«السوق العربية» تفتح ملف العقارات المائلة والآيلة للسقوط بالإسكندرية:
محمد عبد الغني
الإسكندرية بها 2500 عمارة مائل للسقوط وتمثل قنبلة موقوتة تهدد أرواح المواطنين
البناء على الأراضى الزراعية نتج عنه وجود عشوائيات حديثة ومنطقة أبيس خير دليل على ذلك
الظاهرة انتشرت أعقاب ثورة 25 يناير وما ترتب عليه من غياب الرقابة من الأحياء والبناء بدون ترخيص والانفلات الأمنى
أصبحت العقارات المائلة والآيلة للسقوط مشكلة تؤرق المجتمع السكندرى، ففى خلال السنوات الاخيرة تحديدا منذ عام 2011 أخذت هذه الظاهرة فى الانتشار كالنار فى الهشيم بمحافظة الإسكندرية، خاصة فى الاحياء والشوارع القديمة، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود حوالى 2500 عمارة آيلة للسقوط، وزاد تصدع العقارات فى مدينة الإسكندرية، بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة خاصة فى فصل الشتاء والذى يشهد نوات المدينة التى تتسبب فى ظهور كافة المخالفات والأخطاء فى البناء، وما بين معاناة عشرات السكان والبحث عن سكن بديل أو إنهاء حياتهم تحت الأنقاض، يصبح تصدع العقار ضارا ليس فقط على أصحاب العقار أنفسهم بل على العقارات المجاورة، فكل تصدع لعقار ينتج عنه إخلاء ما يقل عن ثلاثة عقارات أخرى بجواره مما يشير إلى توسع الأزمة خاصة فى ظل البحث عن بديل إذا كان العقار قديم والسكان لا يملكون أى مأوى، واتخذ مجلس النواب عدة إجراءات لعلاج ملف العقارات الآيلة للسقوط والمبانى المائلة فى الإسكندرية، وذلك فى إطار توجيهات الرئيس بسرعة التصدى لأزمة البناء المخالف التى استشرت بشكل مخيف ومرعب على مستوى المحافظات، لاسيما أن العقارات الآيلة للسقوط والمائلة تمثل خطرا داهما على أرواح قاطنيها والمارة، حيث طلب البرلمان سرعة حصر جميع العقارات المائلة والقديمة، والتى تتعدى عشرات الآلاف بمختلف الأحياء والتعامل معها بجدية وآليات قانونية معينة تضمن حق الدولة فى الحفاظ على الأرواح وملاك العقارات، وكانت أزمة عقار الأزاريطة المائل هى الأشهر على الإطلاق بعدما خطفت انظار العالم نظرا للميل الشديد.
فى هذا الصدد فتحت «السوق العربية» هذا الملف الشائك الذى يمثل أهمية كبرى بالنسبة للقيادة السياسية فى مصر حاليا ولطالما نادى الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة التصدى لتلك الظاهرة السلبية، حيث أكد اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، أن المدينة بأحيائها القديمة وبعض العشوائيات بها حوالى 2500 عقار قديم آيل للسقوط، معرضة للانهيار مع الأمطار الشديدة وعمرها أكثر من 80 عاما، مضيفا أن المحافظة تحاول توفير أماكن إيواء للمستحقين، وجارى البحث عن حل قانونى لحماية قاطنى تلك البيوت المقيمين فيها على مسؤولياتهم، ومن الضرورى التدخل مباشرة وهدم العقارات الآيلة للسقوط لمنع خطورتها على السكان، واكد أنه جارى حصر جميع العقارات القديمة والآيلة للسقوط بناء على تعليمات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء.
فيما قالت المهندسة سحر شعبان، رئيس حى غرب بالإسكندرية إلى أن حى غرب وحده يضم أكبر عدد من العقارات القديمة العتيقة فى الإسكندرية، به نحو 700 عقار قديم مضى عليها 90 عاما، وصدر لها قرارات إزالة، لكن الأجهزة التنفيذية تقف عاجزة أمام التنفيذ وهدم العقار حتى سطح الأرض والاكتفاء بإزالة الهياكل التى تسبب خطورة على الأرواح، وذلك لسببين إما لمقاضاة صاحب العقار للمحافظة باعتباره المالك، أو لارتفاع تكلفة الهدم وإزالة مخلفات العقارات المتهدمة بعد هروب مالك العقار، مضيفة أن أزمة العقارات تحتاج لحل جذرى بإعادة تخطيط المناطق القدينة بشكل كامل، واكدت انها تولت مسؤولية ثلاثة أحياء بالإسكندرية وهى حى شرق وحى غرب وحى الجمرك، مؤكدة أن عام 2011 والانفلات الامنى شهد ظهور عقارات شاهقة بدون ترخيص، حيث استغل المقاولون غياب القانون لبناء تلك العقارات، وأشارت إلى أن إجراء حصر لكل العقارات المائلة للسقوط فى نطاق حى غرب وذلك لبحث سلامتها الإنشائية، وأكدت شعبان ان بناء العقارات المخالفة ينتج عنه وجود عشوائيات حديثة، فى الوقت الذى يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسى بالقضاء على العشوائيات القديمة، مشيرة إلى أن البناء على الأراضى الزراعية أفقدنا الكثير من الرقعة الزراعية، لافتة ان منطقة ابيس خير دليل على ذلك، حيث تحولت من منطقة زراعية إلى مدينة ممتلئة بالكتل الخرسانية الضخمة.
وأكد الدكتور صلاح هريدى، استشارى المعمارى، والاستاذ المساعد بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، أن هناك جيلين من العمارات المائلة والآيلة بالسقوط بالإسكندرية، الجيل الأول منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى والتى تنطوى على وجود أخطاء فى التأسيس وتتواجد تلك العقارات فى مناطق مثل فيكتوريا والرأس السودا وجميلة بوحريد، أما الجيل الثانى بدأ منذ عام 2011 منذ قيام الثورة وحدوث انفلاتى أمنى بالإضافة إلى فساد المحليات وانعدام الرقابة خلال تلك الفترة، مما أدى إلى قيام الكثير من المقاولين بالبناء المخالف، مشيرا أن الجيل الثانى ينقسم إلى قسمين، القسم الاول تم بناؤه إنشائيا بطريقة سليمة لكنها مخالفة، والقسم الثانى تم إنشاؤها بطريقة سليمة أيضا ولكن هناك توفير فى أساسات البناء، ما يتسبب فى إنهيار باقى العقارات المجاورة، حيث لم يتم مراعاة أصول الحفر وسد جوانب الجار، فينهار العقار نتيجة انهيار التربة، وأضاف هريدى أن مشكلة العقارات المائلة ناتجة عن عدم وجود دراسة للتربة بشكل جيد، أو قيام عقار أخر بعدم دراسة التربة أو أصول البناء، وأشار هريدى إلى أن الدولة المصرية حاليا لديها رؤية وتمشى بخطى ثابتة للقضاء على تلك الظاهرة وتقنين منظومة الناء من خلال العديد من التشريعات ومن بينها قانون التصالح لتقنين الأوضاع ووضع الاشتراطات البنائية للعقارات الحديثة، ولفت إلى ان وسط القاهرة كمثال يتم هجره تدريجيا ويلجأ المواطنون للسكن فى أطراف البلاد للحصول على حياة أكثر سعادة وطمأنينة وبعيدا عن الضوضاء والتلوث، لافتا إلى أن ذلك يحدث فى مدينة الإسكندرية تدريجيا فى وقتنا الحالى، ولكن ببطئ لأن الكومباوندات ليست كثيرة خارج المدينة لأن الاسكندرية كانت متأخرة فى توفير البدائل خارج المدينة
وأكد المهندس محمود سعد، استشارى هندسى، أن ظاهرة العقارات المائلة بالإسكندرية انتشرت نتيجة غياب الرقابة من الأحياء والبناء بدون ترخيص، خاصة فى فترة الانفلات الأمنى التى أعقبت ثورة 25 يناير، ونتيجة فساد الأحياء بالإسكندرية وعدم قيام الإدارات الهندسية بتلك الأحياء بالدور المنوط بها، ووفق آخر إحصائية لعدد العقارات المائلة، والتى تمثل خطورة على أرواح قاطنيها، وصدرت عن ديوان محافظة الإسكندرية وصل عددها إلى 15 ألف عقار آيل للسقوط، من إجمالى 27 ألف عقار مخالف أو بدون ترخيص وصادر له 150 ألف قرار إزالة.