السوق العربية المشتركة | تطبيقات بيع الدواء «كيانات هلامية» مجهولة لا تخضع للرقابة

تطبيقات بيع الدواء التى أصبحت ظاهرة جديدة تضاف للممارسات المبهمة فى قطاع سوق الدواء المصرى والتى قد لا يدر

السوق العربية المشتركة

الخميس 28 مارس 2024 - 21:31
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

النقابة العامة تصعد لمواجهة الدخلاء على مهنتهم.. ووزيرة الصحة تستجيب وتبحث آليات التصدى لبيع الدواء عبر الإنترنت

تطبيقات بيع الدواء «كيانات هلامية» مجهولة لا تخضع للرقابة

«تطبيقات بيع الدواء» التى أصبحت ظاهرة جديدة تُضاف للممارسات المبهمة فى قطاع سوق الدواء المصرى، والتى قد لا يدرى الكثيرون أنها غير خاضعة للرقابة نظرًا لعدم حصولها على تصاريح وزارة الصحة، والذى كشف الأمر تصدى النقابة العامة للصيادلة لتفشى تلك الظاهرة من خلال مقاطعة شركة ابن سينا لإعلانها شراء تطبيق لبيع الدواء، الأمر الذى سيفتح المجال للمزيد من الدخلاء والكيانات الوهمية للتوغل على الرغم من أن قانون مزاولة مهنة الصيدلة ينص بأن ترخيص الصيدليات شخصى للصيدلى ويحظر ذلك النشاط على الشركات والأشخاص الاعتبارية.



بداية أكد الدكتور عادل عبدالمقصود، رئيس الشعبة العامة للصيادلة السابق، أن تطبيقات بيع الدواء تُعد مخالفة للقانون الذى ينص على أن الدواء لا يُباع إلا فى الصيدليات، لذلك تلجأ تلك التطبيقات لخداع المواطنين عن طريق الإعلان بأنها تتبع صيدليات وتقوم بخدمة توصيل الدواء للمنازل دون الافصاح عن مقراتها أو حتى عناوين الصيدليات التى يزعمون بأنها تتبع لهم فهى كيانات هلامية غير موثوق بها».

وقال: «من الآثار السلبية لاستمرار تلك التطبيقات، تحميل الدولة زيادة أعباء مالية نتيجة عشوائية استخدام الأدوية التى تؤدى لتفاقم الحالة المرضية، بما أن الدولة مسؤولة عن علاج المريض طبقًا للدستور، لذلك لابد من حماية المواطن، ولن يحدث ذلك إلا بتطبيق القوانين، فصحة المواطن أمن قومى».

وأوضح: «فالأمر أخطر من ذلك فتلك التطبيقات تؤدى لخلق مناخ سيئ ويهيئ لكل من سنحت له الفرصة إنشاء تطبيق من خارج المجال كما أن الحملات الدعائية التى تقوم بها تكلفهم أموالا ضخمة، قد تضطر ضعاف النفوس منهم لاستخدام أدوية «مغشوشة» خلال خدمة الديليفرى، فهم كيانات هلامية غير معلومة فكيف ستتم عليهم الرقابة والتفتيش؟! وما الجهة التى ستقوم بالرقابة إذا كانوا يعملون بشكل غير قانونى؟».

وردًا على زعم التطبيقات بأنها ستقوم بتوصيل الدواء من خلال أقرب صيدلية للجمهور، قال: «تلك الأدوية تخرج من مخازن شركات عن طريق مندوبيها، وهى محاولة لإضفاء الشرعية لأنشطتهم».

وأوضح: «شركات التوزيع الرئيسية والمسجلة لدينا هى أربع شركات، بدأت شركة منهم تستحوذ على عدد من الصيدليات كتخليص حق مقابل الديون المستحقة على إحدى سلاسل الصيدليات التى سقطت، حتى وصلت عدد الصيدليات المملوكة لها إلى 300 صيدلية، فأقدمت شركة توزيع أخرى للبيع المباشر للجمهور من خلال التطبيقات، لذلك ستكون نتيجة تلك المنافسة القضاء على الصيدليات المتوسطة والصغيرة داخل سوق الدواء المصري».

وتابع: «القانون ينظم أسلوب العمل لكل تنظيم يعمل فى قطاع الدواء دون أن تتخطى دورها، ولكن مع الأسف كل هذه التنظيمات تم تدميرها لقصور أداء الجهات المسؤولة عن الرقابة، فالمطلوب هو تطبيق القانون الذى ينظم عملية تداول الدواء داخل مصر طبقًا لقواعد محددة، فعلى سبيل المثال «المستورد» يكون مسجل بوزارة الصحة وحاصل على بطاقة استيرادية ويتم الرقابة عليه فى الجزئية الخاصة بالاستيراد حتى يتم تسليمه للموزع، كذلك الأمر بالنسبة للموزع يحصل على ترخيص من وزارة الصحة لتوزيع الدواء على الصيدليات وتتم الرقابة عليه وفقًا للقانون، كذلك الأمر بالنسبة للصيدليات التى تحصل على ترخيص من وزارة الصحة لبيع الدواء للجمهور وتتم الرقابة عليها من جهة التفتيش الصيدلى، فلا يمكن الخروج عن تلك المراحل».

وأضاف: «فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن تقوم شركة توزيع بعمل تطبيق لبيع الدواء للجمهور متخطية بذلك دور الصيدليات، بل ومحاربتها عن طريق تقديم تخفيضات بالتنازل عن هامش ربح الصيادلة نظير قطع الصلة ما بين المريض والصيدليات، مع الاحتفاظ بربحها فى التوزيع».

وبخصوص إعلان شركة توزيع شهيرة «ابن سينا» عن شرائها تطبيق لبيع الدواء أوضح: «قامت النقابة العامة للصيادلة بمخاطبة الشركة لإرجاعها عن تلك الخطوة، وجاء رد الشركة بالرفض وإصرارها الاستمرار بحجة التطور العلمى، الأمر الذى أدى لدعوة النقابة لمقاطعتها».

وأضاف: «نحن ضد فكرة هدم اقتصاد شركة كبيرة مثل «ابن سينا» يعمل بها عدد كبير من الموظفين، ولكن لم يكن هناك مفر من اتخاذ النقابة العامة قرار بوقف التعامل معها؛ وذلك لعدم مساعدة الجهات المسؤولة فى وقف تلك المخالفات، كما كان يجب على الشركة أن تتفهم أن المسألة ليست حربًا بل خوض فى تخصصات الصيدليات، وكان لابد من أن توقف التعامل مع التطبيق وتعمل فى نطاق ما هو مصرح لها وهو التوزيع فقط».

وتابع: «وقد أرسلت النقابة العامة للصيادلة ثلاث رسائل لرئيس الهيئة المصرية للدواء، لتوضيح مدى قانونية تطبيقات بيع الدواء؛ للبدء فى مخاطبة الجهات الرقابية فى الدولة، فلم يأت الرد!».

وقال: «لذلك نناشد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بتوجه رئيس الهيئة المصرية للدواء للرد على خطابات النقابة العامة للصيادلة؛ حتى يكون هذا الخطاب قاطع لشرعية وقانونية هذه التطبيقات من عدمه، كما أناشد جميع الجهات الرقابية والتنفيذية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى، بضرورة فرض سيطرة الدولة لتنفيذ القانون، للحفاظ على صحة المواطن المصري».

وتابع: «يتم الاعداد لاجتماع مصغر من أصحاب الخبرة ومن النقابين؛ للتشاور والوصول لقرارات ووضع خريطة طريق لمجابهة تلك السلبيات الخارجة عن القانون العام والخاص، ولحماية الأمن الصحى للمواطن المصرى واقتصاديات الصيدليات».

ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل شهد العديد من التطورات، حيث قامت النقابة العامة لصيادلة مصر بتصعيد الموقف عن طريق ارسال خطابات للدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، والدكتور تامر عصام رئيس هيئة الدواء المصرية، والدكتور أحمد سمير القائم بأعمال رئيس جهاز حماية المستهلك، والمهندس حسام الجمل رئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات؛ لمطالبتهم باتخاذ كافة الإجراءات والقرارات ضد التطبيق الذى قامت شركة ابن سينا فارما لتجارة وتوزيع الأدوية بالاستحواذ عليه لبيع الأدوية من خلاله.

كما قامت النقابة بتقديم بلاغ فى جهاز حماية المستهلك قسم مكافحة جرائم الانترنت، ضد تطبيق شركة ابن سينا وحمل رقم 2059007، موضحة خلاله أن قيام شركة ابن سينا بالاستحواذ على هذا التطبيق هو تعدٍ صارخ على قانون مزاولة مهنة الصيدلة؛ حيث يجرم هذا القانون بيع أى دواء للجمهور إلا عن طريق صيدلة مرخصة من وزارة الصحة يديرها صيدلى.

وأشارت النقابة فى مخاطباتها والبلاغ المقدم بأن تطبيق شركة ابن سينا يرتكب مخالفات قانونية جسيمة بحجة مساعدة المرضى وتقوم ببيع الأدوية إلى الجمهور مباشرة وهى غير مصرح لها قانونًا بذلك.

وبالتوازى قامت النقابة العامة للصيادلة بتقديم بلاغ اخر رقم 2059006، ضد عددًا من التطبيقات الإلكترونية، حيث أعدت النقابة حصر لها لبيعها أدوية عبر الانترنت ومواقع التواصل، وتأتى تلك الإجراءات فى اطار سعى النقابة الدائم للقضاء على هذه التطبيقات وملاحقتها قانونيًا، حيث أنها كيانات تعمل بلا ضوابط ولا قواعد رقابية أو مهنية وبالتالى لا يمكن محاسبتها فى حالة وقوع أخطاء مهنية يترتب عليها الإضرار بصحة المواطن المصرى.

كما يُذكر بأن خلال اجتماع عقدته الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، مع رئيسى هيئة الشراء الموحد وهيئة الدواء المصرية؛ للوقوف على مدى توافر الأدوية والمستلزمات الطبية تزامنًا مع بدء الموجة الثانية لفيروس كورونا المستجد، قد وجهت بضرورة التصدى لظاهرة بيع الأدوية للمرضى عبر الانترنت، مناشدة المواطنين بالحصول عليها من الصيدليات والمنشآت الصحية حفاظَا على صحتهم.

وقد أكد الدكتور أحمد العزبى، رئيس غرفة صناعة الدواء، خلال الاجتماع، ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتصدى لظاهرة تداول الأدوية عبر التطبيقات الإلكترونية لما تمثله تلك التطبيقات من ضرر كبير على الصحة العامة للمواطنين، موجهًا الشكر للدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان على التعاون الدائم لتذليل أى تحديات تواجههم.

كما قام المحامى الدكتور هانى سامح «الصيدلى» وصلاح بخيت محامٍ بالنقض، بالتقدم ببلاغ للنائب العام ضد تطبيقات وصف وصرف بيع الدواء إلكترونيا على جوجل بلاى، دون ترخيص من وزارة الصحة.