المرحوم الكابتن حسين اللحدان
كان نادي البديع رغم شح الموارد وقتها يقوم بأنشطة متعددة حفاظًا على سمعة النادي وتاريخه
كنت أتابع أخباره من شقيقه العميد الركن متقاعد يعقوب بن يوسف اللحدان، ونادرًا ما كنت أراه في مجلس العائلة بالبديع، فحسين بن يوسف اللحدان منذ عرفناه وهو في شغل دائم، فقد نذر نفسه يرحمه الله للبديع التي ولد وعاش فيها، ولنادي البديع العريق منذ تأسيسه في الخمسينات (1955م) كنادٍ رياضي وثقافي، وتدرج في اللعب لناديه إلى أن أصبح من أهم حراس المرمى بعد أن كان محمد بن علي خليفات بولؤي قد ذهب للدراسة في بيروت وكان من أبرز حراس نادي البديع، وكان يتجشم عناء الانتقال من جد حفص حتى البديع الذي دافع عن المرمى وكان محمد خليفات من أبرز الحراس في البحرين وتوالى على حراس مرمى البديع راشد مبارك هلال، إبراهيم راشد الدوسري ومبارك جوهر وناجي سعد عنبر.
نادي البديع ظل هو المكان الأثير لمعظم شباب القرية، بالإضافة الى أنه كان يعتبر سفير الكرة على طول امتداد شارع البديع، وكانت الجماهير تتابع نشاط النادي الرياضي والثقافي، ولاعبوه كانوا معروفين لكل القرى، وعندما تقام مباريات على ملعب نادي البديع يأتي المشجعون من كل القرى تقريبًا جيران البديع ويقفون مؤيدين ومناصرين، وكان من أبرز الشخصيات في وقتها المرحوم مرهون بن حبيب من قرية بني جمرة مثواه الجنة.
نادي البديع ضم شباب القرية، وكانت عائلة اللحدان تقريبًا هم من أخذوا مراكز في لعبة كرة القدم من مختلف الأعمار السنية وكان المرحوم حسين من شجعهم وأخذ بأيديهم، وأهل البديع تحلقوا حول هذا النادي واعتبروه بيتهم الثاني، وكان الكل يشعر بأنه عضو في النادي وإن لم يكن مسجلاً فيه، فالأنشطة الرياضية والإجتماعية والثقافية أتاحت المجال لأهل القرية لأن يعتبروا النادي بمثابة المدرسة الثانية، وفي البديع كل بيت فيه لاعب كرة أو رياضي يمارس ألعاب مختلفة كتنس الطاولة والطائرة والسلة والجري والوثب العريض أو بالزانة وحمل الأثقال وكمال الأجسام، بالإضافة الى النشاط الثقافي والاجتماعي والمسرحي وبرز من بين المؤلفين للمسرح والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية يوسف بن عيسى السند وعيسى بن عبد الله الحمر، وآخرين قدموا مواقف تمثيلية في الأنشطة السنوية التي كان النادي يقيمها، كما استضاف على مسرحه المكشوف أسرة هواة الفن البحريني حيث قدموا تمثيليات شارك فيها الراحلان محمد عواد، وجاسم شريدة وسلمان الدلال أطال الله في عمره، وآخرين وكان المسرح تؤمه كل القرى المجاورة للبديع.
ونادي البديع بجهود الإداريين ومن بينهم المرحوم حسين اللحدان قد كونوا صداقات مع لاعبي المنطقة الشرقية في الخبر والدمام، وقد لعبوا مع النادي كأعضاء في وقت ما كان من الضروري أن يسجل اللاعب اسمه ضمن قائمة اللاعبين فأسس النادي تقليدًا بالاستعانة باللاعبين الذين كانوا يأتون من المنطقة الشرقية عن طريق البحر باللنجات قبل جسر الملك فهد وكانت بيوت أهل البديع بيوتهم تأكيدًا وترسيخًا للعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين.
مع كثرة الرياضيين في القرية جدت الحاجة إلى إنشاء ناديين آخرين في البديع الأول في شمال البديع تحت مسمى نادي الأطراف الذي اتخذ ملعبًا له في جنوب اسطبلات خيل شرطة البحرين بالبديع، وتشكل له مجلس إدارة من خليفة النجم وأحمد التمار، ومبارك فرج وسلمان دعيج وآخرين، والثاني في جنوب البديع باسم شباب البديع برئاسة عبدالله على خميس (النجف) وخلف بن عمران، لأن الرياضيين وجدوا أن فرص اللعب عندهم قليلة، ولذلك فقد كان الناديان ليسا منافسين للنادي الأم، ولكن رديف ومساند وبالإمكان الاستفادة من القدرات والمواهب المتعددة في القرية. وكان المرحوم حسين اللحدان من الحريصين على اللحمة الرياضية وعدم تشتيت الجهود، وكان الحل هو فتح المجال في النادي للأعمار السنية كالأشبال والناشئين والشباب.
المرحوم حسين بن يوسف اللحدان مثال لابن القرية الوفي لوطنه الكبير البحرين ولقريته التي أحبها وأحب الناس فيها، اتسم بالأخلاق الرفيعة، وكان يحزن إذا لم يفز النادي في المباريات. وكان الله يرحمه سعيدًا بتحقيق نادي البديع كأس بطولة الناشئين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض عام 1992م بقيادة المدرب الوطني من الجسرة سعود العميري الذي لعب قبل التدريب كمدافع في نادي البديع فشعر المرحوم حسين أن أبناءه قد حققوا حلمه الذي كان يأمله، وفعلاً شعرت القرية كلها بهذا الإنجاز الذي يسجل في تاريخ نادي البديع الرياضي والثقافي.
المرحوم حسين لم يكتف بالاعتناء بفريق النادي الرياضي، بل كان الحريص على هذه المنشأة بأن تظهر بأبهى حله. وكان الحريص وهو في الإدارة على الاعتناء بنظافة النادي وإصلاح أي خلل يحدث، فكان يقضي معظم وقته في الاهتمام بهذه المنشأة، وكانت سعادته تتمثل في رؤيته للنادي وقد امتلأ بالأعضاء، وكان يحث الأعضاء على المشاركة في مختلف الأنشطة وبالفعل كان النادي رغم شح الموارد وقتها يقوم بأنشطة متعددة حفاظًا على سمعة النادي وتاريخه.
ورغم مشاغل العديد من الأعضاء في أمور الحياة، فقد ظل المرحوم حسين اللحدان ملتصقًا بالنادي ساعيًا إلى تحقيق الإنجازات تلو الإنجازات وكان سعيدًا بوصول النادي إلى دوري الأضواء، ولسان حاله يقول: لنحافظ على هذه المكانة التي تليق بنادي البديع وتاريخه العريق وتفانيه في خدمة الرياضة البحرينية.
شخصية مثل المرحوم حسين اللحدان لن تنساه البديع وأهلها وقطعًا من يعرفونه من أبناء البحرين في القرى والمدن يترحمون عليه وعلى الشخصيات الرياضية البحرينية أمثاله من الراحلين، مثواهم الجنة.
رحم الله الكابتين/ حسين بن يوسف اللحدان ومثواه الجنة ورضوان النعيم.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
وعلى الخير والمحبة نلتقي