة وتجارة الأقمشة تحديدًا إلا أنها تؤمن بالدور المجتمعي لها، فقد كان المرحوم والدهم عبدالرحمن بن محمد أجور وإخوانه ممن عاشوا بفريج الفاضل بالمنامة ثم انتقلوا إلى القضيبية بالمنامة قد تفاعلوا مع مجتمعهم بما يعود على الجميع بالخير، ويحمل هذه الأمانة الآن الأبناء أحمد ونبيل وطارق وابن عمهم محمد بن على أجور من خلال مجلسهم بالهملة الضلع، أو من خلال محالهم بسوق المنامة القديم وسوق الزنج شارع عبدالرحمن كانو، حيث يستقبلون أصدقاءهم ومعارفهم ويتبادلون الرأي والمشورة لما يعود على الوطن بالخير.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..