السوق العربية المشتركة | تكبر العيال وتعمر الديار

من أقوال تجارب الأجداد والآباء في مجتمعنا تكبر العيال وتعمر الديار فلطالما ردد على مسامعنا ونحن صغار ويافعي

السوق العربية المشتركة

الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 05:24
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
تكبر العيال وتعمر الديار

تكبر العيال وتعمر الديار

من أقوال تجارب الأجداد والآباء في مجتمعنا «تكبر العيال وتعمر الديار»، فلطالما ردد على مسامعنا ونحن صغار ويافعين الوالد العزيز إبراهيم، يرحمه الله ومثواه الجنة ورضوان النعيم، القول الذي توارثه عن آبائه وأجداده.



كان عشم الآباء أن يكون الأبناء عندما يشتد بهم العود، وأن يأخذوا مواقعهم الطبيعية في الأعمال بعد أن ينهوا متطلبات الحياة من دراسة وعمل والخوض في معترك الحياة العملية أن يمنّ الله عليهم بالخير، فيبنوا لهم المنازل ويسيروا في حياتهم العملية بما تتطلبه الحياة من مقتضيات المعيشة الآمنة المستقرة، والتفاهم والتعاون مع مجتمعهم.

والحقيقة إن الهدف من هذا القول ليس الجانب المادي منه فقط، وإنما الهدف الأسمى هو إقامة علاقات اجتماعية راسخة بين أفراد المجتمع، سواء كان ذلك بالمصاهرة أو بالصداقة في الفرجان والأحياء والمدن والقرى أو بالزمالة في العمل أو الوظيفة أو الدراسة بكل مراحلها.

فاليوم العيال الذين هم في سن الطفولة أو الشباب سيبلغ بهم العمر إن شاء الله فيصبحوا رجالاً أو نساءً، يقيض الله لهم أن يعمروا بيوتًا وينشئوا أسرًا، فتصبح القرى بإذن الله ممتدة تجاور القرى الأخرى، فيشعر المواطن أن المسافات، بسبب امتداد العمران، قصيرة بل كأن امتداد أي قرية هو امتداد طبيعي للقرى الأخرى وبالذات المجاورة، وكما هو الحال أيضًا في المدن، والحمد لله إن المشروع الرائد في بلادنا مملكة البحرين وهو «الإسكان لكل مواطن يستحق» أصبحت لدينا مشاريع مدن حديثة بكل مرافقها والحاجيات الضرورية اللازمة للمعيشة اليومية فيها، وعلى النطاق الأسري وجدنا أن التعليم في بلادنا تطور كثيرًا فشمل المدارس التي أنشأتها الدولة بكل مراحل التعليم النظامي، كذلك المدارس الخاصة التي أنشأها الأفراد أو الجماعات بإشراف ومتابعة من وزارة التربية والتعليم والهيئات المعنية بتطوير التعليم ومخرجاته إلى الجامعات والمعاهد التي تعددت اختصاصاتها وأصبح الطلبة أمام خيارات ترسم لهم طريق المستقبل.

العيال أو بمعنى الصغار، أصبحوا اليوم بعد أن اجتازوا متطلبات التعليم وتخرجوا من الجامعات والمعاهد ينظرون إلى مستقبلهم الوظيفي الذي سيعود عليهم بالخير وتتاح الفرصة لهم لأن يعمروا الديار، شعورًا من الآباء أنهم قد بذلوا ما يستطيعون من جهود إلى ذلك اليوم الذي يكون فيه الأبناء قادرين على أن ينشئوا بيوتًا تثلج صدور الآباء والأمهات، وبذا يكون المستقبل خيرًا للوطن وأهله. نحن بحاجة إلى هذا التكاتف المجتمعي الذي على ما أظن أن الأجداد والآباء كانوا على قناعة تامة بأن شباب اليوم هم رجال الغد، وهذا يتطلب من الجميع أن يتعاونوا ويتكاتفوا من أجل البناء والنماء، وأن تكون الأواصر المجتمعية من القوة والمتانة ما يجعل المجتمع يعيش في وئام وانسجام ومحبة وبذل وعطاء... وإن الناس في المجتمع الواحد يتطلعون إلى أن يكون الفرد من نسيج هذا المجتمع يشعر بأفراحه ويألم لألمه، ويسعى جاهدًا لتنميته ورقيه، وبذلك يتحقق كل ما يأمله من عطاء طيب ومردود خير.

قطعًا لن يتخلى الآباء عن دورهم، فإن هم لم يستطيعوا أن يقفوا مع الأبناء في الجانب المادي، فإن دورهم في التوجيه والإرشاد والوقوف المعنوي له الدور الكبير في سلوك النهج القويم المبنى على المصلحة العامة، ولعلنا نستذكر ما كان موجودًا عندنا من مجالس الآباء الذي تبنته يومًا وزارة التربية والتعليم، وأحسب أن هذا النظام معمول به في الغرب والشرق عبر مراحل التعليم المختلفة، وبالذات في المدارس والجامعات الخاصة؛ لما له من مردود وبالمثل ما كنا نسمع عنه من ضرورة التعاون بين البيت والمدرسة، وإذا كنا قد تراجعنا عن ذلك واكتفينا باليوم المفتوح، فإن الأمر يتطلب منا أن نعيد النظر لخير الأبناء ولخير أولياء أمورهم، وبالتالي الخير للمجتمع بكل أطيافه.

نتطلع فعلاً للدور الذي يمكن أن يلعبه «العيال» لمستقبلهم، فهم اليوم لا شك يتعرضون لتحديات جسام كما يتعرض وتعرض له أجدادهم وآباؤهم وإن اختلفت الظروف والملابسات والوسائل، إذ إن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وما تفرضه من متغيرات جسام ورسائل تبث قد لا يدركه بعضنا، ولكن بالضرورة على مجتمعنا اليقظة، قد لا نتمكن من الوقوف ضد هذا التيار الجارف ولكننا لا نسيء الظن أيضًا بعيالنا فهناك الكثير مما نستفيد منه في تقنيات ومعطيات ومفاهيم التواصل الاجتماعي إن أحسنا التعامل، واقترح من اليوم فصاعدًا أن تكون هناك حصص في نظامنا التعليمي لكيفية التعامل مع التقنيات الحديثة والاستفادة منها لخير الفرد والمجتمع، ولعل ما فرضته الظروف الصحية في العام 2020م من التعليم عن بعد يستلزم منا بعد عودة الحياة التعليمية إلى طبيعتها أن نستحضر أهمية وحتمية الاستفادة من تقنيات العصر المتعددة، وهذا ما اضطلعت به مدارس المستقبل عندنا.

وعلى الخير والمحبة نلتقي..