موقف حضاري
قد نواجه في طريقنا مواقف متعددة ومتباينة، ولو تأملنا فيها لخرجنا منها بعضة وعبرة نستفيد منها ونفيد غيرنا بها.
هو أمر بسيط لكنه ينم عن تحضر، وسلوك إنساني، فقد شاهدت بأم عيني رجلا من شرطة مرور بلادي وقد وقف في الشارع بدراجته النارية في انتظار صاحب الشاحنة في الطريق السريع Highway وهو يلم أغراضه التي تناثرت نتيجة الحمولة الزائدة والسرعة الفائقة، قد يسجل عليه مخالفة مرورية لكن المهم هو رفع ما تناثر من أغراض في الشارع لكي لا تحدث مخاطر أخرى غير مأمونه خصوصا وأن الطريق يؤدي إلى مدن أخرى كمدينة عيسى والرفاع، كما يؤدي إلى طريق جسر الملك فهد الرابط بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة.
لقد اعتدنا من رجال المرور عندنا مثل هذا السلوك وغيره، فأحيانا نراهم وقد وقفوا لسيارة تعطلت في الطريق لأسباب متباينة، وأحيانا تراهم يساعدون أشخاصا لا يعرفون كيف يعالجون إطارا لسيارة قد يكون صاحبها شابا أو فتاة لم يختبرا معالجة الإطارات المعطوبة في الطريق العام.
قد يقول البعض أن هذا من واجب رجال المرور وبالذات الدوريات التي تجوب الشوارع، نعم إنه الواجب الذي ننشده ولكن لا ننسى أن الضمير الواعي والمدرك هو من يدفع رجل المرور أو غيره لتقدير الواجب وتنفيذه بأحسن الطرق وأنسب الوسائل، فقد يتجاوز أحدنا لظروف ذاتية مثل هذه الحوادث ويمر عليها مرور الكرام، لأنه ليس في اعتقاده من يحاسبه على ما فرط فيه، وتمضي الأمور على خير، أو كما يقول المثل: لا من شاف ولا من درى، من مصر الشقيقة.
نعم نحن بحاحة إلى الوعي الحضاري في مثل هذه المواقف التي نتعرض لها، وهو ينم عن تكاتف المجتمع وتعاونه وبذل المزيد من الجهد لإشعار الآخرين بأنهم ليسوا وحدهم من يتحملون المسؤولية، فهناك من شعروا بواجبهم نحو مواطنيهم ومد يد العون لهم، فلو لم يقف رجل المرور هذا الموقف لربما حدثت لبعض السائقين حوادث مرورية الله أعلم بخطورتها.
كان بودي أن أقف لهذا الشرطي الإنسان لأقدم له واجب الشكر والتقدير لولا أن الشارع كان مزدحما وسرعة السيارات لا تسمح بالتوقف المفاجئ، لكني دعوت الله سبحانه وتعالى أن يحفظ رجل المرور هذا من شر مخاطر الطريق فهو وحده في الشارع لا حامي له، ولكنه أحسب أن شعوره بالواجب والمسؤولية وتوكله على الله سبحانه وتعالى جعله يؤدي واجبه بكل إتقان وحرفنة.
إن الواجب يحتم علينا شكر وتقدير وزارة الداخلية عندنا والوزير الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية وكل منسوبي وزارة الداخلية على جهودهم الخيرة في إشاعة الأمن والأمان والطمأنينة، وتسهيل الأمور وتأمين طرقنا من المخاطر، خصوصا ونحن في شهر الخير والبركات رمضان الكريم حيث يخرج المواطنون لتأمين احتياجات الأسر، وكذلك تزايد أعداد المركبات في الطرق السريعة والطرق الداخلية في المدن والقرى.
إن شعورنا كمواطنين بمسؤولية التعاون مع بعضنا بعضا، والالتزام الآمن بحمولة الأغراض ووضعها بطرق آمنة يجنبنا سوء التقدير، وأعلم أن بعض البلدان تسن قوانين خاصة بسيارات النقل العام ويكتب على خلفية السيارة «مسموح للأطوال والبروز» بحيث يتجنب السائق الذي خلف الشاحنة أي توقف مفاجئ ويترك بينه وبين الشاحنة مسافة معقولة.
إن بعض الأمور التي نعتقد أنها بسيطة لو تأملناها لوجدنا أن فيها خيرا لنا ولمن يستخدمون الطرق للوصول إلى أهدافهم وغاياتهم بكل أمن وأمان.
إن من واجبنا أيضا أن نحيي جهود العاملين على راحتنا والحريصين على تأمين طرقنا بكل يسر وسهولة فلا يخفى على أحد منا أنهم يعملون في ظروف صعبة ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، الأمر الذي يتطلب منا تقدير ظروفهم ومساعدتهم على أداء واجبهم الوطني والإنساني.
إن الواجب يحتم علينا أيضا أن نتقيد بقواعد المرور وتجنب السرعة الفائقة والالتزام بالسرعة المقدرة والمكتوبة.
إن تحسين الشوارع والطرق التي نلمسها الآن هي لتسهيل إنسيابية الحركة وتجاوز زحمة الطرق خصوصا وقت الذروة والتيسير على مستخدمي الطرق وليست معمولة للتسابق وإظهار كفاءة بعض السيارات في تجاوز السرعات المقدرة.
نحن بحاجة إلى التعاون وتقدير الظروف وبما يؤمن لنا طرقنا والوصول إلى أهدافنا وغاياتنا بيسر وسهولة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي