«السوق العربية» تفتح ملف الاحتيال عن طريق خدعة «الرعاية الطبية المؤمنة» وتطرح السؤال: من المسؤول عن تسريب بيانات المواطنين للشركات؟
سميرة سالم
زقزوق: تلقيت شكاوى والأمر يستوجب تدخل جهاز حماية المستهلك بصفته صاحب الضبطية القضائية
أحد ضحايا التعاقد الوهمى: لم أتلق الخدمة حتى الآن وأصبحوا يتعمدون تجاهلى بعدما اكتشفت احتيالهم
الخوف من الأمراض خاصة خلال انتشار جائحة «كوفيد19»، ساعد على خلق مناخ مناسب لأعمال «بعض» الشركات الخاصة «المحتالة» التى تعمل فى مجال الرعاية الطبية المؤمنة، ويقومون بالترويج لأنفسهم عبر الاتصال بالمواطنين واقناعهم بالتعاقد للحصول على الرعاية الطبية مقابل مبلغ مالى كبير، وإذا ظننت بأن الأمر حديث العهد فالأمر ليس كذلك، حيث اتضح خلال بحثنا بأن أمثالهم قد بدأ منذ سنوات ولكن بشكل مختلف لم يتم ملاحظته كما الآن؛ لذلك نستعرض تفاصيل الموضوع خلال السطور التالية.
فى البداية يقول المهندس جمال زقزوق رئيس منتدى حماية المستهلك بالإسكندرية، بأنه قد تلقى أكثر من شكوى، تتلخص فى قيام شركات ظهرت حديثًا خلال فترة انتشار كورونا، تقوم بعمل دعاية عبر الهاتف وتقدم نفسها بأنها شركة تأمين للتغطية الصحية والطبية للأسر؛ لإقناع المواطنين التعاقد باشتراك سنوى بالآلاف، مقابل الحصول على دفتر تأمين صحى للعلاج بمستشفيات بعينها، كما يشمل التأمين معامل التحاليل والأشعة... إلخ.
واستكمل زقزوق: «بالطبع يجد المواطن أسماء جميع مستشفيات الإسكندرية مدونة وأسماء كبار الأطباء بجميع التخصصات؛ وذلك لإقناع المواطن بالتعاقد على أمل الحصول على تلك الرعاية الطبية وفق التعاقد».
وأضاف: «يتم التعاقد من خلال مندوب يصل منزل العميل ويقوم بكافة إجراءات العاقد، وترك إيصال بالمبلغ وكارنيهات للعميل وأسرته، فلا يعرف المواطن إذا كان عنوان الشركة المدون على استمارة البيانات صحيح أم لا».
وأوضح «زقزوق» حينما يحتاج العميل زيارة مستشفى أو طبيب يُفاجأ بأنه ليس له الحق فى أكثر من زيارة أسبوعيًا، كما أنه ليس له أكثر من تخصص واحد، والكارثة الكبرى تكمن فى رد البعض من الجهات بأنهم غير متعاقدين مع شركة التغطية الطبية، وبالطبع يكتشف المواطن بأنه وقع فريسة وقام بصرف مبالغ طائلة على تعاقد وهمى».
وأكد: «استقبلت أكثر من شكوى بهذا الخصوص وقمنا بفحصها، ولكن هنا يأتى دور جهاز حماية المستهلك الحكومى الذى يمتلك حق الضبطية القضائية والإحالة للنيابة، بأن يستخدم هذه السلطات لضبط تلك الشركات المحتالة».
وكرر زقزوق دعوته للقيام بحملات التوعية التى أصبحت مطلوبة بشكل كبير حاليًا؛ لحماية المواطنين من التعرض للنصب والاحتيال، مشيرًا إلى أن التوعية من خلال الندوات التى تقوم بها الجمعيات لا تكفى، بل لابد من تبنى جهاز حماية المستهلك هذا الشق بشكل أوسع يصل إلى جميع المواطنين.
وخلال شكوى تقدم بها مواطن إلى منتدى حماية المستهلك، يسرد تفاصيل ما حدث معه قائلًا: «منذ ما يقرب من عام كامل حيث قامت شركة بمطاردتى عبر الهاتف مرارًا وتكرارًا بواسطة موظفيها لاقناعى بما يسمى الرعاية الصحية المؤمنة باشتراك سنوى يكفل كشوفات طبية وفحوصات معملية ومستشفيات وعمليات واشعات وصرف ادوية وخلافه من الرعاية الصحية المختلفة، بعد الاقتناع بجدوى الاشتراك، وحيث ان لديهم خيارين، قررت الاشتراك بالبرنامج الاعلى سعرًا لأنه يغطى الامراض المزمنة، وظنى انه اشمل ولتجنب الاصطدام مع الادارة عند استخدام الخدمة».
واستكمل المواطن: «تم بالفعل استلام الكارنيهات مساء يوم 20/12/2020، علمًا بأن الكارنيهات صلاحيتها تبدأ من 15/12/2020، حيث قام مندوبو الشركة باستلام نقدية (300+ 4350) بإجمالى 4650 جنيها منى، وظلت الكارنيهات ملازمة جيبى حوالى شهر ونصف بعد هذا، حتى استدعت الحاجة لاستعمال الخدمة الطبية يوم 1/2/2021 وتوجهت لمستشفى بمحافظة الإسكندرية للكشف بعيادة الرمد وعيادة السكر، وعندها فوجئت بأننى يجب الحصول على موافقة طبية للكشف العادى؟!».
وتابع: «بعد الحصول على موافقة كشف الرمد، تم رفض كشف عيادة السكر بحجة انه ليس من حقى غير كشف واحد أسبوعيًا، بالرغم من أن الجميع يعرف ارتباط العين بمرض السكر، كما لم تقم الشركة بذكر تلك المعلومات لى عند التعاقد بالرغم من كونها جوهرية!».
وأضاف: «وحينما طلب دكتور الرمد بعض الفحوصات لاتخاذ قراره بشأن العلاج، وهذا إجراء طبيعى عند التشخيص عادةً، من ضمنها بعض التحليلات المعملية العادية ورسم قلب عادى، تم رفضها جميعا! فاتصلت بالشركة المالكة للشبكة الطبية التى تغطيها الشركة المتعاقد معها، أفادت بان المشكلة لا تخصهم وانا شخصيًا ليس لهم أى علاقة بى وليس بينى وبينهم أى تعاقدات، وأن الخدمة مقدمة لشركة التغطية الصحية، وأن على مراجعة تعاقدى مع الشركة صاحبة التعاقد التى تنصلت، واحالتنى مرة اخرى للشركة الأخرى».
واستكمل: «حاولت الوصول عشرات المرات بعد ذلك لأى من مسؤولى الشركتين دون جدوى، فهم لا يقومون بالرد على جميع الارقام التليفونية المعلنة وغير المعلنة متعمدين، وراسلتهم على «واتس اب» وتم تجاهل رسائلى بتعمد كامل، كما لم احصل على الخدمة حتى ساعته وتاريخه».
وتقول مواطنة بأنها كانت موظفة منذ سنوات بإحدى هذه النوعية من الشركات، مضيفة بأن عملها كان يقتصر على الاتصال هاتفيًا بعشرات الأرقام، التى كانت مدونة فى جداول مسجل بها آلاف الأرقام بالأسماء، حتى كانت تتساءل من أين يحصلون عليها؟! وأنها قد تركت العمل من كثرة اللوم والهجوم عليها خلال اتصالها بالعملاء الذين يوبخونها بصفتها موظفة بالشركة التى اكتشفوا أنها مخادعة رافضين تجديد الاشتراك أو معاودة الاتصال من جهتها.
وقد صرح مصدر مطلع بأن هناك بعضًا من موظفى الاتصالات يقومون بتسريب بيانات المواطنين «الاسم والرقم» بمقابل مادى، وذلك للعديد من الشركات التى يقوم عملها على الترويج هاتفيًا.
واستنكرت احدى المواطنات استقبال اتصالات من مستشفيات تروج لعروض العلاج بها بمجالات السمنة والتجميل بتخفيضات، قائلة: «هل وصلنا لتلك المرحلة؟!، فمن المفترض أن تقوم المستشفيات بالدعاية لنفسها عن طريق تحسين خدماتها وكفاءتها وليس بالتطفل على هواتف المواطنين».
ومن هنا يتبين أن هناك ضرورة ملحة لتقوم الجهات المختصة بإيجاد آلية لإرجاع حقوق المتعاقدين، وتشديد الرقابة على مثل تلك الشركات والتحقق من مدى مصداقيتها، وإجبارها على الإعلان عن تفاصيل تعاقداتها قبل أن يقع المواطن فريسة لهم.