نتعلم من بعضنا
سمعنا من يقول دائمًا من شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، وفي ذلك سلوى لمن وجد نفسه فجأة وقد أُحيطت به مشاكل لا تُعد ولا تُحصى، فخال نفسه هو الغريق أن لا ملجأ له مما حدث. فيأتي من يتبرع ليخفف عنه الألم ناصحًا له بالصبر، وإنك إن نظرت فيما حولك ستجد أن هناك من مرت عليه مصائب وليست فقط مصيبة واحدة..
للأسف الشديد شعوب وبلدان مرت خلال هذه الفترة الوجيزة من تاريخنا المعاصر بمصائب وويلات بعضها من صنع البشر، وبعضها من غضب الطبيعة، بل إن هناك دولا وشعوبا تعيش على الكفاف راضية بما هي عليه، وتتعايش معه على أمل إنفراجة تُعيد التوازن.
اللهم لا راد لقضائك، وقد أمرتنا بالصبر والتحمل، وإنه لابد للشدة أن تزول ولابد لليل من آخر.
نحتاج لأن نعود أنفسنا على المتغيرات وكيفية مواجهتها اقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، وإنسانيًا، بقدر حاجتنا للتفاهم مع بعضنا بعضًا في الأمور العادية التي تسير على سليقتها وطبيعتها، فالوصول إلى تفاهمات أمر يدخل في مجاهدة النفس، ويتطلب أيضًا الشجاعة في اتخاذ المواقف الإيجابية بحسن نية ومصلحة مشتركة لخير الجميع... كان التواصل بين الأجداد والآباء في زمانهم شرعة ومنهاجًا اتخذوه للتقارب والتفاهم والتعاون لحل الكثير من المشاكل، وربما المواساة والعمل المشترك حتى في الأمور البسيطة ليبرهنوا على أن البعض بحاجة إلى البعض الآخر، تعاونوا في البحر من أجل لقمة العيش، فكانت الدعوة للمشاركة تأتي بعفو الخاطر، كما تعاونوا في البر من أجل أن يتواصلوا مع جيرانهم وأهلهم، ومن يأتي إليهم زائرًا.. كان الأقدمون عندما يحل عليهم ضيف يقومون بواجب الوليمة يدعون جيرانهم ومعارفهم لهذه الوليمة من أجل التعارف، ومن أجل أيضًا أن يساهموا في إكرامه بدعوته إلى الغداء أو العشاء شعورًا منهم أن ضيف جارهم وقريبهم هو ضيفهم جميعاً، وكان عليهم أن يرتبوا ذلك مع الداعي لهم وليس الضيف، لأن الضيف هو في حكم المضيف وقد يستمر الضيف متنقلاً من بيت إلى بيت ومن مجلس إلى مجلس طوال مدة إقامته في المدينة أو القرية التي وفد إليها.
أمور بسيطة في شكلها، عميقة في مضامينها تغرس روح المحبة والألفة والمودة، وتضيف الكثير من معاني الأخوة والجيرة الحسنة، وتؤصل لتاريخ أمة من الأمم لما يعود على الجميع بالخير والعافية.
الوقفة الثانية:
احتفلنا في الأسبوع الماضي بمجلس الأخ مبارك بن عبدالله المغربي بمدينة عيسى ببعض نجوم الرياضة في بلدنا عرفانًا من صاحب المجلس الذي عاش للرياضة والشباب منذ طفولته مرورًا بكل مراحل عمره ليتوج ذلك قبل تقاعده في عمل مؤسسي للرياضة والشباب واعترافًا أيضًا برواد مجلسه من مدن وقرى البحرين بما حققه رياضيونا من إنجازات نعتز بها ونفخر، وقد وجدنا فيهم الحماس والاستعداد للإسهام في مسيرة الرياضة والشباب التي تضطلع بها مملكة البحرين، وتحرص على المكانة اللائقة بها بكل جد واجتهاد... وقد روى هؤلاء الرياضيون ذكرياتهم مع كرة القدم ومختلف الألعاب الرياضية، ونحن نستمع إليهم في إيرادهم لهذه الحكايات، وتفانيهم في خدمة أنديتهم رياضيًا واجتماعيًا وثقافيًا يؤازرهم رجال تحملوا إدارة الأندية وبذلوا جهدهم من أجل أن تظل هذه الأندية ضمن النسيج والنشاط في مدن وقرى البحرين، وكان التعارف بينهم والمنافسات مشهود لها بالتميز، ولعل المساعي الخيرة في توثيق هذه المسيرة من قبل المسؤولين والقائمين على الرياضة والشباب في مملكة البحرين يجعل هذا التوثيق سجلاً لا غنى لنا عنه، فالتاريخ امتداد لإنجازات شعب وأمة..
سنظل نتعلم من بعضنا بعضًا، وسيظل الاستشهاد بمواقف إنسانية عاشها مجتمعنا تؤكد الأصالة ورسوخ قيم لابد منها للتوازن المجتمعي وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز لما يعود على الوطن والمواطن بالخير العميم.
وعلى الخير والمحبة نلتقي