ماذا رصدت «السوق العربية» فى جولتها المكوكية بشمال سيناء؟!
ياسر هاشم
تنمية مستدامة.. وطفرة فى البنية التحتية.. ومشروعات عملاقة
عودة الحياة إلى طبيعتها وانتشار مكثف لعناصر القوات المسلحة والشرطة لمواجهة أى حوادث إرهابية
«سباق مع الزمن».. شعار وضعته الدولة نصب أعينها على مدار السنوات الماضية، من أجل إعادة الحياة لطبيعتها فى مدن وقرى محافظة شمال سيناء، عبر تطوير البنية التحتية، وضخ الاستثمارات، وإنشاء المشروعات العملاقة، حيث عكفت الأجهزة المختلفة على تحقيق طفرة فى مختلف القطاعات «التعليمية- الصحية- الخدمية- الزراعية- الصناعية»، ناهيك عن مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، التى تحاول العبث بمقدرات الوطن.
هذا دفع «السوق العربية» إلى تنظيم زيارة ميدانية على أرض الواقع لمحافظة شمال سيناء، من أجل الوقوف على رصد التطورات التى حدثت على أرض الواقع، علمًا بأن الرحلة تضمن استقلال معدية قناة السويس القديمة والجديدة عبر محافظة الإسماعيلية للوصول إلى البر الثانى للقناة وأرض الفيروز، والعودة كانت عن طريق أنفاق قناة السويس التى تعتبر شريان جديد يضخ الحياة لأهالى سيناء.
وبفضل التنمية المستدامة، والطفرة التى حدثت فى البنية التحتية، لم يجد الإرهاب سوى الاختباء فى الجحور والوديان، حيث إن إصرار الأهالى على الحياة كان التحدى الأكبر لمواجهة الإرهابيين، خاصة أن مظاهر الحياة تبدلت، فمحطات الوقود التى كانت مغلقة عادت للعمل وبقوة، ما أعاد حركة السيارات والمواطنين بشكل طبيعى فى الشارع السيناوى، ونظّم العمل فى مواقف سيارات الأجرة بين مدن المحافظة، وبين العريش ومحافظات القاهرة والإسماعيلية.
ورصدت «السوق العربية» توافر السلع الغذائية والخضروات والفاكهة بأسعار مناسبة للجميع، مع رفع القيود تدريجيًا على دخول مواد البناء إلى المحافظة، حيث تشهد الأسواق حالة من الانتعاش عبر إقبال المواطنين على شراء السلع الغذائية والخضروات والفواكه، كذلك الأدوات المنزلية، والملابس، وهذا يؤكد الدور الكبير الذى لعبه رجال القوات المسلحة فى القضاء على العناصر الإرهابية.
فى البداية.. التقى محرر «السوق العربية» محافظ شمال سيناء محمد عبدالفضيل شوشة، والذى أبدى عن سعادته بلقاء محرر «السوق العربية»، قائلا: «إن المحافظة تعاقدت مع ١٠٠ عربة فان كمرحلة أولى، بالتعاون مع بنك التنمية الزراعى للعمل بدلا من التوك توك بمدينة بئر العبد، التى يعمل بها ٢٠٠٠ توك توك، حيث قام ١٦٠٨ أفراد بتسليم رخص التوك توك لاستبداله، مضيفا أن العربات كلها ستكون باللون الأصفر، داعيا البنوك العاملة فى شمال سيناء بوضع تراخيص السيارات، لكنها ستفتحها أمام تلك العربات فقط».
وأكد المحافظ، أنه أمضى فى شمال سيناء أكثر من سنتين ونصف تقريبًا، مضيفا أنه قام بتسليم 18 سيارة من أصل 100 سيارة من مشروع تحويل الـ«توك توك» إلى «فان» تتناسب مع مشروعات التنمية التى تتم فى المحافظة «بداية من مركز ومدينة بئر العبد»، مشددا على أنه لديه فى سيناء محاور رئيسية مختلف فى التنمية من ضمنها مشروع الإسكان الاجتماعى فى جميع مدن المحافظة حيث تم إنشاء 2608 وحدات إسكان اجتماع فى جميع مدن المحافظة، موضحا أن المدن الأعلى كثافة سكانية هى مدينتا العريش وبئر العبد.
وأشار إلى أن الـ2608 وحدات والتى تم الانتهاء من المرحلة الأولى منها تضم 1440 وحدة وكلهم تم تخصيصهم لأهالى رفح والشيخ زويد المضارين من العمليات الإرهابية، موضحا أن تكلفة الإيجار الشهرى للوحدة 415 جنيها، تتكفل المحافظة بدفع 315 جنيها لدعم الأهالى، فيما يتحمل المواطن 100 جنيه كرسوم للصيانة، مضيفا أن المرحلة الأولى التى تم تنفيذها «1440 وحدة» تكلفت 400 مليون جنيه، فيما تضم المرحلة الثانية التى تم تنفيذها وحدات على مساحة 120 مترا مربعا.
وعن منطقة المساعيد، قال المحافظة إنها كان بها 105 عمارات قديمة حدث بهم بعض التصدعات، وحاولنا إعادة تجديد عمارتين منهم ورفع كفاءتهم لكن دون جدوى، قامت الدولة بهدمهم حرصا على المواطنين وستقوم بالبناء وتسليمهم للمواطنين بإيجار رمزى لن يتعدى 120 جنيها و150 جنيها حسب مساحة الشقق وعدد الحجرات، سواء كان حجرتين وصالة أو ثلاث حجرات وصالة، أما مدينة رفح وأهالينا الذين تم تهجيرهم بسبب العمليات الإرهابية فالدولة المصرية تقوم الآن ببناء 626 عمارة عبارة عن 10016 شقة، بالإضافة إلى 400 بيت بدوى لأبناء بدو سيناء الذين يحبون أن يعيشوا فى الطبيعة البدوية الخاصة بهم، وذلك من خلال مرحلتين ستقوم الدولة بتسليمها بأسبقية عاجلة فى المرحلة الأولى، ثم يستكمل المشروع بعد ذلك.
وأضاف أن عددا كبيرا من العمارات قد تم الانتهاء منها وجارٍ استكمال باقى المرافق والطرق وغير ذلك، لافتا إلى أن الدولة تعمل على تنفيذ مشروع جديد شبيه بمشروع ابنى بيتك، حيث سيتم تقسيم عدد من الاراضى على مساحة 200 متر لكل قطعة لمساعدة الشباب وغيرهم من الفئات لبناء منزلهم الخاص، موضحا أن المحور الثانى من تنمية شمال سيناء هو مشروع مياه الشرب، مؤكدا أن المياه الموجودة فى كثير من الأماكن كانت غير صالحة للشرب، لأنها كانت تأتى من ترعة الإسماعيلية عن طريق محطة تنقية مياه القنطرة مرورا إلى مدينة بئر العبد وصولا إلى العريش بطاقة من 40 إلى 50 ألف متر مكعب يوميا وذلك نظرا لضعف الشبكة القديمة التى وصل عمرها الافتراضى إلى نحو 40 عاما، ولكن الآن قامت الدولة المصرية بتطوير تلك الشبكة بتكلفة إجمالية 866 مليون جنيه، حيث تم الانتهاء من مرحلتى التطوير ويتم اختبار المرحلة الثالثة والأخيرة لتصبح شبكة مياه الشرب فى مدينة العريش ويأتى إليها من 40 إلى 50 ألف متر مكعب يوميا من مياه النيل صالحه للشرب.
وحول استثمار الموقع الجغرافى لمحافظة شمال سيناء التى تطل على شاطئ البحر الأبيض المتوسط بمواجهة لا تقل عن 220 كيلو، قال شوشة: «إن تم تنفيذ محطتين لتحلية مياه البحر بمدينة رفح واحدة بقوه 6000م3 ماء يوميا والأخرى بطاقة 5000م3 ماء يوميا ليصبح 11000م3 يوميا لصالح مدينة رفح فقط، هذا بالإضافة إلى إقانة محطتين لتحلية المياه بمدينة الشيخ زويد قوة 5000 متر مكعب يوميا لكل محطة، علاوة على انشاء أربع محطات تحلية بمدينة العريش، محطتين بمدينة المساعيد بقوة 5000م3 لكل محطة، ومحطتين تم انشاؤهم أيضا فى منطقة الريسة واحدة بقوة 10000م3 ومحطة 5000م3 فى اليوم لتصبح إجمالى المياه فى مدينة العريش الصالحة للشرب 25000 متر مكعب يوميا».
وتابع المحافظة: «كما سيتم أيضا إنشاء محطة تحلية مياه عملاقة فى مدينة العريش تنتهى المرحلة الأولى منها خلال عام من الآن وتنتج 100 ألف متر مكعب فى اليوم، وعند الانتهاء من المراحل المختلفة من المشروع خلال عام آخر ستنتج المحطة 300 ألف متر مكعب فى اليوم، حيث إن هذه المحطة من المخطط لها توفير المياه لوسط سيناء بالكامل»، موضحا ان هناك 282 ألف فدان فى رفح والشيخ زويد والعريش تزرع بالكامل من مشروعات المياه الجديدة، مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من المحطة العملاقة ستعطى فرص أكبر للاستثمار الزراعى فى وسط سيناء وتسهم فى زيادة الانتاج الزراعى والحيوانى، واستمرارا لجهود الدولة المستمرة من أجل تنمية سيناء تم إنشاء محطتين لتحليه المياه من خلال التعاون مع المعونة الأمريكية، حيث تم إنشاء محطتين فى مدينة الحسنة، ومحطة فى مدينة نخل بمنطقة الريد بقدرة 200 متر مكعب فى اليوم، وأخرى بمنطقة صدر الحيطان بقوة 200 متر مكعب يوميا.
كما أضاف شوشة، ان مستشفى العريش تقوم بأداء دور كبير جدًا فى خدمة الأهالى، مشيرا إلى أنها ستصبح مستشفى تعليمى حيث تم الانتهاء من المرحلة الاولى لتطويرها بتكلفة 134 مليون جنيه وجارٍ استكمال المرحلتين الثانية والثالثة حاليا، كما تم إنشاء مستشفى فى مدينة بئر العبد لتكلفة 231 مليون جنيه، اما منطقة نخل التى تقع فى جنوب المحافظة فتم إنشاء مستشفى بها لتأمين الطريق الدولى القادم من النفق إلى طابا، هذا بالإضافة إلى اصل الخدمة المقدمة للمواطن السينوى.
أما عن ملف التربية والتعليم، فأعتبر المحافظ ان طلاب اراضى سيناء الحبيبة فى المدارس يتمتعون برفاهية غير مسبوقه حيث ان لكل 11 طالبا له مدرس، وعن ملف الشباب والرياضة قال شوية: «أنا دائما بقول لمدير مديرية الشباب والرياضة فى شمال سيناء انت بتتمنى ان يكون لكل فرد فى المحافظة مركز شباب، على الرغم من وجود مدينة شبابية تم انشاؤها فى عام 2008 وتم استخدامها كإقامة لبعض الأجهزة الخاصة بضباط وزارة الداخلية وتم تأمينها بشكل مناسب».
لاشك أن عودة الحياة لطبيعتها لم تتوقف عند الأسواق والمحلات التجارية والمشروعات التى تقوم الدولة بتنفيذها فقط، بل امتدت إلى إعادة العملية التعليمية لمسارها الطبيعى وسط اتخاذ إجراءات صحية واحترازية مشددة من أجل المحافظة على صحة الطلاب فى المراحل الدراسية المختلفة، فى ظل مواجهة تفشى فيروس كورونا، وذلك بعدما شهدت محافظات شمال سيناء إنشاء مجموعة من المدارس الجديدة وأعمال تطوير هائلة للمدارس الأخرى، وفى هذا السياق، قال حمزة رضوان، مدير مديرية التربية والتعليم بشمال سيناء، لـ«السوق العربية»: هناك إصرار من الدولة والمحافظة على تواجد وتوفير جميع سبل التعليم المتميز لأهالى سيناء والاستمرار فى فتح وبناء المؤسسات التعليمية الجديدة كل عام، حيث إن هناك 8 مدارس تجريبية، منهم 4 مدارس فى مركز العريش، من بينهم مدرستان رسميتان متميزتان، ومدرستين رسميتين فقط، علاوة على أنه تم وضع حجر الأساس لأكثر من مدرسة فنية وصناعية، ومدرسة يابانية، مشيرا إلى أنهم حريصين كل الحرص على اتخاذ جميع التدبير والإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، والقيام بحملات توعية للطلاب للمحافظة على صحتهم.
وأكدت أمل عبدالحميد، مديرة مدرسة الشهيد عمرو أبوهندية الرسيمة المتميزة لغات، لـ«السوق العربية» أن المدرسة حديثة العهد، تم إنشاؤها عام 2019، وتضم جميع المراحل التعليمية إلا أنها تعمل الآن من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية، وبها 275 طالبا موزعين على 5 فصول رياض أطفال، وفصل للصف الأول الابتدائى، وفصل للصف الثانى الابتدائى وفصل للصف الثالث الابتدائى، مشيرة إلى أن عدد التلاميذ فى الفصل الواحد لا يتجاوز 35 طالبا، وتخدم مدينة العريش وضواحيها لأنه لا تخضع الدراسة بها لمربع سكنى محدد، وتضم المدرسة 41 من أعضاء هيئة التدريس والإداريين والخدمات المعاونة، وهذا جعل نسبة الإقبال عليها يصل 100%، ناهيك عن اتخاذ إجراءات احترازية مشددة منعا من تفشى فيروس كورونا.
وانتقلت «السوق العربية» إلى أكبر محطة لتحلية مياه البحر بالريسة التابعة لمدينة العريش، حيث التقت المهندس مصطفى عبدالفتاح، رئيس قطاع الشرب والصرف الصحى بمحافظة شمال سيناء، الذى أوضح أن المحطة تم تنفيذها من خطة المعونة الأمريكية لتنمية محافظة شمال سيناء بتكلفة 11 مليون دولار، مشيرا إلى أن المحطة مبنية على مساحة إجمالية 7 آلاف و500 متر مربع شاملة المبانى الأساسية، والمبانى الإدارية، والمساحات الخضراء.
وأكد أن الدولة تجتهد فى دعم المواطن بالمياه الصالحة للشرب فى محافظة شمال سيناء عن طريق محطة تحلية مياه البحر، لافتا إلى أن المياه تأتى للمحافظة من محطة مياه المرشحة فى القنطرة شرق، وتسعى للقضاء على نظام المناوبات، فقد أنشأت 4 محطات تحلية، من بينهم محطتان بطاقة 10 آلاف متر مكعب يوم بمنطقة المساعيد، وتمر مياه البحر بعدة مراحل لفصل الأملاح وإضافة الأملاح المعدنية الصالحة للمواطنين.