على «أرصفة العجائب» تباع الأدوية المغشوشة.. وينهشون الفقراء بـ«سلاح الجهل»
سميرة سالم
أطباء تحولوا إلى «مندوبى شركات» فى عياداتهم الخاصة.. ومن يوقف «تجارة الموت» ويحبط مخطط «الأيادى السوداء» فى سوق الأدوية؟
انتشرت ظواهر غير طبيعية بالإسكندرية، فى مجال الأدوية، وأبرزها بيع الدواء فى العيادات الخاصة والمستشفيات الغير مرخص لها بيع الدواء، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل انتشرت ظاهرة بيع الأدوية على أرصفة العجائب فى محطة مصر والمنشية، فمن يوقف "تجارة الموت" غير المشروعة.
ولعل ما يوضح الصورة أكثر تلك الواقعة التى سردها أحد أقارب طبيب صيدلى "أحد أقربائى صيدلى وقع فى مشكلة مع طبيب مشهور تقع عيادته فوق الصيدلية الخاصة به؛ وذلك بسبب اكتشاف زوج احدى المريضات قيام الطبيب الشهير بإعطاء زوجته حقنة دواء وقام بإلقاء علبة الدواء بسلة المهملات، فالتقطها زوج المريضة وذهب للسؤال عن سعرها فى الصيدلية، ففوجئ بأن سعرها 4 جنيهات فقط لاغير، فى حين طالبه الطبيب الشهير بمبلغ 800 جنيه سعر الحقنة، وحينما لجأ لصيدلية أخرى وتأكد من السعر 4 جنيهات، فجن جنونه وذهب لعيادة الطبيب الشهير وقام بتكسير العيادة ردًا على واقعة النصب التى وقع فيها، وما كان من الطبيب إلا أن وضع لافتة مدون عليها عدم مسئوليته عن الدواء الذى تبيعه الصيدلية أسفل العيادة، لإجبار المرضى على شراء الدواء من عيادته وانتقامًا وتشهيرًا منه فى حق الصيدلى الذى اضطر لترك المكان بعد التشهير به ظلمًا".
وأوضح الدكتور عادل عبدالمقصود، رئيس الشعبة العامة للدواء السابق: "ظاهرة بيع الدواء فى غير الصيدليات هو أمر شاذ حدث فى السنوات الأخيرة نتيجة لجوء بعض الأطباء لمحاولة تحسين دخلهم عن طريق التجارة فى الدواء؛ للحصول على مكاسب باهظة من خلال أساليب التلاعب التى يمارسونها على المرضى وذويهم بلا رحمة، بالمخالفة للقانون الذى يجرم حيازة الأدوية بكميات تجارية فى مكان غير مرخص لذلك، ومن يقوم بذلك يقع تحت طائلة العقاب القانونى لكافة الجهات المعنية بقطاع الدواء".
وتابع: "ويحصل الأطباء على الأدوية من مندوبى المكتب العلمى لشركات ومصانع الدواء، الذين مهمتهم الأساسية توصيل المعلومة العلمية والفنية لما يحتويه الدواء للطبيب، ولكن للأسف بدأت المكاتب العلمية العمل بأسلوب آخر بتحميل المندوب العلمى مهام البيع والتسويق للعلاج، وهو ما فتح الطريق أمام البعض من الأطباء للتكسب من بيع الدواء".
وأضاف: "غياب تنفيذ القانون طبقًا لما هو موجود أعطى فرصة كبيرة لاستغلال ذلك وبيع الدواء بأسعار فلكية، بل وصل الأمر لقيامهم بتحديد نسبة "عمولة" لدى الصيدليات القريبة مقابل بيع الدواء لمرضاهم، وذلك ما لا يمكن أن يحدث فى الدول المتقدمة".
وتابع: "لذلك أناشد وزارة الصحة المعنية بكافة العاملين بالمكاتب العلمية، اشتراط أن يكون هؤلاء العاملين مسجلين لدى الوزارة ولديهم اثبات بذلك "كارنيهات" كمندوبى للمكاتب العلمية، ومتابعتهم ومن يخرج عن دوره الرئيسى طبقًا لما نظمه القانون، يسحب منه "الكارنيه" ويوقف بقرار إدارى عن مزاولة المهنة".
ونوه: "الخطورة تمكن فى أن وصل الأمر فى مصر لانتشار بياعين يفترشون الأرض لبيع الأدوية بالمناطق الشعبية، وغالبيتها تدور حول علاج النواحى الجنسية، والأخطر من ذلك أن منها ما هو مُصنع "تحت بير السلم" أو منتهى الصلاحية ومدون عليه تاريخ صلاحية مزور".
وأضاف: "ولعل الفترة الأخيرة كانت خير مثال لتلك المخالفات، حيث ضبطت الجهات الرقابية أرقام فلكية لكمامات وأدوية مقلدة لعلاج فيروس كورونا، لذلك لابد من تغليظ العقوبات لسد الثغرات التى يتسلل ضعاف النفوس من خلالها؛ لردعهم والحفاظ على حياة المواطنين".
كما أوضح: "القانون يسمح للمستشفيات بإمكانية فتح صيدلية داخلية لتغطية احتياجات المرضى، ولكن الكارثة تكمن فى أن الكثير من تلك المستشفيات اتخذتها مصدرا للتجارة والربح، فمنها كالتابع للجمعيات الخيرية وغيرها قامت بعرضها فى مزاد؛ مستغلين عدم خضوعهم للضرائب، فتقوم الصيدليات بها بسحب كميات هائلة من الدواء أضعاف احتياجاتها مستغلة عدم خضوعها ضريبيًا، لذلك أرى أن العقوبة الملائمة لمخالفة الغرض الأساسى من الصيدلية بإلغاء التراخيص لأمثالهم، وأن لا تُمنح لهم تراخيص مرة أخرى".
وأضاف: "كما أن هناك مستشفيات ليس لديها صيدليات ولكنها تبيع الدواء من خلال مخازن وبالطبع دون تصريح".
وعن كيفية التخلص من تلك الظاهرة قال: "المجتمع وحده لا يستطيع الحد من تلك الظاهرة ولا إنهاءها، فالمريض وذويه فى النهاية يخضعون لتنفيذ أوامر الطبيب، وأن أول خطوة للقضاء على تلك الظاهرة تغليظ العقوبات كما أشرت وعدم السماح لأى مسئول تنفيذى بالتوسط لإلغائها".
وأشار: "إدارات التفتيش الصيدلى التابعة لهيئة الدواء دورها التفتيش على الأماكن المرخص لها بيع الدواء، وغيرها لا يمكن تفتيشه إلا بإذن النيابة، لذلك فالصيدليات هى المكان الأصلح لبيع الدواء، نظرًا لأنه خاضع للرقابة ومجهز لحفظ كافة أنواع الأدوية، بخلاف الأماكن الأخرى التى لا يمكن ضبطها إلا بعد كشفها والإبلاغ عنها".
وتابع: "كما يختص العلاج الحر بمسئولية الرقابة على عيادات الأطباء والمستشفيات، فلابد من تكاتف الجهات الرقابية المشتركة لتأدية دورها وضبط القطاع".
وتابع: "كما لابد أن تقوم نقابة الأطباء بمحاسبة من يخرج عن مهنة وهى تشخيص المرض، على أن تكون عقوباتها على درجات، وأقصاها الشطب من النقابة".
واختتم حديثه قائلًا: "لابد من قيامنا ببناء دولة متقدمة وقادرة على تحقيق النظام وتطبيق القانون، فحينما سُئل رئيس وزراء دولة معادية متى نخاف من مصر؟ فأجاب عندما يكون لديها نظام فى الشارع".
وتابع: "لذلك أناشد القيادة السياسية فى ظل ما تصدره من قرارات من أجل الصحة العامة بتنفيذ وتطبيق أقصى العقوبات على من تسول له نفسه غش الدواء متعمدًا، فدولة الصين على سبيل المثال حينما ضبطت مرتكبى جريمة غش الدواء قامت بإعدامهم".