من فرح ياهل فرح نبي
عندما يبكي صغارنا، ينبري الأجداد والآباء الى تطيب خاطرهم، وكذلك عندما يضحكون من الفرح نسمع منهم هذا القول: «من فرح ياهل فرح نبي» والياهل في لهجتنا الخليجية «الصغير»، ويعول في ذلك أنه لازال يجهل الكثير فيوصف «بالجاهل»
غير أن أطفالنا يملكون من الأحاسيس ما يجعلهم يدركون بالفطرة ما نعجز أحياناً عن تفسيره، فالإحساس عند الطفل والحمدلله يجعله يدرك حتى من غير أن يفصح شعور الآخرين نحوه، حبًا وعطفًا أو كرهًا وبغضًا وقد حثنا ديننا الإسلامي الحنيف والسيرة النبوية الشريفة على التلطف مع الأبناء الصغار وإظهار المحبة لهم والعطف عليهم فقد ورد في الحديث: عن أبي هريرة قال: قبَّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرةً من الولد ما فبَّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:» «مَن لا يَرْحّمْ لا يُرْحَمْ» متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدِم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أَتقبّلون صِبْيانَكُمْ؟ فقال: «نعم» قالوا: لكنَّا والله ما نُقبِّلُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَوَ أملك إن كان الله نَزَع من قُلُوبكمْ الرحمة» متفق عليه.
الأطفال بحاجة إلى الرعاية والعناية والعطف، فهم عدة المستقبل ورجال القادم من الزمان، رعايتهم والعطف عليهم وتعويدهم الرحمة يلقى على كاهلنا مسؤوليات جسام.
تروعنا مشاهد الأطفال المشردين في بعض أقطارنا العربية والإسلامية وبلدان أخرى في مختلف العالم هم ضحايا الحروب والإرهاب وضحايا الفقر والعوز والفاقة، وتتنادى المنظمات الدولية وجمعيات ومؤسسات الخير لإيصال المساعدات لمن يطلبها لكنها تلقى العثرات والصعاب لإيصال ما يستطيعون للأطفال ومن يرعون شؤونهم من آبائهم وأمهاتهم وإنه لأمر يندي له الجبين عندما نرى أطفالاً لا يملكون قوت يومهم ولا يستطيعون شرب الماء النظيف، ومحرومين من التعليم في عصر التقدم والتسابق على رفع مداخيل الميزانيات، وتحقيق التفوق التكنولوجي والتسليح النووي...
الضمير العالمي مطالب بأن يسخر كل جهده في سبيل إنقاذ الطفولة من المآسي التي يتعرضون لها، ليس لهم ذنب إلا أنهم لايملكون لأنفسهم حيلة ولا وسيلة تقيهم ما هم فيه...
ونحن في عالمنا مختلفين في الظروف التي نمر بها، لكننا نعيش في عالم واحد يحتم الواجب علينا أن نتكاتف من أجل خير البشرية، وقد أثبتت الأحداث والظروف أن تأثير الخير يكون شائعاً ويستفيد منه الكثير، كما إن الشر بالمقابل يكون وخيمًا على الكثير، فلسنا في مأمن من تلك الأعاصير التي تعصف في العالم فتصيب المجتمعات بالشر، مع أننا خلقنا لأعمار الكون وليس تدميره، إن الضمير الإنساني الذي أوقضته في أنفسنا الأديان ورسخت فينا حب الخير، والتعاون الإنساني وإشاعة الأمن والطمأنينة في نفوسنا ونفوس من نعيل ومن يعيش بيننا ممن تربطنا بهم علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية فالأخذ والعطاء من شيم الخيريين...
إن اهتمامنا بأطفالنا وهم في سن مبكرة يغرس فيهم حب الخير والبذل والعطاء، فضحكة الأطفال تشيع في نفوسنا الأمل والرجاء، وتعبيرهم عن ذاتهم باللغة التي يفهمونها تجعلنا أسيري محبتهم والعطف عليهم، ولا نملك الا أن نجاريهم، وعندما يتقدم بهم العمر نبدأ في إسداء النصح لهم، وتوفير سبل العيش الآمن لهم، ومن ذلك تعليمهم والسعي لنيلهم المعرفة التي تجعلهم قادرين على شق طريقهم في الحياة. إنهم في عمرهم الغض الطري محتاجين إلى كل ما يساعدهم على التغلب على الصعاب والسير في الطريق الأصوب.
من حقنا أن نقلق على مستقبلهم، ومن حقنا أن نرى في الأفق ما يجعلهم قادرين على شق طريقهم في الحياة، الأمر الذي يدخل الطمأنينة في نفوس أولياء أمورهم قبل أن يدخل الطمأنينة إلى نفوسهم.
إن مستقبل أية أمة إنما هو في أطفالها فهم الشباب. والرجال والنساء الذين سيبنون الأوطان ويسهمون في تقدمها ورقيها.
إن إدخال السرور إلى نفوس أطفالنا يجعلنا نحن أكثر أمانًا واستقرارًا ومهمتنا جسيمة في التربية وتوفير سُبل العيش الكريم لهم، مع دعائنا بأن يمن الله على الأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة الأمن والأمان وأن تتكاتف الجهود الدولية لحل مشاكلهم وتوفير الأمن والأمان لهم.
وعلى الخير والمحبة نلتقي