أشرف كاره
2020 .."عام الخروج من السوق"
لا شك أن عام 2020 كان من الأكثر الأعوام سلبية فى الأداء بسوق السيارات المصرى خلال العقود الأخيرة ، وخاصة مع التداعيات التى شهدها السوق بسبب أزمة فيروس (كوفيد – 19) ، وما لجأت إليه العديد من الشركات العاملة بالسوق من إنكماش فى أحجام أعمالها بشكل عام ، إلا أن إستمرارية عدة شركات فى أدائها المتراخى منذ عام 2019 وحتى الآن – وبخاصة بعض أسماء العلامات الآسيوية التى كان الكثيرين بالسوق متحمسين لها – قد أكد من (فشلهم) بعدم إثبات إستمراريتهم بالسوق بالشكل المرجو ، بل والخروج منه بلا عودة.. وقد كانت من هذه العلامات:
. مجموعة العلامات الآسيوية التى تتبع العائلة الشهيرة (هواة السكن بالقصور) ، والذين قاموا بتقديم علاماتهم على مدار عدة سنوات ، واليوم تعانى من الضعف الشديد بالتمثيل أو حتى لا وجود لها على الساحة شأن:
- العلامة التى كان يمثلها أحدهم وكانت من قبل فى جعبة موزعين من الكبار سابقاً ، أحدهما قاهرى والآخر سكندرى ، وشهدت لغطاً كبيراً مع الجمارك المصرية .. سواء فى تسعير فواتيرها أو فى رغبة الجمارك بعمل مزاد على بعض دفعاتها .. لينتهى بها الحال إلى الخروج التام من السوق والموت المحقق (بالرغم من جودة العلامة).
- العلامة الأخرى التى مثلها آخر من نفس العائلة والتى إنطلقت بإحدى دورات معرض "أوتوماك فورميلا" – إلى جانب علامة آسيوية أخرى لدى نفس الوكيل - والتى أخذت منحنى إقتصادى فى تسعيرها ... لينتهى بها الحال فى إضطرار ملاكها الآن لتسول قطع غيارها ومراكز إصلاحها على وسائل التواصل الإجتماعى بعد إنهيارها بالسوق وبخاصة بعد أن حصل هذا الوكيل على علامة أوروبية شهيرة ، وبدأ من خلال أفراد عائلته القائمين على الإدارة والتسويق فى إهمال باقى علامته الآسيوية التى يمثلها كوكيل.
- العلامة الثالثة لدى آخر من نفس العائلة ، والتى أثارت جدلاً كبيراً ... حيث أن وكالتها تتبع رسمياً لإحدى مجموعات السيارات الكبيرة الأخرى بالسوق ولكن فضل عضو العائلة هذا بأن يكون الموزع الحصرى لها ، فبدأ الخطأ من هنا بعدم تقديم شبكة توزيع ومراكز خدمة كافية لها ، ثم إستيراده لطرازات أنتهت لدى الشركة الأم وطرحها على أنها الأحدث بالسوق (وبالرغم من سمعة العلامة المتميزة لدى المستهلك المصرى ، بحسب الطرازات القديمة التى كانت تباع منها بالسوق) فقد أدى تخبط تسعير الطرازات التى قدمت مؤخراً إلى فقدانها للمصداقية لدى هؤلاء المستهلكين ، وليصل الحال إلى عرض السيارات بأسعار متدنية ولا مستجيب لها...
·علامة آسيوية أخرى تتبع أحد أكــبر مجموعات السيارات بالسوق ، بدأ وكيلها هذا فى (إعدامها) مقابل العلامة الآسيوية الأخرى التى ركز معها فى تنميتها بل وتجميع أكثر من طراز لها محلياً ليتمكن من فرض تنافسيته معها بمقابل أشباهها من السيارات الآسوية الأخرى ، ومن ثم فهى فى طورها للخروج التام خارج السوق ... وخاصة بعد إعطاءه إحدى طرازاتها الأهم فى فئة الـ SUV للتوزيع التام من قبل أحد الموزعين المعروفين بالسوق ليتحكم ببيعها بشكل تام.
·مجموعة أخرى بدأت نشاطها بقطاع السيارات (كتجار سيارات معروفين) ، وأخذت على عاتقها بالسنوات الأخيرة العمل على الإستحواز على مجموعة كبيرة من الآسماء الآسيوية اللامعة بصناعة السيارات هناك – يرتبط بعضها بخبرات لعلامات تجارية عالمية شهيرة من خمسينات وستينات القرن الماضى – وبالرغم من تحقيقهم نجاحات متميزة بالمبيعات فى البدايات (وخاصة بفضل مجهودات الموزعين معهم) إلا أنهم فضلوا الإستمرار بدون شبكة التوزيع الناجحة تلك ، وآثروا الإعتماد على أنفسهم ... فكانت النتيجة تهاوى مجموعة علاماتهم بالرغم من تحليها بجودة متميزة ، ونحن فى إنتظار الخروج التام لتلك العلامات خلال الأيام أو الشهور القليلة القادمة.
·شركة جديدة أشتهرت بالتوزيع (وبخاصة بالأسكندرية)، دخلت السوق مؤخراً مع علامتها الآسيوية ، وإرتأت أن مواقع التواصل الإجتماعى ستكون هى سفينة نوح لعلامتهم – وأن باقى الوسائل والأنشطة التسويقية ما هى إلا درب من دروب الخيال الحديث لبعض الشركات – الأمر الذى إنعكس سلباً على سمعة العلامة (بالرغم من جودتها العالية) حيث تحولت منصات التواصل الإجتماعى إلى وسيلة للهجوم عليهم أكثر منها للتصفيق لهم ، وأصبحت وسيلة الهرب من هذه الأزمة هم الموزعين أنفسهم والذين يعتمدون فى بيع هذه السيارة على علاقاتهم الشخصية ووسائل التواصل الإجتماعى أيضاً (فقط) ، وليصبح مجهود عامين تم بذله فى المباحثات للحصول على وكالة هذه العلامة فى مهب الريح وعرضة للضياع فى شهور قليلة.
الأمثلة كثيرة وتتعدد ، ومن واقع إمتداد أفكار حديث (وجهة نظر) بالأسبوع الماضى حول تسليط الضوء على النشاط التسويقى تحت عنوان "مراجعة سريعة فى دروس التسويق" ، فلا يمكن القول إلا أن السبب الرئيسى فى خروج تلك العلامات من السوق بعد ما بذل من جهود فى تقديمها به ... لا يمكن تفسيره إلا بضعف إدارة تلك الشركات وخاصة إداراتها التسويقية (سواء أكان العاملين بإدارات التسويق لديهم أكفاء أم لا) فالكلمة الأولى والأخيرة لصاحب المال والرأى الأوحد الذى لا رادع له ، والنتيجة (صفرية) ... الأمر الذى ذكرنى بلاعب كرة القدم الشهير (إبراهيم سعيد) – بالرغم من عدم إهتمامى بهذه اللعبة – فى أنه دخل سريعاً إلى أبواب الشهرة بعالم كرة القدم ، وخرج منها سريعاً وإختفى.